وكيل وزارة الخارجية يزور أسرة الشهيد جمال عامر وأضرحة الصماد والرهوي والغماري       رد حماس ,, تمسك بالثوابت الفلسطينية واتفتاح على الحلول        فلسطين ,, حركة حماس توافق على خطة ترمب لوقف الحرب في غزة        عدن ,حرب الصلاحيات تستعر بين الزبيدي والعليمي .. قرارات التعيين غير قابلة للتراجع      
    كتابات /
سر الرجل الذي أخفى ألمه ليحمي وطنه

10-11-2025 23:23:39


 
إسماعيل المتوكل


كان هناك سرٌّ يخفيه الشهيـد العزيز جمال عامر وزير الخارجية والمغتربين، سرٌّ حين عرفته أذهلني عمق صبره، وسَعة احتماله، ومحاولاته الصادقة لمعالجة الآثار التي كان يخلّفها، دون أن يُشعر من حوله بشيء.
لقد حمل همّه بصمت، وجاهد بثبات، مؤمنًا بأن العطاء الحقيقي لا يُقاس بالكلام، بل بالفعل، وبالنية الخالصة لله والوطن والإنسان.
ترددت كثيرًا، أأفصح عن هذا السر بعد استشهاده؟ لكنني وجدت أن من باب الإنصاف، ومن الوفاء لذكراه الطيبة، أن يُذكر هذا السر، ليعرف الناس بعضًا من جوهر هذا الرجل، ولئلّا يُجهل قدره ومنزلته.
ليس سرًّا نشأته العصامية، ولا مسيرته العلمية والعملية الحافلة،
وليس سرًّا تاريخه النضالي في الوقوف مع الحق، وجهده المتواصل في نشر الوعي، والدعوة إلى مقارعة الظلم، وحرصه الدائم على المساهمة في الثورة، وصدّ العدوان، وحماية الوطن وبنائه، ويكفي لمن أراد الإنصاف أن يطّلع على سيرته الذاتية ليعرف حجم ما قدّم.
وليس سرًّا إخلاصه وولاءه، ومحبّته الصادقة لقيادته.
وليس سرًّا ذكاؤه وفطنته، وقوة شخصيته، وتمتّعه ببُعد النظر ومعرفة الرجال.
وليس سرًّا أيضًا طيبة قلبه، وروحه الشابة المتسامحة، التي جعلته يسارع دائمًا إلى معالجة أي خلاف أو سوء فهم مع من حوله، بطريقته المتميّزة التي كانت جزءًا من شخصيته الفريدة.
أما السرّ الذي أستأذن أسرته الكريمة الصابرة في كشفه اليوم،
فهو أنه كان يعاني من مرض السرطان، وكان يتناول أدوية طويلة الأمد تجنّبًا للعلاج الكيماوي. وقد أثّرت تلك الأدوية في صحته وجسده ونفسيته، لكنه واجه المرض وآثاره مستعينًا بالله، بكل صبرٍ وشجاعةٍ وثباتٍ، دون استسلام، ودون أن يُخبر أحدًا بمعاناته.
إن الحديث عن الوزير الشهـيد بعد استشـهاده ليس مجاملة ولا رثاء بل شهادةَ حقٍّ في رجلٍ عاش عظيمًا، ورحل كريمًا، تاركًا في القلوب أثرًا لا يُمحى، وفي الذاكرة صفحةً ناصعة من الإخلاص والتضحية.
رحمه الله بواسع رحمته مع جميع رفاقه العظماء، وجعل سيرته نبراسًا يُضيء دروب من بعده، وسلام الله على روحه الطاهرة،وجعل جنان الخلد مقرّها مع الأنبياء والشهداء والصالحين،وحَسُنَ أولئك رفيقًا.
{ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ }

١٩ جمادى الأولى ١٤٤٧هـ

وكيل وزارة الخارجية في حكومة التغيير والبناء ـ صنعاء