كيف حاولت السعودية ضرب الثقة بين المؤتمر وانصار الله والى اين افضت لقائتهم المنفردة معها
2017-01-24 21:41:30
جمال عامر
الحديث عن ضرورة إيقاف عقاب المواطن اليمني المتمثل بإعادة فتح مطار صنعاء أمر له علاقة بواجب السلطة في الداخل نحو مواطنيها؛ إذ سيصعب تفهم ذهاب قوى الداخل إلى مفاوضات تحمل بنودها الملتبسة بذور فشلها، فيما شعب بكامله تحت حصار لا إنساني الهدف الوحيد من ورائه إذلاله فقط. الأمم المتحدة وعبر ممثلها ولد الشيخ ومعهم الدول الكبرى لا يزالون يفقدون من سمعتهم الكثير، فيما هم يتحدثون بثقة ساذجة عن وقف الحرب كنتاج لأفكار مشوشة في رأس ولد الشيخ، بينما هم عاجزون عن إعادة فتح مطار مدني يمثل مطلبا شعبيا لا علاقة له بالصراع في الجبهات، وهو ما يروج له النظام السعودي من أنه على مقربة من المواجهات، ويسعى لجعله واقعا من خلال رمي ثقله العسكري على جبهة نهم بهدف التقدم لتهديد المطار لتبرير استمرار حصاره.هل يمكن أن تقبل المملكة السعودية بوقف هذه الحرب كونها المتحكمة الوحيدة باستمرارها من عدمه؟ وفي سياق الدعوة الأممية لاستئناف الحوار، فإن سلطة الداخل تخطئ حين تحاول استغلاله بغرض فرض الإعتراف بحكومتها من خلال تقديم وزير الخارجية للتعامل معه كمفاوض، مع أن قضية البلد برمته تتمثل بفحوى وموضوع النقاش لا بشخوص ممثليه، إذ لن يفرق مع استمرار الحصار والقتال والغارات إن تم تمرير الحكومة عبر المفاوضات أم استمر المفاوضون السابقون. الشعب من أقصاه إلى أقصاه أنهكه الصراع الدائر بالتأكيد، وصار تواقا لسلام عادل. والآن السؤال المر الذي يتكرر مع كل إفشال لوقف إطلاق النار هو: هل يمكن أن تقبل المملكة السعودية بوقف هذه الحرب كونها المتحكمة الوحيدة باستمرارها من عدمه؟ الجواب بالمطلق لن تقبل بسبب أنها لم تدخل الحرب كي تخرج منها بحل سياسي، لاعتقادها المريض بأنها تخوض حرب وجود، مثل هذا الحل يمثل قوة لخصومها، بما يعنيه من غصة وتذكير دائم بما يتجاوز الهزيمة إلى المهانة. ولذا، فإن هذا الوسواس الذي أصبح مرضيا لدي القيادة الجديدة لم تتمكن التطمينات المختلفة التي قدمها الداخل من التخفيف من حدته، بعد أن تأكد بخطر داهم نقلته الصواريخ البالستية منذ ما بعد دخول صنعاء. إختارت المملكة القطيعة مع "أنصار الله" و"المؤتمر"، ورفضت أي لقاء حتى وإن على مستوى السفير السعودي الذي كان مازال في صنعاء، رغم تدخل عدد من السفراء الغربيين لرعاية لقاء كهذا مع الحوثيين على وجه الخصوص، مفضلة الإعداد للحرب، وهو قرار بني على معطيات ومعلومات خاطئة نتج عنها كل ماخسرته من سمعتها ومالها وعتادها وجنودها. وحين استفاقت على ما لا يمكن تداركه إلا بثمن باهظ، عادت لتلتقي بطرفي الإئتلاف المواجه (الحوثيون والمؤتمر)، ولكن كل على حدة بنية إثارة الشكوك بينهم لإشغالهم بصراع منهك يقود إلى القضاء عليهم جميعا، وفي توجه كهذا جاء لقاء الظهران المنفرد مع "أنصار الله"، وهو الأشهر الذي أكد سوء النوايا وعمق الفجوة مع النظام السعودي، ولحقه بأشهر لقاء مع قيادات "المؤتمر" في العاصمة الأردنية مع سفيرهم في صنعاء، والذي عقد لنصب الشراك ولم يفض بدوره إلى شيء يمكن البناء عليه. والمشكلة هنا تتمثل بعدم وجود رؤية لما يراد من اليمن، وقبل ذلك مسؤول قادر على إدارة مثل هذا الملف، ويمتلك سلطة اتخاذ القرار بناء على فهم لتعقيدات اليمن وخصوصيتها، إذ وبعد أن ظل هذا الملف لعقود بيد الأمير سلطان بن عبد العزيز، وقبل أن ينتقل إلى الأمير نايف ثم إلى نجله محمد ولي العهد المنزوع الصلاحيات، فقد تم إيكال قضية معقدة بهذا الحجم إلى رئيس الاستخبارات والسفير السعودي، الذي شكل مع عدد من وزراء هادي ومعاونيه فريق فساد أنهك خزينة المملكة، وساهم في إغراقها أكثر في مستنقع اليمن الذي لن تنجو من تبعاته دون النظر إلى نتائج الحرب القائمة.