المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران        اعتراف امريكي بريطاني بنجاح الهجمات اليمنية البحرية والجوية        صنعاء ,, انفجار اسطوانة غاز يتسبب باندلاع حريق هائل في سوق شعبي     
    كتابات /
تاريخ سنوات الضياع في دهاليز الانتهازية الإيرانية وقطع العلاقات

2015-10-03 19:51:54


 
محمد علي العماد
لن اتحدث عن إيران وموقفها من الوحدة اليمنية وحرب صيف 1994م، فحينها كان صوتها مع وحدة اليمن، لكن ليس من أجل اليمن، بل نكاية بمن كانوا يدعمون الانفصال، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية.
لم يكن هناك مكان لـ"إيران" في اليمن، قبل الإطاحة بشاه إيران، وحاكم ايران والخليج، الذي كان يمتد حكمه إلى البحرين. ومع ظهور النظام الجديد في ايران، استغل الحكام العرب اسم ايران لتصفية خصومهم في عدة دول عربية ومن ضمنها اليمن.
قبل ظهور ايران في الساحة اليمنية، كان الصراع يقوم بين طرفي نفوذ آل سعود وعبدالناصر، وكانت القوى السياسة تتصارع تحت عباءة المملكة ومصر، ومع رحيل عبد الناصر، وضعف وانحسار دور الاتحاد السوفيتي، والذي كان يدعم عبدالناصر، دخلت القوى السياسية في اليمن مرحلة صراع جديد فيما بينها، إلى أن استقر الوضع نسبيا، وتم اعلان الوحدة بين شطري البلاد.
لكن اليمن لم تلبث إلا ثلاث سنوات، لتبدأ ارهاصات حرب 94م، وعند انتهائها شقت اليمن طريق الاستقرار على انقاض الجنوب، وفي تلك المرحلة وجدت بعض القوى السياسية، والتي شاركت في اسقاط الجنوب، وجدت نفسها امام مهمة جديدة، تتمثل في اسقاط بعض القوى في شمال البلاد، حينها لم تجد سيناريو أفضل من قصة ايران وعودة حكم بيت حميد الدين، والتشيع والهاشميين، لتحقيق هدفها في التخلص من الخصوم، وحينها جعلت من التهمة الخمينية الايرانية مرحلة ابتزاز لدول الجوار الغني بالنفط والعداء لإيران.
الترويج والدعاية التي وجهت للمملكة، بأن الزيدية امتداد لإيران، كان لها مفعولها، كما أن تقديم الشباب المؤمن وأشياء أخرى، كأدلة للدور الإيراني في اليمن، تم على إثرها اعتقال العديد نهاية التسعينيات، تحت مبرر التمدد الخميني الشيعي.
بالتزامن مع تلك الأحداث، ومن بعد عام 1999م، ظهر تنظيم القاعدة بقوة، خاصة، وأن معظم القيادة السياسية الحزبية والعسكرية كانت مرتبطة بالقاعدة منذ حرب افغانستان في الثمانينيات، وكان ارتباطهم بمباركة امريكية حسب تصريح الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وربما أن حادث تفجير المدمرة "كول" في عدن، جعل الأمر يتضح للأمريكان، بأن هناك قاعدة حقيقية، وان الخطر الإيراني ليس بالقدر الذي كان يروج له عبر التقارير الاستخباراتية اليمنية والسعودية. حينها، بدأت الولايات المتحدة بالتركيز على اليمن، التي شهدت انتشار الاستخبارات الأمريكية وتواجد المارينز على اراضيها. فيما ظل مجلس الأمن الدولي، يتدارس تسليم اليمن لشخصيات سياسية كبيرة متورطة بالإرهاب، غير أنه لم ينه ذلك الجدل بفعل ملموس، إلى أن ظهر حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس حركة انصار الله، فوجد النظام ذلك، فرصة للمراوغة والهروب من مأزق تسليمه للشخصيات الكبيرة المرتبطة بالقاعدة، وتقديم كبش فداء بدلا عنها، فلجأ إلى تهويل حجم حركة أنصار الله، التي لم تكن تتعدى مئات الافراد، مستغلا شعار "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل" بأنه اخطر من القاعدة، وانه سوف يجعل من اليمن ساحة لثورة خمينية جديدة.
وهكذا وعلى سبيل المراوغة، استمر الترويج للخطر والتمدد الايراني، حينها، كانت الدبلوماسية الايرانية تعيش مرحلة من الصمت، و فضلت السكوت لعدة أسباب، فضلا أنها كانت تعتقد بأن حركة أنصار الله، لم تكن أكثر من مجرد أداة جديدة، بيد تلك القوى التي تريد من خلالها ابتزاز الأمريكان، وهذا ما كان تم الاتفاق عليه بين نظام صالح ونظام ايران، وعلى أساس استمرار العلاقة بين الطرفين دبلوماسيا واختلافهما اعلاميا. لذلك استمرت أربعة حروب، شهدت القتل والدمار فيما الوفود الايرانية واليمنية تتبادل الزيارات، ولم يكن هناك حتى مجرد استياء من ايران ولو انسانيا وليس دبلوماسيا.
لكن بعد خمسة حروب، بدأ الدور الايراني، يظهر وبشكل قذر وانتهازي، وكان نتيجة لوصول الحرس الثوري إلى السلطة، وسقوط خاتمي في الانتخابات الايرانية، فوجهت ايران التهمة للمملكة السعودية بأنها تقوم بتأسيس ثورة لإسقاط نظام ولاية الفقيه. حينها، بحث الايرانيون عن ورقة ضغط على المملكة، فوجدوا في حرب صعدة المشتعلة حينها، ودخول المملكة في تلك الحرب، قامت ايران بتغطية الحرب وتهويلها ومحاولة تعريف الرأي العام بان تلك الحرب امتداد لها، وكانت سعيدة بشعار "الموت لأمريكا" وبعض كتابات الحوثيين واعجابهم ببعض المصطلحات التي كانت تشبه ثورة الخميني مثل نصرة المستضعفين ومواجهة المشروع الامريكي الصهيوني.
ومع أن الايرانيون لم يحركون ساكنا، خلال الحروب الخمس السابقة، إلا أنهم لم يجدوا حرجا في جعل تلك المصطلحات مصدر للابتزاز والدخول في الخط اليمني.
وفي الوقت الذي كانت على تواصل ايجابي مع نظام صالح الذي كان يشن الحروب على صعدة، عملت ايران على الابتزاز بتلك الفترة إلى أن قامت ثورة 2011م، وهنا ظهر الدور الايراني ودخل اليمن إسوة بالخليج والاوروبيين والامريكان والأتراك، حين كانت جميع الدول تدعم الطرف الذي ترى فيه نفوذها، فقامت ايران بدخول الجنوب والوسط، إذ كانت ايران تدرك جيدا بأن الشمال صعب دخوله بسبب النفوذ القوي للسعودية، وخوفا من الحوثيين نتيجة مواقفهم السابقة. ولهذا السبب عملت ايران على الاستعانة بالشيخ حسين الاحمر، وبعض القيادات المرتابة والمتخوفة من الاخوان والتي لها مواقف من آل سعود كما استمرت بدعم بعض الزيدية الايدلوجية كأشخاص ودعم حزبين لهم طابع زيدي ايديولوجي.
لم تتوقف ايران عند ذلك فحسب، بل قامت باستقطاب بعض خصوم انصار الله، وذلك عندما ادركت بانهم يريدون أن يكون لهم دورا سياسيا واجتماعيا، لهذا قامت المخابرات الايرانية بتسليم الملف اليمني لـ"أبو مصطفى" والذي كان له موقف من انصار الله، واعمالهم في الساحة اليمنية والذي كان يعتبرها لا تخدم المشروع الايراني.
استمرت ايران في الابتزاز بالورقة اليمنية، إلى أن وضح الخلاف في اعلان انصار الله، المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، والذي كانت ايران تقف في الجانب المناوئ له، وهذا الأمر اتضح من رفض اطراف ايران السياسية الدخول بداية من "حاشد" و"السامعي" و"القانص" و"الاحمر" و"بشر" و"البيض" و"ناصر" وغيرهم من القوى السياسية اليمنية.
كما استشعرت ايران الخطر في معركة اولاد الاحمر وانصار الله، ودخول صنعاء، والتي كانت ترفض قطع الخط مع الاخوان لإدراك ايران بأن الخليج المستفيد، كما أن علاقتهم بـ"حسين الاحمر" كان المعول عليها بترميزه بدلا عن والده. ولهذا كان الخلاف كبير جدا ولم يستفيد اليمن من تلك التدخلات إلا بزيادة العملاء إلى جانب عملاء آل سعود وقطر. فكان دور ايران سلبي وانتهازي بغية فرض نفوذها ولو كان ذلك على حساب اليمن.
لم تتوقف الانتهازية الايرانية إلى ذلك الحد فحسب، بل استمرت غلى توريط انصار الله في ارسال وفود لإخراج اليمن من الازمة الاقتصادية، والايهام باستعداد ايران جعل اليمن سويسرا أخرى، وهذا كله كان لغرض في نفس يعقوب، فهنا دقت ايران المسمار الأخير في نعش اليمن، في محاولة لاستفزاز الخليج، دون أن تقدم شيئا يذكر لليمن.
من هنا ندرك أن قرار "انصار الله" لم يكن سلبيا، بقدر ما كان انتهازيا من قبل القوى السياسية الداخلية، والتي كان من المفترض بان تقطع العلاقات الايرانية اليمنية قبل عشرات السنين لو كان هناك قرارا وطنيا يعمل على مصلحة اليمن فعليا.
اليوم، لا توجد سفارة في اليمن، والجميع خارج اليمن، والمشروع الايراني الذي قام على الانتهازية بورقة اليمن قد أقفل عند توقيع الملف النووي الايراني، ولم يعد هناك فائدة من البكاء على اللبن المسكوب و"معزية بعد شهرين مجددة كل الأحزا "




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign