الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    مقابلات /
بدأ حياته العملية دبلوماسيًّا ليصبح اليوم سفيرًا اقتصاديًّا بين ألمانيا والعالم العربي
المخلافي لـ"الوسط": الاستثمار الصناعي شبه محدود في اليمن.. ولا يمكن فصل التحديات الاقتصادية عن السياسية

30/07/2013 20:06:32


 
حاورة / جمال عامر

الزائر لبرلين يلاحظ حيوية المدينة وأهلها.. وهو انعكاس لموقع ألمانيا الاقتصادي في أوروبا والعالم.
يشكل الاقتصاد الألماني 20 في المئة من اقتصاد الاتحاد الأوروبي ونظام اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تتميز به ألمانيا، والذي يقوم على مبدأ الشراكة بين رب العمل والعامل استطاع أن يحافظ على قوة اقتصاد البلد وحمايته من الهزات والأزمات الاقتصادية وآخرها الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وأزمة اليورو. النظام الفيدرالي الألماني هو الآخر شجع على تنمية متوازنة في البلد، وأصبح محل أنظار كل دول العالم.
الزائر لبرلين إذا كان مهتمًا بالشأن الاقتصادي والعلاقات الألمانية مع اليمن والعالم العربي لابد له أن يعرج على غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية، المؤسسة التي أخذت على عاتقها خدمة تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعلمية بين البلدان العربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية.
قد لا يكون معلومًا للكثيرين في اليمن أن الأمين العام لهذه المؤسسة هو أحد الكفاءات اليمنية الذي ما أن تلتقي به أو تتحدث إليه حتى تجد اليمن بكل تفاصيلها حاضرة في حياته، يحمل همومها ويأمل أن تجد لها مكانة تستحقها بين الأمم.
السفير عبدالعزيز عثمان المخلافي درس الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة صنعاء وتخرّج منها العام 1985م حاصلًا على المركز الأول بين زملائه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى."
يقول للصحيفة: كان أمامي خياران إما أن أكون معيدًا في الجامعة وأواصل الدراسات الأكاديمية أو أن أشترك في مسابقات السلك الدبلوماسي اليمني، حيث كنت أعمل في وزارة الخارجية بجانب الدراسة كما هو حال معظم الشباب اليمنيين في وقتها.
العمل الدبلوماسي كان بالنسبة لي عشقًا ووَلهًا بجانب كونه وظيفة ومهنة". من محطات عمل في القنصلية العامة بجدة إلى وزارة الخارجية فمعهد الدراسات الدبلوماسية في القاهرة الذي أمضيت فيه عامًا كاملًا مع ثلاثة وثلاثين من الدبلوماسيين المصريين وزميلين يمنيين، والذي حصلت منه على الترتيب الأول من بين زملائي الدبلوماسيين المصريين واليمنيين. دبلوم للدراسات الدبلوماسية..
وعن الخطوة الأولى التي
قادته الأقدار إلى ألمانيا رغم أنه لم يكن راغبًا في ذلك..
يؤكد المخلافي عدم رغبته حين ذاك بسبب أنه لم يكن يعرف الكثير عن هذا البلد.
ويتذكر بعد عشرين عامًا قضاها هنا: "كان بودي وقتها أن أعمل في إحدى البعثات الدبلوماسية اليمنية في العواصم والمدن الأكثر حضورًا في ذهن الدبلوماسي كنيويورك أو باريس لكنها الأقدار التي وضعتني في تحدٍّ جديد مع ألمانيا وأنا القادم من الريف اليمني. ما زلت أتذكر يوم وصولي إلى بون تلك المدينة الهادئة على نهر الراين يوم الثاني من يوليو 1993 م." كنت قبل سفري من اليمن قد تلقيت هدية من أحد الزملاء عبارة عن كتيّب للقاضي عبدالله عبدالوهاب الشماحي يسرد فيه ذكرياته عن مدينة بون ويذهب نسقًا مع روايات ألف ليلة وليلة إلى أنّ تسمية المدينة بهذا الاسم قد يكون له صلة بقاع البون في اليمن.
وعن كيفية تحقيقه للحضور الذي وصل إليه اليوم والذي صار الأمين العام لغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية منذ العام 2000م بعد أن كانت المؤسسة قد شارفت على الإفلاس وأصبحت محل مهاترات وجدل في الأوساط الاقتصادية العربية والألمانية لتجدها اليوم أهم غرفة تجارة وصناعة مشتركة بين الغرف العربية الأجنبية المشتركة في العالم.
يؤكد السفير المخلافي:
{من مدينة بون انطلقت علاقتي بألمانيا وأوروبا والعالم العربي وعبر البوابة الاقتصادية ولم تكن البداية سهلة لكنها كانت مشوّقة لأن العمل بدون تحدٍّ قد لا يكون له معنى. أجد نفسي وليد تطور العلاقات العربية الألمانية التي يغلب عليها الطابع الاقتصادي. أعتزّ كثيرًا بجذوري وثقافتي الأصلية لكني أحترم بنفس القدر الثقافة التي أمضيت فيها عقدين من الزمن، هي أجمل سنوات عمري"..
يواصل، ونحن معا في القرب من بوابة براندنبوغ الشهيرة، وأشار إلى جانبي المدينة، وقال: انظر كيف يتجسد السلم الاجتماعي بين جانبي المدينة التي شهدت قمة الحرب الباردة.
تطورت قيمة المبادلات التجارية بين ألمانيا والدول العربية من 20 مليار يورو العام 2002 م إلى 49 مليار يورو العام 2012 م. ألمانيا بلد متقدم صناعيًّا وعلميًّا، وبإمكاننا نحن العرب أن نستفيد من الإمكانات المتاحة للتعاون مع هذا البلد.
ويستطرد الأستاذ المخلافي: "عندما كنت أعمل في السفارة في بون أتيحت لي الفرصة أن أتعلم اللغة الألمانية، وأن أحصل على درجة الماجستير من جامعتها العريقة، كان حلمي وقتها، بعد أن تعرفت على نظام التعليم الألماني وعلى بعض الجوانب المشرقة في الحياة العامة، أن أرى الكثير من الطلاب اليمنيين يدرسون في الجامعات الألمانية للاستفادة من نظام التعليم المجاني المتطور، والذي استوعب مئات الآلاف من الطلاب الأجانب في جامعاته، وفي مؤسساته العلمية والبحثية.

وعما إن كان الطلاب اليمنيون صاروا يمثّلون رقمًا في الجامعات الألمانية اليوم..
قال: نعم.. أعداد الدارسين اليمنيين في تزايد ويقدّرون حاليًّا في حدود الثلاثة آلاف طالب بعد أن كانوا لا يتجاوزون المئتي طالب في بداية التسعينيات من القرن الماضي".

وعن دوره كأمين عام لغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في عمل يساهم في تعزيز الجانب العلمي.. يوضح لقد أصبح موضوع التعاون في مجال التعليم ونقل التكنولوجيا أحد المحاور الرئيسة لعمل الغرفة وقد تأسست خلال السنوات الماضية أكثر من جامعة عربية ألمانية مشتركة.

وحين طلبنا التعريف بدور غرفة التجارة العربية الألمانية..
أوضح الأمين العام: تُركز غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في عملها وأنشطتها المختلفة على محاور العمل التي لها طابع الاستدامة في العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية مثل التعليم والطاقة والمياه والصحة والبيئة وتشجيع التواصل بين الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ لذلك تُقدّم العديد من المبادرات وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات الدورية والسنوية التي تخدم هذه العلاقات في كل المجالات.
ويستطرد: علاقاتنا مباشرة مع الشركات ورجال الأعمال العرب والألمان؛ لذلك تجد بين أعضاء الغرفة الشركات الألمانية العملاقة مثل سيمنز ودايملر وباير ودويتشه بانك وسواها من الشركات الكبيرة، لكن تواجدنا العريض يتمثل - أيضًا - في العمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة".
وعن حجم الاستثمارات العربية، وبالذات تلك التي تقوم بها الصناديق السيادية العربية.. يؤكد: توسعت خلال السنوات الماضية بشكل كبير، حيث تُستثمر هذه الصناديق في الكثير من الشركات الألمانية المعروفة، وتقدر هذه الاستثمارات بين 100 إلى 120 مليار يورو، وتذهب بعض التقديرات إلى أكثر من ذلك إذا ما أُخذ الاستثمار الخاص والعقاري في الاعتبار.. ويتابع: "العلاقات العربية الألمانية تطورت بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين، لكن الفرص والإمكانات الكامنة لهذا التعاون كبيرة وقابلة للتوسع، وهو الدور الذي أخذته على عاتقها غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية، وتعمل من أجله."
وعن حجم الاستثمارات مع اليمن؟..
قال: مع الأسف العلاقات الاقتصادية اليمنية الألمانية ليست مشجعة خلافًا للتعاون التنموي، حيث تُعد ألمانيا من أكبر المانحين لليمن، حيث تتأرجح قيمة التبادل التجاري اليمني الألماني سنويًّا بين 100 إلى 130 مليون يورو فقط..
وعن أسباب ذلك يعيد الأستاذ المخلافي الأمر إلى جانبين، الأول: ضعف القوة الشرائية للمستهلك في اليمن، والبعد الآخر، وهو الأهم بحسب وجهة نظره، ويتعلق بحجم الاقتصاد اليمني وبيئة الاستثمار فيه.
ويوضح: الاستثمار الصناعي شبه محدود في اليمن، وبالتالي فإن استيراد السلع المعمرة التي تستخدم في الإنتاج والصناعات التحويلية تكاد تكون شبه مفقودة إلى اليمن، وهي السّلع التي تتفوق بها ألمانيا عالميًّا دون منافس.
- وباعتبار خبرته في العمل الاقتصادي العربي الألماني، الذي عززه بالدراسة والمتابعة سألناه عن التحديات الاقتصادية لليمن؟
وفي هذه القضية قال: يواجه اليمن تحديات هائلة تؤثّر جميعها على الأوضاع الاقتصادية، حيث لا يمكن فصل المعضلة الاقتصادية عن التحديات السياسية والأمنية والاجتماعية القائمة، وباعتبار أن جذور المعضلة الاقتصادية ليست وليدة السنوات الأخيرة، لكنها امتداد لحال فشل الدولة على مدى عقود من الزمن، وينطبق الحال على النظام الموجه الذي كان قائمًا في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقًا والنظام السياسي في الجمهورية العربية اليمنية سابقًا، الذي لم يكن يحمل - يوماً - رؤى اقتصادية واجتماعية وسياسية تساعد على خروج اليمن من الأوضاع التي على أساسها قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م. المحاولات التي ظهرت منتصف السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي لبناء الدولة وتنمية مواردها الاقتصادية تم إجهاضها مبكراً.
وحتى اكتشاف النفط في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي فإنه ساعد على تغطية الالتزامات العامة للدولة عند حدودها الدنيا فقط،
لتأتي دولة الوحدة، التي أصبحت واقعًا في 1990م، دون مشروع اقتصادي يحمل رؤية للمستقبل. ولم يكن في ذهن القائمين عليها بناء أسس الدولة الحديثة، لذلك توالت الكوارث على اليمن بدءًا من عودة ما يقارب المليوني مغترب من دول الجوار، كردٍّ على موقف اليمن غير المسؤول من احتلال الكويت، ووصولًا إلى حرب 1994م ثمّ حروب صعدة الستة، وزاد غياب المشروع الوطني الطين بلّة في توسيع دائرة الصراع على السلطة والثروة والاختلالات الأمنية علاوةً على الفساد الإداري وضعف الإدارة، كل تلك عوامل أوصلت اليمن إلى هذا الوضع الهشّ.
الاقتصاد اليمني اليوم يعتمد بشكل رئيس على تصدير النفط والغاز اللذين يسهمان معًا بما يُقارب الـ 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، و70 في المئة من الإيرادات العامة للدولة..
وعن الحلول الممكنة للخروج من هذا الوضع الاقتصادي الهش..
أشار المخلافي إلى أن اليمن تحتاج أولًا إلى مشروع وطني، نأمل أن تتبلور معالمه عبر مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبحيث يكون الإنسان اليمني محوره الأساس..
كما أنه لا بديل عن نظام سياسي يعتمد مشروع الدولة الاتحادية أو الفيدرالية على أساس مقومات اجتماعية واقتصادية وتنموية، تخفف من الشتات الاجتماعي الذي وصلت إليه البلد.
هذا المشروع الوطني يتطلب فترة انتقالية بين 5 إلى 7 سنوات، ورؤى متجردة من الولاءات الضيقة لتنفيذه من خلال حكومة كفاءات أو تكنوقراط، توفر الأمن الاقتصادي والاجتماعي في البلد، وتؤمّن للمؤسسات الحكومية أقصى قدر من الكفاءة والمصداقية والنزاهة والشفافية.. اليمن ليست عقيمة أرضًا ولا إنسانًا..

 

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign