المبعوث الاممي يدعو لعدم ربط الحل السياسي في اليمن بقضايا اخرى        تعثر خطة الرد الاسرائيلي على ايران        اعتراف امريكي بريطاني بنجاح الهجمات اليمنية البحرية والجوية        صنعاء ,, انفجار اسطوانة غاز يتسبب باندلاع حريق هائل في سوق شعبي     
    تحقيقات. /
اعتزال السلفيين في اليمن لحزب النور...يُـصدرها الموقف السياسي من عزل الرئيس مرسي

10/07/2013 18:21:01


 
تقرير / امجد خشافة

ا
بعزل محمد مرسي من رئاسة مصر - الخميس الماضي - اضطربت سياسة المنطقة، على اعتبار أن ما يحدث في مصر ينعكس على البلدان العربي، لاسيما من طالتها الثورات العربية.
في اليمن لم تكن في منأى عن الأحداث بمصر، بل تمثلت في ردود فعل كانت التيارات الإسلامية هي من تصدرت المشهد، وعلى الرغم من كون الانقلاب كان على الرئيس مرسي، إلا أن مشاركة حزب النور السلفي لم يكن أقل قدرًا من انقلاب السلفيين عليه في موقفه المساند لخارطة الطريق مع المجلس العسكري.
وفي حين كان موقف حزب النور أثناء إلقاء خطاب الجيش المصري في عزل محمد مرسي من الحكم صادمًا لرفاقهم في الوطن العربي من السلفيين فقد اعترفت قيادات من حزب النور عن صدمتهم - أيضًا - من الهجمة التي تلقونها من قيادات التيار السلفي في الوطن العربي، وهو ما أثار جدلًا واسعًا وسط التيار السلفي إزاء أول تجربة حزبية لهم على مستوى مشهود في مصر.

اعتزال سلفيو اليمن للنور
كحزب سياسي سلفي في اليمن أصدر حزب الرشاد بيانًا دان فيه ما سماه الانقلاب العسكري في مصر، ولم يصرح رسميًّا عن امتعاضه من مشاركة حزب النور السلفي في مصر، في بيان عزل الرئيس محمد مرسي من الحكم، واكتفى بالإدانة لبيان الجيش المصري الذي انقلب - حسب وصف البيان على الشرعية الدستورية - غير أن الدكتور محمد بن موسى العامري، وهو رئيس الرشاد السلفي، وصف - في لقاء له على قناة "سهيل" السبت الماضي - بأن ما صدر من حزب النور غير صحيح، ولا أحد يوافقه على مشاركته في الانقلاب على الشرعية، حسب وصفه، وهاجم العامري على صفحته في الفيس بوك، في تعليقه على تراجع حزب النور في بيان يستنكر فيه حل مجلس الشورى والإعلان الدستوري الجديد والاعتقالات التي طالت قيادات الإخوان المسلمين، وقال معلّقًا على بيان حزب النور: "إن مثل هذه الأمور لا يجوز أن تكون مفاجئة لمتابع عادي لديه إدراك بطبيعة هؤلاء الناكثين فضلاَ عن حزب سياسي إسلامي يفترض أن يقرأ خارطة القوى السياسية بشكل أفضل مراعياَ في المقام الأول رضا الله ومصالح الإسلام العليا، ونتمنى أن نسمع تراجعًا صريحًا عن موقفه من الشرعية في مصر، الذي جعله محل استياء واسع لدى كثير من الناس، بما في ذلك الغالبية من السلفيين في مصر خصوصًا والعالم عمومًا".
حضور حزب النور في بيان وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، لا يعتبر في نظر قياداته خطأ، بل ظهر حزب النور بمنطلق سياسي، حسب ما تقول قيادات النور، أن في ذلك تخفيف للأزمة التي خنقت مصر والخروج بأقل الضررين، ولذلك كان كلام "نادر بكار" - الناطق الرسمي للنور في حسابه على "تويتر" يوم الخميس الماضي - بأن حزب النور شارك في وضع خارطة طريق المرحلة الانتقالية؛ أثار حفيظة أمين عام الرشاد عبدالوهاب الحميقاني، ووجه عدة أسئلة لبكار،قائلاً: "هل كان من ضمن خارطة طريقكم إغلاق القنوات الإسلامية السلفية والإخوانية ومحاصرة أنصار الرئيس "برابعة العدوية"، واعتقالات قيادات الإخوان المسلمين؟، أم - فقط - كنتم شهود زور على شرعية الانقلاب، وانتهى دوركم بحضور جلال مرة، أمين حزبكم، خلف بابا النصارى مشاركًا له في عزل الرئيس المسلم الموحد، الحافظ لكتاب الله، مهما كان خلافكم معه؟، وانتهى دوركم هنا، وبقية الطريق تكملته لا دخل لكم بها، فقد استلم الراية هداة الليبرالية ودعاة العلمنة وأئمة النصرنة؟".
في المقابل لم يكن حزب النور في نظر الدكتور محمد المهدي - أحد الأقطاب السلفية في اليمن - ناقدًا لموقفهم السياسي، كما كان عليه البقية، إذ اعتبر أن قيادات حزب النور اجتهدت في موقفها السياسي لمصلحة رأوها على الرغم من مساندة القاعدة الشعبية للحزب كان لمحمد مرسي، وفي كلمة للمهدي يوم الخميس الماضي، وجّه رسالة للإخوان في معرض كلامه عن النور، وقال: "لابد أن يستفيد الإخوان مما حصل لهم، فهل سيتركون أسلوب إلغاء الآخرين من إخوانهم فقد فعلوا ذلك في أكثر من بلد، فالأصل على الإخوان أن يحاوروهم، وأن يستفيدوا من هذا الدرس".
ودافع المهدي عن حزب النور الذي يمثل الحزب الفصيل السلفي في مصر، المتمثل في نظيره تيار جمعية الحكمة في اليمن، دافع مما سماها الحملة الشرسة من بعض الكتاب، وقال: "هنالك حملة شديدة على السلفيين من قبل بعض الكتّاب مع أن حزب النور قد أصدر بيانًا، ولماذا الحملة على السلفيين لموقف رأوه ومصلحة قدروها مع العلم أن القاعدة الشبابية السلفية نزلت لمناصرة مرسي، ولماذا لم تكن الحملة على غيرهم من الغرب والأزهر والكنيسة والجيش؟".
وبين مبرر لموقف حزب النور، وممتعض من موقفه ظهر الشيخ عبدالمجيد الريمي برأي هجومي على موقف جميع الأطراف السلفية، إذ يستند في نقده ليس على موقف سياسي وإنما من منطلق قبول وممارسة الديمقراطية التي أصدر في حق بطلانها أكثر من كتاب، وبما أن الريمي أصبح يمثل خطًّا مستقلًّا عن التوجهات السلفية في اليمن أقرب للتيار الجهادي، لاسيما بعد الثورة اليمنية التي أفرزت تحالفات سياسية سلفية تطورت إلى إنشاء أحزاب سياسية كحزب الرشاد المتمثل بأغلب قيادات جمعية الإحسان وحزب السلم تحت التأسيس المتمثل في جمعية الحكمة، فقد اعتبر موقف حزب النور أنه أخطأ سياسيًّا وعقديًّا، وفي مقال، نُشر له على صفحته الأسبوع الماضي، بعنوان "موقفي من حزب النور"، قال الريمي: "ما قام به حزب النور من تحالف مع جبهة الإنقاذ أولًا، ثم مع العسكر ثانيًا، ضد الإخوان المسلمين هو خطأ سياسي وعقدي في نفس الوقت".
غير أن الريمي هاجم السلفيين في مصر واليمن ودول المنطقة في نقدهم لحزب النور، فقط لمجرد تعامله مع العلمانيين والليبراليين والعسكر في عزل مرسي، فلهم مبررات كما يضع الاخوان في السياسة مبررات وإلباسها بالدين، واعتبر حسب قوله: "ان السلفيين في مصر لم يقفوا ضد الإسلام، والحقيقة أنهم وقفوا ضد العلمانية اللابسة ثوب الدين، والإسلام لم يدخل المعركة، والصراع كله على من يحكم وليس على طريقة الحكم والصراع كله كان على الأخونة وليس على الأسلمة".

إخوان اليمن.. الاكتفاء بالبيان والصمت
في حين شن أغلب قيادات التيار السلفي في اليمن هجومًا على حزب النور إلى الآن، اكتفى إخوان اليمن ببيان رسمي اختزل منطق القول الفردي، ولم تدخل قيادات حزب الإصلاح، الجناح السياسي للإخوان، في هجوم ونقد لحزب النور - بشكل علني - الذي شارك في عزل رئيس ممثل نظرائهم في مصر، وهو ما يُعبر عن احتمالية تعميم على لزوم التصريحات الفردية حتى لا تعكس سلبًا على حالة الاحتقان السياسي في اليمن، البيان بعد أن استنكر ما سماه الانقلاب العسكري من قبل قيادات الجيش المصرية، أشار ضمناَ الى حضور مكونات دينية، وقال: "يعبر الإصلاح عن أسفه في تورط شخصيات دينية ومدنية في مساندة الانقلاب العسكري في مصر".

حزب النور يرد على السلفيين
لم يستمت حزب النور في الرد على كل الهجوم الذي وُجه إليه من بعض قيادات التيار السلفي خارج مصر، وتوضيح التفاصيل التي حدثت في الأيام الأخيرة قبل إعلان عزل الرئيس محمد مرسي، واكتفى ببياناته الرسمية التي تظهر سياسة الوسيط بين جماعة الإخوان وبقية القوى السياسية، وعلى الرغم من الضغط الذي واجه حزب النور كونه يمثل تيارًا إسلاميًّا وسطًا بين الإخوان والقوى الأخرى، وبين تهمة الخيانة التي ما زالت تلاحقهم من أفراد الإخوان، إلا أن الدكتور أحمد حمدي - عضو مجلس شورى الدعوة السلفية - رد بتفاصيل تعتبر هي الجوهرية التي حددت موقف حزب النور الأخير.
وهي أنه تم دعوة حزب النور وحزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للإخوان، كأكبر قوتين إسلاميتين على الساحة، وكذلك الأزهر وبابا الأقباط، محمد البرادعي (ممثلاً عن حركة تمرد وجبهة الإنقاذ) مع وزير الدفاع؛ لمناقشة الأزمة الحالية، و بعد الجلوس رفض حزب الحرية والعدالة الحضور.
وحسب حمدي: "فقد حاولنا منع إقالة محمد مرسي، و إعطاءنا فرصة أخرى للمحاولة مع الرئاسة والإخوان المسلمين، ولكنهم رفضوا؛ لأن وزير الدفاع جلس يوم الثلاثاء 2 - 7- 2013 مع الدكتور محمد مرسي، واتفقوا على أن يخرج محمد مرسي ببيان لإعلان انتخابات رئاسية مبكرة، وفوجئوا بأنه لم يفعل المتفق عليه حلًّا للأزمة، ومع التخوف من حرب أهلية وعناد مؤسسة الرئاسة حدث هذا التوافق". بعدها يقول حمدي: إن الكنسية والقوى المدنية وضعت عدة مطالب، وهي:
أولًا- "إعلان مجلس رئاسي مدني برئاسة الدكتور البرادعي"، وقد قوبل بالفرض من حزب النور، وتم تعديل المطلب إلى أن يرأس المرحلة الانتقالية رئيس المحكمة الدستورية، وفي ذلك إشارة إلى تثبيت الدستور؛ لأنه - حسب رد "حمدي" - سيقسم اليمين على احترامه.
ثانيا- "كان إلغاء الدستور نهائياً، وعمل دستور جديد"، فقد تم الضغط ليكون القرار هو أن يعطل الدستور تعطيلاً مؤقتاً، مع التأكيد على عدم المساس بمواد الهوية الإسلامية والشريعة في هذا الاجتماع والاجتماعات السابقة له مع كل القوى.
ثالثا- "كان هناك مطلب بإلغاء مجلس الشورى"، وحسب القيادي في حزب النور أحمد حمدي فلم يتضمن البيان التعرض له؛ لتمرير بقائه في التشريع، وعدم إلغاء مؤسسات الدولة جميعاً، وعدم الرجوع لنقطة الصفر.

رابعا- "تم التأكيد على المصالحة الوطنية، وعدم إقصاء أي تيار في المرحلة المقبلة، وعدم ملاحقة رموز التيار الاسلامي، خاصة من الإخوان المسلمين الذين لم يثبت تورطهم في أية مخالفات.
وما ينقم على حزب النور شكليًّا هو ظهورهم في الصورة مع البرادعي وبابا الكنيسة، لذا يرد "حمدي" على منتقديهم، أن ظهورهم في الصورة كان تأكيداً على استمرار وجود التيار الإسلامي في المرحلة المقبلة والحياة السياسية.
أما الإجراءات الاستثنائية بوقف بث بعض القنوات الإسلامية يقول حمدي: "كان الغرض منه عدم الإثارة والتحريض ودعوات العنف والصدام؛ منعًا لسفك الدماء، وهل مجرد ظهورنا أو جلوسنا للتفاوض يعتبر تحالفاً أو موالاةً أو رضا عن كل ما تم الاتفاق عليه؟"، ثم يرد: "لقد جلس صلى الله عليه وسلم مع اليهود، وعقد معاهدات معهم في المدينة في بداية الأمر، وكذلك مع المشركين في صلح الحديبية، وتم التوافق على بعض الشروط التي كان في ظاهرها ظلم للمسلمين، وكان ذلك من باب تقليل الشر والفساد".
وتتجه سياسة حزب النور من خلال ظهور قياداته إلى الموقف الوسط والسعي للتوفيق بين القوى السياسية حسب ما أكد عليه رئيس الحزب الدكتور يونس مخيون، يوم السبت الماضي، أن الحزب سيعقد مؤتمرًا للتصالح بين القوى، وتحجيم خناق المأزق السياسي الحاصل في مصر.

خلاصة..
على الرغم من أن حزب النور لا يُشكّل الحزب الأوحد للتيار السلفي في مصر، ووجود أحزاب أخرى ساندة شرعية محمد مرسي، وهي حزب الوطن الذي يرأسه عماد عبدالغفور، وحزب الإصلاح، وحزب الفضيلة برئاسة الشيخ محمد عبدالمقصود، وعلماء الدعوة السلفية بالإسكندرية الذي ينتمي لها حزب النور، وعلى رأسهم الشيخ سعيد عبدالعظيم، إلا أن حزب النور يمثل الأكبر قاعدة شعبية في مصر، ولذلك فقد دفعته السياسة للواجهة ليقدم صورة التيار السلفي كأول تجربة سياسية في العالم الإسلامي، فكان في البداية محط نقد لتجربته السياسية من رموز السلفيين أكثر من غيرهم، وهو ما يفسر طبيعة النقد والهجوم الصاخب للحزب في موقفه الأخير من السلفيين أكبر من أصحاب الضرر، وهم الإخوان.

وحينما يضع المستنكرون، موقف حزب النور في منطق وصورة المشهد، (بين رئيس يحفظ كتاب لله، وأنه كان يسعى لنهضة مصر بقاعدة إسلامية، وتضييق الخناق على إسرائيل ومصالحها ومساندة للشعب الفلسطيني، والوقوف مع الثورة السورية...الخ)، وبين الطرف الآخر (المنفذ لأجندة الغرب، وتحجيم امتداد خطر مصر على إسرائيل والرضوخ لها...الخ)، فإن العاطفة في صورتها هذه ترجعنا إلى إعلان الحرب على حزب النور، وليس الهجوم عليه ونقده، لكن حين نضع المشهد بمنطق السياسة بصورة الأزمة وتفاصيلها التي وصلت بين القوى السياسية بما فيها العلاقة الموتورة بين حزب النور مع جماعة الإخوان، لم يكن خيار أمام حزب النور إلا الدخول في خارطة الطريق حسب ما تصورها، مستندا على قاعدة تخفيف الضرر ودحر فتنة القتل وإراقة الدماء، على الرغم من كونه يجنح للإخوان أكثر من الطرف المدنية الأخرى، وهو ما يفسر مواقفه الأخيرة التي تصب وما زالت في مصلحة شرعية مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.







جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign