صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين      
    راي الوسط /
استمرار إضعاف الاشتراكي واعتماد الفوضى أحد الحلول نهج ينبئ بكارثة

2009-12-09 15:38:33


 
* المحرر السياسي بعد ما يقارب العامين منذ انطلاق ما يسمى بالحراك الجنوبي يمكن اليوم الحديث عن جماعات مختلفة أكثر منها حركة شعبية، فمنذ الولادة بدأت الانشقاقات التي من أولى أسبابها البحث عن الزعامة بعد أن أغرى غياب القيادات التاريخية وإضعاف الحزب الاشتراكي البعض بأنهم يمكن أن يكونوا بديلا يملأ مثل هذا الفراغ، وهو ما أثبت الوقت خطأه وحتى أولئك الذين يمثلون اليوم رقما هم من أبناء وتربية الحزب الاشتراكي اليمني. ما يجري في محافظات في الجنوب هو أقرب لفعاليات غاضبة قوامها أناس جمعت بينهم سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية وغياب المواطنة المتساوية وافتقاد العدل وهؤلاء لا تجمعهم كارزمية الداعين ولا مشروعية الفكرة بقدر ما هي بدرجة أساسية الشعور المشترك بفقدان الأمل بإمكانية إحداث تغيير يمكن أن تقوده السلطات المحلية والمركزية والتي حضرت غيابها إلى حد أصبحت الشكوك بكون هذا الغياب مقصودا أمرا يقينا القصد منه إظهار مدى فداحة غيابها وإن وصلت الاوضاع حد الفوضى. وهو ما ظهر جليا في مديريات  بمحافظتي أبين ولحج والضالع التي شهدت أحداثا أقل ما يمكن أن توصف به الإجرامية وغير الأخلاقية يقوم بها قطاع طرق متوحشون إذ من يقر أن يقتل رب أسرة أمام زوجته وأبنائه أو أن تقتل أسرة بكاملها أو أن يتم التقطع بغرض فرض الإتاوات ونهب المسافرين العزل وطماح الذي خطف سيارة أحد أبناء مريس وأعادها بعد ذلك مقابل500 ألف ريال بعد أن هدد أبناؤها بقطاع مماثل مثال يمكن القياس للحكم على أفعال كهذه ما زالت بعيدة عن العقاب.. هذا الانفلات وإن بدأ موجها نحو مناطق بعينها إلا أنه لن يلبث أن يصبح أداة تعامل حتى بين أبناء المنطقة الواحدة التي لا تخلو أي منها من خلافات أو ثارات يمكن إشعال فتيلها بأقل جهد ممكن.   الواضح أن حضور الأحزاب يبهت لصالح الفوضى، أولا لتخوفها من أن تتحول إلى طرف وثانيا لكونها تعتبر نفسها غير معنية بالتدخل في ما يمكن أن يقوي السلطة بدلا من إضعافها وصوتها الواهن لإدانة ما يجري من جرائم تطال المواطنين بسبب انتمائهم الجهوي يعد دلالة على عدم التمييز بين محاولة إرهاق النظام والسير على طريق تقطيع النسيج الاجتماعي لأبناء البلد الواحد المشتركين في ذات الهم، إلا أن ما يمكن عده من قبل الأحزاب المعارضة خطأ فادحا لا يعفي السلطة بأي حال من التقصير المخل في حماية مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية - السياسية - المذهبية والفكرية وإلا فإن السلطة تكون قد أخلت بعقدها الاجتماعي لتكون حاكمة لأن أولى واجبات الحكم قدرة الحاكم على الدفاع عن وطنه وشعبه.   تعتقد السلطة أن مما يقلل من خطر ما يجري في الشمال سواء الحوثيين في صعدة أو قبائل تحاول إعادة لملمة نفسها وفي الجنوب المتمثل بالحراك أو حتى في الوسط من خلال المشترك إن التحالفات كل في ما يخصها قائمة على تكتيك إن "عدو عدوي صديقي" وهو ما لا يمكن أن يصمد أو يحقق هدفا استراتيجيا حتى وإن تحقق افتراضا فإن هزيمة هذا العدو سيعيد المتحالفين وفق التكتيك السابق إلى ما قبل تحالفهم أعداء كل يعزو ما تحقق من انتصار إلى نفسه ، مطالبا بحقه من الغنيمة ولذا فإن كثيراً من اختلالات يتم تركها حتى تنضج لتصيب شظاياها المناطق الحاضنة لها ومن ثم يصبح تدخل السلطات مقبولا أو في أسوأ الاحتمالات مختلفاً عليه.. ولعل ما قام ويقوم به طارق الفضلي من تصرفات طائشة بمحاولته التعامل مع أبناء أبين وكأنما هم رعايا سلطان ما قبل أكتوبر يؤكد عدم جاهزية الحراك ليكون بديلا حقيقيا في ظل التناقضات التي تكبر داخله والخلافات التي تعصف به بالإضافة إلى غياب الهدف الممكن تحقيقه. وأما القبائل فإنها اليوم في أسوأ حالاتها وإذا قدرت القبيلة أن تحافظ على أفخاذها وبطونها من أن لا تتقاتل فيما بينها فيعد ذلك خيرا كبيرا وصار يندر الآن إيجاد قبيلة سليمة من التناحر أو الخلاف الذي نخشى معه أن يتحول إلى احتراب وتعد حاشد آخر القبل التي صار صوت خلافها مسموعا بعد أن ظل زمنا طويلا بين جنبات القبيلة والصراع حول الانتخابات الأخيرة في الدائرة (283) وإن صب أخيرا في صالح بيت الأحمر قد وضع الخلاف على الطاولة رغم أن الأموال كان لها الدور الأكبر في صنع تماسك الأيام القادمة كفيلة باختباره باعتبار أن الصراع لم يعد فقط من أجل هيمنة آل الأحمر على حاشد وإنما على الدولة أيضا.   جغرافية اليمن وتداخل قبائلها وناسها شديدة التعقيد وبالذات بعد عقود من خلخلتها وقد انسحب وضع كهذا على قبائل الجنوب وأسرها مضافا إليها تعقيدات إرث من العراكات الحزبية والتي صاحبتها إراقة دماء وإزهاق أرواح ولدت جراحاً التأمت على قيح وأوساخ لم يتم تطهيرها. الأحزاب المعارضة لم تحاول يوما أن تكون بديلا إصلاحيا يواجه هذه التعقيدات بغرض فكفكتها وجذبها لتكون معه واعتبرت ذلك مغامرة خطرة لا يمكن التنبؤ بنتائجها وفضلت الأسهل بأن تتعامل معها كما هي لتصبح المعارضة جزءاً من هذه التعقيدات وغير منفصلة عنها وهو ما يجعلها أبعد أن تكون عن الحل.  لتصبح السلطة هنا هي الممسكة بمجمل الخيوط وهي التي تملك قطعها إذا أرادت خلط الأوراق وإحداث الفوضى أو فرض منطق التعاطي معها وفق رؤاها إذا أراد الآخرون تجاوز ما هو مرسوم والوصول بالبلد إلى بر الأمان وهو ما سيفرض على المعارضة -وإن من الناحية الأخلاقية- التنازل من أجل البلد ولكن دون التخلي عن قيام السلطة بإصلاحات حقيقية تطال النظام السياسي والانتخابي والاقتصادي.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign