الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    جدل وأصداء /
دغار:الثورة الشبابية الشعبية.. واستراتيجية التغيير

2011-05-18 09:06:50


 
كتب/ د. أحمد دغار   تعتبر الظواهر السياسية من أكثر الظواهر قابلية للتغيير في العلوم الإنسانية، ومن خلال عملية التغيير التي تواكب أي عمل سياسي يحصل التغيير في القادة الذي بدوره يؤدي إلى التغيير في البرامج والأفكار والرؤى، المصحوبة دائما باستراتيجيات واضحة الاهداف محددة المعالم، تتسم بالشفافية، وتحمل في طياتها مقومات النجاح وقابلية التطبيق وآليات التنفيذ.   إن دخول ثورة التغيير في اليمن شهرها الرابع يحتم علينا طرح التساؤلات التالية: لماذا تأخرت عملية الحسم؟ وما هي العقبات التي تقف أمام عدم إنجازها وتحقيق أهدافها حتى الآن؟ وما هي الحلول المقترحة لنجاح هذه الثورة؟   يلحظ المتابع لأحداث ومجريات ثورة التغيير في اليمن أنها قد أخذت المنحى السلمي وفق النموذج التونسي 23 يوما والمصري 18 يوما، وعمل شباب التغيير جاهدين على عدم الانزلاق إلى النموذج الليبي، وبالرغم من ذلك فإن ثورة التغيير في اليمن لا تزال تراوح مكانها رغم دخولها شهرها الرابع. إن ثورة اليمن وقعت في شراك النظام السياسي بشقيه السلطة والمعارضة، وأصبحت تائهة تتجاذبها أطراف ثلاثة، الطرف الأول: السلطة وهي تعمل بكل ما أوتيت من قوة في سبيل إجهاض هذه الثورة بهدف البقاء في الحكم أكبر مدة ممكنة، أما الطرف الثاني فهو أحزاب المعارضة والتي تعمل جاهدة في استخدام الثورة كمطية بهدف الوصول إلى الحكم والبقاء فيه –أيضا- أكبر مدة ممكنة، والطرف الثالث هم الشباب أصحاب المشروع الحقيقي والذين خرجوا بهدف تغيير واقع ملؤه الفساد ويعشعش في جنباته الفقر والبطالة، ويسيطر على مقاليد أموره شلة الإقصاء والاستحواذ، ولكن الحاصل الآن، ما قاله أحد الزملاء "خرج الشباب يهتفون بسقوط النظام فسقط عليهم النظام سلطة ومعارضة".   وهنا يحق لنا أن نتوجه بالسؤال التالي إلى من فرضوا الوصاية على ساحات التغيير ونصبوا أنفسهم قادة لها، لماذا لم تنجح الثورة حتى الآن وقد دخلت في شهرها الرابع؟ إن الأولى بهم أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال، ويعملوا جاهدين للبحث عن مكان الخلل، وعندما يهتدون إلى ذلك يجب عليهم أن يعترفوا بالحقيقة ويبتعدوا عن المكابرة والإصرار على محاولة مغالطة ذاتهم أولا والآخرين من حولهم ثانيا.   إن أي ثورة يراد لها النجاح يجب أن تعتمد –في حدها الأدنى- على ثلاث مقومات أساسية للنجاح، الأولى قيادة تتمتع بالقدرة والكفاءة والقبول لدى الجماهير، حيث أن وجود قيادة بتلك المواصفات سوف تقوم بالبحث عن أهم الجوانب والمتطلبات التي يمكن من خلالها كسب أكبر قدر ممكن من أفراد الشعب وإقناعهم بالانضمام للثورة، وتحاول جاهدة الابتعاد عن كل ما هو منفر لأفراد الشعب ويمكن أن يكون عائقا أمام التحاقهم بالثورة. إن محاولة بعض قيادات الساحات القيام بعمل قوائم سوداء وبيضاء وحمراء و....الخ. وبكل الألوان، ومحاولة إقصاء الآخرين، وتوجيه التهم بالانتماء إلى جهات أمنية أو غيرها، ضد كل من يخالفهم في الرأي، إن كل ذلك لا يزيد من انضمام الجماهير بل يفرغ الساحات ممن قد التحقوا بها، ويعتبر مثل تلك التصرفات والممارسات من أولى العقبات التي أخرت نجاح الثورة حتى الآن، فبدل الاعتراف بالخطأ نجد الإصرار على الاستمرار في القيادة مع ارتكاب نفس الأخطاء.   العامل الثاني: ضرورة الوصول إلى إرادة شعبية غالبة لتأييد الثورة، وهذا العامل يرتبط ارتباطا وثيقا بالعامل السابق المتعلق بالقيادة، والعامل التالي المتعلق بوضوح الأهداف، حيث أن القيادة الناجحة هي التي تحقق مزيداً من المؤيدين للثورة من يوم لآخر، أي يكون المؤيدون في حالة تزايد، أما حالة الكمون أو التناقص فيعد عامل فشل نتيجة خلل يجب البحث عن أسبابه، قد يكون ممارسات وتصرفات القيادة، او عدم وضوح في الأهداف، أو نقاط ضعف استغلها الطرف الآخر ويجب معالجتها بأسرع وقت ممكن.   إن توفر غالبية شعبية لمناصرة الثورة يعد أمراً حاسماً وضرورياً لنجاحها، فلا يتصور انتصار ثورة دون حصولها على تأييد أغلبية الشعب، فالنظام قد يسقط لسبب أو لآخر، ولكن متى ما أراد قادة الثورة –غير الحائزين على تأييد الأغلبية- من الوصول أو استلام الحكم، فإنهم لن يواجهوا بثورة مرتدة واحدة، بل بثورات متتابعة إذا ما افترضنا أنهم سطوا على الحكم بقوة الشرعية الثورية، أما إذا سلموا بالحل الديمقراطي فإن الغالبية الشعبية التي لم يحصلوا على تأييدها لثورتهم، هي من ستقف عائقا أمام وصولهم للسلطة والحكم.   العامل الثالث: وضوح أهداف الثورة ومبادئها ومطالبها، فإذا كانت جميعها واضحة وتم وضعها بكل شفافية، وعدم تحيز أو تهميش أو إقصاء أو استبعاد لإحدى مكونات المجتمع، فهنا قد يحالفها النجاح، حيث أن كل ذلك سيكون محل ترحيب من معظم أفراد الشعب، وسوف يهبون لنصرة الثورة، وبالطبع فإن ذلك لن يتحقق ما لم يشارك مختلف الشرائح في وضع تلك الأهداف والمبادئ والمطالب وآليات تنفيذها، من هنا تأتي أهمية مشاركة الجميع في العمل الثوري.   إن دخول الثورة شهرها الرابع يستوجب تغيير الاستراتيجية المتبعة، حيث أن هذا التأخير دليل على فشل تلك الاستراتيجية وفي هذا الإطار يجب التعامل مع الثورة من ثلاث مستويات: المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، فعلى المستوى الداخلي يجب النظر في ماهية العوامل التي تقف عائقا أمام انضمام أعداد أكبر من أفراد الشعب إلى الثورة مما هو عليه العدد الآن، فإذا كانت القيادة غير قادرة على ذلك، فعلى تلك الأحزاب التي تقود الساحات التراجع إلى الصفوف الخلفية وترك قيادة الثورة للشباب دون فرض وصاية عليهم وبما يشجع الآخرين على الانضمام لمناصرة الثورة، لأن قيادتهم للساحات توقفت عند هذا المستوى التي هي عليه الآن. وإن ترك القيادة للشباب من قبل الأحزاب، أرى أن الأحزاب لن تخسر بل إنها الكاسب الأكبر من نجاح الثورة، فهي أول من سوف يقطف ثمارها، ولذا يجب عليها أن توفر لها كل عوامل النجاح، فلا يوجد حكم ولا توجد سلطة بساحات التغيير حتى تتنافس عليها الأحزاب مع الشباب، كما أن إصرار الأحزاب على القيادة قد أبعد كثيراً من شرائح وأفراد المجتمع من الانضمام للثورة، أيضا أن تلك القيادة قد أثبتت فشلها في إنجاح الثورة، علاوة على أن إصرار الأحزاب على القيادة يزيد من احتقان الساحات ضد تلك الأحزاب، وستكون الخاسر الأكبر عندما يحين وقت عملها الأساس وهي الانتخابات، حيث أن استغلالها لقدراتها وإمكانياتها المالية في فرض وصايتها على الساحات يمكن تشبيهه كمن يملك سلاحاً ويصوبه تجاه جسده.   أما على المستوى الإقليمي، فلا يساورنا الشك في أن دول الحوار سوف تعمل على إنجاح الثورة بهدف الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، لأنها تنظر على انعكاس ما سوف يتسبب فيه وجود مثل تلك الدولة بجوارها على شعوبها مستقبلا، فهي بمثابة القنبلة الموقوتة التي سوف تنفجر في أي وقت ضد أنظمتها الحاكمة من الداخل، وبالرغم من ذلك يجب التعامل مع تلك الدول بذكاء وحنكة وعدم استعدائها للثورة على الأقل في الوقت الراهن.   وفيما يخص المستوى الدولي، وهنا تأتي أهمية مواصفات قيادة الثورة، إن الدول الغربية لا يهمها كمية الدماء التي تسال، أو عدد الأرواح التي تزهق، وإنما يهمها مصالحها، فلا نراهن على ذلك. إن وجود قيادات مقبولة للثورة لدى الغرب سوف يعمل على الضغط على النظام بتسليم السلطة فورا والآن يعني الآن، كما أنه سيعمل على أن تضغط تلك الدول على دول الجوار العربي بقبول الثورة وما يمكن أن تسفر عنه من دولة ديمقراطية مدنية حديثة، كما أنها ومن منطلق الحفاظ على مصالحها لا يمكن أن تقبل بوصول اليمن إلى مرحلة اللادولة، خاصة وأنها تعاني من نفس المشكلة في الصومال. ويمكن القول بأن تصدر شخصيات راديكالية واجهة الثورة اليمنية هو ما أخر الضغط الأوروأمريكي على النظام لتسليم السلطة فورا في اليمن، ويعتقد بأن تسليم الدول الغربية لورقة الثورة اليمنية لدول الخليج العربي يأتي نتيجة لذلك السبب، حيث ترى –أي الدولة الغربية- أن مصلحتها تحتم عليها عدم الوصول باليمن إلى مرحلة اللادولة، وبنفس القدر عدم نجاح الثورة بشخوصها الحاليين، وهو ما يتطابق مع أهداف دول الجوار، فهل سنعمل على تغيير الاستراتيجية المتبعة في إدارة الثورة؟   *أكاديمي ومتخصص في الشئون السياسية اليمنية




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign