البنك المركزي اليمني بصنعاء يفي بوعده ,, ألية استبدال العملة تبدا مهامها في في الراهده وعفار       فلسطين ... مجزرة النصيرات جريمة جديدة للاحتلال ضحايها اكثر من 600 قتيل وجريح        مفخرة «الحاملات» تغيّر تموضعها: «آيزنهاور» هدفاً دائماً لصنعاء        الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء      
    كتابات /
هل يتمرد حزبيو تعز على تعميمات صنعاء الصباحية..؟

01/05/2013 14:36:12
مصطفى أحمد نعمان
قضيت أقل من 48 ساعة في تعز بعد سنوات من غياب، ليس هذا مجال تفسيره، وكان الغرض هو أداء واجب العزاء بوفاة أحد الأصدقاء، ورغم ضيق الوقت إلا أني سُعدت بلقاءات مع عدد من المهتمين بالشأن العام في تعز، وطبيعة الحال أن أغلب الحديث دار حول الوضع الذي أحدثه غياب محافظها شوقي أحمد هائل في ظرف يستدعي تواجده الدائم بعد أعوام القتال التي عمقت الشروخ النفسية التي أنتجتها سياسات التفرقة بين أبنائها.
الفوضى العارمة في شوارع المدينة، وانتشار القمامة في كل حي وشارع والبناء العشوائي الذي حول المدينة الى قرية تشبه بيت العنكبوت، والعدد الهائل من الأطفال الذين لا يجدون إلا الشارع متنفساً، وانتشار المسلحين بصورة لم أشاهدها منذ أن كنت طفلاً في مدارسها، ولا داعي للحديث عن انعدام الماء والخدمات الأساسية من صحة وتعليم وكهرباء، فهذه صارت ملازمة لتعز وسمة أصيلة من صفاتها.. هذه المظاهر أحزنتني وجعلتني أتحسر على ماضٍ كانت تعز فيه رئة اليمن ومشعل نورها، وكان أبناؤها هم رواد نهضتها السياسية والثقافية والاقتصادية ومصدر العمالة الفنية بكل أنواعها.
الوقت الذي قضيته في تعز أكد أن الأحزاب السياسية التي تصورت نفسها ممثلاً وحيداً لتعز، تنطلق من قناعات أصحاب القرار في المركز المقدس، ويستوي في ذلك الحزب الأكبر "الإصلاح" مع غيره من الأحزاب التي تنتظر جلها تعميم المركز ومرئياته وتعليماته.
هذا الحال يسبب حالة الارتباك والقطيعة بين الأحزاب السياسية، إذ تركز صراعها على تقاسم المواقع التي رأوا - حقا أو باطلا- أنها جزء من غنائم ما بعد "الثورة"، وتناسى الجميع أن المواطن الذي عانى خلال عقود طويلة ليس معنيًا بهذا الصراع المزعج، وهو أقل ما يمكن أن يوصف به.
الطريقة التي تكالبت بها أحزاب المعارضة السابقة لتقاسم إدارات المحافظة بعيدا عن الكفاءة ومتطلبات الموقع، أشارت الى أن الاتهام الذي كان موجهًا لحزب الإصلاح ليس حكرًا عليه وإنما أصبح داءً يشمل الجميع.
لست هنا بمعرض الدفاع عن المحافظ شوقي أحمد هائل، فهو قادر بل وملزم على توضيح ما خفي من تداخلات وتدخلات أثرت على أدائه في أن يحقق شيئًا يُذكر للمحافظة.
مع تفهمي من أن أسلوب العمل في مؤسسة تجارية خاصة يختلف بالتأكيد عن إدارة وتسيير أهم وأكبر محافظات اليمن وأكثرها فعلاً سياسيًا، وهو ما فاقم من المشكلة باعتبار أن الأحزاب السياسية اعتقدت أنه يمكن عبر شوقي تحقيق تواجد أكبر في المكاتب الحكومية ذات التأثير، بحيث يمكنها ذلك من السيطرة على الشارع التعزي، إلا أن ما حدث هو على غير ما سعت له الأحزاب وفقدت الناس بدلًا من أن تكسبهم، وهي نتيجة متوقعة حين تصبح مصلحة الحزب مقدمة على مصالح الناس، الذين بالتأكيد أغلبهم ليسوا حزبيين، وهنا لن يكون أمام هؤلاء إلا البحث عن نصير خارج هذه الأطر الجامدة، والنتيجة تشكل عصبيات طابعها حمائي..
المشكلة القائمة في تعز ليست في شخص المحافظ، ولكنها صراع لإثبات الولاء والتبعية المطلقة لمراكز الأحزاب في صنعاء، وإظهار القدرة؛ استعدادًا لانتخابات قد تُجرى، وهذا هو هدف هذه الأحزاب وغايتها، وبعدها قد يتسع وقتهم وجهدهم للبحث عن احتياجات المواطنين من ماء وصحة وتعليم وخدمات.
منذ أن انتهت "ثورة الشباب" والكل ما زال يلعن النظام السابق و"الفلول" دون أن يقدم أحد رؤية يمكن أن تمثل بديلًا يمثل حلًا لمعاناة المواطنين، الذين يعلمون - يقينًا - أن أغلب اللاعنون اليوم كانوا يمثلون جزءاً اصيلًا من تكويناته، وإن قفز كثيرون من قاربه حين شارف على الغرق.
تعز ليست بحاجة الى تعميم صباحي ترسله الأحزاب في صنعاء إلى فروعها، ولكنها بحاجة إلى جدل إيجابي ومفتوح بين أبنائها، حزبيين وغير حزبيين، للبحث في وسائل انتشالها من حالة البؤس التي تعيشها، وأن يرتفع حزبيوها فوق صغائرهم، وعندها يمكن الحديث عن استمرار المحافظ أو ابتعاده.
في الأخير لابد أن أقول كلمة إنصاف لمجموعة هائل سعيد: لا ينكر أي إنسان يعيش في تعز دور هذه المجموعة التي تنفرد عن غيرها من رجال الأعمال من أبناء تعز، بأن لها الفضل الأكبر في الإبقاء على مظاهر النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي فيها، بينما غيرهم كثيرون لم يقيموا مشروعًا اجتماعيًا، ولا برنامجًا تعليميًا، ولا نشاطًا ثقافيًا، ولا عملًا خيريًا، واكتفى هؤلاء بالمتابعة الدقيقة لما يجري في مدينتهم دون أن يمدوا لها يد العون والمساهمة لتحسين أحوالها.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign