صنعاء تنقذ اربع هجمات بحرية ضد بوارج امريكية وسفناً اسرائيلية في البحر الأحمر والمحيط الهندي        إعلان بريطاني عن تعرض سفينة لمطاردة قبالة المهرة       أمبري البريطانية تعترف بفشل التحالف الامريكي في حماية الملاحة الاسرائيلية       امريكا تقر بصعوبة المعركة في خليج عدن ,, وتتحدث عن اشتباك بحري واسع      
    جدل وأصداء /
ترشيح اليمن لغضبة التغيير

2011-02-02 13:54:09


 
كتب/السفير/ نبيل خالد ميسري   حققت تونس وبامتياز المرتبة الأولى (الذهبية) للتغيير من خلال ثورتها الشعبية التي أطاحت برئيس ديكتاتوري في العالم العربي والهارب تحت جنح الظلام باحثا عن موطئ قدم يرحب به، فلم يسعفه أصدقاؤه ولا من مغيث لمساندته، ورغم أن مراكز القوى لنظامه لا زالت تمارس نهجها بمرونة إلا أن الشعب التونسي بكل شرائحه وقواه مستوعبة ذلك، ويسعى كل طرف لسحب البساط تدريجيا وبأقل الخسائر.   ومنذ انتصار الثورة التونسية استعادت الشعوب العربية أنفاسها لتطوي مرحلة اليأس برؤية جديدة، حققها التونسيون بطريقتهم المثالية وحفزت الشباب العربي في كل بلد للبحث عن آلياته الخاصة به وفقا لواقعه.   وفي واقعنا اليمني تلقت الجماهير اليمنية بشائر الانتصار العظيم من تونس الرائدة وتفاعلت معه بالتعبير عن فرحتها ودعمها لكل الخطوات التي يخطوها شباب تونس يوما بعد يوم لترسيخ هذه التجربة الفريدة والتي جاءت في وقتها المناسب.   ومع اختلاف الكثير من الحقائق بين واقع تونس واليمن إلا أن قواسم الظلم والاستبداد والقمع والفساد هي المشتركة بينهما رغم اتساع الفقر والجهل والمرض والبطالة في اليمن عنها في تونس إلا أن أمل التغيير الملح أصبح ضرورة قصوى وبالتالي فإن اليمن مرشحة أن تحوز على شرف الترتيب الثاني على المستوى العربي.   فاليمن يشتعل لسنوات طويلة غضبا من واقعه المؤلم، ويختلف اليمن عن تونس بملفاته الساخنة التي كل واحد منها كفيل بإحداث زلزال يهز نظام الحكم الذي ساهم في نشئوها وتطورها ولا شك أن نجاح الثورة الشعبية التونسية واقتلاع قلعة ديكتاتورية عربية سيغير من المعادلة ويفتح آفاقاً جديدة للتلاقي والتنسيق لمختلف القوى نحو إحداث التغيير وبأساليب مناسبة.   أبرز الملفات الساخنة في اليمن هو رفض الغالبية للنظام القائم بكل مكوناته وبالتالي فإن الشباب الذي يمثل النسبة الكبرى فيها سيكون المحرك الرئيس للثورة الشعبية متجاوزا كافة القوى السياسية والاجتماعية كما حدث في تونس.   والملف الآخر والأكثر حساسية للنظام هو ملف القضية الجنوبية الذي يرفض الاعتراف به خاصة وأن هناك تهيئة وإعداداً لمرحلة جديدة لإخبار الجميع على الاعتراف بحق أبناء الجنوب دون استثناء لأحد في قضيتهم العادلة. وهنا تنبيه هام للقوى السياسية والاجتماعية من إهمال تحديد موقف صريح وواضح يحملها المسئولية بعدم الوقوف بقدمين ثابتتين مع القضية الجنوبية وإغلاق الهوة السابقة التي مارستها بقدم هنا وقدم هناك.   ومن الملفات الساخنة أيضا إصلاح النظام السياسي القائم على حكم الفرد والأسرة والحزب الحاكم وتهميش وإلغاء الآخرين وفي نفس الوقت البحث عن نظام سياسي يضمن لأبناء شريكي الوحدة من كافة شرائح المجتمع وليس من قوى سياسية أو اجتماعية معينة المشاركة السياسية المتساوية ولعل الفيدرالية الثنائية بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب هي البديل المتبقي للحفاظ على الوحدة وفي نفس الوقت تطبيق نظام الحكم المحلي كامل الصلاحية في إطار محافظات كل منهما كما صرحنا بذلك قبل أعوام في مقالات عديدة وتبناها مؤخرا حزب الرابطة العام الماضي.   كما يمثل ملف الإصلاحات الشاملة مدخلا لإرساء مقومات الدولة الحديثة التي تنبع من خصوصيات التنوع الموجود في البنية اليمنية والنظر إلى بناء مؤسسي يحقق العدالة والرخاء وهذا الملف لا يمكن تحققه قبل حل ملف النظام السياسي.   إن معالجة الأوضاع في اليمن لم يعد بيد الحاكم وحده ولا بيد المعارضة بل على الجميع أن يستوعب حساسية المرحلة الحالية وخروجها عن نسقها المرتقب خاصة وأن هناك مصالح ضيقة محلية ومصالح بعيدة المدى إقليميا ودوليا تجاه اليمن ولهذا على كل طرف أن يستوعب مخاطر ومترتبات إهمال ذلك.   إن الصورة المتوقعة في حال استمرار التقليل بخطورة الأوضاع لن تكون على الطريقة التونسية فقط نظرا لطبيعة الملفات الساخنة والتي تشير إلى أن القادم يشمل -إلى جانب النموذج التونسي بثروته الشعبية- نماذج أخرى ومنها كما هو حاصل في صعدة ومناطق أخرى بمقاومة الحاكم وسيطرتها على أجزاء من الوطن وأيضا حراك سلمي يتسع في معظم المحافظات ولا سيما الجنوبية والشرقية في حين يتحدث البعض عن ابتكار أساليب جديدة تشبه انتفاضة الحجارة الفلسطينية ولا ندري ماذا يخبئ القدر لتكون اليمن نموذجا آخر وبأساليب مختلفة تكون دروسا للآخرين.   إن حكمة وعقلانية قرار الرئيس التونسي المخلوع -بعد أن رأى اتساع الثورة الشعبية وسقوط ما يقارب ثمانين شهيداً- الهروب بالصورة المذلة بعد فشله في خطابه المهين له بالدرجة الأولى ولنظامه تمثل النضج لاستيعاب ما قد يحدث إذا أصر على استمراره رغم أن هناك تفسيرات عديدة لهروبه، ولهذا فإن الواقع اليمني يؤكد عكس ذلك مهما سقط المئات أو الآلاف إلا أن هذا التفسير يمكن قبوله قبل الثورة التونسية المباركة، خاصة وأن مفاهيم جديدة تعدلت ومنها موقف أبناء القوات المسلحة والأمن الذين وقفوا مع شعبهم في ثورته ناهيك عن مواقف الأصدقاء الذين ينظرون لمصالح شعوبهم في المقام الأول.   كما أن حكمة مواقف قادة الثورة الشعبية التونسية قد أفرز خللا في مواقف الأحزاب السياسية ولهذا على أحزاب المعارضة وقادة المنظمات المدنية استيعاب ذلك وفي نفس الوقت تحديد الأهداف التي تجمع ولا تفرق خاصة في المرحلة الانتقالية التي بشرت بها وزيرة الخارجية الأمريكية في تصريحاتها. وكذا الاستفادة بكيفية التمييز بين رموز النظام والحزب الحاكم وبين الموظفين والأعضاء غير المورطين حتى لا تتكرر تجربة العراق أو محاولة بقاء رموز النظام التونسي السابق الذين لن يدوم بقاؤهم طالما استمرت الثورة الشعبية حتى تحقيق أهدافها.   الأيام والأسابيع القادمة تحمل الكثير وما يهمنا بالدرجة الأولى أن نكسب القضية بحكمة تستفيد منها الشعوب العربية الأخرى بدرجة رئيسة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign