تقدم بالعزاء لأُسر شهداء القوات الخاصة وشَكَرَ صمود جنوده.. متعهدًا بعدم التخلّي عنهم
السقاف في لقاء خاص بالوسط : قاتلنا بشرف ولم نُشرعِنْ لإسقاط المعسكرات رغم التآمر والخيانات.. وخسرنا معركة وخسر الآخرون قيمهم
25/03/2015 16:27:40
التقاه - جمال عامر
حذّرنا في هذه الصحيفة مرارًا وتكرارًا من أنّ إنجاح محاولة إسقاط القوات الخاصة في عدن ستكون مقدمة لإسقاط بقية المعسكرات، وهو ما حصل عقب إسقاطها من تجريف للمعسكرات، وقتل وذبح للجنود. وتنقسم وجهة النظر حول قوات الأمن الخاصة، وبالذات على قائدها العميد عبدالحافظ السقاف إلى قسمين، إذ أن كثيرًا من اليمنيين يعدونه بطلاً شجاعًا تمكّن من الصمود في ظل محيط سلطوي وميليشاوي معادٍ حتى خرج أخيرًا بعد أن خسر المعركة جراء خيانات وتكالب المعسكرات والمليشيات ضده، ولكنه نجح أخلاقيًّا ووطنيًّا. وجهة النظر الأخرى، التي يمثّلها هادي ومَن معه من ميليشيا وقاعدة، تعتبره متمردًا، يُنفذ أجندة الحوثيين والرئيس السابق. "الوسط"، وفي لقائها مع العميد عبدالحاقظ السقاف، الذي وصل صنعاء بعد رحلة شاقة كان يراد لها أن تكون الأخيرة سألته عن رأيه في وجهتي النظر.. فأجاب: أولاً، وقبل كل شيء، أتوجه بوافر العزاء لأسر الشهداء من قوات الأمن الخاصة الشجعان الذين أثبتوا ولاءً لهذا البلد ووحدته، وضحوا بأنفسهم في مواجهات غير متكافئة مع المليشيات، والمغرر بهم من القوات المسلحة، وأدعو للجرحى بالشفاء العاجل، وأؤكد عدم تخلي قياداتهم العليا عنهم، كما أحيي وأتوجّه بالشكر والتقدير لكافة الضباط والصف والجنود الذين أثبتوا، بصمودهم الأسطوري أمام آليات الغدر، أن إيمانهم بوطنهم ووحدتهم أقوى من كل آلات الموت والدمار.. وبالنسبة لسؤالك فأنا أعتز بوجهة النظر الأولى بالتأكيد مع كوني كنتُ أقوم مع قوات المعسكر بواجبنا الوطني بالدفاع عن عدن والناس والمحافظة التي كُلفتُ بالعمل فيها، أما في ما له علاقة بالاتهامات من قِبل هادي ومَن معه بكوني متمردًا أو تابعًا لهذا الشخص أو ذاك، فهم يعلمون كذب ما يدعونه؛ باعتبار أنه، ومنذ صعد هادي السلطة، أقوم بتفيذ توجيهات رؤسائي، وأقوم من موقعي بواجباتي في حماية الأمن.. وهؤلاء أنفسهم يعرفون يقينًا أنه، ومنذ تسلمتُ هذا الموقع في 28 ـ 2 ـ 2012، كانت أولويات القوات الخاصة هي بسط الأمن ومحاربة القاعدة التي كانت قد بسطت نفوذها في عدن، وانتصرنا عليها، وأعدنا ثقة المواطن بالأمن، وقدّمنا لأجل ذلك ما يقارب تسعين شهيدًا، وبحمد الله خلت هذه المدينة من المسلحين.. ولكن حين بدا لنا - مؤخرًا - أن هناك مَن يربط ثقته بنا كقوات خاصة بالقدر الذي نتعامل فيه مع القاعدة والمليشيات كان لا بد أن يكون لنا موقفًا. هذا سبب اتهامي بكوني من "أنصار الله" - متى كان ذلك بالضبط؟ منذ ما بعد سبتمبر، وأصبحت بشكل أوضح عقب وصول هادي إلى عدن، إلى حدّ أنه حين كنا نعترض على مسألة إطلاق مسلحي القاعدة أو رفض السير بعدن نحو الفوضى من خلال قوننة وجود المليشيا التي كثير من قياداتها في القاعدة تم محاولة إرهابي شخصيًّا باتهامي كوني مع "أنصار الله"، وهي - فقط - نظرة عنصرية وسلالية كنا قد نسيناها، وأذكر أنكم نشرتم تقريرًا حول تبعية قيادات مجاميع اللجان للقاعدة، أو لعصابات نهب وسرقة رغم أن ما نُشر ليس إلا القليل من الحقائق، ويؤسفني القول إن معيار الولاء في الأيام الأخيرة كان يتحدد بعدد زيارات المسؤول للسفير السعودي ورضاه عنه، وإلا فأنت من النظام السابق أو حوثي. وأجدد التأكيد هنا أن القوات الخاصة هي قوات مهنية تُنفذ واجباتها بعيدًا عن أي تأثيرات حزبية، ولاؤها لله والوطن والشعب اليمني كاملا، دون تفرقة. كانت علاقتي باللواء ناصر متميزة ـ أعلم أنك كنت محسوبًا على شقيق الرئيس ناصر منصور.. فما الذي تغير؟ أولاً لم أكن محسوبًا إلا على الموقع الذي كنت أشغله كقائد للقوات الخاصة، كما لا أُنكر أن علاقتي باللواء ناصر كانت طيبة ومميزة، إلا أنه وبعد تقديم الرئيس استقالته، تغير تمامًا. وبدا وكأنه يعيد النظر بالوحدة، وبدأ تدفق اللجان والقاعدة إلى عدن، وحين كنتُ أسأله عن السبب كان يرد اسألوا أصحابكم في صنعاء، مع أن تداعيات ما يقوم به ستدفع ثمنه عدن، إلا أنهم سدوا آذانهم، عن سماع النصيحة وتكشف أنهم لا يملكون مشروعًا وطنيًّا يمكن أن يلتقي الناس عليه، واتضح مشروعهم الحقيقي حين بدأت دول في الجوار تضخ المال، وبدأ التعامل معنا كقائد وكقوات خاصة باعتبارنا غير موثوق بنا. لهذه الأسباب لم أحضر اجتماعات الأمنية ـ أنت تقول هذا، مع أنه كان يسمح لك بحضور اجتماعات اللجنة الأمنية العليا، ما يعني أنك تطّلع على كل ما يجري؟ لا.. أولاً أنا لم أحضر سوى اجتماع أمني واحد بعد تقديم الرئيس استقالته، وكان تم إضافة من هم ليسوا في عضويتها، وهم سياسيون. الموقف من الوحدة وصنعاء سبب العِداء للأمن ـ من هم؛ حتى يعرف القراء؟ أحمد الميسري، ومهدي عبدالسلام. ـ هذان كانا قياديين في المؤتمر قبل أن يتم فصلهما؟ أنا رجل أمني ليس لي علاقة بالسياسة، وما يهمني أنهما لم يكونا من أعضاء اللجنة الأمنية، مع أن الميسري كان يقدم باعتباره مشرف لجان أبين الشعبية، إلا أن ما كانا يطرحانه له علاقة بما يقود إلى الانفصال، بالإضافة إلى ما كان يُطرح من عدم التعامل مع صنعاء، وحين رفضنا تم استهداف القوات الخاصة باعتبار أن اتجاهاتها وحدوية، وضد تواجد المسلحين.. وبعدها لم أُدعَ لحضور أي اجتماع إلا اجتماع رفضتُ حضوره حين علمتُ أن سفراء سيكونون حاضرين فيه، وبعد أن تأكدتُ من محاولة استهدافي والتآمر على البلد. كنتُ أعتبر هادي وحدويًّا حتى ثبت العكس ـ هل دعاك هادي عقب وصوله إلى عدن كما دعا القيادات العسكرية الأخرى.. وهل كنت ستحضر؟ لم يدعُني.. ولو دعاني لأجبتُ.. كانت حينها الرؤية غائبة لديّ ، وكنتُ أعتبره وحدويًّا، ولكن يبدو أن الحاشية قد شحنته ضدي؛ باعتباري ضد تواجد المسلحين، واستقدام المزيد منهم، وكان ما يجري على الأرض يؤكد موافقته على السعي نحو الانفصال. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل إن الأمر اتخذ مسارًا غير الانفصال، يتمثل بالاستقطاب على أساس طائفي مع غرابته على المجتمع في عدن، وهو ما لا يمكن التعاطي معه، وخاصة بعد أن تم طرد العسكريين الشماليين، وتوسعوا فيه إلى أن وصل الأمر بإصدار قرار تغييري من قيادة القوات الخاصة، والذي كان يراد من ورائه إسقاط المعسكر الذي كان الوحيد لا زال يملك قوة، ومتماسكًا، من خلال إفراغه وتسريح قوته، وبالذات مَنْ هو شمالي؛ ليتمكنوا من إسقاط بقية المعسكرات وتسليمها للجان والقاعدة، وهو ما حصل، وما كنتُ حذّرتُ منه في تصريحات لهذه الصحيفة. لم أتمرد.. ولكن رفضتُ خيانة وطني ـ أنت رجل عسكري.. إذًا لماذا تمردت على قرار الرئيس؟ بغض النظر عن نفاذ تقديمه لاستقالته من عدمه أنا رفضتُ قرارًا يرغمني على خيانة واجبي نحو بلدي وتسليم المدينة التي أنا مسؤول عن حمايتها.. لقد رفضتُ قرارًا يفضي إلى إهانة جنود هذا المعسكر، كما أُهين مَنْ قبلهم. رفضنا شرعنة إسقاط المعسكرات ـ ولكن في الأخير تم إسقاط المعسكر وسقط قتلى، وأيضًا استمرت الخطة في إسقاط بقية المعسكرات؟ كلامك صحيح، ولكن على الأقل تم كل ذلك بعد أن استنفدنا كل سبل المقاومة، والفارق كبير بين أن نُشرعن إجراءات غير وطنية، لإسقاط المعسكرات وبين أن تتم بالقوة بعد أن قمنا بواجبنا في مقاومتها. كان دور الوساطات تقديم عروض وامتيازات ـ ولكن كانت هناك وساطات لإثنائك عن موقفك، وعلمنا أن هناك تنازلات بأن تم تغيير القائد العسكري جواس بآخر أمني.. ومع ذلك بقيت على موقفك الرافض للتسليم.. ما سر كل هذا التشبث بالمنصب؟ يبتسم.. هل تعتقد أن العمل في ظل هذا المحيط المعادي سلطة وميليشيات يغري على البقاء، خاصة وقد تمت مصادرة مهامنا لصالح المسلحين..!! ـ إذًا أين؟ مقاطعًا: أُكمل لك.. كانت كل الوساطات، بما فيها الأخيرة برئاسة اللواء محمود الصبيحي تتعامل معي وكأنني باحث عن عمل أرفع أو أفضل وكأنها رشوة دون أن يناقشوا أساس المشكلة التي لم تعد لها علاقة بالقائد الجديد، أو مَن هو، لكن بما قد أصبح موجودًا على الأرض داخل عدن من ميليشات مسلحة من قاعدة ولجان شعبية، ومن خطوات تمضي تُمهد للانفصال، وعن مصير جنود ينظر لهم كأعداء لم يكلف أحد نفسه أن يناقش معي هذه القضايا، وانحصرت الوساطات بعروض متعددة، وسبق وشرحتُ هذا الأمر تفصيلاً في تصريح لـ"الوسط" إلى حد أنه عُرض عليّ تعييني سفيرًا في أثيوبيا، كما عُرضت عليّ أموالاً لم تخطر على بالي، ورفصتُ بقناعة، مع أن القبول كان هو الأسهل والأحوط، ولم يكن ليلومني أحد، وبالذات من اكتفوا بالتفرج، ولكنني لم أعوّد ضميري على البيع والشراء. لم أطرد الصبيحي.. وهذا ما حصل ـ هل صحيح ما أُشيع حول طردك في اليوم الثاني لوساطة ثانية برئاسة الصبيحي؟ غير صحيح؛ لأن ما حصل هو أن أحمد المجيدي تواصل معي ليلاً مِن أن هناك مَن سيأتي صباحًا لاصطحابي لمقابلة الرئيس، وفي الصباح جاءت سيارتان، كان على إحداها اللواء الصبيحي - بحسب ما قيل لي بعد ذلك من جنود الحراسة، وأنه طلب مقابلتي، إلا أنهم أخبروه أنني لستُ موجودًا، وكانوا خائفين من الغدر بسبب توتر الأوضاع والغياب الأمني، وكان حينها لم يمضِ عليّ سوى أقل من ساعة منذ أن خلدتُ إلى النوم. كانت القاعدة والمليشيات وسلطة عدن ضدنا ـ طيب.. والحال هكذا.. هل يمكن أن تشرح للقارئ كيف تطور الأمر ليصل إلى التفجير، ومن الذي بدأ؟ كنا اتفقنا مع اللواء الصبيحي على التهدئة حتى يتم معالجة الأمر، إلا أن ما حصل كان على غير ذلك؛ إذ أن استجلاب المزيد من المسلحين لم يتوقف، وكان من بينهم مَنْ هم في القاعدة إلى حد وصل الأمر إلى استقبال العديد من الدواعش عبر مطار عدن.. كما أن استفزاز جنود الأمن لم يتوقف، حيث تم اغتيال عدد منهم في كريتر ودار سعد وغيرها، بالإضافة إلى اختطاف آخرين، أيضًا فإن إطلاق النار ومحاولة اقتحام معسكر 20 لم تتوقف، وصولاً إلى محاولة تطويق وتضييق الخناق على معسكر القوات الخاصة نفسه، بالتوازي مع حملة إعلامية موجهة تُخوّن وتتهم وتُهدد، وكل هذا في ظل اعتقاد القاعدة من أن لهم ثأرًا مع هذا المعسكر؛ باعتبار أن قوته هي التي واجهتهم، وسجنت الكثير منهم، ووقفت ضد حلم سيطرتهم على المدينة، وتُوج كل ذلك بوقوف من بيده القرار في عدن للوقوف في الصف المعادي للقوات الخاصة. هكذا فجّروا الأوضاع ـ ولكن ما أسباب تفجّر المواجهات بكل ذلك العنف؟ مساء الأربعاء، الموافق 18 مارس، هاجم مسلحو اللجان والقاعدة الجنود المرابطين في حراسة البنك المركزي من كتيبة القوات الخاصة، وكذا حراسة مبنى المحافظة، والمجلس المحلي، وتم اختطاف عشرة جنود. صباح الخميس تم الضرب بقذيفتي "هاون" من قِبل المليشيات التي سيطرت على المطار باتجاه الأمن المركزي، وهو ما توجب الرد من قِبل المعسكر، والقيام بطردها، حيث تم تأمين المطار وكافة مداخله بشكل كامل، كما تم طرد المسلحين من عدد من المؤسسات الحكومية التي استولوا عليها في الموانئ وغيرها، إلا أن الحاصل هو أن اللواء الصبيحي اعتبر ما جرى فرصة لإعلان الحرب على القوات الخاصة؛ حيث استدعى قائد المنطقة الرابعة الطاهري، وفيصل رجب، وتم إخراج الدبابات من المعاشيق ومن معسكر 39، وقاد الصبيحي عملية إبادة معسكر الخاصة، حيث تم ضرب المعسكر بمختلف الآليات والأسلحة الثقيلة (دبابات ـ ومدافع).. وفيما يبدو أن العملية قد تم الترتيب لها بعناية، حيث تم تقسيم المنطقة إلى قطاعات بين الصبيحي والطاهري، ومعهم لجان أبين والقاعدة، وتجمعات قبلية من محافظات عدة، منها شمالية، كما غدرت القوات العسكرية المتواجدة في المطار بالقوات الأمنية، وتم مهاجمة المعسكر بشكل عنيف بقذائف الدبابات والمدافع من البر والبحر. حصلت خيانات وشراء ذمم ـ ولكن ما كان معروفًا هو أن الكتيبة الخاصة واللواء 39 كانا معكم، أو على الأقل لن يكونا ضدكم؟ قد لا تعرف حجم ما أنفقه هؤلاء من أموال لشراء ولاءات أفراد قيادات عسكرية من قبل شخصيات اجتماعية وضباط، ولم يكن معسكر 39 وكتيبة القوات الخاصة استثناء، وكان اللواء الصبيحي قد قام بزيارة هؤلاء وألقى كلمات أكد فيها على الوحدة وزيف وعيهم حول حقيقة المعركة مع القوات الخاصة، ومن أنها لا تستهدف الأفراد، وإنما شخص القائد، مستخدمًا النعرات الطائفية، وتوظيف كل الأوراق التفكيكية للنسيج الاجتماعي التي لا يستخدمها وطنيٌ مؤمن بوطنه. ضرب المعسكر مكافأة للقاعدة ـ ولكن كيف سارت المواجهات بعد ذلك؟ أولاً تم ضرب المواقع الخارجية ونقاط الانتشار للمعسكر، ثم تم الضرب المكثف إلى داخل المعسكر، واستهداف المياه والكهرباء بالقذائف، واستمرت المعركة من الساعة السادسة من صباح الخميس، وحتى الثالثة عصرًا.. ولمن يريد أن يعرف لماذا هذا الإصرار عل استهداف معسكر القوات الخاصة فالسر يرجع إلى أن عدد معتقلي القاعدة في سجن المعسكر يصل إلى سبعين قاعديًّا، كما أن عددًا آخر من هؤلاء مسجونين في السجن المركزي، يصل إلى 90 سجينًا من القاعدة تم إطلاقهم جميعًا، ربما مكافأة لهم على مساندتهم للجان الشعبية. كيف نطلق القاعدة وسيعودون لقتلنا؟!! ـ ولكن ما تم تناوله: أنكم أنتم من أطلقهم؟ نحن لا نشتغل عمل العصابات، كما أن هؤلاء يعدون القوات الخاصة ألدّ أعدائهم؛ فكيف سنطلقهم، ولمصلحة مَن، وهم سيخرجون لاستهدافنا..!! لم أطلب وساطة من العولقي أو من غيره ـ كيف انتهت المعركة.. هل صحيح ما تم تداوله حول تسليمك نفسك إلى محافظ لحج؟ ما نُشر غير صحيح، وما حصل بالضبط أنه، وحين تم تدمير كافة "النوَب" والبوابات والنوافذ التابعة للمعسكر، ومنها المبنى الرئيس في الوقت الذي رفضوا منحنا فرصة لإخراج القتلى والجرحى، ولم يتبقّ معي سوى ما يقارب 43 فردًا، بينما الدبابات والآليات تقترب، انسحبتُ ومَن معي إلى عمارة مجاورة، في الوقت الذي تواصل معنا محافظ لحج أحمد المجيدي.. موضحًا أن هناك تهدئة مقابل تكليف أركان حرب المعسكر بالقيام بعملي ومغادرتي المعسكر، وفعلاً حضر المجيدي، إلا أنه تم استهداف موكبه في منطقة العريش قبل أن يصل إلينا، وقُتل أحد مرافقيه، وجُرح آخرون. كما أنفي ما قاله عبد المجيد العولقي في بيانه السخيف عن طلبي منه وساطة؛ إذ أني لم أتواصل مع العولقي على الإطلاق، ومعرفتي به فقط كانت عبر العميد غازي أحمد علي، ولم أطلب أية وساطة لا منه ولا من غيره، والبعض يحاول أن يبحث عن بطولات زائفة.. وأكمل لك ما حصل، إذ وعقب استهداف المجيدي واتصاله تحركتُ ومن معي إلى منزله كضيوف، كما قمتُ بالاتصال بمن تفرق من الجنود وانضموا إلينا، وحينها تواصل المجيدي وهادي وطلب منه اصطحابي إليه، إلا أني اعتذرتُ وأصريتُ على الخروج من لحج باتجاه محافظة تعز، وبالمقابل ألحّ على أن يرافقني عدد من جماعته كأدلة للطريق، وغادرت حوالى الساعة السادسة مساء. سبعة كمائن.. ونجاة من أكثر من موت محقق ـ وكيف كانت الرحلة إلى تعز؟ بصدق.. كانت أشد خطورة من معركة المعسكر، إذ وفيما كانت نسبة الاستشهاد في معركة المعسكر تصل إلى 60 %، فإنها وفي هذه الرحلة ارتفعت إلى 90%، وتصور تعرضنا لسبعة كمائن، الأول كان في منطقة الرجاع، والأخير قي نقيل حيفان، وكلها كانت مرتبة ومعدة بإحكام لولا عناية الله، لقد تحركنا بحوالى 15 سيارة يتبع عدد منها المحافظ، بينما لم أصل إلى تعز سوى بسيارة واحدة بعد أن تم استهدافها هي أيضًا. لقد واجهنا كمائن دولة منظمة ومصرة على قتلي، إلا أننا واجهنا المعتدين، وقُتل في هذه الكمائن ستة من المرافقين، شخصان من حراستي، وأربعة أشخاص من جماعة المجيدي، وعدد من الجرحى، بالإضافة إلى عدد من القتلى من المعتدين، لم نعرف عددهم، وقد وصلتُ إلى أول نقطة على مداخل تعز بسبعة مرافقين فقط، قبل أن يتم متابعة من تم أخذهم ومن تاهوا في الطريق بسب الكمائن ليلتئم شملنا حوالى الساعة الثالثة فجرًا. تعززت قناعتي بسلامة موقفي بعد ما حصل من ذبحٍ للجنود ـ أَلست نادمًا بعد كل ما جرى؟ لا.. على العكس من ذلك فقد تعززت قناعتي بعد ما حصل لكثير من القيادات والأفراد حتى أولئك الذين وقفوا معهم من إهانة، حيث تم طردهم والتخلص منهم وتفريغ معسكراتهم واستبدالهم باللجان والقاعدة، كما أن ما حصل لزملائي الجنود من ذبح وقتل في لحج على يد القاعدة والمسلحين جعلني أطمئن لسلامة الموقف الذي اتخذناه في القوات الخاصة، وهو ما يجعل اليوم مواجهة هؤلاء فرض عين في الشمال والجنوب؛ باعتبار أن الحرب على الإرهاب هي معركة كل يمني وطني مسلم، والذين قتلوا الجنود وذبحوهم في محافظات الجنوب، منها أبين وحضرموت والمكلا، هم أنفسهم الذين يفجرون مساجد الله ويقتلون الأبرياء في صنعاء وإب وغيرها، وما أود التأكيد عليه هو أن هؤلاء لن يصمدوا، وسيفرون؛ لأنّ ليس عندهم قضية أو مبدأ يدافعون عنه.