وزير خارجية صنعاء يتسلم أوراق اعتماد سفير إيران الجديد        صنعاء .. صدور قرار جمهوري بتعيين نواب لوزراء حكومة التغيير والبناء ( الاسماء )        الاعلام الغربي يؤكد انهيار تحالف الاردهار في البحر الاحمر        قائد حركة "أنصار الله ".. عملياتنا البحرية في ارتفاع والرد قادم لامحالة      
    تحقيقات. /
اليمن على أعتاب كارثة إنسانية وشيكة
الفقراء والكادحون يدفعون فاتورة الصراع السياسي من قوت أطفالهم

11/03/2015 13:47:07


 
تقرير / رشيد الحداد
يهتم الكثيرون بصراعات السياسيين، بينما يتم تجاهل تداعياتها على الجانب الإنساني والاجتماعي والاقتصادي.. وفي الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة سياسية خانقة يعيش مئات الآلاف في وضع إنساني في غاية الصعوبة؛ فالفقر والبطالة تصاعدا إلى أعلى المستويات بسبب فقدان عشرات الآلاف من اليمنيين فرص أعمالهم؛ نتيجة نزوح الشركات الأجنبية، وتراجع نشاط الشركات المحلية، وإغلاق السفارات الأجنبية أبوابها، وتوقف مئات المشاريع الخدمية التي كانت تحت الإنشاء، وعشرات الآلاف من المواطنين فقدوا المساعدات الغذائية نتيجة توقف دور بعض المنظمات الإنسانية العالمية، وعشرات الحملات الطبية الممولة أجنبياً - أيضًا - توقفت.
لذات السبب تراجعت الحركة التجارية، وقلص رجال المال والأعمال العاملون في السوق من وارداتهم للسوق المحلية إلى أدنى المستويات؛ في ظل الوضع السياسي والأمني المتردي، وهو ما انعكس بصورة مباشرة على حياة اليمنيين.
اليمن قبل الكارثة في التقرير التالي، الذي تتبع الواقع إنسانياً واقتصادياً.. إلى التفاصيل:
بلغة الأرقام نتحدث قبل حلول كارثة إنسانية في حال استمرار الصراعات السياسية دون حل، فإجمالي اليمنيين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي يبلغون - وفق آخر التقارير الدولية - 41.1 في المئة من اليمنيين، أي 10.6 مليون شخص، كما أن 15.9 مليون شخص ـ أي 61 % من إجمالي سكان اليمن ـ يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية العام الجاري.. ووفق التقارير الدولية فإن المعدلات الوطنية لسوء التغذية الحاد، بلغت نحو 12.7 في المئة العام الماضي، مقارنة بـ13 % في العام 2013م ، كما انخفضت المعدلات الوطنية للتقزّم من 46.6 في المئة عام 2013 إلى 41.3 في المئة العام الماضي.. كما تشير الأرقام إلى أن ما يقارب 60% من أطفال اليمن دون سن 5 سنوات يعانون من "سوء التغذية المزمن".. وتتحدث الأرقام - أيضاً - عن تفاقم البطالة إلى أعلى المستويات حتى نهاية العام الماضي، حيث ارتفعت معدلات البطالة اقبل ثورة فبراير 2011 من 25% إلى 36% و44% في 2012 و2013، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة إلى أكثر من 60% عام 2015، أي أن ثلثي القوة العاملة تفتقد لفرص عمل، وثلثي السكان لا يحصلون على المياه النقية والصرف الصحي، وتغطية الكهرباء لا تغطي سوى أقل من ثلث السكان، وأزمة المياه باتت تهدد مصير البقاء بعد أن انزلقت اليمن إلى الدول أشد فقرًا في المياه.. يضاف إلى أن اليمن لا تزال أسوأ ثلاث دول في العالم في الرعاية الصحية، وفي وفيات الأمهات، حيث تموت كل 367 امرأة من كل 100 ألف حالة ولادة.. وعلى الرغم من تقليص اليمن عدد وفيات حديثي الولادة الى المتوسطات العالمية، وتمكن من تقليص المعدلات، إلا أن 64 طفل حديث الولادة يموت من كل ألف مولود.. وفي ذات السياق أكد تقرير أممي حديث أن ما يزيد على مليوني طفل بنسبة 22% ما يزالون خارج المدارس، وعلى الأخص الفتيات، رغم تحسن مؤشرات التعليم في اليمن خلال العقد الماضي.. تلك القضايا وغيرها، والتي باتت من القضايا التي يعايشها المواطن اليمني في الريف والحضر تتصاعد يوما بعد يوم في ظل استمرار الازمة السياسية في البلاد.
تصاعد معاناة العمال
تصاعدت الأزمة السياسية التي ارتفعت الى اعلى المستويات مطلع العام الجاري، لتتوقف معها مصادر أرزاق عشرات الآلاف من اليمنيين العاملين منهم في سوق العمالة المنظمة والسوق الغير منظمة "حراجات العمال" المتواجدة في جولات العاصمة صنعاء، فالأعمال تراجعت الى ادنى المستويات، وفرص الحصول على فرصة عمل مؤقته ليوم أو يومين باتت ضئيلة.
في حراج السنينة العمالي يتزاحم العشرات من العمال على سيارة توقفت أمامهم.. الجميع يعرض خدماته، يحاول اقناع صاحب السيارة بأنه سيقوم بما يريد من خدمات، إلا ان السائق يرد عليهم بالقول: أنا منتظر لأحد الأصدقاء فقط، فيعودون مرة أخرى الى حيث كانوا، كل يحمل أدوات العمل، وكل يترقب توقف سيارة أخرى عسى أن يعمل.
مشهد مؤلم يشاهد في كل جولات العمال في العاصمة صنعاء، وفي معظم المدن الأخرى، فحراجات العمال كانت تكتظ بالمئات من العمال منذ الصباح الباكر، إلا ان اعداد العمال تخف شيئًا فشيئاً مع اقتراب الساعة السابعة صباحاً، فأصحاب العمل يأتون لطلب معظم العمال، ولم يتبقّ سوى القليل منهم، ولكن حاليا يكشف المشهد الذي يتكرر كل صباح في جولات العمال عن مدى تضرر كافة الفئات الاجتماعية، منهم قطاع العمال في سوق العمل العشوائي من الازمة السياسية.. تراجع فرص العمل في السوق وخصوصا في مجال البناء تزامن مع تصاعد الازمة السياسية، إلا انه زاد خلال الأسابيع الماضية، ومع تردد وسائل الاعلام بانتقال العاصمة الى عدن، وارتفاع المخاوف من مواجهات عسكرية واسعة النطاق فأصحاب الاعمال أوقفوا معظم مشاريعهم، خصوصا في مجال البناء.. معاناة عمال الجولات يقابلها معاناة الآلاف من العاملين في شركات أجنبية ومحلية، وسفارات دول أجنبية، ومنظمات دولية ومشاريع تابعة لمستثمرين أجانب، والعاملين في القطاع التجاري، والذين توقفت أعمالهم والتحقوا برصيف البطالة قسراً في الفترة الماضية.. وعلى ذات الاتجاه تراجعت القوة الشرائية للمواطن اليمني مع تراجع النشاط التجاري والاستثماري في البلاد نتيجة الازمة السياسية الجارية، ولوحظ - خلال الأيام الماضية - لجوء الأسواق التجارية الحديثة الى اعلان تخفيضات لجذب المستهلكين بعد ان شهد الاقبال عليها تراجعًا غير مسبوق.. كما أن عددًا من المستثمرين أبدوا تخوفهم من استمرار الأوضاع.. مشيرين الى تكبدهم خسائر فادحة منذ مطلع العام الجاري، يضاف الى ذلك ان البيئة المحلية أصبحت طاردة للاستثمارات المحلية التي صمدت خلال السنوات الماضية على الرغم من استمرار الازمة السياسية..
معاناة طالبي السفر
مع إغلاق السفارة السعودية بصنعاء أبوابها، خلال الفترة الماضية، واستمرار ذلك، توقف النشاط الخدمي في مكاتب الحج والعمرة وخدمات العمل في العاصمة، كما تضررت عشرات الوكالات الخدمية من جراء توقف رحلات عدد من الدول الى اليمن بسبب تردي الأوضاع، وهو ما دفع معظم طالبي التأشيرات الى الانتقال الى عدن خلال الأيام الماضية، ومع ذلك ما يزال طالبو العمل الذين توقفت معاملاتهم بسبب الازمة الأخيرة، والبالغ عددهم 25 ألفًُا، وفق التقارير، بانتظار إتمام معاملاتهم، بالإضافة الى ان أصحاب المعاملات يعملون على الوصول الى صنعاء للبدء بمعاملات السفر ابتداء من الفحص الطبي المعتمد في مستشفيات محددة، وكذلك اجراء الصحيفة الجنائية المطلوبة لطالبي السفر، وتصديق الخارجية، ومن يعود الى المكتب وإلى عدن.
اتجاه اجباري
بعد أن أصبحت الأسواق المحلية شبه مشلولة اتجه الآلاف من الشباب اليمني نحو الحدود اليمنية السعودية؛ بحثاً عن فرص عمل، وسجل خلال الربع الأول من العام الجاري تصاعد حركة تهريب العمالة من اليمن الى السعودية عبر الحدود البرية "صعدة - حرض"، ووفق مصدر مقرب من أحد المهربين على الحدود اليمنية السعودية فإن أجور التهريب ارتفعت من 1500 ريال سعودي عبر طريق صعدة إلى 2000 ريال، وارتفعت من 2000 ريال إلى 2500 ريال سعودي عبر طريق حرض.. إلا أن حلم معظم الشباب اليمني في الحصول على فرصة عمل في المملكة العربية السعودية، وإن كان الدخول إليها بطريقة غير شرعية، أصبح محفوفًا بالمخاطر، وعلى الرغم من أن الآلاف من الشباب اليمني الذين يدخلون المملكة بطريقة غير نظامية يتم ترحيلهم، إلا أن السلطات السعودية أعلنت - مؤخرًا - عن تنفيذ إجراءات صارمة ضد العمالة المخالفة، وهو ما قد يكرر مأساة عشرات الآلاف من العاملين اليمنيين الذين رحلوا مطلع العام 2013، والذين بلغ عددهم 350 ألف عامل يمني.
توقف مساعدات 80 ألف أسرة
الأسبوع الماضي أعلنت الامم المتحدة وشركاؤها في اليمن عزمها إيقاف الحصص الغذائية الشهرية المقدمة للنازحين في اليمن، والبالغ عددهم نحو 80 ألف أسرة، بمعدل سبعة أفراد في الأسرة الواحدة، معظمهم نازحين من محافظتي صعدة وعمران ابتداء من شهر أبريل القادم.
وأوضحت مساعدة الممثل المقيم للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تشارلوت روستوف ريدونغ، في ورشة التوعية لإعلان إيقاف الحصص الغذائية الشهرية عن النازحين، والتوعوية بخصوص الحلول الدائمة والمشاريع الأخرى في مناطق العودة، أن توقف هذه الحصص جاء بسبب عدم رغبة المانحين بدعم هذا التوجه لوجود أولويات أخرى.. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع عدد اليمنيين المحتاجين لمساعدات إنسانية إلى 15.9 مليون شخص مع نهاية العام 2014 (61 في المائة من عدد سكان اليمن)، بارتفاع قدره 8 في المائة، أي ما يقارب 14.7 مليون شخص في نهاية العام الذي قبله.. إلا أن مصادر تمويل تلك المساعدات الإنسانية لا تزال دون أدنى مستوى، حيث تم إطلاق خطة استجابة مشتركة في 5 مارس/آذار الجاري عبرت عن احتياج المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن إلى 748 مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية إلى نحو 8.2 ملايين شخص (52 في المائة من إجمالي المحتاجين) خلال العام 2015، إلا أن المنظمات العاملة في المجال الإنساني تعبر عن تخوفها من اتساع الصراع، والتي قالت إنه لا يبشر بحل المشكلة الإنسانية.
توقف المساعدات الدولية
فيما كان من المتوقع ان تستوعب اليمن 8,3 مليار دولار، هي إجمالي المنح والمساعدات التي حصلت عليها اليمن خلال الأعوام الثلاثة الماضية من الدول المانحة في العام 2012م بسبب بطء الاستيعاب، ومخاوف مشرفي تلك المساعدات من الدول المانحة خلال العام الماضي، وفق آخر تقرير للجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب المنح والمساعدات، فإن معظم الدول المانحة أوقفت مساعداتها لليمن، خلال الأسابيع الماضية؛ ردًّا على تدهور الأوضاع في البلاد، وهو ما تسبب بتوقف العشرات من المشاريع الممولة دولياً، والتي كانت تستوعب الآلاف من فرص العمل، ووفق مصادر مؤكدة فإن معظم الدول المانحة أوقفت مساعداتها، وأخرى امتنعت عن صرف تلك المساعدات بسبب عدم وجود قنوات رسمية بعد استقالة الحكومة.
الامن الغذائي
مع تصاعد الفقر والبطالة تصاعدت مؤشرات أخرى لا تقل كارثية عنهما، بل ان بروزها مرتبط بتصاعد الفقر والبطالة، فاليمن تعد واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم، ووفق تقرير حديث فإن 46% يعانون من انعدام أمن غذائي حاد، وهو ما يعد اعلى درجات الخطر في حال استمرار الأوضاع دون تحسن، وانهيار سعر صرف العملة الوطنية في ظل تدني مؤشرات الاقتصاد، وكانت مؤشرات انعدام الامن الغذائي الحاد وصلت نهاية العام 2011م الى ما دون 45% بعد تصاعدها عام 2009، الى ا31.5%.. وعلى الرغم من ان سد فجوة الأمن الغذائي كان من المشاريع ذات الأولوية لدى المنظمات الدولية ومنظمة الغذاء العالمي، إلا ان آثار الازمة السياسية أوقفت عددًا من المشاريع ذات العلاقة في الحد من فقر الغذاء، ومنها استراتيجية الأمن الغذائي في اليمن، التي كانت تسعى الى تخفيض النقص في السعرات الحرارية بنسبة 30 % بحلول العام 2020م، وتخفيض النقص في السعرات الحرارية إلى 10% بحلول العام 2025م.. ومن أجل الحد من سوء التغذية المزمن، فيتعين تخفيض معدل تقزم الأطفال بنسبة 7% بحلول العام 2020م، ثم بنسبة 12% على الأقل بحلول العام 2025م.. وتؤكد تقارير رسمية أن انعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية يفوق ضعف المناطق الحضرية، إضافة إلى أن الأسر المعيشية التي تعولها المرأة تعاني من انعدام الأمن الغذائي بشكل أكبر من تلك التي يعولها الذكور.. وفيما يتعلق بتقزم الأطفال فإن اليمن هي ثاني أسوأ دولة في العالم في معدلاتها؛ حيث تجاوزت النسبة 41% في 2014، وإن كانت أقل مما كانت عليه في العام 2011 (46%)، وسجل سوء التغذية معدلات أعلى في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية في 2014، كما أن معدلات التقزم بين الفتية كانت أعلى من بين الفتيات.

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign