خمسون عاماً من الصراع ..مراحل معركة الدستور اليمنية من الملكية الدستورية إلى الجمهورية الاتحادية
21/01/2015 21:41:33
تقرير / رشيد الحداد
بعد أكثر من نصف قرن من الزمن من اندلاع أول معركة يمنية على الدستور، وفشل أكثر من ثورة دستورية قبل 62م في شمال البلاد، لا يزال العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم مثارًا للخلافات والصراعات السياسية. وتمتد معركة اليمنيين من أجل الدستور منذ أربعينيات القرن الماضي، مرورًا بحقبة الستينيات التي شهدت فيها اليمن ميلاد خمسة دساتير بعد فشل ثورتين، وصفت نفسها بالثورات الدستورية قبل 62م، وامتدادًا للصراعات السابقة حول الدستور ها هو الصراع يعود مرة أخرى حول دستور الدولة الاتحادية.. إلى التفاصيل: يُعد اليمن البلد الوحيد الذي يعود تاريخه، بكل تفاصيله؛ فبينما كانت لفظة "الدستوري" تعد تهمة على المواطن اليمني وجريمة متكاملة الأركان قبل ثورة سبتمبر، عرض الخلاف على بعض بنود الدستور في مؤتمر الحوار الوطني، العام الماضي، للخطر بعد أن كُفّر العشرات من أعضاء الحوار الوطني بفتاوى دينية أخرجتهم عن ملة الإسلام؛ بسبب المادة الرابعة من الدستور والفقرة الخاصة بزواج الصغيرات.. فالقوى اليمينية التي خاضت صراعًا استمر لأشهر خلال فترة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني استعانت بفتوى دينية لمنع قوى اليسار من تعديل المادة الرابعة من الدستور، المتعلقة بمصدر التشريع، كما خاضت معارك دستورية في مهد الدستور الأول في مؤتمر الحوار الوطني حول إقرار حق اليمنيات بالوصول إلى المناصب العامة للدولة بنسبة 30%، وتطبيق نظام الكوتا النسائية، ولم يتوقف الخلاف عند الكوتا، بل تجاوز إلى تحديد سن زواج الصغيرات. وإنْ كان مؤتمر الحوار الوطني قد نجح في تحديد المعالم الأساسية للدستور وتحديد شكل الدولة من بسيطة إلى اتحادية، إلا أنه لم يتوصل لاتفاق جامع حول عدد الأقاليم التي كانت من أهم القضايا الخلافية، ولا تزال، حتى بعد إقرار لجنة تحديد الأقاليم خيار الستة أقاليم، واستبعاد خيار الإقليمين. الثورة الدستورية الأولى لم تكن المعركة الدستورية التي تدور بين القوى السياسية، والتي فجرتها لجنة صياغة الدستور ومسودة دستور الدولة الاتحادية هي الأولى، بل امتدادًا لصراعات سابقة شهدتها اليمن منذ عقود زمنية غابرة.. وتعود أول معركة خاضها اليمنيون، بين الحاكم والمحكوم، إلى مطلع العام 1948م، حين أقدم عشرات الثوار على القيام بثورة دستورية قادها السيد عبدالله الوزير على المملكة المتوكلية اليمنية في 17 فبراير 1948 لإنشاء دستور للبلاد، والتي ابتدأت بانقلاب مسلّح أودى بحياة الإمام يحيى حميد الدين ببندقية الشيخ علي بن ناصر القردعي في منطقة حزيز، جنوبي صنعاء. وكانت ثورة 48 قد شكّلت حكومة الدستور بتاريخ 21 فبراير من نفس العام، وتشكلت ما كانت تُعرف بالحكومة الدستورية الجديدة من مجلس الشورى يتألف من ستين عالمًا وفقيهًا. وقرر مجلس وزراء حكومة الثورة تعيين الفضيل الورتلانى (مهندس الثورة) أول مستشار عام للدولة، وطلب من الشيخ حسن البنا والفريق عزيز المصري، أن يكونا من المستشارين العموميين للحكومة، واتخذ المجلس - أيضًا - قرارات تتعلق بمستقبل الشعب اليمني ورفاهيته، كان أهمها إنشاء مجلس شورى حتى تتخلص اليمن من حكمها الاستبدادي، وإقرار إنشاء مجموعة من المستشفيات تكون كشبكة طبية في جميع أنحاء البلاد، واستدعاء أطباء العرب لإدارتها بمرتبات مغرية.. واعتماد مبلغ آخر لإنشاء أكبر عدد من المدارس الابتدائية والثانوية والصناعية، واستقبال المدرسين من الخارج، وإنشاء شبكة من الطرقات، وإنشاء الكباري والجسور فوق الأودية في الطرق الرئيسة، وإقامة محطات كهرباء في المدن العامة مثل صنعاء والحديدة وتعز. كما أقرت الحكومة الدستورية الاتفاق مع شركات عربية وأجنبية لاستغلال مناجم الفحم والنحاس، والتعاقد مع إحدى الشركات لخلق ميناء كبير في خليج الكثيب، المجاور لمدينة الحديدة.. وسن تشريع سريع للقضاء على القات، واقتلاع جميع أشجاره.. إلا أنها فشلت في إزاحة آل حميد الدين من الحكم، وتولى عبدالله الوزير السلطة كإمام دستوري، وقوبلت بثورة مضادة شاركت فيها القبائل، وقادها الإمام أحمد حميد الدين ليجهض الثورة، وكذا إعدام الثوار، وقدمت السعودية الدعم للإمام أحمد بسبب طبيعة الانقلاب الدستورية. وعلى الرغم من تنكيل الإمام بالدستوريين عقب فشل ثورة 48م، إلا أن المعارضة اليمنية الممثلة بجمعية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وتيارات أخرى، طالب الإمام أحمد بإصلاحات دستورية في نظام الحكم، وجاء في وثيقة مطالبنا التي قدمتها للإمام، انتقال اليمن من مملكة عائلية إلى مملكة دستورية، كما طالبت الوثيقة بالانتقال إلى نظام اللا مركزية الإدارية، ولم ينفذها الإمام، إلا أن معارضي الإمام استطاعوا إقناع شقيقه الأمير (عبدالله بن يحيى) بأن يحل بديلاً للإمام أحمد نجله محمد وليًّا للعهد، وهو الأمر الذي أثار غضب الأمير عبدالله. فقامت ثورة (55)، التي عُرفت بثورة الدستور، والتي استمرت لخمسة أيام فقط، فأُعدم على إثرها الثلايا، وعدد من معاونيه من العلماء. معركة الدستور بعد 62 نتيجة لعدم التوافق والاستقرار وتصارع القوى الوطنية أو قوى ثورة الـ 26 من سبتمبر، فيما بينها، جرى إصدار إعلان دستوري: (1962م)، وثلاثة دساتير مؤقتة: (1963م/ 1965م/ 1967م)، ودستورين دائمين: (1964م/ 1970م)، وستة قرارات دستورية: (1968م/ 1970م).. وكان الغالب في هذه الدساتير والإعلانات الدستورية عدم خضوعها للاستفتاء الشعبي، واقتصارها على القوى والنخب السياسية والسلطوية. والبداية كانت بعد قيام الثورة، التي جاءت - أيضًا - كردّ فعل لتنصل الإمام البدر عن التزام سابق قطعه مع الثوار بأن يجري تغييرات في نظام الحكم، ومنها تحويل البلاد إلى مملكة دستورية، فقامت ثورة الـ 26 سبتمبر لتطيح بنظام حكم الإمامة في شمال الوطن، إلا أن الضباط الأحرار لم يستطيعوا إيجاد دستور، واكتفوا بأهداف الثورة الستة، وبعد 8 أشهر من قيام الثورة أقرت أول حكومة في الثورة نص الدستور المؤقت - الذي صدر في 13/4/1963م، في الباب الأول (دولة اليمن) على أن: "الإسلام دين الدولة الرسمي، والتشريع فيها يستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء ولا يتعارض معها"، وجاء في الباب الثاني (المقومات الأساسية للمجتمع اليمني) أن: "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية".. إلا أنه لم يستمر طويلاً؛ فبعد عام تم تغيير الدستور في ظل استمرار الصراع بين الجمهوريين والملكيين، وفي الـ 27 / 4 / 1964م أقرت القوى الوطنية دستورًا جديدًا أُطلق عليه "الدستور الدائم"، وجاء بعد مناقشته من قِبل (القوى الوطنية) والاتفاق عليه بينهم - في الباب الأول منه على أن: "اليمن دولة إسلامية عربية مستقلة،"، وأن الإسلام دين الدولة، وأن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعًا"، كما نص الدستور في الباب الثاني على أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية". ونظرًا لاستمرار الخلافات السياسية بين القوى الوطنية تم تغيير دستور جديد بعد عام - أيضًا - من عمر الدستور الدائم، وفي 8/5/1965م عقدت قبيلة حاشد، بمدينة خمر، مؤتمرًا قبليًّا للخروج من أزمة الدستور بين القوى السياسية، وأُطلق عليه (المؤتمر الشعبي للسلام)، دعا له الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ودعا فيه القوى السياسية والاجتماعية، وعلى ضوء مخرجات المؤتمر القبلي أقر الدستور المؤقت، والذي نص في الباب الأول (نظام الدولة) على أن اليمن: "دولة عربية إسلامية مستقلة، ذات سيادة،"، وأن: "الإسلام دين الدولة، والشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعًا".. إلا أن الدستور الثالث في عامين لم يحل الصراع بين القوى الوطنية حينذاك، واستمرت الخلافات حتى عام 1970 ليتم إقرار الدستور الدائم في الشمال، والذي ظل حتى العام 1990م. ونص دستور (70) الذي جاء بعد مناقشة المشروع على مستوى المواطنين والنخب العلمية والفكرية والثقافية، في الباب الأول (الدولة) على أن: "اليمن دولة عربية إسلامية، مستقلة ذات سيادة تامة"، وأكد أن "الإسلام دين الدولة، وأن "الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعًا"، ونص في الباب الثاني (المقومات الأساسية للمجتمع)، نص الدستور على أن: "الأسرة أساس المجتمع، وقوامها الدين والأخلاق والوطنية". دستوري الجنوب في دولة الجنوب، سابقًا، قبل الاندماج في دولة واحدة، تأخر صدور أول دستور لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حتى العام 1970م، وذلك بعد ثلاث سنوات من تاريخ الاستقلال؛ ثُمَّ جرى تعديل هذا الدستور عام 1978م. ونص دستور الجنوب عام 1970م في الباب الأول (أُسس النظام الوطني الديمقراطي الاجتماعي ونظام الدولة)، في الفصل الأول منه (الأسس السياسية) على أن: "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جمهورية ديمقراطية شعبية ذات سيادة مستقلة، كما نص على أن "الشعب العامل" يمارس "كل السلطة السياسية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، وأن "تنظيم الجبهة القومية "وهو التنظيم الذي تولى مقاليد الحكم عقب الاستقلال - يقود على" أساس الاشتراكية العلمية، النشاط السياسي بين الجماهير، وضمن المنظمات الجماهيرية، بغية تطوير المجتمع بطريقة تستكمل فيها الثورة الوطنية الديمقراطية المنتهجة الطريق غير الرأسمالية"، ونص في المادة (46) على أن: "الإسلام دين الدولة"، هذا مع كفالته لـ"حرية الاعتقاد"، وحماية الدولة لـ"حرية الأديان والمعتقدات طبقًا للعادات المرعية، شريطة أن يتماشى ذلك مع مبادئ الدستور".. وتم تعديل الدستور في دولة الجنوب عام 1978م، فنص في الباب الأول (أسس النظام الوطني الديمقراطي)، الفصل الأول الأسس السياسية، في المادة (1) على أن: "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جمهورية ديمقراطية شعبية ذات سيادة، وهي تُعبّر عن مصالح العمال والفلاحين والمثقفين والطبقة البرجوازية الصغيرة وكافة الشغيلة، وتسعى لتحقيق اليمن الديمقراطي الموحّد، والإنجاز الكامل لمهام مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية تمهيدًا للانتقال إلى بناء الاشتراكية".. كما نص في المادة (3) على أن: "الحزب الاشتراكي اليمني المتسلح بنظرية الاشتراكية العلمية هو القائد والموجِّه للمجتمع والدولة، وهو الذي يحدّد الأفق العام لتطور المجتمع، وخط السياسة الداخلية والخارجية للدول، وألغى الدستور المعدَّل الملكية الخاصة، وتأميم كافة الممتلكات، وإدارة كافة أوجه الإنتاج والتجارة، وسياسة توزيع الموارد. كما كفلت المادة (47) من الدستور حرية المعتقد.. وأشار إلى أن: "الإسلام دين الدولة"، لكنها تعود للقول: "وحرية الاعتقاد بأديان أخرى مكفولة". دستور دولة الوحدة اندمج دستورا الشمال والجنوب في "دستور دولة الوحدة" 22 أبريل 1990م، وجرى صياغة دستور دولة الوحدة وفق رؤية علمانية توافقية بين نظامي الشطرين، وتم المصادقة عليه من قِبل مجلسي الشورى والشعب، وقُدّم للاستفتاء الشعبي العام في 30 نوفمبر 1990م.. إلا أن المعارضة التي واجهتها مسودة دستور الوحدة أخّر الاستفتاء عليه سَنَةً كاملة، وفي تاريخ 15/5/1991م تم التصويت على الدستور وحصل على نسبة 96.37% من إجمالي عدد الذين شاركوا في الاستفتاء، والذين بلغت نسبتهم 73.61% من عدد المسجلين في كشوفات القيد، والذين بلغت نسبتهم 30% من عدد من يحق لهم التصويت، والذين يمثّلون 44.21% من إجمالي عدد المواطنين. ونصَّ الدستور، في الفصل الأول (الأَُسس السياسية) من الباب الأول (أُسس الدولة)، على أن "الإسلام دين الدولة، إلا أنه اعتبر: "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، وهو ما مثّل أول تحول وتحدٍّ في شأن سيادة الشريعة الإسلامية (نصًّا). كما جاء في الباب الثاني (حقوق وواجبات المواطنين الأساسية) النص على أن: "المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة. ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة". تعديل 94م وعقب الخلاف الذي نشب بين شريكي الوحدة (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني)، ودخول البلاد في أتون صراع عسكري عام 1994م، وخسارة الحزب الاشتراكي اليمني، جرى تعديل الدستور نتيجة اختلاف ميزان القوى السياسية لصالح الهوية الإسلامية للمجتمع. وبالرغم من ذلك فلم يكن دستور عام 1994م مغايرًا لسابقه إلا في المادة التي سبق الخلاف عليها؛ حيث جرى تعديل المادة (3) في الفصل الأول (الأسس السياسية)، من الباب الأول (أسس الدولة)، لتكون صياغتها كما يلي: "الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات".. وفيما عدا ذلك فإن كثيرًا من المواد السابقة ظلت محافظة على صياغتها مع تعديل في أرقامها.! وفي الفصل الثالث (الأسس الاجتماعية والثقافية) نصت المادة (26) على أن: "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدِّين والأخلاق، وحب الوطن، يحافظ القانون على كيانها ويقوّي أواصرها"؛ ونصت المادة (31) على أن: "النساء شقائق الرجال، ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون"، وفي الباب الثاني (حقوق وواجبات المواطنين الأساسية)، عُدِّلت صياغة المادة (27) في الدستور السابق لتكون صياغتها برقم (40) على النحو التالي: "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة". وفي العام 2001م جرى تعديل للدستور، لكنه لم يمس جوهر الأفكار والمبادئ التي وردت في دستور العام 1994م.
الدستور الاتحادي أكثر من 400 مادة دستورية، وأكثر من 10 أشهر قضت لجنة صياغة الدستور في إعداد المسودة الأولى للدستور الجديد، إلا أن الكثير من المراقبين يرون بأن دستورًا يحتوي على أكثر من 400 مادة وعشرة فصول مشوه وغير قابل للتطبيق، وبحاجة إلى التنقيح وإعادة الصياغة مرة أخرى، ولذلك كان مثار جدل بين القوى السياسية؛ فالحوثيون والمؤتمر الشعبي عبّروا عن موقفهم من لجنة الرقابة على مخرجات الحوار، والمخولة بإعادة النظر في الدستور.. والإصلاحيين لديهم تحفظات على بعض مواد الدستور، إلا أنهم التزموا الصمت حاليًّا، والرئيس هادي ومعاونوه يحاولون تمرير الدستور الذي ربما قد يمدد عهد هادي إلى سنوات؛ لانه خلا من أي تبادل سلمي للسلطة. الأقاليم ومحاولة فرض التجزئة خلاف الأقاليم امتد منذ الوهلة الأولى لاقتراح الستة أقاليم، ورغم معارضة الكثير من القوى، إلا أن الأيام الماضية أثبتت أن هناك توجهًا رسميًّا لإقرار الستة أقاليم وتحويلها إلى واقع في نص دستوري ملزم، ورغم الخيارات التي تم تأجيلها في مؤتمر الحوار الوطني وتخويل الرئيس بتشكيل لجنة خاصة بتحديد الدستور، إلا أن اللجنة أقرت خيار الستة أقاليم دون النظر إلى الأصوات المعارضة لها، والتي تحمل - أيضًا - مبرراتها، الكثير منها منطقية. الغريب أن اللجنة التي أقرت تحديد أقاليم الاتحادية استندت إلى رؤية اقتصادية خاطئة، وسبق لنا أن تناولناها في صحيفة "الوسط" قبيل إعلان قرار تحديد الأقاليم، ولكن تم تجاهل كل الدعوات لإعادة النظر في التقسيم.. فالرؤية التي استندت عليها لجنة تحديد الأقاليم، وهي رؤية اقتصادية تجاهلت التباين الكبير في الخصوصيات بين المحافظات اليمنية الواقعة في الشمال أو في الجنوب، في الثروة البشرية والموارد والفرص، إلا أن ما قُدّم من مشروع للجنة تحديد الأقاليم لم يأخذ أي تباين، بل عمم خيرات وموارد إقليم معين على كافة الأقاليم، ولم تُبنَ الرؤية على أي تحليل علمي، وهو ما دفع الخبراء المشاركين بإعدادها إلى إعلان براءتهم منها في حينه؛ كونها محل خلاف. وقسّمت اليمن إلى ستة أقاليم اقتصادية، الإقليم الأول يتمثل بمحافظات عمران وصعدة وصنعاء وذمار والبيضاء.. والإقليم الثاني يتمثل بمحافظات حضرموت والمهرة وشبوة وأرخبيل سقطرى.. أما الإقليم الاقتصادي الثالث فيتمثل بمحافظات عدن ولحج وأبين والضالع.. في حين تم تحديد تعز وإب إقليمًا رابعًا.. ومأرب والجوف الإقليم الخامس.. أما الإقليم السادس فيتكون من الحديدة وحجة وريمة والمحويت وجزر البحر الأحمر. لا جدوى من الصراع الأستاذ نبيل الصلوي - رئيس مركز تعز لحقوق الإنسان، الذي نفذ مشروع "اعرف دستورك" - قال: مثلت مسودة دستور اليمن الجديد خطوة فاعلة في الاتجاه نحو بناء الدولة اليمنية الجديدة القائمة على المواطنة المتساوية وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة، كما أن مسودة الدستور، بما تضمنته من نصوص قانونية، تُجسد ملكية الشعب للسلطة والثروة، وتُعزز مشاركته الفعّالة في الحكم، في إدارة الشؤون بمختلف المجالات.. ما يميز مسودة دستور اليمن الجديد أنه ليس مفصلاً على مقاس أشخاص أو قوى سياسية معيّنة، وإنما دستورًا يُجسد تطلعات وإرادة شعب بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وأضاف الصلوي: لا جدوى من الصراع على مسودة الدستور؛ لأن المسودة ليست نهائية، حيث سيتم إطلاق حملة المشاورات العامة على مسودة الدستور للتعليق عليها وتقديم الملاحظات مصحوبة بحملات توعية للمواطنين، متزامنة مع إجراء التعديلات النهائية، وصولاً إلى إعداد المسودة النهائية للدستور وعرضه على الشعب للاستفتاء عليه. وأشار رئيس مركز تعز لحقوق الإنسان إلى أن مسودة الدستور ليست نهائية وثابتة، بل قابلة للتعديل، ومن مقتضي إعدادها قانونًا أنْ تمر عبر ست خطوات، الأولى عرض نسخة منها على الرئيس وهيئة الرقابة على مخرجات الحوار، ومن ثم إطلاق حملة مشاورات عامة للتعليق عليها، وتقديم التقرير بالملاحظات المقدمة من مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة.. وبعد ذلك يتم استيعاب الملاحظات المقدمة كخطوة رابعة، ومن ثم إعداد المسودة النهائية للدستور وإحالتها إلى الرئيس ليتخذ الإجراءات القانونية اللازمة للاستفتاء على الدستور، ومنها دعوة الناخبين للاستفتاء عليها.