عرض الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي؛ رئيس تحرير موقع "البوابة نيوز"، تقريرًا خلال حلقته ببرنامج "الصندوق الأسود" المذاع على فضائية "القاهرة والناس"، يكشف فيه عن كيفية حدوث الانقلاب القطري، والاستيلاء على الحكم عبر التآمر والخيانة.
وقال التقرير إن عاصفة يونيو هبت ساخنة، وتلبدت سماء الدوحة بالغبار والرمال الصحراوية، حزم الشيخ خليفة آل ثان حقائبه قاصدا سويسرا هاربا من حرارة الصحراء إلى أجواء أوربا المنعشة، لكن نذير شؤم جسم على صدر الرجل في ذلك اليوم.
وأضاف التقرير: قبل أن يصعد إلى سلم الطائرة انحنى ولده "حمد" وطبع على يد أبيه قبلة الوداع.. كان وداعا للأبد.
وأوضح التقرير أن حمد بن خليفة كان قد انتهى من خطته بالتعاون مع خاله "حمد بن جاسم" للانقلاب على أبيه، والإطاحة به من فوق عرش قطر.
وأردف التقرير: "بعد أن حلقت طائرة الأب في السماء بعيدا قطع التليفزيون القطري إرساله وظهر حمد الابن ليعلن البيان رقم واحد وحوله وجهاء الإمارة.. لقد أصبح الابن الحاكم الجديد لقطر بعد الانقلاب على أبيه."
وتابع: "وغرر حمد بالوجهاء ودعاهم ليسلموا عليه فإذا بهم يفاجئون ببيان الانقلاب، فظهر وحده يتحدث على شاشة التلفاز دون أن ينبس أحد فيهم ببنت شفه.. كان انقلابا تلفزيونيا أبيض... بعدها اعتقل الإبن 36 وجيها من المقربين لوالده وزج بهم في غياهب سجن "بوهامور"، وتعلم كيف أن التلفاز يمكن أن يقلب مصير أمم ويعصف بعروش ويدمر الجيوش."
وأضاف التقرير: انتفضت الإمارات من هول ما حدث وحرك الشيخ زايد جيشا من قبائل العيديد، وعزم على دك قطر بحرا وجوا وبرا لاسترداد ملك الأب المغدور من براثن الابن الغادر، هنا تدخلت أمريكا وإسرائيل معلنين حماية عرش الابن الحليف.. ليس هذا فقط بل كان على الشيخ زايد تسليم كل شيوخ قطر الفارين فكان لهم ما أرادوا.. كان الخال حمد بن جاسم قد رتب كل شيء مع أصدقائه في إسرائيل، ووزعت الكعكة القطرية على كل من شارك في الانقلاب الآثم.
وتابع التقرير: "لم يكن ذلك آخر حلقة في سلسلة الانقلابات القطرية ولا أولها، فالدويلة القطرية أنشأت بعد انقلاب قام به الشيخ قاسم بن محمد آل ثان على آل خليفة مشايخ البحرين، بعد أن دخل في صراع مع الشيخ محمد بن خليفة انتهت بتوقيع حاكم البحرين معاهدة تحت الإكراه عام 1868 مع الكولونيل لويس بيلي المقيم البريطاني في الخليج بعدها حدثت سلسلة من الانقلابات في الأسرة المالكة، وانقلب الشيخ خليفة "عسكريا" على الشيخ أحمد وقام بتوطيد حكمه، وسلم مقاليد الدولة لأبنائه.. لم يكن خليفه يدري أن الضربة ستأتيه من ولده البكر "حمد".. ولم يكن حمد يدري أنه سينجو من محاولة ولده "جاسم" الانقلاب عليه فيما بعد". واستطرد: "فبعد أن مرت الأيام والسنون شب "جاسم بن حمد" وهو في أحضان شيخ ماكر يعلمه تطويع نصوص الدين بحيث تتماشى مع السياسة القطرية، فلا بأس من وجود قاعدة أمريكية في قطر، وإقامة علاقات مع إسرائيل إذا كان المصلحة في ذلك، فالضرورات تبيح المحظورات. "
"وعندما كبر جاسم نفر من شيخه يوسف القرضاوي وتيقن من أنه يدور في فلك السلطان، ويسير في زيل في فرس الوالي، فذهب للارتماء في أحضان شيوخ السلفية، وذهب لأبيه ووالدته صارخا في وجههما.. لقد اتبعتما سبيل الشيطان وتحالفتما مع أوليائه."
وأضاف: "شعرت "موزه" بالخطر فقررت الإطاحة بالابن المتمرد قبل أن تقع الدويلة في قبضة يده ويحطم كل ما بنته في السنوات السابقة، فأسندت ولاية العهد لولدها الصغير تميم."
صدر مرسوم بأن الشيخ جاسم تنازل عن ولاية العهد لأخيه تميم.. فتساءل القطريون: ولماذا تميم والأخ الذي يلي جاسم هو "مشعل".. كان مشعل تحت الإقامة الجبرية مع أمه ابنة الشيخ محمد بن أحمد آل ثاني ولم يتنازل الشيخ جاسم عن ولاية العهد لأخيه الأكبر "فهد".. كان فهد بدوره وضع تحت حراسة المخابرات بعد أن رفض جريمة الانقلاب على جده "خليفة".
استنفرت الأجهزة الأمنية القطرية ونزل الجيش في شوارع الدوحة، واعتقل عددا من المسلحين المناصرين لجاسم وإلقائه تحت الإقامة الجبرية، وتبقى تحت الرماد القطرية وميض نار توشك قريبا أن يكون له ضرام.
دور الشيخة موزة وتأثيرها
قال التقرير: إن الشيخة موزة كانت امرأة صبية يافعة، وعندما رأت والدها ناصر المسند يتعرض لعملية اضطهاد كبيرة، وتم نفيه، انكوى قلبها، وصممت على الثأر من الفاعل، وهو خليفة آل ثان حاكم قطر المخلوع من قبل ابنه حمد، مشيرًا إلى أن ناصر المسند كان أحد أعيان قطر، وكان معارضًا لحكم آل خليفة واعتقلته الحكومة القطرية سنه 1963، وبقي في السجن إلى عام،1964، بعد أن توفي رفيقه حمد العطية في السجن، ثم أطلق صراحه، واختار المنفي في الكويت مما أضر بقبيلة المهند، وقبيلة الخور، والذخيرة، والذين لجأوا للهجرة مع ناصر للكويت عام 1964، بعد التضييقات الكبيرة التي تعرض لها، مضيفًا أن ناصر ظل يناضل من دولة الكويت، وحث أتباعه على عدم التراجع عن مطالبهم ما أقلق راحة النظام القطري لعدم انكسار شوكته.
وأضاف علي في تقريره، أن خليقة بحث عن مصالحة شاملة، وكانت المصالحة بالمصاهرة على طريقة شيوخ العرب، وزفت موزة للوريث ودار في مخيلتها أنها ستكون الحاكمة بأمرها في قطر، وسوف ترسم سياسية جديدة براجماتيكية قائمة أحيانًا على النفعية المباشرة وأحيانًا أخرى، تقوم على الانتهازية، وأنها الشيخة موزة امرأة لا ترحم أعداءها وأنها تعرف كيف تفتك بهم، وتقتنص الفرص، وأنها تحولت لصفقة المالية والسياسية، بين أبيها والحاكم السابق لقطر الأمير خليفة، لجلاد ليس للقطرين فقط بل للأمة العربية بأسرها، مؤكدًا أن الشيخة موزة دقت المسمار الأخير في نعش عدو أبيها القديم خليفة، وأطاحت به للأبد وكانت المعادلة لا تمنحها أكثر من زوجة ثانية للشيخ الصغير حمد بن خليفة الذي ارتبط ببنات عمومته من قبل، ولم يكن ينتظر الشيخ خليفة أن تتطور المصالحة لصفقة تصبح فيها الشيخة موزة هي الحاكم الفعلي في قطر والعقل المدبر لعملية انقلاب أطاحت بالشيخ الأب خليفة، بل وأطاحت فيما بعد بأولاد زوجها حمد من زوجته الأولى مريم بنت محمد آلـ ثان، وباتت موزة هي الأقرب إلى قلب زوجها وأكثرهن فطنة وحيلة بين زوجاته، حيث نجحت في تأليب حمد الطامح في خلافة والده، وعملت على إيقاد نار السلطة والنفوذ فيه، وأن يسبق أبناء عمومته الذين بدأت شوكتهم في التعاظم، فحركت فيه غرائز السلطة فهموا إلى الإسراع بالاستيلاء على السلطة من أبيه، خاصة أنه نمي إلى علمه أن والده يجهز لدعوة أخيه من الخارج لتسليمه مقاليد السلطة في البلاد، واستطاع ناصر المسند عن طريق حيلة ابنته موزة الانتقام من الشيخ خليفة بيد ابنه حمد وجعله يعيش بدروه في الشتات، وليس أكثر جرحًا وإيلامًا من عقوق الوالدين، وكعادته جل المخططين البارعين يديرون كل شيء من خلف الستار، وأمسكت الشيخة موزة فقط بخيوط "الماريونت"، وقامت بتوجيهها أينما تشاء، ووقتما تشاء، وبعدما نجحت موزة في تثبيت زوجها الشيخ حمد في الحكم انتقلت إلى المرحلة التالية، وهي تنصيب ابنها جاسم وليًا للعهد وذلك عن طريق إيغال صدر حمد على ابنه مشعل من الزوجة الأولى، ومكن موقع الشيخة موزة في القصر من الاطلاع على الاهتمام الكبير الذي يوليه الجد خليفة لحفيده مشعل، وهو ابنه من الزوجة الأولى لحمد على اعتباره الحاكم القادم لقطر، خاصة أن زوجها مصاب بقصور كلوي شديد مما يقلل من فرص التوريث التي تسعي إليه الشيخ موزة، فكان لزامًا عليها سرعة التخطيط والتنفيذ قبل حصول أي مكروه لزوجها فتضيع بذلك الفرصة من يدها إلى الأبد، وحتى تبعد مشعل عن ولاية العهد، بدأت في نعته بالمختل والمريض حتى يتم عدم إثبات أهليته لحكم البلاد ولم يمنع إقصاء ولي العهد من الحكم وتنصيب ابنها جاسم من أن يحد من تثبيت مركزها داخل البلاط الأميري، فسعت موزة لتقوية علاقتها بالأسرة الحاكمة حتى تضمن الحكم لابنها، وفتحت نافذة على واشنطن لتبارك هذا الاختيار وتزكيه وتدعم ابنها الصغير في أول زيارة قام بها إلى أمريكا بعد أن تولى ولاية العهد، وقيل يومها إن الشيخة موزة تحاول أن تقدم نفسها شيخة خليجية متحررة تخرج دون محرم ولا تضع العباءة والنقاب، فهي مثال للمرأة التي يمكن أن تكون صديقة وفية للأمريكان والفرنسيين، وسريعًا ما جاء الرد الأمريكي جريئًا ومشجعًا أمام حزمة من الامتيازات التي لم يقدر الأمريكان على رفضها، بعد أن قدمت موافقتها على إنشاء قاعدة عسكرية للأمريكان دائمة على أرض قطر.