الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :- طالعتنا صحيفة الوسط في عددها الماضي رقم 448 بتاريخ 2/10/2013م بتحقيق صحفي للأخ رشيد الحداد بعنوان القضاة يعتبرون الكوتا القضائية سابقة خطيرة لتسيس القضاء ويواصلون الإضراب ، ومحامو اليمن يتمسكون بحقهم في المشاركة النسبية بمجلس القضاء الأعلى والدستورية ولم يتناول التحقيق أخذ رأي أي عضو من أعضاء مجلس إدارة نادي قضاة اليمن مع تحفظنا الشديد على ما أورده معد التحقيق بشأن التواصل مع النادي؟.وعملا بحق الرد والتوضيح لرؤية نادي قضاة اليمن حول وضع السلطة القضائية وما اانتهى إليه فريق بناء الدولة ورداً على بعض ما ورد من محاولة لتشويه موقف النادي من قبل بعض الزملاء المحامين وما ورد من دراسة تكميلية للمركز الوطني الإستشاري لتحسين أداء القضاء فإننا نريد توضيح الأتي :-1- إن دستور الجمهورية اليمنية النافذ نص على استقلال السلطة القضائية في المادة (149) استقلالاً قضائياً ومالياً وإدارياً وقضى بأن النيابة العامة هيئة من هيئاته والتدخل في شؤن العدالة جريمة لا تسقط بالتقادم ، وبالنظر إلى نصوص الدستور الحالي نجد انه تضمن معظم المبادئ الدولية بشأن استقلال السلطة القضائية ويضاهي بذلك أكثر الدول تقدماً ولا يحتاج النظام الدستوري بشأن السلطة القضائية أي تعديل سوى بالإضافة لأحكامه بشأن تعيين قيادات السلطة القضائية وإنشاء المحكمة الدستورية العليا وتعيين قضاتها .2- نجد أن الرؤية التي انتهى إليها فريق بناء الدولة بتشكيل مجلس القضاء الأعلى من القضاة بنسبة 70% ومن المحامين بنسبة 15% ومن أساتذة كليات الشريعة والقانون والحقوق بنسبة 15% أخذها نقلا عن الدستور الإيطالي والذي نص على ذلك في عام 1947م عقب الحرب العالمية نظراً لما كان يعاني منه القضاء الإيطالي عقب حكم مسوليني وسيطرة الحزب اليمقراطي المسيحي لمدة 50عاما فكان الأمر يحتاج إلى إدخال عناصر للقضاء من المحامين وأساتذة القانون لإصلاح وضع القضاء غير أن هذه التشكيلة لم تكن الأسلوب الأمثل بل خطوة تبعتها خطوات لإيجاد المزيد من الضمانات فتم تحسين وتشذيب هذه المبادئ للوصول إلى الكمال ولا يعقل أن نبدأ كدولة تسعى لنهج أسلوب ديمقراطي حديث من حيث بدأ الاخرون بل من حيث انتهوا ووصلوا إليه.3- وإضافةً للمقترح السابق و بذات النسب السابقة يذهب فريق بناء الدولة أن يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا، كما يرى إنشاء قضاء إداري مستقل أخذاً بمبدأ إزدواجية القضاء، و يرى فريق بناء الدولة أيضاً حصر وظيفة النيابة في الاتهام وجعلها جهازاً تابعاً لوزارة الداخلية.4- إن النقاط الثلاث السابق ذكرها هي أهم النقاط التي نختلف حولها مع فريق بناء الدولة حيث ذهبنا _نادي قضاة اليمن_ في رؤيتنا إلى انتخاب رئيس مجلس القضاء الأعلى وأعضائه من بين أعضاء السلطة القضائية من الجمعية العمومية للسلطة القضائية كل خمس سنوات وفقاً لشروط موضوعية ويصدر بتعينهم قرار كاشف من رئيس الجمهورية، كما يتم انتخاب قيادات الهيئات في السلطة القضائية وفق شروط موضوعية من قبل الجمعية العمومية للمحكمة العليا ونيابة النقض وكذلك الحال بالنسبة لانتخاب رئيس وقضاة المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين ويصدر بتعينهم قرار كاشف من رئيس الجمهورية، ورأينا استكمال إنشاء المحاكم الإدارية الابتدائية والشعب الاستئنافية في عواصم المحافظات بحيث تكون أحكامها خاضعة للطعن أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا، إضافةً إلى التأكيد بأن النيابة العامة هيئة من هيئات السلطة القضائية وذهبنا إلى ضرورة النص في الدستور على استقلالية أعضاء النيابة العامة عند توليهم التحقيق والتصرف ولهم سلطة الإشراف والرقابة والتقييم على مأموري الظبط القضائي.وقد ذهب الأستاذ الدكتور / أحمد شرف الدين عضو فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني للقول ، إنه تم الإلتقاء بالقضاة ثلاثة مرات إلا أن القضاة يريدون فرض رؤيتهم، وأن القضاة باعتراضهم على قرار فريق بناء الدولة فإنهم يمارسون عملا سياسياً كون فريق بناء الدولة يمارس عملاً سياسياً، إضافة أن مجلس القضاء يمارس عملا إدارياً وليس عملا قضائياً، وبأن المحكمة الدستورية العليا هي محكمة سياسية ، ونتولى الرد على ما أثاره أستاذنا فيما يلي :-1- ويتضح لنا من المبررات التي عرضها أستاذنا القدير بأنها تحمل في إطار السياسة بعيداً عن الآثار القانونية لما تم الانتهاء إليه، كما نجده يقر بأنه تم تسخير القضاء لصالح السياسة وليس خدمة لاستقلاله، أما بالنسبة لما تم ذكره بشأن اللقاء مع القضاة فالصحيح أن فريق بناء الدولة التقى بمجلس القضاء الأعلى والذي كانت رؤيته تتعارض تماماً مع فكرة انتخاب قيادات السلطة القضائية وبالتالي تم تجاهل رؤية مجلس القضاء الأعلى واتخذ الفريق قراره على النحو الذي جاء به، أما لقاؤهم بنادي قضاة اليمن مرتين واستلامهم لرؤية النادي كان مجرد تحصيل حاصل ولم يلمس النادي منكم أي تجاوب في محاولة الوصول إلى أرضية مشتركة، بل وجدنا منكم إصرارا غريبا على قرار اتخذتموه دون دراسة لواقع القضاء اليمني و أحكامه الدستورية وتقييم سلبياته وإيجابياته وبالتالي الوصول لمعرفة ما نحتاج من وسائل لإصلاح القضاء اليمني، وصحيح أن مؤتمر الحوار الوطني يمارس عملاً سياسياً ولكن فريق بناء الدولة فريق اسندت له مهمة محددة وهي وضع المعالم الدستورية الأساسية لشكل نظام الحكم وسلطات الدولة في الدستور القادم ومع ذلك لم تكن مصلحة الوطن المنطلق الأساسي بل التقاسم السياسي وأردتم تقاسم كل سلطات الدولة بما فيها القضاء الذي يفترض أن تعملوا على عزله عن التجاذبات الحزبية الضيقة كون القضاء هو الحصن الحامي للحقوق والحريات للمواطنين ومن يعول عليه إرساء مداميك العدل والمواطنة المتساوية في هذا الوطن، ونتساءل كم عدد أعضاء هيئة التدريس من المدنيين والمستقلين في كليات الشريعة والقانون والحقوق ؟ وكم عدد المستقلين والمدنيين في نقابة المحامين ؟! .2- تجدر الإشارة إلى أن القضاء اليمني لم يكافح لإستقلاله من براثن السلطة التنفيذية بحصوله على الحكم الدستوري الذي أخرج وزير العدل من السلطة القضائية؛ ليقع فريسة بيد السلطة التشريعية التي يستاثر بفرض الإرادة فيها الحزب الحاصل على الأغلبية وهو ما سيؤدي حتماً إلى قيام كل من سيتم تعينهم بالقضاء لمحاولة استرضاء الحزب الحائز على الأغلبية للفوز بالتعيين بالمناصب القيادية في السلطة القضائية وبالتالي نقل فساد السياسة إلى القضاء، أما بالنسبة لمجلس القضاء فنجد بأنه أعلى هيئة إدارية بالسلطة القضائية وهو من يعمل على تحقيق الضمانات الدستورية لأعضاء السلطة القضائية و المختص بمحاكمتهم ومسألتهم تأديبياً، ويختص أيضا برسم السياسة العامة للقضاء وتطويره، ونجد أن المحكمة الدستورية العليا ستكون أعلى هيئة قضائية ومن اختصاصاتها الفصل في دستورية القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات، والفصل في تداخل اختصاصات أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة علاوة على الفصل تنازع الإختصاصات بين السلطات الاتحادية والفدرالية وكذا الفصل بالطعون الإنتخابية البرلمانية والرئاسية، ومن خلال سردنا لبعض اختصاصات هذه المحكمة يتضح لنا استحالة أن تكون هذه المحكمة سياسية بأي حال من الأحوال لإنها أن كانت كذلك فلن تشهد البلاد أي استقرار دستوري أو سياسي خاصة وأن أحكام هذه المحكمة حجة على الكافة وملزمة لجميع أجهزة ومؤسسات الدولة وبالتالي فإنه يتعين تشكيل هذه المحكمة من أقدم أعضاء السلطة القضائية وأكثرهم خبرة وكفاءة ونزاهة.3- بالنسبة لما أثاره الزملاء المحامون من أن ما قام به نادي القضاة هو عرقلة لمؤتمر الحوار ، فنقول لهم إننا جمعياً وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني نتشارك هم بناء الوطن، هم بناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة، الدولة التي سالت دماء الشهداء لبنائها وليكون سيدها القانون وحارسها سلطة قضائية مستقلة وهي لن تكون كذلك إذا تم إخضاعها للمحاصصة السياسية ، كما يجب أن يعلم زملاؤنا المحامون وأساتذتنا في كليات الشريعة والقانون والحقوق في الجامعات اليمنية بأننا لسنا ضدهم أو أننا ننتقص منهم، حاش لله ، ولكننا نضع نصب أعيننا كل السلبيات التي ستترتب على الأخذ بما قرره فريق بناء الدولة دون نظر للعواقب، ونحن مع الاستعانة بكبار المحامين وأساتذة القانون لتغطية النقص الحاصل في الكادر البشري لأعضاء السلطة القضائية ممن تتوافر فيهم شروط الخبرة والكفاءة والاستقلال عن السياسة وشروط موضوعية أخرى بشرط وجود نص قانوني يتيح ذلك وبموجب قرار من مجلس القضاء الأعلى، لا أن يترك الأمر لتحكمه السياسة.4- أما بالنسبة لما ذكر من دراسة تكميلية من قبل المركز الوطني الإستشاري لتحسين أداء القضاء فكنت أتمنى وطالما كان التحقيق الصحفي قائماً على اللقاء بأشخاص طبيعيين أن يتم ذكر اسم ممثل المركز الذي تقدم بهذه الدراسة حيث حاولت أن أحصل على هذه الدراسة من الإنترنت فلم أجدها أو أجد موقع المركز وكذلك الحال فلم أستطع الحصول عليها من موقع صحيفة الوسط الإلكتروني وكان يجدر بالمحقق الصحفي أن يذكر رقم العدد وتاريخ نشر الدراسة السابقة، علماً بأنني وجدت دراسة سابقة في العام الماضي منشورة بصحيفة الوسط بالعدد 370 بتاريخ 15/2/2012م مقدمة من المركز الإقليمي للبحوث والدراسات بشأن استقلال السلطة القضائية وكان لدينا ملاحظات على هذه الدراسة تم نشرها أيضا بصحيفة الوسط بالعدد رقم 371 بتاريخ 21/2/2012م بالرغم من أنها كانت تتبنى فكرة انتخاب قيادات السلطة القضائية من الجمعية العمومية ولا ندري هل هي الدراسة المقصودة أم لا ، ومع ذلك فأني في البداية أوجه شكري للمركز الوطني الإستشاري لإتفاقه معنا في أن استلزام موافقة المجلس التشريعي يشكل مساساً باستقلال السلطة القضائية ، بيد ان المركز لم ياتي بحل وسط حسب ماذكر في التحقيق، لأن بها شيئ من القصور والتناقض حيث نجد أنها لم تعطي لنا مبررات الدراسة بشأن انتخاب قيادات السلطة القضائية بنسبة 70% من القضاة و15% من المحامين ونسبة 15% من أعضاء هيئات التدريس بكليات الشريعة والقانون والحقوق بالجامعات اليمنية وهل هذا الحل المناسب لإصلاح القضاء في اليمن هذا على إعتبار أن الدراسة من مركز دراسات متخصص، أما بالنسبة للتناقض فيتجلى ذلك بما اقترحه من جعل النيابة جهاز ادعاء تابع لوزارة الداخلية أي أن الدراسة توصي بإخراج هيئة قضائية وأعضائها من السلطة القضائية وفي المقابل تنادي بإدخال من ليسوا أعضاء بالسلطة القضائية ليكونوا أعضاء في السلطة القضائية ؟! ، علاوة على عدم ذكر المبررات القانونية لجعل النيابة هيئة ادعاء تابعة لوزارة الداخلية، ومن أي نظام قانوني استقت الدراسة هذه الفكرة، ولو سلمنا جدلاً بما سبق فمن سيمثل المجتمع في الدعوى العامة ومن سيعمل على المحافظة على حقوق المتهم وكفالة حقوق الدفاع في مرحلتي التحقيق والاتهام ومراقبة أجهزة الأمن والشرطة عند جمع الاستدلالات وتفتيش السجون وحماية الحقوق والحريات ومكافحة الفساد وهذه المهام من أساسيات عمل النيابة العامة وأسباب نشأتها ، وبدلا من أن يخلصوا للعمل على تعزيز دور النيابة العامة وبسط رقابتها على سجون وأقبية كل الأجهزة الأمنية وضمان استقلال النيابة وأعضائها ليضطلعوا بدورهم في حماية الحقوق والحريات نجدهم يذهبون في اتجاه تقويض أهداف الثورة بتعزيزهم لإقامة نظام حكم بوليسي قمعي يعمل على قمع الحقوق والحريات دون وجود رقابة عليه من جهة قضائية (النيابة العامة المراد إلغاء وجودها).