كل شيء سيكون متوقفًا على ما سيقدمه فريق القضية الجنوبية من نتائج وحلّ للقضية، سواء في داخل المؤتمر من اللجان الثمان الأخرى، أم للرأي العام في الداخل والخارج، غير ما قدمته النائبة الثانية بلقيس اللهبي في فريق القضية الجنوبية خلاف ذلك التصور، واعتبرت أن الفريق لا يبدو عليه بوادر حلول ملموسة؛ لأن أطراف الصراع هم في الفريق، والحل سيكون في الأخير توافقي بشكل عام.
وتحدثت اللهبي - في حوار خاص مع الوسط - عن أن التقرير الذي قدمه الفريق لرئاسة الحوار هو مجرد فني، ولا قرار فيه سوى الاتفاق على عدم النزول الميداني الذي كان من المفترض أن يقيمه الفريق، لأن الحكومة لم تهيئ النزول لعدم تطبيقها للنقاط العشرين، وهو ما يتصوره الجنوبيون في الفريق بعدم قدرة هادي على الحل في ظل حكومة متناقضة التوجه، التي تعيق تسوية القضية الجنوبية. حاورها- أمجد خشافة:
- بصفتك النائب الأول في فريق القضية الجنوبية.. ما الذي قدمه الفريق خلال الفترة الأولى من الحوار حتى الآن؟
الفريق قدم ما كان مخطط له في أجندة اللجنة الفنية في الحوار، وهي تقديم الرؤى حول الجذور وحول المحتوى، وقد تأخر الفريق كثيرًا في أداء ذلك.
الفريق عقد عدة اجتماعات كاملة، وتم تعليق عمله مرتان، مرة في يوم 27 أبريل، الذي تزامن مع إعلان الحرب على الجنوب، والثانية كانت مع المؤتمر بشكل عام حينما قُتل الخطيب وأمان.
إلا أن المكونات بشكل عام وأداء الأفراد كان بطيئًا.. وتقنيًّا لا توجد تلك القدرات التقنية للفريق، مثل كتابة خطة التخطيط لفترة قادمة، وأيضًا حساب الوقت منعدم، ولو مضينا بالشكل الطبيعي لكنا قد انتهينا قبل ما يقارب ثلاثة أو أربعة أسابيع منذ بدء الجلسة العامة، ولاستطعنا في ذلك الوقت أن نبدأ في الحلول، وأن نكتب الخطة للمرحلة القادمة، ونعد تقريرًا جيدًا، ولكن الاسترخاء الذي كان حاصلًا منذ البداية، والتي كان فيها مماحكات تتلخص من يبدأ في تقديم رؤيته تطلب أن يتأخر التقرير الواحد ثلاثة أو أربعة أيام.
ورغم أن فريق القضية الجنوبية من أكثر الفرق التزامًا بالمحاضر إلا أنه يحدث تنكر لبعض الفقرات، لا أنكر أن الفريق يبدي التزامًا كبيرًا، ويبدي دماثة خلق في التعامل مع بعضهم البعض، لكن كل هذا مظهر لتوافق سياسي شكلي يتضمن صراعًا لا يريدونه أن يوضع على الطاولة، يفسر بعدم رغبة للحل أو اطمئنان أن الحل سيأتي من الخارج، ولا أحد منهم يريد أن يتحمل مسؤولية الحل، ولا يوجد في الفريق مكون شجاع بحيث يتقدم برؤى واضحة لحل القضية الجنوبية، بل يقتصر عملهم على "الطبطبة" على البعض في الماضي، ولا يحاولون التقدم فيما يخدم القضية.
- أنتِ قلتِ إن الحوار شكلي في الفريق وغير جاد.. طيب هل المكون الجنوبي برئاسة محمد علي أحمد حتى هو لا يجرؤ على طرح حل للقضية الجنوبية.
من الطبيعي أن الجنوبيين لن يضعوا هم الحل للجنوبيين، لأن وراءهم صوت مرتفع في الشارع الجنوبي.
-(مقاطعًا) من هم الجنوبيون؟
الجنوبيون الذين هم موجودون في المؤتمر، لا يستطيعون وضع حلول، يستطيعون الخروج إلى الشارع الجنوبي بحلول معقولة وضعها الغير وتوافقوا عليها.
- لماذا؟
لأنهم لا يستطيعون أن ينزلوا عن سقف الشارع الجنوبي.
- طيب محمد علي أحمد يطرح تقرير المصير والانفصال.. أليست هذه جرأة في الطرح للانفصال كما يريد الجنوبيون؟
محمد علي أحمد في الجلسة العامة الأولى تكلم أن خيار الانفصال خط أحمر، والوحدة خط أحمر، وقد تكرر هذا الكلام أكثر من مرة، وهذا ما طرحه في الجلسة العامة خلال الفترة السابقة، بمعنى أنه لا بد من بقاء الدولة واحدة، لكن بأشكال مختلفة.
- هل تتوقعين أن هذا الطرح من محمد علي أحمد لديه تنسيقات مع المكونات الجنوبية في الخارج أو مع الحكومة برئاسة هادي؟
لست ضليعة في السياسة كثيرًا ويمكن أن تقدم هذا السؤال لمحمد علي أحمد نفسه، لأن النساء ليس لهن القدرة على الكلام في السياسة بشكل متكامل، ولا تدري ما الذي يحدث من تدابير في مجالس "القات"، لكن أرى أن هناك تنسيقًا بشكل أو بآخر، إلا أن هذا التنسيق قد انتهى أمره مؤخرًا.
- ذكرتي - سابقًا - أن فريق القضية الجنوبية يمشي ببطء، أو بمعنى آخر يمضي نحو التطويل.. ما السبب في هذا التطويل من فريق القضية الجنوبية؟
ببساطة لأن كل أطراف الصراع هم أطراف القضية، كل من كان ضليعًا فيما آلت إليه القضية الجنوبية موجودون في الفريق سواء من الجنوب أم الشمال، ربما المستقلون هم الذين لم يكن لهم يد في الأزمة السياسية الخاصة بالقضية الجنوبية، ولذلك على مستوى الاعتذار لا يمكن أن تعتذر القوى السياسية للجنوبيين، لأن الاعتذار بنظرهم اعتراف بالجريمة.
- هل تتوقعين أن الجنوبيين في الفريق سيصدرون قرارات في نهاية الحوار الوطني تحسبًا للشارع الجنوبي، أم تحسبًا لموقف الحكومة الحالية؟
أتوقع أن الجنوبيين الموجودين في الحوار لن يستطيعوا الانفصال عن رأي هادي، ومهما كان فلديهم إيمان بصوت الشارع الجنوبي، لكن الرئيس هادي لابد أن يُقدّر الجنوبيين في المؤتمر ثقتهم به، غير أنه لا يوجد حتى الآن مبشرات لثقة الجنوبيين.
- وحتى النقاط العشرين لم تنفذ بعد حتى يكون هناك بوادر حل كما يقول الجنوبيون؟
نعم.. ولا حتى من المعتقلين، تم الإفراج في الفترة السابقة على أربعة معتقلين، وذهبوا من المعتقل إلى المطار، لكنهم خرجوا إلى أحضان علي سالم البيض، وبهذا أكدنا لهم أن علي سالم البيض وجهة.
- تقصدين من هذا الكلام أن الجنوبيين في فريق القضية الجنوبية ممتعضون من الرئيس هادي؟
أنا لا أريد أن أتحدث باسم الجنوبيين، وبصفتي في الفريق وشمالية، لو كنت جنوبية وأتيت إلى الحوار الوطني وجمعني بطاولة مع منتهكي حقوقي وأجد أن ثمة دعمًا من الرئاسة التي أُكنُّ لها الثقة، بالتأكيد سأكون ناقمة جدًا، إذن للجنوبيين موقفهم.
- أنتم الآن أعددتم التقرير النهائي للقضية الجنوبية.. ممكن أن تُلخصي لنا مضامين هذا التقرير؟
التقرير فني بحت، يتحدث عن ماذا قلنا؟، وماذا قيل لنا؟...الخ، كان التركيز الأهم هو الذي خرجنا به، وهو تحفّظنا على النزول الميداني حتى تحدث تهيئة على الأرض.
- ماذا تقصدين بالتهيئة؟
تنفيذ النقاط العشرين، والنقاط الإحدى عشر، أو على الأقل أن يأتي بيان من الرئاسة ومن المؤسسة التنفيذية للسؤال: لماذا لم يتحقق ما طلب، بغير هذا الأداء لا يمكن أن ننزل ميدانيًّا، نحن لن ننزل للترويج، سننزل نزولًا موضوعيًّا، بما يخص القضية الجنوبية.
- يعني حتى الآن لم تنزلوا نزولًا ميدانيًّا؟
نعم لم ننزل.
- وكان من المفترض أن يتم النزول؟
نعم.. ورفضنا ذلك، وقررنا تأجيلها إلى ما بعد الجلسة العامة حتى نرى أية تهيئة على الأرض.
- ما تصور الجنوبيين لعدم تطبيق النقاط العشر وتلكؤ هادي في تطبيقها.. هل هناك ضغوطات خارجية على هادي، أم أن هناك مشاكل داخلية بينية؟
الجنوبيون كتومون جدًا، ويعتبرونا طابورًا خامسًا، لكن الذي أعتقده من خلال بعض الأوراق والأحاديث التي تُدار أن هناك بعضًا من الجنوبيين الذين يسربون كلامًا أن الرئيس هادي ليس لديه حكومة قوية، الحكومة تخذل هادي والمبادرة الخليجية قيدته على تغيير هذه الحكومة؛ لأنها متوافق عليها، ولو كان له القدرة على تغييرها لغيّرها منذ أمد.
- الحكومة.. هل لها علاقة في عدم تطبيق النقاط العشرين؟
طبعًا.. رفع الجيش من الطرقات له علاقة بوزارة الدفاع، والاعتذار للجنوب له علاقة في أعضاء حكومة الوفاق الوطني الذين كانوا مشاركين في حرب صيف 94م، إذن صلاحيات الرئيس ليست بسيطة، لكن في ظل حكومة متناقضة يعتبر أمرًا معيقًا لحل أية قضية، لاسيما القضية الجنوبية.
- هل تتوقعين أن بن عمر له علاقة بعدم تطبيق، أم له وجهة نظر على النقاط العشرين؟
بشكل عام عمل بن عمر سيئ، لأن مؤتمر الحوار - الآن - يُعد مولدًا صاحبه غائب، ولذلك بن عمر يعرف أن الفِرق كانت غير مستعدة للجلسة العامة، وقد كان له العلم الكامل بما يدور داخل فريق القضية الجنوبية، ولذلك هناك شيء تحت الطاولة يُدار، ما يُدار هو شكلي، وبما أنني نائبة لرئيس الفريق فإنني لا أعرف كل ما يُدار.
- يعني هناك أشياء تُدار في الفريق لا تعلمونها؟
نعم.. سواء في داخل اليمن أو في خراجها بما يخص القضية الجنوبية.
- هل ستقدمون في الفترة القادمة حلولًا للقضية الجنوبية؛ بحكم أن الفترة القادمة سيكون المحور الأخير هي الحلول؟
الفترة القادمة ستكون قصيرة جدا، وكنا نتمنى أن يتم إعداد الخطة القادمة قبل الدخول في الجلسة الثانية، حتى ندخل في النقاش مباشرة، ولكن حدث تلكؤ شديد من قِبل الفريق في إعداد الخطة، ولذلك يتحتم علينا أخذ أسبوعين لإعداد الخطة ثم أسبوعين حتى يتم تجهيز الرؤى، الآن كلما أسأل الجميع هل هناك رؤيا للحل أجد أنه لا أحد يجيب على ذلك.
- مجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي معوِّل على ما سيقدمه فريقكم، في ظل هذا الوضع الذي وصفته.. هل ستكون المرحلة القادمة في مأزق للقضية الجنوبية؟
أعتقد أن الوضع سيمر بتفاوضات سياسية، ومسألة تقارير شكل الدولة قد وُضعت، وقد كان هناك تباين فيما بين المكونات السياسية، إذن ما ينطبق على بناء الدولة سينطبق على فريق القضية الجنوبية.
- بما أنكِ ذكرت شكل الدولة.. هل شكل الدولة القادمة لليمن ستقرونها أنتم في القضية الجنوبية أم فريق بناء الدولة؟
فريق القضية الجنوبية هو من سيقرر شكل الدولة القادمة بشكل عام.
- هل يعني أن فريق بناء الدولة يقتصر عملهم على ما ستخرجون به أنتم؟
كنت أعتقد أن فريق بناء الدولة سيعمل على عدة سيناريوهات، وأن يكون لصيقًا بفريق القضية الجنوبية، لكن لا يوجد تنسيق فيما بيننا.
- الموجود الحاصل في فريقكم.. هل هم متفقون على فيدرالية، أم على تقرير المصير، أم على انفصال؟
لم نناقش ذلك بعد، والحراك الجنوبي يعترض في كل الفرق على النقاش تحت دولة واحدة أو فيدرالية...، عندما تنتهي القضية الجنوبية من الحديث ويتحدد شكل الدولة سيتحدثون عن هذا الموضوع.
- ممكن أن تلخصي ما العراقيل التي واجهتكم في الفريق خلال الجلسة الأولى سواء أكانت فنية أم جوهرية؟
الإشكالية في الجانب الفني هي أن أغلب أعضاء الفريق ليس لديهم خلفية تنموية أو إدارية، وليس لهم علاقة بتبسيط الأفكار للفريق، فأغلبهم سياسيون وأعضاء مجلس النواب، وأقصى ما يبدعون فيه هو التنظير، تعريف المعرف، وإعادة المعاد, وتصنيف المصنف..، أفكارهم رائعة، ليس فيها خلاف، لكن عند تحديد العمل وتحديد النقاط هناك تكون المشكلة، وليس قيادتهم بالأمر السهل، وإلزامهم في موضوع معيّن بالسهل، خاصة في تقديم الرؤى والتي أتعبونا في تقديمها، وبالنسبة لرئاسة الفريق شخص واحد، وهو أنا.
أولًا أنا امرأة، ثانيًا خلفيتها حقوقية وتنموية، مع ثلاثة أشخاص لديهم خلفيات سياسية ومشيخية، فمن الصعب أن نعمل في فريق عمل منسجم، فهذه هي الصعوبات، إضافة الى ان هناك صراعات تُدار من الخلف لا نراها في الفريق، وهو الذي يعيق الفريق جدًّا.
- عندكم في الفريق.. هل الأمر منقسم إلى قسمين: قسم يضم توجه الجنوبيين وصوت آخر لبقية المكونات؟
هناك عشرون جنوبيًّا، وعشرون شماليًّا، من العشرين الجنوبيين 75%، والذين هم 15 من الحراك، والبقية موزعون بين الحراكيين، ولحزب المؤتمر الشعبي العام ولحزب الإصلاح وللناصري.
معنا في المؤتمر أحمد بن دغر جنوبي، والاشتراكي لديهم اثنان، شفيع العبد والدكتور السقاف، والإصلاح علي عشال، إذن لدينا (5) من الجنوبيين وجهتهم وجهة أحزابهم، فبالتالي 15 عضوًا مؤثرون على أي قرار في الفريق.
- هؤلاء سيؤثرون على أي قرار، إذن ستكون مخرجات الفريق توافقية؟
نعم.. لكن في النهاية لا أعتقد أن الحراك الجنوبي سيقف على أي حل معقول، هم الآن لا يُبدون أي رأي، لأن موقفهم موقف حذر من المواطنين في الجنوب.
- كيف تقيّمي رؤية الأحزاب السياسية؟
رؤى الأحزاب السياسية كانت مزحة، لا يوجد جدية لتحمل المسؤولية، لقد اكتشفنا - مؤخرًا - مدى صعوبة مطالبة الرئيس هادي في الاعتذار للجنوبيين، لأن الاعتراف - كما قلنا - هو بما فعلوه في الجنوب.
- في الأخير.. ما الذي تتوقعينه في المرحلة الثانية والأخيرة من الحوار، لاسيما في فريق القضية الجنوبية؟
أعتقد أن الأمور ستسير في مجراها وستقدم الحلول من قبل المكونات السياسية وسيتم التوافق عليها.
-هل سيتحسب هادي في هذه الرؤى التي ستخرج من مؤتمر الحوار للصوت الجنوبي؟
من الأداء الحالي للسلطة، لا أعتقد أن الشعب بأكمله في حسبان أحد سواء في الجنوب أم في الشمال.