التخلف الاجتماعي هو الكابح الرئيسي للتغيير في بلادنا وسبب في بروز مشاكلنا التي أججها النظام(من أهمها القضية الجنوبية)
2011-10-19 14:27:51
كتب/صالح محمد مسعد (أبو أمجد)
يتميز الإنسان المتخلف بأنه الإنسان المقهور والذي لا يعرف مصالحه وأهداف حياته كونه يتمثل الإدماج –بطريقة لاواعية- لأشياء خارجة عن حياته ويتكيف معها ويقبلها على أنها ضمن منهج وجوده وعيشه وبقائه، وضرورة مفروضة عليه فيكون عرضة للتبخيس أو الدونية والعدوانية التي تفرضها عليه ممارسات النظام المتسلط ويتلقاها بالاستسلام وربما بالإعجاب أحيانا في حالة من التبعية الكلية للمتسلطين.
السمات والخصائص النفسية للإنسان المتخلف
وبمقدار ما ينهار اعتبار هذا الإنسان لذاته يتضخم تقديره لهذا المتسلط ويرى فيه نوعا من الإنسان الفائق الذي له حق شبه إلهي في السيادة والتمتع بكل الامتيازات، وهذه هي علاقة رضوخ نفسي (سيكولوجي) عند البسطاء في المجتمع.. الغريب في الأمر أن المتنورين في مجتمعنا لا يرون ذلك عيبا مخلا يدمر بناء المجتمع ونهضته، بل نراهم مسكونين بالقبول لظواهر السيطرة والاستضعاف في المجتمع ويقبلونها برفض غير معلن.. ومن هذه الظواهر أن الإنسان المتخلف يتسم مجالات التزلف والتقرب والتودد للمتسلطين بل يصل أحيانا إلى الحب الهيامي اللاإداري لهؤلاء، ولا يخفون بوحهم بأن الحب للمتسلطين حب النهي غرسه الخالق في صدورهم ويتذرعون بشائعة (من أحبه الله أحبه الناس) والبعض يعتبرها حجة دامغة لحقهم في الطاعة والولاء على أننا نشير أن العلاقة المذكورة للإنسان العادي بالمتسلط ليست جامدة وبهذا الشكل وبصفة دائمة لكن يغلب عليها واقعيا التجاذب الوجداني، التذبذب بين التبعية والرضوخ وبين الرفض والعدوانية الغائرة.. الإنسان المتخلف متقلب ومتطور مع الحياة ولكن ببطء شديد، وكلما توفرت وسائل التوعية والتحريض من المعارضة كلما كان تجاوز مرحلة الرضوخ أسرع، كي يبدأ الرفض والمقاومة والتمرد أو المطالبة بالتغيير الذي نحن بصدده، ولا زال مجتمعنا في مرحلة الرضوخ والاستسلام من قبل العامة وهي صفة التخلف المفروضة حاليا، وعلى اعتبارها قائمة فإننا سنبين هنا بعض السمات والميزات النفسية المتمثلة بالعقد النفسية والسلوكية في هذه المرحلة ومنها:
1- عقدة النقص:
يتميز الإنسان المقهور بأنه يحمل في ذاته مشاعر الدونية ويعيش حالة عجز تجاه قوى الطبيعة كما ذكرنا.. وإزاء قوة السلطة على مختلف أشكالها، كما يشعر بأن مصيره معرض لكل التهديدات الطارئة في الطبيعة وفي السياسة، فهو يعيش حالة تهديد دائم لأمنه وصحته وقوته وعياله وأسرته بشكل عام، ويفتقر إلى ذلك الإحساس بالقوة والقدرة على المجابهة لكل المخاطر والتسلط المباشر وغير المباشر، تبدو له الأمور وكأن هناك باستمرار انعداما في التكافؤ بين قوته وقوة الظواهر التي يتعامل معها، ليجد نفسه المغلوب على أمره، فهو يفتقد الطابع الاقتحامي في السلوك وسرعان ما يتخلى عن المجابهة، منسحبا أو مستسلما أو متجنبا، طلبا للسلامة أو خوفا من سوء العاقبة، وربما يأسا من الظفر والنصر، وبذلك يفقد موقفه العام من الحياة ومن التغيير الفعال. ويقع في أسلوب التوقع والانتظار، ويتعامل بسلبية مع الأحداث والتغيير، ولدى الإنسان المتخلف عدم الثقة بالنفس إذ لا شيء في وجوده وفقدان الثقة يعمم منه على كل أمثاله، وهكذا يشعر معهم أنهم لا يستطيعون عمل شيئا ما إزاء التسلط، كما لا يستطيعون التغيير، ويصل الأمر إلى حد انعدام الثقة بقدرة الجماهير على فعل كهذا.. كل هذا يشكل عقبة فعلية لتحريك الجماهير من أجل التغيير.
2-عقدة العار:
عقدة العار تكمل عقدة النقص لدى الإنسان المتخلف، فهو يخجل من ذاته، يعيش وضعه كعار وجودي ويخشى دوما من افتضاح أمره وعجزه وبؤسه. وتكمن هواجسه في ستر حاله ووضعه، ويخاف من أن يظهر أنه غير قادر على المواجهة ضد ما يحيق به من ظلم واستضعاف ويتشبث بالمظاهر أو التصرفات التي يغطي بها عجزه أمام الآخرين ولذلك يظهر التعزز والكرامة أمامهم.. في الواقع الذي نعيشه الكثير من الناس المصابين بداء التخلف غالبا ما يسقطون العار أساسا على المرأة لأن المرأة العورة موطن الضعف والعيب، وبسبب ذلك يربط مثل هؤلاء شرفه كله وكرامته كلها بأمر جنسي ليس له أي مبرر من الناحية البيولوجية والتعامل البشري، ولذلك تحاط المرأة بكل هذه الأساطير حول دورها في التعبير عن الشرف المهدد. وعند الملاحظة لهذا الجانب في مجتمعنا كيف يجعل الفرد القتل مبررا ضد المرأة ومعترفا به اجتماعيا تحت مسمى جناية الشرف، وكأنه يعوض نفسه في استعادة الكرامة والسمعة المهدورة لديه من جراء وضعه المفروض بالتسلط المباشر وغير المباشر، وكم لاحظنا اختفاء فتيات أو نساء لم يسأل عليهن أحد بعد أن أحاطت بهن الظروف، مهما تكون قرابة هذه المرأة من الرجل الخائف من العار أو الفضيحة، وهذا التعبير هو احتماء من عجزه وضعفه الذي يسقطه على المرأة بمسمى العار، وهو موقف الإنسان الراضخ والمستسلم والمستكين، والذي لا يجد وسيلة لرفض واقعه إلا عن طريق التعصب.
3-التعصب:
يغلب على الإنسان المتخلف ظاهرة أو ميزة التعصب الأعمى في كل السلوك والتصرفات والانتماءات فهو يتعصب في الرأي وفي الفكر وفي الحديث وفي النقاش. كما يتعصب لمنطقته وقريته ولقبيلته ولفئته، ويشعر بالرابطة اللاإرادية لمواقف هذه المكونات وخاصة تبعا لرموزها القروية والمناطقية من غير أن يكون له وجهة نظر أو رأي مستقل تجاه تلك المواقف التي ينجر إليها بقناعة أو من غير قناعة وهو يحتكم في معاملاته إلى العرف والعادات والتقاليد أكثر من التزامه واحتكامه إلى القوانين ال..... وحتى في الدين يكيف مرونته من جانب واحد هو جانبه التقليدي المرتبط برابطته الاجتماعية، ويتشدد في غير ذلك.. والإنسان المتخلف يميل إلى التطرف في المواقف المختلفة، فغالبا ما يتشدد في معاملته أو أثناء مجادلته مع الآخر المختلف معه فئويا.. وكثيرا ما يشتبك مع من لا يوافقه رأيه، ويستخدم العنف كما يستخدم وسائل دموية ضد الذين يختلف معهم في الرأي أو المواقف المتباينة بسرعة قياسية عند هذا الاختلاف باستخدام السلاح الناري أو السلاح الأبيض وهذا الاندفاع منطلق من الحمية المتخلفة (لدى الفرد) التي تغذيها البيئة الاجتماعية التقليدية المتأثرة برواسب الماضي البليد.. الإنسان المتخلف في بلادنا لا يخضع في الغالب إلا لشيخ القبيلة أو الحاكم الفرد في السلطة الذي ترضى عنه هذه القبيلة أو تلك.. غير ذلك فهو يعتبر نفسه الشجاع الشهم والقبيلي المقاتل الصنديد الذي لا تقهره قوة ولا يحكمه سوى عرف العادة وأحكام القبيلة ولا يعترف بنظام وقوانين مؤسسات الدولة إلا إذا تماهت مع عاداته وتقاليده، والإنسان البسيط الذي ليس له مرجعية جهوية فيرضخ لكل الأحكام والعادات من غير رفض أو قناعة. وصاحب المرجعية هذا يمكن أن يتعصب للتغيير إذا وجد رمزه المرجعي يقف مع التغيير حتى بدون فهم أبعاد هذا التغيير. ومن المفارقة أن يضع سلاحه ويدخل إلى ساحة التغيير ليشارك في التجمهر والهتافات والأشعار الحماسية التي تلهب حماس الناس بدافع النخوة القبلية وامتداح مناقبها، على الرغم أنه لا يضع سلاحه عند الدخول إلى مرافق الدولة المختلفة، لأن العادات والتقاليد تفرض عليه التمنطق بالسلاح والاقتداء بالقوة كنموذج لتعامله والتعصب لا يعرف حدود للتعامل الرسمي في مؤسسات ومرافق الدولة إلا أن يجد أساليب اعتباطية توفر له سرعة إنجاز مهمته عبر وساطة مادية أو رشوة نقدية أو عينية تغنيه عن وجع القلب كما يصطلح عليها. الموظفون التنفيذيون في أجهزة الدولة يعرفون الشطط والاستعجال الذي يتمتع به الكثيرون من أفراد المجتمع فيسخرون كل المهام الوظيفية لابتزاز الإنسان وإرغامه على سلوك التجاوز وفي حدود القوة التي يمتلكها هذا الفرد أو ذاك سواء مادية أو مرجعية جهوية من أجل إنجاز معاملاته.. هذه العلاقات الاجتماعية متسقة مع طبيعة الأنظمة التي تفرضها بواسطة سلطاتها التنفيذية المهيمنة، ولذلك نجد أن الفقراء هم الأكثر عرضة لهذه المعاناة بحيث يقع في الخوف من التغيير، ولمثل هذه الأسباب تكثر لدينا الميول الانتحارية النابعة من تفاقم مشاعر الإثم ومن تراكم العدوانية المرتدة إلى الذات وفي كثير من الأحيان تتخذ هذه الميول طابعا رمزيا ونادرا ما تكون صريحة، ومن أبرزها القسوة على الذات وإرهاقها، التعرض للإصابات والحوادث، التعرض للأمراض المتنوعة. وهنا يحدث تواطؤ بين هذه الميول التي أصبحت مرضية في المجتمع وبين القمع والتسلط الذي يفرضه النظام بطرق غير مباشرة، كونه يهمل مسئولياته في الحفاظ على صحة المواطنين ووقايتهم من الأمراض، يحرمهم التغذية الجيدة والعناية الصحية من خلال استنزاف طاقاتهم في الأعمال المضنية والشاقة، ويهمل إجراءات الأمان الضرورية في العمل وغيرها من أساليب التبخيس والاستضعاف للإنسان المقهور. أما الذي يملك القدرة المادية والقبلية أو الوجاهة فإنه يتضاعف عليه كشف الحساب ويرهقه الدفع من أجل استنزافه، ليصبح القانون في النهاية خضوع ورضوخ واستسلام حتى أصبح الإنسان يؤول الأشياء بأنها طبيعية وأن مقدار مصائبه ونكباته وخسائره هي أقدار هوامية خارقة ليس له يد في مواجهتها. مع كل هذا يستمر التعصب في الفرد مرتدا إلى الذات وإلى محيطه الاجتماعي في تعامله وينسى التعصب ضد المتسلطين أو النافذين الذين كانوا سببا في تخلفه وزرع ثقافة مجتمعية كهذه، بل القدرية تسيطر على مخيلته ربما كان ذلك متأثرا بميوله العقائدية التي يكرسها في الغالب فقهاء السلطة متصالحين مع الظلم كجزء من حياة الناس وربطه في الذات (هي السبب) وتحت شعار الذنوب والمعاصي.
من كل ما سبق ذكره عن الخصائص النفسية للتخلف نجد الإنسان يتصالح مع واقعه بكل أشكال التوازن الذي يحقق له التكيف مع حياته دون السؤال عن الأسباب أو البحث عنها موضوعيا لأن الجهل والتسلط المفروض على الإنسان عندما يجتمعان يحققان الرضوخ والاستسلام في الفرد ويجعلانه يقاد تحت سلطات الخرافة والقدرية، مما يفرض على الإنسان مسلك العبودية والانصياع لصاحب النعمة المنزوعة من حقوق هؤلاء المنقادين، وبحقوقهم يجلدون ويسيرون، ويمنحون الطاعة الجزافية للمتسلطين والوجهاء، هنا تتميز ألقاب الغالب السامية ضد المغلوب الدونية، ومنها تبرز شريحتان متضادتان، تفصل بينهما هوة سحيقة قد تؤدي بالغالبية إلى التفكير بأسباب ليس لها أصل في الدين أو القيم وهو ما سنتناوله تباعا.
القضية الجنوبية من المنظور المتخلف:
تعيش البلدان المتخلفة مشاكل مستمرة ومتفاقمة باضطراد، بسبب هذا التخلف المرير المنعكس على الحياة الاجتماعية نتيجة لتدني المعرفة والخبرات الإنسانية المنقولة من التراث الإنساني المتراكم حضاريا والذي تفتقد إليه هذه الشعوب في البلدان النامية والأقل تطورا ومنها بلادنا، ومثل هذه البلدان واقعة في التخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ومن الطبيعي ان الإنسان وليد لهذه البيئة الاجتماعية المتخلفة ويكون المجتمع ليس مجرد أمر مادي قابل للتغيير تلقائيا. نتيجة لذلك تقع هذه البلدان في كثير من المشاكل المتعددة مع تجاهل حلولها بسبب داء التخلف.. لقد أوقع تجاهل هذه الحقيقة من قبل القادة السياسيين يف استمرار وتعقد مشاكل هذه البلدان. كما وقعت القيادة السياسية في اليمن في خطأ المأزق الذي يصعب حله ليس لمشكلة الجنوب فحسب بل وللكثير من المشاكل الأخرى. بينما الأمر الذي يجعل من القضية الجنوبية ليست مشكلة تنمية في الأساس بل لخصوصيتها باعتبارها قضية سياسية تتعلق بشراكة ملغية بسبب سوء التصرف والممارسات الأنانية الضيقة التي ترتبط بنظرة التخلف التي تطغى عليها النفعية الشخصية لمصالح النخبة المسيطرة التي لم تفتأ تستثمر هذا الواقع لمصالحها بعيدا عن مصالح الوحدة والشعب، بل وتزيد في تكريس هذا الواقع، وتتجاهل بأن القضية الجنوبية بعد سياسة النظام هذه (وإن استمرت في تجاهلها) هي قضية شعب وأرض وهوية وتاريخ كما هي حقوق منتهكة وأراض مسلوبة وكرامة إنسانية مهدورة، ومن ثم عادت الوحدة من مشكلة وطنية إلى مشكلة حقوقية وسياسية وإنسانية تفرض نفسها خارج إطار النظرة التقليد المتخلفة التي يروج لها النظام.. وخصوصيات هذه القضية أنها تتعلق باتفاقيات شراكة ومعاهدات قيام الوحدة التي طمستها السياسة المتعالية وقطعت أوصالها الحرب الاجتياحية في العام 1994م بعيدا عن زور القول: (بالدفاع عن الوحدة)، لأن الوحدة تدافع عن نفسها بوحدة شعبها، وليس هناك من دولة تجتاح وتحتل شعبها إلا إذا كانت تريد تسلب أحد الأطراف حقوقه لتمنحه للآخر غصبا. طالما أن الوحدة من المنظور العقلاني والإنساني هي قناعة ومشاركة وجدانية متبادلة بين الشمال والجنوب كي تؤسس الاندماج والتوازن الاجتماعي على المدى الزمني الطويل. لكن أصبحت الوحدة حاليا تيارا معاكسا لهذه القناعة واللحمة الوطنية التي تعتبر النواة والمحور الرئيسي المكون لها، وإن كانت الوحدة جغرافية اليوم، فإنها لا تغني عن الوحدة الاجتماعية والتي تأسست بوحدة شرطية مرتبطة بمعاهدات واتفاقات اجتماعية وسياسية واقتصادية إذ يعني الإخلال بها إخلالا بشروط وأسس قيامها، وبالتالي لا يعنيها التذاكي والحذلقة السياسية التي فرضتها النظرة السياسية المتجذرة عن التخلف بعد فوات الأوان. زيادة على ذلك اقام النظام الحواجز النفسية في التركيب البنائي للمجتمع وأوجد التكتل والتمايز بين الشمال والجنوب بشكل ملموس، واعتمد القوة لفرض الوحدة مستندا على قوة الغلبة سياسيا وعسكريا وكثافة بشرية وهي النظرة والطريقة التقليدية في الإرث الماضوي لمجتمع الجمهورية العربية اليمنية، بخلاف النظرة الإنسانية الحضارية التي تعيش في ظلها الكثير من بلدان العالم وتتعايش بها كيانات مجتمعاتها المختلفة من اثنية وطائفية أو عرقية أو ثقافية، كما تتعامل بحق الاختلاف والتعدد والمشاركة السياسية التي لا تلغي حقوق الإنسان. وعكسيا على هذا المفهوم أراد النظام أن يصل بالقضية الجنوبية إلى أحد أمرين أحلاهما أمر من الآخر وهما:
أولا: تكون إما باستخدام القوة وفرض الأمر الواقع والالتفاف على القضية الجنوبية باعتبار أنها مصير وقدر للشعبين الجنوبي والشمالي، وأنها أزلية بدون استثناء، وبعد الحرب المقدسة كتب على جغرافية الجنوب بالحبر الديني (الوحدة فريضة من الله)، واعتبر ما هو قائم اليوم في الجنوب بأنه مشكلة مثلها مثل مشاكل صعدة وغيرها ويمكن حلها بعد ذوبان الجليد سواء للنظام أو المعارضة، بعد أن تنقشع على ضوء واقع جديد ومختلفة لأنها مرهونة بالوقت حيث يعتبر المجتمع الجنوبي قد استكان واستسلم وتعايش مع هذا الواقع المفروض وراضيا به مهما كانت الحقوق المسلوبة بحسب تصورهم.
ثانيا: تكريس النظرة المتخلفة إلى المجتمع الجنوبي في قضيته وتصديرها على أنها مروق عن الوحدة وقدسيتها المنزلة من السماء السابعة وبتعميمها خاصة على المجتمع الشمالي الأكثر سكانا وعددا وتهيئة هذا المجتمع للدخول في دوامة الاحتراب التكتلي القبلي ضد الجنوب، كما يصرح بها رموز النظام بأنها ستصبح (من طاقة إلى طاقة) لتخويف الشعب الجنوبي بشعار الوحدة أو الموت أو الحرب الكاسحة التي نمذجتها حرب صيف 94م، وهي في نظرهم وسلوكهم الحل الحاسم لقتل وطمس القضية الجنوبية، متناسين أن هذا الشعار قد تجاوزه الزمن حضاريا ولا يمكن العودة به إلى الوراء، ومثل هذا الشعار لم ينفع ثالث الثلاثة على حد قوله (من زنقة إلى زنقة) أو حربا أهلية بعدم بقائه في الحكم، وبهذا يغفل النظام اليمني ويتمترس بالبقاء خلف شعار الوحدة اليمنية ذات الخطوط الحمراء.. ولم يعلم أنه قد أفرغ من هذه الوحدة اللب والجوهر، كما لا يزال يسلب الشعب الجنوبي كل حقوقه وتحت يافطة وشعار (تحقيق الوحدة اليمنية الهدف السامي للشعب اليمني) لكن الشعار الحقيقي هو مصلحة تسري من الجنوب إلى الجنوب.
والله الموفق.