الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
صور من الاستقالات..!

28/01/2015 22:39:55


 
صلاح السقلدي
بصرف النظر عن أسباب الاستقالتين المفاجأتين للرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد بحاح, وبصرف النظر عن العدول عنهما من عدمه, وبغض النظر عما إذا كانت هناك ضغوطات إقليمية لتقديم الاستقالتين اللتين أتيتا بعد 24 ساعة فقط من توقيع الرئيس هادي اتفاقًا جديدًا مع حركة أنصار الله, ربما أثار ذلك الاتفاق حفيظة دول إقليمية بعد يوم واحد من اجتماع طارئ لوزراء الخارجية الخليجيين شجب بقوة ما وصفها بالعملية الانقلابية, وما إذا كان ذلك الاتفاق قد أغضب جهات إقليمية رمت بكل ضغوطاتها على الرجلين للتنحي بغية وضع أنصار الله بفوهة المواجهة مع الجميع.
نقول، بصرف النظر عن هذا وغيره من إرهاصات ما قبل الاستقالتين, فقد كشفت تلك الاستقالتين وما تلاهما من تداعيات خطيرة، شمالاً وجنوبًا، عن أوضاع مثيرة ومواقف غريبة من القوى السياسية.
1- فحركة "أنصار الله" التي لم تكترث، على ما يبدو، لضغوطات الاستقالة - على الأقل هذا ما تُعلنه - أثبتت أنها حركة عنيدة وقوية، تجاوزت قوتها حدود القوة والشجاعة، إلى تخوم الحماقة والنزق وهي تتسلح بالنصر الذي حققته في الأشهر الماضية, ربما يكون هذا النصر هو الغرور بذاته، الذي قد يقضي على صاحبه، وبذرة الفشل الكامنة في داخل الحركة إنْ بقي التفكير الغليظ يراوح مكانه, وسنرى ما ستُبديه لنا قادم الأيام.
2- حزب التجمع اليمني للإصلاح اهتبل الفرصة، وطفقت وسائل إعلامه تؤجج السعير من الجهات الأربع، والغرض من ذلك لا يجهله أحد.. وأطرف ما في الأمر أن هذا الحزب - الذي نُكن لمنتسبيه كل الود - ومن باب المكايدة السياسية الخطيرة تحول فجأة إلى انفصالي كبير في الجنوب، واستخدم كل الوسائل المدمرة التي كانت بنظره ترتقي إلى درجة الكفر والخيانة الوطنية حين كان الحراك الجنوبي يفكر بها مجرد تفكير.. وهنا لا بد من التمييز بين خيط السياسة الأسود وخيط النوايا السليمة الأبيض.
على ذلك وجب التنبيه إلى أن استخدام القضية الجنوبية كورقة مساومة آنية أمر مرفوض جنوبيًّا.
3- الحراك الجنوبي السلمي في خضم هذه المعركة كان، ولا يزال، نائمًا بالعسل على الأقل حتى كتابة هذه السطور, ربما معه حق في جانب كبير من موقفه المتفرج هذا, فهو ينظر إلى أن الأمر برمته صراع على السلطة في صنعاء، لا يجب أنْ يتماهى معها، ويساعد على نقل معركة الصراع على السلطة من صنعاء إلى عدن.. وفي الجانب الأمني يقف الحراك موقفًا مشدوهًا، وهو يرى أن ثمة مساعي خطيرة تسعى لها قوى مرتبطة بالحكم في صنعاء للزج بالجنوب في أتون فوضى أمنية كورقة ضغط على الخصوم السياسيين هناك.. والدعوات إلى إسقاط المعسكرات في ظل غياب مظلة سياسية سيضاعف من تعقيد الأمور.. فالجنوب اليوم ليس بحاجة إلى بندقية أكثر من حاجته للعقل والسياسة.
ومما يعيب الحراك الجنوبي - أيضًا - أنه لم يعمل على التواصل مع كل الجنوبيين، بمن فيهم الموجودين بصنعاء، والتنسيق معهم ومع جنوبيي السلطة الموجودين في عموم الجنوب، على أقل تقدير، تنسيق أمني لحفظ الأمن والمؤسسات وأرواح الناس من وضع شديد القتامة والبؤس.. وحتى لا نفوّت فرصة سياسية مواتية كهذه, ونقول بــ(الصيف ضـيّـعت اللبن).
4- المؤتمر الشعبي العام، وعبر رأسه الصلب/ علي عبدالله صالح، يبدو أنه أكثر المستفيدين من مثل هكذا خلط للأوراق ليتسنى له أن يقدم نفسه مرة أخرى كقوة وسطية بتعاملها، وحل ترتضيه الأطراف التي أقصته ذات يوم.!
5- الحزب الاشتراكي اليمني، وهو الجهة الوحيدة التي أعلنت موقفًا إيجابيًّا من الاستقالتين بدعوة هادي وبحاح إلى التراجع عنهما، يظل هو أعز مفقود وأذل موجود.. فهو يظل بالنسبة لحاجة الوضع في صنعاء أعز مفقود فقدته تلك القوى، وقد قدم لها كل ما يملك من تنازلات.. وأذل موجود بنظر تلك القوى المتغطرسة التي لا ترى من وجوده إلا كمالة عدد على الطاولة، حان الوقت، إنْ كان لدى تلك القوى ذرة إحساس، أن تُعيد هذا الحزب إلى واجهة الأحداث كحصان يمكن المراهنة عليه في وقت تقدمت فيه عُـرج الحمير مضمار السباق .!
إجمالاً نقول:
أولاً: إن الحفاظ على الوضع الأمني هو مكسب للجميع, وإن تعميم الفوضى وخصوصًا بشقها الأمني تعتبر محرقة وضياعًا للجميع، وأبرز ضحاياها ستكون القضية الجنوبية, فضلاً عن أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وسلامة أرواح الناس، جنوبيين أكانوا أم شماليين.
ثانيًا: التنسيق السياسي (الجنوبي - الجنوبي) بين كل الجنوبيين، مهما تنافرت توجهاتهم وتناثرت قناعاتهم، هو مطلب مُلحّ جدًّا بمثل هكذا وضع مظلم.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign