غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد        صنعاء تعلن فتح طريق البيضاء ـ الجوبة ـ مارب من طرف واحد      
    كتابات /
شروط أخرى لنجاح الحوار

27/06/2013 07:54:41
د. محمد القاهري:

نجاح الحوار يعني، من وجهة نظر الثوار، تحقيق هدفي الثورة الرئيسين المعلنين في الساحات: إسقاط النظام، وبناء الدولة المدنية الحديثة، وهما يتضمنان حل قضيتي الجنوب وصعدة، وإنهاء المظالم الناجمة عنهما.
وكي يقارب الحوار تحقيق هدفي الثورة ننظر في الاهداف الخاصة به. وقد تضمن التقرير النهائي للجنة الفنية للتحضير للحوار هدفاً لمؤتمر الحوار هو "تمكين أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬اليمني‭ ‬من‭ ‬تقرير‭ ‬مستقبلهم‭ ‬بالشكل‭ ‬الذى‭ ‬يفي‭ ‬بتطلعاتهم". وهو هدف عام نشتقه الى الاهداف الفرعية الآتية:
(1) التهيئة الجيدة للحوار.
(2) أن تكون اجراءات الحوار سليمة.
(3) أن تكون مخرجات الحوار جيدة.
(4) أن يتم تنفيذ تلك المخرجات بشكل فعلي.
فهذه الأهداف تتضمن في بنيتها عناصر لاستكمال إسقاط النظام ولو بالتدريج وإنهاء المظالم الناجمة عن قضيتي الجنوب وصعدة وبلورة نظام جديد للدولة المدنية يتضمن حلًّا للقضيتين، أي أنها في حال تنفيذها تكفل تحقيق أهداف الثورة؛ وهي ايضاً توافق مبادئ الشمولية والمشاركة والإلزام التي حددتها اللجنة الفنية للحوار، والتي توحي أن الحوار يسير باتجاه تحقيق أهداف الثورة، ولو بغير الصورة المباشرة التي يفكر بها الثوار.
لكن النوايا الحسنة والآمال المنبعثة من هذا الايحاء شيء، ونجاح الحوار بشكل فعلي شيء آخر يتطلب توفر شروط ملموسة. والملاحظ ان الصيغة الحالية للحوار لم توفر كل الشروط، ونتطرق الى اهم ثلاثة منها تتعلق بطريقة تناول القضية الجنوبية وبعمل الخبراء وبالقيادة:
1- طريقة تناول القضية الجنوبية
بالنسبة للقضية الجنوبية التي هي مركزية في الحوار، فمن تقييم البدائل الاجرائية المختلفة لتناولها نخلص الى انه كان من الافضل تناولها في جولة حوار ثانية مع الحراك الجنوبي، ومعنى ذلك ان نترك مؤتمر الحوار (بدون الحراك) يتوصل الى صيغة ليمن جديد تمثل حلًّا مرضياً لكل الاطراف بما في ذلك للقضية الجنوبية، ثم يعرض ذلك الحل على الحراك في جولة حوار ثانية، فإذا كان فعلًا مرضيًا فلن يرفضه الحراك وإن رفضه فلن يرفضه شعب الجنوب في استفتاء. لكن تم الأخذ كما نعرف بالخيار الحالي الذي قام من البداية على أخطاء في التمثيل والعدد وغيره من شأنها أن تنسف شرعية المخرجات وتلغي الزامية تنفيذها من قبل الاطراف، وهو الامر الذي يقوض نجاح الحوار.
2- عمل الخبراء
وهذا العنصر له علاقة بالشرعية، فالعدد 565 لأعضاء مؤتمر الحوار لا يساوي القاعدة الناخبة (عدد الناخبين المدلين بأصوات صحيحة في الانتخابات) كي يمثل شرعية الكثرة او الشرعية الشعبية، والأعضاء ليسوا خبراء كي يمثلوا شرعية نوعية (المعرفة التي تعطيهم الشرعية لصياغة الحلول المثلى باسم الشعب)، وبكلمات اخرى هم اعضاء مدخلات يصلحون فقط لتقديم مطالب سياسية في احسن الاحوال وللمشاغبة والتعطيل في اسوئها بينما المطلوب اعضاء مخرجات، اي خبراء قادرون على بلورة المطالب السياسية المنطقية الى نصوص دستورية وقوانين وسياسات مستقبلية مثلى هي المخرجات التي ينتظرها الشعب. مع العلم انه يمكن الحصول على المدخلات من المطالب السياسية وغيرها بطرق اخرى ودون الزج في الحوار بهذا العدد الكبير من الاعضاء.
طبعاً قد يقول قائل ما المانع من الاستفادة الآن من الخبراء الى جانب الاعضاء، بل ان هذا ما يحدث في مؤتمر الحوار؟ لكن يفترض لهذا القول ان يكون هناك خبير على الاقل لكل 3 اعضاء وأن يعمل الخبراء مع الاعضاء بشكل دائم. اي أن المعالجة الممكن استدراكها الآن هي ان ندع الاعضاء الحاليين كحملة مطالب يتقدمون بمطالبهم وستكون مطالب متشعبة، وأحيانًا متصارعة، وبعضها خاطئ سياسياً وفنياً وإجرائيا، ثم يقوم الخبراء بالأخذ والرد معهم لتصحيح التصورات والطروح وغربلة المطالب من اجل الإبقاء على المطالب السليمة والقابلة للتحويل الى النصوص الدستورية والقانونية والتصورات السياسية التي تمثل الحلول المرضية لجميع الاطراف.
لكن هذا لا يحدث الآن، فعدد الاعضاء كبير وعدد الخبراء والميسرين المرصودين في ميزانية مؤتمر الحوار 45 فقط ويعملون عن بُعد عبر تقديم اوراق عمل وإرشادات وتأطير دون التدخل في قرارات الأعضاء، ولكن كون الاعضاء ليسوا اعضاء مخرجات - كما ذكرنا - فإن هذا يسند شكوك العامة ان المخرجات تُطبخ في الكواليس وستُفرض في اخر لحظة مما ينسف شرعيتها ويهدد نجاح الحوار. وقد يقول قائل: ان المخرجات النهائية هي عمل لجنة صياغة الدستور فإذا كان الامر كذلك فما الداعي لمؤتمر الحوار طالما وكان يمكن الاكتفاء بلجنة صياغة الدستور؟
3- عامل القيادة
القيادة حسب الوصف الطموح هي من لو وضعت يدها على التراب لحولته الى ذهب، وفي حالتنا القيادة المطلوبة هي التي ستحول التأييد الشعبي المشتت والكامن للحوار الى تأييد فعلي يضمن له النجاح التام. لكن الحوار عندنا يتعثر وهناك الكثير من الناس يريدون نجاحه وتجنيد انفسهم لمساندته ولكن القيادة لا توفر الآلية المناسبة لذلك. اي ان الخلل هنا قيادي، ومن اوجهه:
- تخلف الرئيس هادي ونوابه في رئاسة مؤتمر الحوار عن توفير التهيئة الجيدة والإجراءات السليمة للحوار.
- حصر مهمة حشد التأييد للحوار على الأمانة العامة لمؤتمر الحوار وعلى الاحزاب المشاركة غير ان الامانة العامة لا تتجاوز الدور الفني المحض بينما التأييد مسألة سياسية، وبالنسبة للأحزاب فإن بعضها يعاني نفسه من فشل قيادي وبعضها الآخر يمثل بالأحرى عنصر تهديد لنجاح الحوار.
لم يبق للحوار إذاً من سند فعلي غير الدعم الخارجي وحده. لكن الى متى الدعم الخارجي؟، وما ثمنه؟، وما كانت ثمرته الحقيقية في حالتي افغانستان والعراق؟




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign