الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
رسالة النعمان هل سيعيها حكام اليوم؟

14/06/2013 09:08:47
مصطفى أحمد نعمان
في 20 رمضان 1390 هجرية الموافق 18 نوفمبر 1970 م وجه الاستاذ النعمان رسالة الى أخيه القاضي عبدالرحمن الارياني - رئيس المجلس الجمهوري حينها - بعد زيارة الى ميناء المخا، كتب: (إننا يا فخامة الأخ على ما نتوقع من خسارة في التخلي عن السلطة، فإنها لن تكون أكبر وأعظم من خسارتنا في سمعتنا وتاريخنا وديننا إذا نحن آثرنا الاستمرار في السلطة رغم "شعورنا بالعجز عن تحمل المسئولية وفقدان العون الحقيقي من كلِ مسئولٍ في الدولة عسكرياً وقبلياً ومدنياً)..
واصل "الاستاذ": (إن المرء ليكاد يحس أن كلَ موظفٍ في الدولة أصبح عن قصدٍ وغير قصد لا يؤمن بأنه مرتبطٌ بهذا العهدِ القائمِ، أو مشاركٌ في تحمّلِ المسئوليةِ فيه أو حريصٌ على بقائه واستمراره أو محسوبٌ عليه، بل وربما كان يخجل من الانتسابِ اليه، وإذا كان يعمل فيه فإنما لضرورة العيش، او للتسترِ على ما يقوم به من نشاط تخريبي، مترقباً زوال العهد متربصاً به الدوائر، يحصي أخطاءه ومساوئه ليستخدمها حين تحين الفرصة للانقضاض عليه، ولن يكون هدف المتربصين سوى رئيس الدولة شأنهم شأن الناقمين والحاقدين على كل عهدٍ وفي كل دولةٍ في الماضي والحاضر).
إن القراءة المتأنية الآن، البعيدة عن الاسقاطات والتأويلات والتفسيرات السطحية لهذه الرسالة، يجب أن تعيد الى الأذهان الفارق المروع بين حكام الأمس وحكام اليوم.
لن أتطرق الى الفارقين الثقافي والأخلاقي بين زمن النعمان والارياني والزمن الذي نحن فيه، فهما لا يحتاجان الى مزيد من التدليلِ والتأكيد، لكني اتساءل عن الحال الذي ستصل اليه الأجيال القادمة التي لم تقرأ ولم تدرك أن الحالة الحالية التي تعاني منها بلادنا ليس سوى تعبير مجسم عن حالة الخواء الفكري الذي يعيشه الحكام.
الالتفاتة السريعة الى الواقع المعاش تثبت أن ما يجري ما هو الا عملية مداراة وتمرير للوقت واستجابة لكل مطالبِ الذي يستطيعون ليّ الذراع، بعمليات الاختطاف، وقطع الطرقات، والتعدي على المنشآت العامة، وتخريب ما تبقي من بنية تحتية صدئة، وتهديدات باقتحام المؤسسات الأمنية واحتلال المؤسسات الحكومية.
هنا يفزع المرء من أسلوب إدارة الحكم وكفاءة القائمين عليه، وانعدام الخيال وندرة الأحلام، وانعدام الخبرة، وفي المقابل تكالبٌ وتنافسٌ للاعتداء على الأموال العامة ونهبها دون حسيب ولا رقيب، وازدياد في المحسوبيةِ والمناطقيةِ وارتفاعِ نبرةِ المذهبية.
لقد استُبدلت شماعة النظام السابق التي سئم الناس من تعليق كل خيبة عليها، الى شماعة المرحلة الانتقالية.. هذا الأمر يكون مقبولًا لو كان مرتبطاً بوقائع تثبت محاولات القائمين عليها تصحيحَ المسارات الكارثية السابقة، لكن تكرارها والاصرار عليها يجعل من الشك يقيناً: أن الصراع على الحكم كان المحرك الأول لشركاء الماضي للالتحاقِ بصفوف شباب الثورة الحقيقيين واغتصاب احلامهم وتحويل مسار طموحاتهم من البحث عن مستقبل آمن ويمن مستقر الى اللهث وراء لقمة العيش وأمنهم اليومي.
أجزم أن الساسة الذين يديرون أمور اليمن حالياً، لا يمتلكون مشروعاً أكبر من مشاريعهم وطموحاتهم الشخصية، وهم مستمرون في تضخيم مصالحهم على حساب دماء الشباب التي أُريقت في ساحات تعز وصنعاء وعدن وغيرها من مدن اليمن.
ختم الاستاذ النعمان رسالته إلى القاض الارياني بقوله: (إننا لا ينبغي لنا التسويف أو التعلل بالمناسبات والافتراضات والتوقعات، وتجاهل الواقع السيئ الذي لابد وأن ينفجرَ دون الرجوع الى مشورتنا أو أخذِ رأينا او الاستئذان منا، ولن يتعلل، ولن يتقيد بقيد من القيود)... (واجبنا الا نستسلم لضغط اولئك الحريصين على استمرارنا في الحكم، وأن نتحرر من مجاملتهم والاستجابة لرغباتهم، فَهُم وإن كانوا بمشاعرهم وعواطفهم معنا، ولكن عقولهم لا تقبل ولا تدرك حتى الآن المصلحة العامة.. إنها بعيدة كل البعد عن أفهامهم وغير معقولة لديهم إذ لم يجربوها ولن يؤمنوا بمن جربها قبلهم).
هل وصلت الرسالة؟... لا أدري وإن كنت لست حالمًا بأنها ستصل إلى مبتغاها.. فالزمنان مختلفان والرجال مختلفون!




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign