الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    كتابات /
المقارنات الفجة

12/06/2013 15:46:30
احمد الشرعبي
أثارتني تناولة الصديق والدبلوماسي المائز مصطفى نعمان في أخيرة "الوسط" - الأسبوع الماضي - حين لم أجد في مقارنته أثراً من الموضوعية.. ولم أقف على وجه واحد - وإن أوهى من بيت العنكبوت - يجيز الحديث عن المناضل والأديب والفيلسوف وصانع الثورة الأول الفقيد الكبير أحمد محمد نعمان على نحو ما ذهبت إليه تناولته تلك.
ومعلوم أن مقارنة الأشياء بنقائضها مسألة اعتيادية خاض فيها مفكرون وساسة ونقاد واستدعتها بلاغات الشعراء القدامى والمحدثين كقولهم (وبضدها تتمايز الأشياء) (والضد يظهر حسنه الضد) أما في حالة المناضل النعمان فليس من المنطق وضعه في دفة واللا شيء في الأخرى.
حتى داروين تكلم عن أصل الإنسان لكنه لم يذهب نحو الغابة أو يقل عثرت على ما يشبهني.
وسواء عقدت المقارنات على مستوى الموازين أو المسافات أو التجارب أو الشخوص فإن منطق المقارنة ينعقد على أثقال متقابلة لقياس نقيضين كل منهما له وزنه وأثره وقيمته ومعناه خيراً أكان أم شراً، تحرراً أم تحجراً..
ومثلاً يمكن وضع تجربة النعمان وفلسفته الوطنية في جانب واستدعاء تجربة النظام السابق وحكومة باجمال أو حقبة الإمام أحمد لتكون في الجانب الآخر بحثاً عن قياس معقول يحدد مستوى التناقض، لكن هذا القياس لا يكون مقبولاً في حق النعمان ولا يليق بمكانته المعايرة بعينة من الطحلب الحكومي الراهن!!
الجبال الراسخة لا تقارن بالكائنات الهلامية التي تمضغ الإهانات بشره ولا تجد حرجاً من إشهار عجزها عن القيام بشيء ذي جدوى..
أسأل.. ماذا لو كان الأستاذ على رأس حكومة - هذه الأيام - أكان يقبل على نفسه البقاء لحظة واحدة وبين وزرائه من يستهين به ويلقى تعليماته في الوحل.
لا.. لا وجه لمقارنة النعمان بثوار الغفلة وصنائع التخلف.
نحن أفسدنا كل القيم الفاضلة وأحلنا الأمل بربيع التغيير إلى مارثون حكومي يقتل الفكرة ويقصي الحقيقة ويعادي المعرفة ولا يخجل من إمضاء مراسيم الزواج نيابة عن الصاحب (العشيق) !!
اكتوى النعمان بما نكوى به راهناً جراء استخدام القطعان الجاهلة التي يزج بها إلى الشارع للنضال من أجل الجوع والأمية والتقاسم، وحينها خرجت جمهورية القطيع تطالب بإسقاط حكومته لكنه سبقها بعزوفه عن السلطة وخطاب الاستقالة - الذي يتعين اعتماده ضمن مواد التربية الوطنية لأجيال اليمن - وذلك شأن المشاعل الذاكية تتقدم الصفوف وفي متناولها مشروع
وطني ينشد بناء دولة لا الالتصاق بموبقات السلطة.
كان النعمان أول أهداف القتل الممنهج وشهد أكثر من عملية اغتيال سياسي ومعنوي وتابعه الشعب وهو يصرخ في وجه ثورة يوليو المصرية (كنا نطالب بحرية القول واليوم نطالب بحرية البول)!، وهو إذ يغادر البلاد مرفوع الهامة تبتدره القبيلة بقرار سحب الجنسية كما لو أن نعماناً آخر وجد في جرابها لكن ليست القبيلة وحدها من يرد الجميل لصانع الثورة الأول، و(لو كان سهماً واحداً لاتقيته.. ولكنه سهم وثان وثالث) فالقبيلة الأممية في جنوب الوطن تمنح الأستاذ مكافأة مماثلة وتقرر تعقب واغتيال نجله ذائع الصيت الشهيد أحمد محمد نعمان
الرجل طراز استثنائي نادر ورفيع من الرجال الذين يدخلون التاريخ دون بكاء ولا استدرار شفقة شيخ أو تعلق واهم بذيل الصدفة وعند الحديث عن أفلاطون العرب لا بد أن نكون جاهزين للمثول بين يدي الله سبحانه وأداء الصلوات ترحماً عليه واستغاثة من المقارن بهم (اللهم لا نسألك رد القضاء وإنما نسألك اللطف فيما جرت به المقادير)..




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign