الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    تحقيقات. /
سجون تعز من الداخل.. جوع وتعذيب وغياب عدالة

15/05/2013 11:27:45


 
تقرير/ رشيد الحداد
السجون اليمنية من الداخل تعيش وضعاً استثنائياً وتفتقر للبنية التحتية اللازمة التي تؤهلها لِأن تتحول إلى إصلاحيات أنموذجية تعيد تأهيل نزلائها ليعودوا مرة أخرى الى المجتمع مواطنين صالحين، كما أن ضعف القضاء حول تلك السجون إلى مقالب تلتقي تحت ظلها المظالم.. من تلك السجون سجون محافظة تعز.. التفاصيل في سياق التقرير التالي:
فالسجن المركزي الذي لا تتجاوز طاقته الاستيعابية الـ (500-600) سجين إلا أنه يحتضن ما يقارب (1500) سجين، والسبب ليس لازدواجية استخدامه كسجن مركزي وسجن احتياطي يستقبل المتهمين على ذمة قضايا مختلفة في آن واحد، بل لأسباب أخرى أيضًا منها ضعف القضاء والعدالة، والتي كانت سببًا لارتفاع معدلات الجريمة في الحالمة، فجرائم القتل احتلت المرتبة الأولى في الاتهامات التي يحملها السجناء في مركزي تعز.
السجن المركزي من الداخل
يحتوى السجن المركزي في محافظة تعز على سجن للكبار وآخر للأحداث وثالث للنساء، بالإضافة إلى عدد من المرافق كمركز صحي ومدرسة ومعهد فني، بالإضافة إلى المطبخ والفرن الخاص بالكدم، وعلى الرغم من ان السجون تتواجد في نطاق واحد إلا ان العناية شبه غائبة فالسجناء المحشورون في السجن أفادوا للفريق الميداني التابع لمشروع الحد من الاعتقالات التعسفية، الذي نفذه مركز تعز، بأنهم يتولون عملية شراء الصابون، أما سجن النساء فهو الآخر عنبر مخصص للنساء، مكون من خمس غرف، ويوجد فيه أكثر من (50) سجينة.
ففي عنبر واحد يتم سجن الأحداث، ويحوي النزلاء المتهمين بجرائم قتل وجرائم أخرى، ويوجد ما يزيد عن 30 حدثا على الرغم من انه مخصص لإيواء (20) نزيلًا، ويفتقر للنظافة كما أن طفح المجاري في بوابة العنبر وما يسببه من انبعاث روائح كريهة يلحق الاذى المستمر بالنزلاء، ويؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة في أوساطهم، حيث سجل المركز حالة إصابة بداء الجرب المعدي داخل عنبر الأحداث ويهدد بقية النزلاء بذات الإصابة، كما شكا النزلاء من عدم وجود فراشات صالحة للنوم، وعدم تغطية أرضية (البلاط) العنبر بأي عازل (موكيت - فراش)، وهو ما يضاعف معاناة النزلاء، كما شكا النزلاء الأحداث عدم وجود حوش صغير للعنبر لتمكينهم من الحصول على التهوية المناسبة يومياً، كما أن ضعف الطاقة الاستيعابية حال دون ذلك.
مركز السجن الطبي بلا دواء
في السجن أشبه بمركز طبي يتكون من غرفة استقبال وغرفة رقود 3 سرائر وغرفة معاينة وغرفة مختبر وغرفة جهاز، إلا أن السرائر متردية والخدمات شبة منعدمة والأطباء لا يتوفرون فيه على مدى الساعة، فالطاقم الطبي في المركز المعتمد من مكتب الصحة 4 أطباء و3 مختبرات وصيدليان وموظفان، إلا ان المتوفر في المركز مساعدا أطباء فقط، احدهما موظف من الداخلية والآخر سجين.
وأفاد العاملون فيه انه يفتقر إلى أدنى الخدمات بسبب النقص الحاد في الأدوات والأدوية، حيث يعمل المركز بأداة مجارحة واحدة منذ 5 سنوات ولا يوجد وسائل تعقيم لها، بالإضافة الى ان إدارة المركز تخزن الأدوية من عام لآخر دون ان تصرف تلك الأدوية للسجناء حتى يتم انتهاؤها، وتحرق في باحة السجن، بينما السجناء لا يحصلون على مسكنات ألم عادية.
كما أكد العاملون في المركز وجود عدد من الأجهزة الطبية أغلق عليها ولم توظف في خدمة السجناء طبياً، وفي قسم النساء يوجد عيادة ممثلة بغرفة واحدة مغلقة الأبواب، وقيل بأن قسم النساء يستعين بأطباء مساعدين لمعالجة أية سجينة، أي لا يوجد أي طبيبات لمعالجة السجينات في حال إصابتهن بحالات مرضية.
تغذية سيئة
أما بالنسبة للمعاملة والتغذية فقد أفاد بعض السجناء انهم لامسوا تحسنا في المعاملة، بالإضافة إلى تحسن نسبي في التغذية، وذلك عقب تغيير المدير السابق للسجن الذي حدث في عهده الكثير من أعمال الشعب والاحتجاجات داخل السجن، في حين شكا بعض السجناء من التغذية ووصفوها بأنها ليست جيدة، فالشاي الذي يقدم لهم بدون سكر، كما أن الكدم لا تخلو من الحموضة الزائدة.. ومن خلال جولة ميدانية قام بها فريق الزيارة الميدانية في أروقة السجن تبين أن مطبخ السجن المركزي بحاجة إلى إعادة تأهيل ومستوى النظافة ضعيف في المطبخ وشبكة الصرف الصحي تالفة مما أدى الى طفح المجاري الذي تسبب في زيادة البعوض والحشرات وتفشي الأمراض في أوساط السجناء والسجينات بالإضافة إلى أن الفرم بحاجة إلى ترميم كامل.
مراكز توقيف سيئة
مراكز التوقيف التي حدد القانون دورها في توقيف المتهم 24 ساعة وتحويله الى النيابة والممثلة بأقسام الشرطة وأمن المديريات هي الأخرى أسوأ حالًا، ففي مديرية القاهرة يتكون مكان التوقيف من غرفة واحدة، اما مكان التوقيف في قسم في بئر باشا المكون من غرفة وحمام فوضعه سيئ جداً، مكان التوقيف في قسم 30 نوفمبر في منطقة الرعينة مديرية شرعب الرونة المكون من غرفتين بالإيجار وغرفة ثالثة جانبية خصصت للتوقيف والاحتجاز يفتقر لدورة مياه، كما ان وضع سجن مديرية الجند المكون من غرفة واحدة وحمام يفتقر للنظافة والخدمات الأساسيةن كما يعيش الموقوفون والمحتجزون نفس المعاناة التي يعيشها الموقوفون والمحتجزون في إدارات الأمن وأقسام الشُرطة الأخرى، فلا يوجد ماء بدورات المياه، والأكل والشرب يحضره أهالي الموقوفين والمحتجزين، وإدارة الأمن لا تُقدم لهم أية تغذية او رعاية صحية، فمياه الشرب والاستحمام غير متوفرة ومن يعاني من مرض فيتم إسعافه الى المستشفى، وعلى نفقته الخاصة، حيث أكدت إدارة امن المديرية عدم وجود أي اعتمادات أو مخصصات لمواجهة هذه النفقات.
الجرب في البحث
سجن البحث الجنائي في تعز يتكون من خمس غرف وجامع وصالة وأربعة دورات مياه تفتقر للنظافة سيما وأن مياه النظافة والاستحمام غير متوفرة، والمحتجزين هم من يدفعون ثمن مياه النظافة التي يتم توفيرها عن طريق الوايتات، وتزداد معاناة المحتجزين الذين لا يتم زيارتهم من قبل أقاربهم كونهم لا يعلمون بتوقيفهم أو احتجازهم، وقد شكا بعض المحتجزين سوء المعاملة وسوء وضع الاحتجاز، وأكد فريق مشروع حماية للحد من الاعتقالات التعسفية انه رصد حالة إصابة بداء الجرب في سجن البحث الجنائي ناتجة بسبب افتقار السجن للنظافة، ولم يتمكن فريق الزيارة من معرفة عدد المحتجزين في البحث الجنائي إلا ان عددهم يفوق الـ 60 محتجزا - حد قول بعض المحتجزين، كما تعزو إدارة البحث الجنائي ذلك الى قلة الدعم المادي الخاص بإدارة السجن ونفقات السجناء.
التعذيب في البحث
التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة لا تزال ظواهر شائعة داخل السجون اليمنية، وخصوصاً سجون البحث الجنائي والأمن السياسي والأمن القومي، ورصد الفريق الميداني لمشروع "حماية" في سجن البحث الجنائي بتعز عددا من الانتهاكات وحالات التعذيب التي تعرض لها سجناء، وتباينت ممارسات التعذيب التي افاد بالتعرض لها السجناء من قبل عساكر وضباط البحث الجنائي بين الضرب الشديد والتعليق والتعذيب بالكهرباء، والتي كانت دافعا لعدد منهم
للاعتراف القسرى بارتكاب الجريمة.
رهائن في السجن المركزي
في السجن المركزي بتعز 20 معتقلا يقبعون منذ 2009 على ذمة جريمة قتل الشوافي دون ان يتم إدانتهم بأي شيء، بل ان طريقة الاعتقال على ذمة القضية نفسها تمت بعلم وإدراك النيابة العامة التي ألقت القبض عليهم العام 2009م، والمحكمة التي وصفت قضيتهم بأنها سياسية، ووفق تأكيد المعتقلين الذين نتحفظ على أسمائهم فإن النيابة أفرجت عن تسعة من المحتجزين حتى الآن وترفض الإفراج عن الآخرين الذين هم في حكم الرهائن رغم تردي الحالة الصحية للعديد منهم، والذين يعانون من العديد من الامراض.. مؤكداً بأن هناك شخصية نافذة في المحافظة تقف وراء عملية اعتقالهم.
المحتجزون الأفارقة
ويقبع في السجن المركزي بمحافظة تعز أكثر من 150 أفريقيا، بينهم (25) امرأة دخلوا بطريقة غير شرعية لليمن عبر ذباب وميناء المخا، قاصدين التسلل الى دول الخليج عبر اليمن للبحث عن عمل، حيث تم القبض عليهم من الجهات الأمنية وإيداعهم السجن المركزي بتعز، حيث تم احتجاز النساء في عنبر النساء اما الذكور فقد تم احتجازهم في حوش السجن المركزي ينامون في العراء، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وتزداد معاناتهم في ظل الأوضاع السيئة وشحة الإمكانات المتوفرة في السجن المركزي، وطالب المحتجزون الأفارقة ترحيلهم إلى بلدانهم وتخليصهم من المعاناة التي يعيشونها.
مدير السجن المركزي
مدير السجن المركزي في تعز العقيد محمد نائف أكد أن إدارة السجن عملت على توفير الغذاء المناسب للسجناء بقدر إمكاناتها، بالإضافة إلى انها تعمل على توفير أدوات ووسائل النظافة للسجن، مشيرا الى أن السجن يحتاج الى مبانٍ إضافية لتوسيع قدراته الاستيعابية، بالإضافة الى احتياجات السجن لدعم كبير بالأدوية والبطانيات.
وأكد ان السجن استقبل 190 إثيوبيًا ممن دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية وإدارة السجن تحتاج إلى إمكانات كبيرة لترحيلهم الى بلدهم كونهم يشكلون ضغطا على إمكانات السجين، ويحتاجون التي عنابر وخدمات في ظل القدرات الحالية للسجن.
وفيما يتعلق بالإمكانات فإن الإمكانات المادية المخصصة للسجن المركزي لا تتجاوز الـ 250.000 ريال شهرياً، لا تفي بتوفير الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية للسجناء والسجينات من الرعاية الصحية والنفسية والتغذية، وتطالب إدارة السجن الجهات المختصة بالدولة بضرورة رفع اعتماداتها حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه حقوق السجناء والسجينات.
مشروع حماية
مشروع "حماية" للحد من الاعتقالات التعسفية، الذي ينفذه مركز تعز للدراسات والبحوث بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي أشار - في ختام زيارة ميدانية للفريق الميداني - الى تردي أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز في محافظة تعز وافتقارها للبنية التحتية المناسبة والخدمات الأساسية من تغذية (أكل ومياه شرب) ورعاية صحية وبرامج تأهيل وإصلاح في ظل قلة الاعتمادات المخصصة للسجون وأماكن الاحتجاز ضاعف من معاناة السجناء والسجينات وأدى الى انتشار الأمراض المزمنة في أوساطهم.
وعزا الازدحام السجن المركزي بتعز الى عدم استقلال القضاء وعدم التزامه بمعايير المحاكمة العادلة وتباطؤه بالنظر في الدعاوى وغياب دوره في الرقابة على السجون وأماكن الاحتجاز ساهم في اتساع دائرة الانتهاكات الإنسانية وارتفاع ظاهرة الاعتقالات خارج إطار القانون.
وأشار التقرير الى ان هناك توسعا في استخدام سلطة إجراء الحبس الاحتياطي ولفترات طويلة تصل لأكثر من سنة في ظل عدم وجود سجن احتياطي في محافظة تعز أدى إلى اكتظاظ السجن المركزي بتعز بالنزلاء الذين يفوق عددهم ضعف الطاقة الاستيعابية المخصص للسجن وحال دون عملية الفصل بين النزلاء المحكومين وبين النزلاء المتهمين.
بالإضافة إلى عدم وجود مراكز احتواء للنساء المتهمات أثناء فترة التحقيق السابق للمحاكمة وتحويلهن مباشرة إلى السجن المركزي والتحقيق معهن باعتبارهن مجرمات يعتبر انتهاكاً لحقوقهن وإجراء يضاعف من معاناتهن.
ولفت الى أن تعرض بعض السجناء لممارسة تعذيب قاسية في سجن البحث الجنائي يمثل انتهاكا على الحق في الحياة والسلامة البدنية والأمان الشخصي، ويخلف آثاراً نفسية سلبية على السجناء وأسرهم.
وعزا التقرير الى أن الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن في سجون التوقيف ناتجة عن عدم التزام الأجهزة الأمنية بالقانون، حيث لا تجري عملية القبض والاعتقالات بناء على أوامر قضائية، كما ولا يعرض الأشخاص الموقوفون على النيابية العامة خلال 24 ساعة من الاعتقال وفقاً للقانون مما أدى إلى بروز ظاهرة الاعتقالات خارج إطار القانون واتساع دائرة الانتهاكات الإنسانية والتلاعب بالقضايا والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة وفقاً للقوانين الوطنية والمواثيق والاتفاقات الدولية.

 





جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign