صنعاء تشن عمليات هجومية ضد سقناً امريكية واسرائيلية في خليح عدن والمحيط الهندي        صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم      
    تحقيقات. /
الإصدار الآلي.. سقوط من الهيكلة ومؤامرات تصطدم بأسوار النجاح
النموذج الأمثل للإدارة وتقديم خدمات وزارة الداخلية في وضع اسود

06/03/2013 15:45:17


 
تحقيق - رشيد الحداد
أُقر الأسبوع قبل الماضي هيكلة وزارة الداخلية اليمنية وفق الدراسات والمقترحات والندوات العلمية التي اقرها فريق الهيكلة الأجنبي واليمني، إلا أن قرار الهيكلة الذي أضاف مناصب وإدارات جديدة وغير مسميات استثنى مراكز الإصدار الآلي الحديثة التي نجحت في تقديم خدماتها للمواطن اليمني بأسلوب حضاري ومتقدم.
فتلك المراكز الحديثة التي تعمل وفق النظم الإدارية الحديثة وعلى مدى السنوات الماضية اتسمت خدماتها بالجودة الشاملة وحظيت برضى المستفيد من خدماتها.
وعوضاً عن منح تلك المراكز الحديثة صلاحيات أوسع وتطويرها باعتبارها النموذج الأمثل، التي لم يعد العمل فيها قابلاً للتجربة والخطأ بل ثبت نجاحها في تقديم أنموذج راقٍ في التعامل مع المواطن تم تهميشها وتواجه التدمير الممنهج.
"الوسط" -وفي سياق نزولها الميداني- اقتربت من معاناة مركز الإصدار الآلي بالعاصمة صنعاء ومعاناة المواطنين، واستقصت الأسباب وكانت النتيجة الآتي:
مع وصول الدكتور رشاد العليمي إلى وزارة الداخلية اليمنية بدأت عملية التحديث والتنظيم التدريجي في الوزارة وطرى التغيير على الوزارة وإمكاناتها بصورة كبيرة، فقاد العليمي التغيير الايجابي في الوزارة حتى آخر يوم من بقائه وزيراً للداخلية.
عملية التحديث التي قادها رشاد كانت برؤية علمية جارت التطورات المتساوية في الدول الأخرى فتم إنشاء مجمع الإصدار الآلي بالعاصمة صنعاء كأول مجمع يقدم خدماته للمواطنين بسهولة ويسر، وعلى ذات النهج تم تأسيس مراكز أخرى في الحديدة وتعز وحضرموت وعدن ، ولكن النموذج الأمثل لتقديم خدمات وزارة الداخلية للمواطنين في عدة مجالات منها إصدار البطاقة الشخصية وإصدار جواز السفر وإصدار رخص القيادة وتجديدها وإصدار أرقام السيارات بأنواعها المختلفة دون رشوة أو محسوبية أو تأخير قوبلت بحرب شعواء من قبل المرور والجوازات والأحوال المدنية سابقاً، حيث شعرت تلك الجهات بأن مراكز الإصدار الآلي تنتزع صلاحياتها ومهامها وفشلت في تقديم خدمات مماثلة أو المنافسة في تقديم أفضل الخدمات فعملية التحديث دخلت تلك الجهات في عهد العليمي، ولكن السلوك لم يتغير والرضى المجتمعي ظل سلبياً.
حق تقرير المصير
تاهت مراكز الإصدار الآلي بالجمهورية ومنها المركز الأول الكائن في العاصمة صنعاء بين المرور والجوازات والأحوال المدنية ووزارة الإدارة المحلية والسلطات المحلية ووزارة الداخلية، ومنذ ست سنوات منذ تدشين أول مركز إصدار آلي في العاصمة صنعاء وتدشين مراكز مماثلة في الجمهورية لا تزال تلك المراكز الضخمة دون مصير حتى اليوم، فمن يقدمون الخدمات فيها رجال أمن يتبعون وزارة الداخلية ويعين مديرها وزير الداخلية وتقدم خدمات الداخلية أيضا إلا أنها لا تتبع وزارة الداخلية مباشرة بل السلطات المحلية.
ذلك الإرباك لم يؤثر على أداء مراكز الإصدار الآلي وخصوصاً مركز صنعاء خلال السنوات الماضية لحداثة نشأتها وحداثة الأجهزة الالكترونية والتقنية المختلفة، إلا انه كان له تأثير كبير على أدائها في السنوات الأخيرة في ظل حرب الصلاحيات التي تفرضها الجهات الأخرى وعلى وجه الخصوص المرور الذي لا يبعد عنها مركز العاصمة الآلي سوى 300 متر، كما لا يفصل بين المركز والإدارة العامة للمرور أي جدار عازل أو سور.
ورغم ذلك ظلت مجمعات ومراكز الإصدار الآلى بانتظار أي قرار حاسم يحدد مصيرها ويمنحها الصلاحيات الواسعة للقيام بدورها ويضع محددات للعلاقة مع الجهات الأخرى دون تدخلات، إلا أن القرار الجمهوري رقم (50) لسنة 2013م بشأن مكونات الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية الصادر بتاريخ 21 فبراير الماضي كان مخيبا للآمال، حيث لم يشر لتلك المراكز المنتشرة في معظم محافظات الجمهورية أو يجد لها أي حل على الرغم من أن المادة رقم واحد من القرار "50" بشأن مكونات الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، أشار إلى وضوح المهام والاختصاصات وعدم التداخل في الوظائف، والإيمان بمنح الصلاحيات والابتعاد عن المركزية والتكامل في كل أعمال الشرطة ومكافحة الفساد في كل الممارسات والإجراءات.
توقف الزمن في المجمع الأول
واقع مجمع الإصدار الآلي بأمانة العاصمة لم يعد كواقعه قبل خمس سنوات فحال افتتاح المجمع كانت الخدمات فيه سريعة وكان المترددون علية قليلين، أما اليوم فقد بات المجمع يواجه ضغطاً شديداً من قبل طالبي خدماته المختلفة، إلا أن توقف بعض الطابعات والاختلالات الفنية التي تتكرر في أجهزته تعيق العمل وتثير حالة استياء لدى طالبي الخدمة، فالمركز الذي يقدم عدداً من خدمات المرور وأخرى تتعلق بجواز السفر وخدمات الأحوال المدنية لم تطرأ عليه أية عملية تطوير خلال الخمس سنوات الماضية على الرغم من ان المركز يعتمد على الأنظمة الآلية الحديثة في عصر التطور التكنولوجي الذي يسابق الزمن فأجهزة المجمع هي ذات الأجهزة التي استخدمت قبل خمس سنوات وطابعاته هي ذاتها، وحتى الكراسي التي وضعت للجمهور لم تتغير على الرغم من أن كل شيء في المجمع الأول في اليمن كما هو دون تغيير سوى التهالك، وكأن الزمن في المجمع قد توقف قبل خمس سنوات.
لا مكان للوساطات والسمسرة.
يرتدي العاملين في مجمع الإصدار الآلي بزات سماوية تميزهم عن غيرهم من رجال الأمن، يعملون على ذات النمط السابق تعاملاً مسئولاً مع الجميع، لا يميزون بين كبير وصغير، يقدمون خدماتهم بنهم شديد من التاسعة صباحا حتى انتهاء الدوام الرسمي.
المتغير في المركز أن لا تجد أحداً من العاملين فيه يعرض عليك خدماته للقيام بتمرير المعاملة بسرعة فائقة ولا تجد سمساراً يعرض ذات الخدمات بل تجد عشرات اللوحات التوعوية الصغيرة ذات اللون الأحمر أمام كل جهاز، وكل نافذة كُتب عليها "أخي المواطن الكريم.. جميع موظفي مجمع الإصدار الآلي في خدمتك وسيتم توقيف المعاملات التي تتم عبر أي وسيط".
محاولة إفشال المجمع
من فترة لأخرى يواجه العاملون والمواطنون في مجمع الإصدار الآلي مشكلة معينة.. الأسبوع الماضي ومطلع الجاري توقفت آلة الطباعة الخاصة بإصدار بطائق تجديد رخص القيادة في مركز الإصدار الآلي بصنعاء، وهو ما أثار غضب طالبي الخدمة الذين قدم معظمهم من محافظات خارج صنعاء، إلا أن توقف آلة الطباعة أثار التساؤلات حول إمكانات المجمع الحديث ومدى الاهتمام به من قبل الجهات المختصة، فالمركز كان يفترض أن يكون فيه أكثر من آلة احتياطية للقيام بالمهمة حال تعطل أية آلة لتسريع تقديم الخدمة والحفاظ على التميز في الخدمات، كما كشف وضع المجمع الفني عن أكثر من مشكلة يواجهها المجمع من قبل جهات أخرى تقدم نفس خدمات المجمع بصورة بدائية وبأسلوب يقترب من المتاجرة بالخدمات في الأسواق السوداء.
وما علمناه من قبل عدد من العاملين بأن المركز يواجه محاولات لإفشاله وإظهاره بصورة سيئة بعد أن اكتسب ثقة المواطن اليمني خلال السنوات الماضية من عمره القصير.
المركز عند افتتاحه في عهد الوزير العليمي مُنح عدداً من الاختصاصات في جانب المرور، أو ما يسمى وفق قرار هيكلة الإدارة العامة للسير، حيث اقتصرت الخدمات والمهام التي يقدمها المرور على الحوادث، وتنظيم السير فقط وعهد إلى المجمع القيام بالمهام الإدارية الأخرى كاملة، إلا أن المرور ظل وصياً على مجمع الإصدار الآلي في صرف العهد من أرقام للسيارات وغيرها بالإضافة إلى تسديد المخالفات التي امتنع المرور عن تسليمها للمجمع لتسهيل مهام المعاملات اليومية حتى الآن، وحال تواجدك في المجمع ينتابك الآمل بأن الخير قادم لليمن كون الرشوة والمحسوبية والاحتيال مختفياً فيه، وحال تم تحويلك إلى قسم المخالفات في الإدارة العامة للمرور تجد سلبيات الداخلية بأسوأ صورها، فحال الاقتراب من الإدارة المعنية يتلقى طالب الخدمة عدداً من العروض بتقديم الخدمات، منهم من يقول لك سآتيك بالأوراق بأسرع وقت ممكن، وآخر يقول لك قبل أن يرتد إليك طرفك ولا تخف من المخالفات سيتم تمريرها بسرعة وحال عدم وجود أي مخالف يختلق السمسار الذي يرتدي بزة المرور أي مبرر للحصول على المال.
عندما تصل إدارة المخالفات في الإدارة العامة للمرور تندهش بالمشهد داخل القسم كراتيين ممتلئة بأوراق ومعاملات ووثائق وشوالات مرصوصة في القسم وأوراق مبعثرة هنا وهناك فتتخيل بأن القسم يعيش في مطلع الستينيات وليس في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.
زعفور.. الأجهزة تجاوزت العمر الافتراضي قبل عامين والجهات المسئولة ترفض التجاوب معنا
أثناء نزولنا الميداني إلى مجمع الإصدار الآلي السبت التقينا بالعقيد عبد الرحمن زعفور مدير مجمع الإصدار الآلي بصنعاء، والذي أكد لـ"الوسط" بأن المجمع يعيش وضعاً يُرثى له.. مؤكداً بأن المشاكل التي تواجه المجمع في الجانب الفني خارجة على إرادة المجمع وإدارته، خصوصاً وأن الآلات قد خرجت عن العمر الافتراضي لها قبل عامين.. وكشف زعفور عن تراكم معاناة المجمع نتيجة تنصل عدد من الجهات بالقيام بواجبها وعدم التجاوب السريع من قبل الإدارة العامة للمرور.. فيما يتعلق بمطالب المجمع فالعهد لا تمنح إلا بعد مرور فترة زمنية من طلبها مما يتسبب بتوقف بعض الأعمال كأرقام السيارات الأجرة وغيرها.
المجمع يعاني من عدم توفير الإمكانات الكافية، ويمر بمرحلة عصيبة جدا، حيث يستقبل كماً هائلاً من قبل المواطنين مقابل العجز الذي يواجهه في المعدات والآلات والأجهزة والكمبيوترات.
أمانة العاصمة صرفت 20 مليون ريال لشراء كمبيوترات من بداية العام 2012م ونزلت المناقصة وفتحت المظاريف في 12 / 2012م، وتم إرساء المناقصة على "كمبيوت مي" المؤسسة الاقتصادية، وإلى الآن 3 أشهر لم يتم التوريد إلى المجمع.
وحول المعوقات طالبنا عدة مرات بإيجاد طابعات احتياطية وإيجاد طابعات للمجمع لأن الطابعات عمرها الافتراضي انتهى فنطلب طابعات فترد الجهات بأنها ليس لديها إمكانات لشراء طابعات، وحول العائدات التي تعود على المركز أكد عدم وجود أي عائدات، عدا 200 ريال فقط فرضها العليمي.
وحول احتياجات المجمع قال أريد نظام بصمة دقيق ونظام الرقم التسلسلي لمعاملات الناس، أريد اعمل نظام شاشات توعوية وشاشات استعلام مش قادر، وكنت أريد أن أعمل نظام التحصيل المالي المباشرة، مربوط بالبنك المركزي أو الجهات الرسمية الأخرى.
وقال إن العديد من الخدمات يفترض أن تكون في المجمع وغيابها من ضمن المعوقات التي يواجهها، ومنها الفحص الفني، وتمنى أن يتم الفحص الفني للسيارات داخل المجمع وأشار الى أن أمين العاصمة عبدالقادر هلال تجاوب مع مطالب المجمع وأحال الموضوع إلى الأمين العام للمجلس المحلي لمعالجة كافة قضايا المجمع، واقترحت عليه أن يتم عمل مجمعين فرعيين، يتبعان المجمع، واحد في شمال العاصمة وآخر في جنوبها، وقال: لدينا هنجر هنا أريد أن أنقل الأحوال الشخصية إلى الهنجر الآخر.
وأضاف: انا مستأجر أرشيف دكان في بيت معياد، مستأجر كونتيرة لأرشيف أجرتها 25 الف ريال شهريا وكونتيرة لصرف استمارات الأحوال المدنية أدفع 25 ألف ريال.
وحول تحصيل المخالفات قال: إدخال المخالفات في النظام يعد مخالفة كبرى يتيح فرصة للابتزاز والنهب.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign