صنعاء تنهي الجدل الدائر حول شحنات المبيدات الزراعية        واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة للكيان        المدمرة الالمانية الحريية " هيسن "تغادرالبحر الأحمر بعد تعرضها لاكثر من هجوم        صنعاء تشهد مسيرات مليونية داعمة لفلسطين      
    تحقيقات. /
اليمنيون يطوون صفحات عام الأزمة والصراع والحروب الباردة



 
تقرير - رشيد الحداد
طوى اليمنيون صفحات عام الفقر والجوع والمخافة ولم يتم طي أحداثة، فصفحات تاريخه المبللة بدماء ضحايا الاغتيالات من عسكريين ومدنيين لم تجف بعد،كما ان القتلة الجوالين لايزالون يتربصون بحياة المزيد من الأبرياء في شوارع العاصمة والمحافظات الأخرى نهاراً ويترقبون صدور التعازي الرسمية وبيانات النعي مساء.
فضحايا أعمالهم الإجرامية غامضة الدوافع تتجاوز الـ(73) ضحية اخترقت أجسادهم رصاصات الغدر في شوارع العاصمة والمحافظات الأخرى .
كما ان الطائرات الأمريكية لم تتوقف قبل عيد رأس السنة بل تحتفل بقتل المزيد من البشر في بلد بات الموت الأُمنية الوحيدة التي تتحقق لشبابها وأبنائها دون عناء، فضحايا الطائرات الأمريكية بدون طيار يفوق المئات معظمهم ابرياء وضحايا الفقر والجوع وشظف العيش يواصلون الانتحار،وما يزيد الوضع قتامة استمرار الضربات الاستباقية على انانبيب النفط والغاز وخطوط نقل الطاقة، وتصاعد سلوكيات الإقصاء والتهميش بين شركاء الوفاق...
لم يتنفس اليمنيون الصعداء رغم مضى عام على المرحلة الانتقالية، بل يعد عام 2012م عاماً استثنائياً بامتياز حيث سادت بداياته ثورة المؤسسات التي فشلت في تحقيق كافة أهدافها في زمن الوفاق الوطني، وانتهى بموجة اغتيالات، وعلى مدى أيام السنة القاتمة لازم اليمنيون الخوف والفقر والمجاعة، فتردت أحوالهم الاقتصادية والإنسانية وباتت المجاعة سيفاً مسلطاً على رقاب الملايين من الأطفال، كما عصف سوء التغذية وفقر الغذاء بصحة عشرات الآلاف من الأطفال الرضع ، فيما انشغلت حكومة الوفاق بتوزيع غنائم الشراكة ومحاصصة المناصب والامتيازات.
فآمال المواطن البسيطة العريضة التي حملها أواخر العام الماضي والتي لا تتجاوز العيش بأمان وتوفير لقمة العيش تلاشت وساد الخوف من المجهول، حيث لم يلمس أي تحسن في معيشته من قبل حكومة عوّل عليها اليمنيون إحداث تغيير جذري في حياتهم وتعهدت بتحسين حال البسطاء، إلا انها فشلت في تحقيق أي شيء ملموس بل وفقدت السيطرة على الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فكانت النتائج تراجع شعبيتها، واستمرار مظاهر ازمة ماقبل الوفاق، حيث تعرضت خطوط نقل الطاقة لأكثر من (100) اعتداء تخريبي وتجاوزت العمليات العدائية تجاه أنابيب النفط والغاز الـ 40 عملية تفجير، أدت الى توقف ضخ أنابيب النفط لأشهر، كما ان الاعتداءات على المصالح العامة تعدت النفط وأبراج الكهرباء إلى الألياف الضوئية التي تعرضت في ست محافظات لجملة اعتداءات ممنهجة.
كما ارتفعت خلال العام 2012م ظاهرة التقطعات القبلية في الطرق الرئيسة إلى أعلى المستويات، وتصاعدت أعمال النهب والسلب على الطرقات، وإن كانت مظاهر الانفلات الأمني قد سيطرت على المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي العام المنصرم، فإن ظواهر أخرى فرضت نفسها بقوة منها ظاهرة الانتحار التي بلغ متوسط ضحاياها مواطن كل يوم في شهر نوفمبر الماضي، كما أن سجل انتهاكات حقوق الإنسان سجّل رقماً قياسياً.
وأد الثورة
من ابرز مظاهر العام المنصرم تواري الفعل الثوري في ميادين التغيير ونجاح الأحزاب السياسية في إفراغها من طابعها الشبابي من خلال احتواء الشباب والعمل على قتل الروح الثورية من خلال هراوات اللجان الأمنية وزنازين الجيش الموالى للثورة ، وإلقاء الاتهامات بالعمالة للنظام السابق وغيرها من الإسقاطات التي تعرض لها الشباب بأسلوب ممنهج، وآخر تلك المضايقات إحراق المخيمات، وتفريخ تكتلات شبابية معارضة لمنهجية تلك الأحزاب ودعمها مالياً وسياسياً.
ورغم بروز خلافات وانشقاقات في أوساط شباب المشترك في الجوف وإب وتعز، إلا أن القيادات نجحت في احتواء تلك الانشقاقات التي تتعارض مع المصالح المشتركة، ونجحت في تكميم الأصوات المعارضة لها بإيصال موالين لها إلى لجنة الحوار لتمثيل الشباب المستقل، وهو ماحدث -فعلاً- الاسبوع الماضي، حيث رشح عدد من الشباب المتحزب لتمثيل مستقلي الثورة.
الحرب الباردة
لم تتبادل السلطة والمعارضة الأدوار خلال العام المنصرم، بل ساد المشهد السياسي المزيد من التوتر على الرغم من التوازن السياسي، الذي فرضته المبادرة الخليجية بين شركاء الوفاق الوطني ، حيث عاد فرقاء العمل السياسي مؤتمر ومشترك إلى مربع التقاسم والمحاصصة ليشكلوا تحالفاً جديداً سبق له أن فشل في إدارة البلاد عقب حرب صيف 1994م، نتيجة الممارسات الاقصائية ومحاولات سحب البساط من تحت الآخر.
وعلى مدى عام من الوفاق والتقاء فرقاء العمل السياسي على طاولة واحدة كشركاء في إدارة المرحلة الانتقالية، إلا أن الحرب الباردة بين الطرفين تصاعدت بين جناحي الحكم رغم اتفاقهما على خطورة المرحلة، حيث برزت أزمة ثقة بين المؤتمر الشعبي العام وتكتل اللقاء المشترك منذ مطلع العام المنصرم، وتبادل الأطراف الاتهامات بالوقوف وراء الاضطرابات التي شهدتها المؤسسات، واستمرت الحرب الباردة بين الطرفين في مجلس الوزراء وهو مادفع وزير التعليم العالي السابق الدكتور يحيى الشعيبي الى تقديم استقالته مطلع يونيو الماضي، مقدماً عدداً من المبررات منها " بأنه لمس مؤشراًت واضحة على عدم وجود القدرة في التوجه الحقيقي للتغيير وبناء دولة مدنية حديثة، أو على الأقل وضع اللبنات الكفيلة بالتحول التدريجي، لذلك وبناءً عليه تجدني غير قادر على الاستمرار في هذه الحكومة، وأعتقد بأنه ولمصلحة اليمن يجب إعادة النظر في تشكيل حكومة وفاق لتقوم بواجباتها على أكمل وجه، فهذه المرحلة هي مرحلة انتقالية وأساس لما هو آت وتتطلب حشد الجهود والهمم والتوافق الحقيقي من خلال حكومة وفاق وطنية قادرة على إخراج الوطن من أزماته الخانقة ودعم أمنه واستقراره ووحدته"
ومن تلك المبررات التي أوردها الدكتور الشعيبي في نص استقالته الموجهة للرئيس هادي والتي قُبلت في يوليو غياب أية رؤية أو سياسات واضحة لحكومة الوفاق، لكي تقوم بدورها في هذه المرحلة.
بالإضافة إلى ان الوفاق لم تُعد أي خطط أو برامج لإعادة الأعمار للمحافظات المتضررة من أعمال الإرهاب أو الحروب، وأشار في نص استقالته إلى أن الاستعجال في اتخاذ القرارات دون دراسة وافية تنعكس سلباً على حكومة الوفاق.
كما لم تبرمج المهام الموكلة بحكومة الوفاق لتنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة ووضع آلية لمتابعة تنفيذها.
بالإضافة إلى عدم تمكن رئيس الوزراء من التعامل الجاد من بعض الوزراء المغالين، والذين يثيرون قضايا لا تخدم الوفاق.
وحال مقارنة مبررات استقالة وزير التعليم العالي السابق بأداء حكومة الوفاق الوطني خلال العام المنصرم، فإن دورها لم يكن أفضل حالاً من أداء حكومة تسيير الأعمال السابقة، وتشير الكثير من المعالجات التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني إلى إدارتها للبلاد بأسلوب تسيير الأعمال فقط .
عام الاغتيالات الغامضة
تسارع مسلسل الاغتيالات في العاصمة صنعاء وعدد من عواصم المحافظات بصورة حادة، النصف الثاني من العام الماضي، حيث تحولت الشوارع الرئيسة في العاصمة صنعاء إلى مسرح للاغتيالات التي يكتنفها الغموض، سيما وان ضحاياها من الطبقة الوسطى وليس من كبار الشخصيات السياسية والعسكرية باستثناء اغتيال اللواء سالم قطن في محافظة عدن في عملية انتحارية نفذها تنظيم القاعدة، الذي أعلن وقوفه خلف مجزرة الـ 21 من مايو، التي سار ضحيتها مايزيد عن 100 شهيد من منتسبي الأمن المركزي في ميدان السبعين بصنعاء، ولم يعلن التنظيم مسئوليته عن مجزرة كلية الشرطة، التي أودت بحياة عدد من الطلاب في يونيو الماضي، وغير ذلك من الاغتيالات التي أودت بحياة 75 شخصية عسكرية، معظمهم يحملون رتباً عليا ولا يشغلون مناصب كبرى، بالإضافة إلى أن البعض يحملون رتباً عادية، أمنياً كان أخر ضحايا تلك الاغتيالات مقتل العميد فضل محمد جابر الردفاني بمسدس كاتم الصوت أثناء خروجه من وزارة الدفاع اليمنية بصنعاء الأسبوع الماضي واغتيال العقيد سليم الغرباني مسئول النشاط الرياضي في الحرس الجمهوري بمسدس كاتم الصوت أيضا، أودت بحياته في منطقة دار سلم كما تنامت ظاهرة الاختطافات واعمال النهب والسلب، وحقق مستوى الجريمة أعلى المستويات في مختلف المحافظات.
كما سجل اغتيال رجال أعمال وكان آخر تلك الاغتيالات التي استهدفت رجال الأعمال اغتيال رجل الأعمال عمر العمودي، الذي اغتيل من قبل مجهولين في المكلا واغتيال رجل الأعمال محمد احمد دغسان، بالإضافة إلى اغتيال دبلوماسيين وشخصيات اجتماعية.
والملاحظ بأن وزارتي الداخلية والدفاع اكتفتا بصياغة بيانات النعي ورصد الضحايا في سجلات الوفيات، وحتى الآن لم يعلن القبض على ايا من القتلة المتجولين، وكل الإجراءات التي اتخذت إصدار قرارات بتخفيض استيراد الدراجات النارية التي استخدمت كوسيلة للقتل، ومايزيد من مخاوف المواطن اليمني استخدام القتلة المتجولين مسدسات كاتمة للصوت لتنفيذ الاغتيالات .
التحكيم القبلي
ثمة علاقة عكسية بين حضور دولة النظام والقانون وغياب القبيلة وكلما حضرت القبيلة فإن حضورها يؤكد غياب الدولة والعكس وعلى الرغم من ان العقود الماضية قد أثبتت هذه الفرضية وباتت قانوناً متداولاً، إلا أن العام المنصرم شهد ظاهرة غريبة، فالحكومة التي عهد إليها مهمة بناء الدولة اليمنية الحديثة وتجسيد دولة النظام والقانون طبقت حتى الآن قواعد التحكيم القبلي أكثر مما طبقت القانون، وبات قانون القبيلة وعرفها اقوى من قانون الدولة، حيث أنهت الكثير من القضايا التي واجهتها منذ مطلع العام 2012م بتحكيم وتسويات قبلية وابتدأ مارثون تحكيم الدولة للقبيلة بقضية رواتب المشائخ البالغة 13 مليار ريال، التي انتهت بتسوية قبلية بين لوردات البلد وحكومة الثورة، حيث تم إنهاء القضية بموافقة الحكومة على استمرار الريع المالي للمشائخ.
ومن حيث انتهى صراع النظام الرسمي الجديد والنظام التقليدي المسيطر بدأ تحكيم الغرف التجارية ووزارة المالية التي كادت أن تنهي صراع 7 سنوات بلحظة لولا رفض مصلحة الضرائب نتيجة لالتزام الحكومة للمانحين بتطبيق ضريبة المبيعات، إلا أن فشل تحكيم التجار للواء علي محسن الأحمر للتدخل لإنهاء الصراع لم يكن سوى بداية لتبادل الأدوار بين طالب التحكيم والمحكم، حيث حكّمت حكومة الوفاق الوطني قبائل نهم مقابل السماح للفرق الفنية التابعة للكهرباء بإعادة التيار الكهربائي بعدد من البنادق ولجأت للتحكيم القبلي في إقناع مخربي أبراج وخطوط كهرباء محطة مأرب الغازية خلال العام المنصرم بكثافة مما دفع بعض المحكمين إلى الوقوف وراء بعض الأعمال التخريبية كون الدولة لم تفِ بتسليم المبالغ المالية التي تم وعدهم بها، إلا ان التحكيم لم يوقف الاعتداءات على خطوط وأبراج الكهرباء في نهم والجدعان وآل شبوان ومناطق أخرى حيث تعدت الاعتداءات التخريبية التي تعرضت لها الكهرباء خلال 2012م، تعدت اعتداءات عام 2011م، ووفق التقديرات الأولية للاعتداءات، فإن خطوط نقل الطاقة تعرضت لأكثر من 100 عملية اعتداء وتكبدت الخزينة العامة أكثر من 37 مليار ريال.
ورغم استمرار الاعتداءات على خطوط نقل الطاقة وأنابيب النفط إلا أن استمرار حكومة الوفاق باستخدام خيار المساعي القبلية وضخ المال للوسطاء للقيام بإقناع المعتدين بالعدول عن الأعمال التخريبية والسماح للفرق الهندسية بإصلاح الأضرار التي لحقت بالأنبوب منذ البداية، بل إن بعض المعتدين باتوا يقدمون على التخريب مع سبق الإصرار لعدة مرات وفي كل مرة يحاصرون الفرق الفنية وتتدخل مساعٍ قبلية لينجح المعتدون على أنابيب النفط بالحصول على ضمانات بعدم ملاحقتهم جنائياً، وهو ما مثّل دافعاً آخر لمخربي أنابيب النفط الذين باتوا يجاهرون بأعمالهم التخريبية ضد الانابيب دون خوف من أية عقوبات، كما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية في محافظة مأرب، حيث أعلنت بعض العناصر القبلية نيتهم تفجير أنبوب النفط وتم تحديد المنطقة التي سوف يتم الاعتداء على أنبوب النفط فيها في تحدٍ واضح للسلطات المحلية والمركزية، والسبب أن من يقدمون على ضرب أنابيب النفط باتوا يدركون بأن ثمة تهاوناً من قِبَل الدولة في القيام بواجبها وحماية مصالح الشعب، وإنها ستلجأ لخيار الاستجداء وليس القوة القاهرة لصد أولئك النفر من المخربين .
ونتيجة لتصاعد الاعتداءات عقدت السلطات المحلية في محافظة مأرب لقاءات قبلية، وعبّر عدد كبير من زعماء القبائل في مأرب عن استيائهم من خيار التحكيم القبلي ودعوا الدولة إلى فرض سيادة النظام والقانون.
وبعد ذلك وجه الرئيس عبدربه منصور هادي بضرب أوكار المخربين بيد من حديد لينهي مداراة مخربي أنابيب النفط والغاز.
مسلسل التحكيم لم يستخدم في قضية الكهرباء وأنابيب الغاز والنفط فحسب، بل استخدم في تحكيم قبائل رداع على خلفية مقتل 11 مواطناً وإصابة 3 آخرين من قرية واحدة في مديرية رداع محافظة البيضاء في غارة جوية نفذها الطيران بالخطأ، حيث اعترفت الدولة بخطئها في ذلك وسارعت بتحكيم القبيلة بمائة بندق وبندق (101) إضافة إلى دفع مبلغ 15 مليون ريال يمني تكاليف دفن الضحايا.. وأضافت: أن الوساطة قادها الدكتور سنان جرعون وكيل المحافظة لشؤون رداع ومشائخ من المنطقة، وأنها جاءت بطلب من السلطات الحكومية في صنعاء.
نجاح تحكيم القبيلة في رداع فشل في يافع، حيث رفضت قبيلة الشهيدة فيروز التي قتلت في مداهمة قوات الأمن مكان مطلوب امنياً ودياً، حيث فوضت حكومة الوفاق الوطني السلطات المحلية في محافظة عدن بتحكيم شيخ فضل محمد عيدروس، شيخ مشائخ يافع بعشرة بنادق كتحكيم للفصل في القضية وحلها عرفيا،إلا أن أسرة الشهيدة فيروز اليافعي رفضت أي حكم عرفي وتمسكت بالقصاص الشرعي .
دولة القبيلة
التحكيم القبلي واللجوء الى دولة القبيلة لتقوم بمهام الدولة بدأ واضحا في قضايا التقطعات القبلية التي تنامت في الفترة الأخيرة في محافظات (صنعاء - ذمار - عمران)، حيث تم استعادة مايزيد عن 270 سيارة تم اختطافها من قبل مسلحين قبليين عبر مشائخ عدد من المحافظات، استعانت بهم الدولة للقيام بإقناع قطاع الطرق واستعادة المنهوبات منهم.
حيث اتسع نطاق التقطعات القبلية على الطرقات العامة إلى محافظات (إب وتعز والحديدة وحجة ولحج) في ظل غياب امني مهيب، وعلى الرغم من تصاعد الظاهرة الى أعلى المستويات، إلا أن قطاع الطرق الذين ألقت قوات الأمن القبض عليهم لايتجاوزون أصابع اليد.
صفقات الكهرباء
يحسب لحكومة الوفاق الوطني إعادة التيار الكهربائي إلى العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى، ولكن تلك العودة لم تكن حميدة، ولم تأت نتيجة حل جذري بل حلول ترقيعية ستكبد البلد مليارات الريالات سنويا، فاخذ حكومة الوفاق بالطاقة المشتراة كحل لتدمير مشكلة لم يكن سوى حل لبناء إشكالية، فمعالجاتها للكهرباء أخذت في الاعتبار إعادة التيار دون النظر إلى الجدوى الاقتصادية للحلول التي أقرتها حيث اعتمدت على توقيع عقود للشراء المباشر للطاقة دون العودة لقانون المناقصات، وهو ما رفع كمية الطاقة المشتراة الى 387 ميجاوات ، ووفق تقرير لجنة الخدمات في مجلس النواب فإن إجمالي عقود شراء الطاقة ستصل خلال العام 2013م الى 460 ميجاوات بقيمة 26 مليار ريال، إلى جانب كلفة الديزل المستخدم في توليد الطاقة، وأوصت اللجنة بإيقاف التعاقدات في شراء الطاقة الكهربائية وسرعة البدء بإنجاز بدائل توليد الطاقة خلال العام 2013م.. ودعت إلى إعادة النظر في الأسعار المرتفعة لشراء الطاقة، ومحاسبة المسئولين عن تأخير مناقصات قطع الغيار وزيوت المولدات في مختلف المحطات والتعامل مع الشركات المصنعة الأم ضماناً لجودة المواد وسرعة توفيرها، وحرصا على عدم التلاعب في المواصفات والمناقصات.
إعادة الأعمار
مايزال ملف إعادة اعمار مادمرته المواجهات العسكرية بين قوات النظام السابق والقوات المنشقة عنها والمؤيدة للثورة في العاصمة صنعاء وفي مديرية أرحب وفي محافظة تعز، أو ماخلفته الحرب التي خاضتها الحكومة مع أنصار الشريعة في معركة استعادة مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين من قبضة القاعدة بعد عام من سقوطها.
فعشرات المنازل التي دمرتها الحرب في العاصمة صنعاء ما تزال حتى الآن دون ترميم على الرغم من أن أمانة العاصمة خصصت 100 مليار في موازنتها السنوية للعام 2013م لإعادة البناء، فيما لايزال ملف إعادة الاعمار في محافظة تعز حتى الآن مفتوحاً ولم يتم إجراء أي إصلاح للأضرار إلا إن ملف إعادة البناء في العاصمة والمحافظات الأخرى يفوق قدرات الدولة الاقتصادية، سيما وأن هناك تعويضات كبيرة بانتظار إغلاقها.
عام الجوع والفقر
يعد عام 2012م عام الفقر والجوع بامتياز، ففيه ارتفع عدد الفقراء إلى 10 ملايين، وتجاوز عدد العاطلين عن العمل 35% بين القوى العاملة منهم 60% بين أوساط الشباب، يضاف إلى ارتفاع عدد الجوعى في اليمن وفق تقارير المنظمات الدولية إلى أكثر من عشرة ملايين يمني، بينهم نحو مليون طفل يعانون نقصاً حاداً في الغذاء، كما تحذر عدد من وكالات الإغاثة الدولية من تفاقم الأوضاع الإنسانية في الأراضي اليمنية ، حيث أشارت وكالة الإغاثة البريطانية (أوكسفام) ومنظمة الإغاثة الإسلامية في تقرير مشترك صدر مؤخراً من أن ربع سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات طارئة للبقاء على قيد الحياة، لكونهم لا يملكون ما يكفي من الغذاء، وأشار تقرير أوكسفام والإغاثة الإسلامية إلى "أن اليمن في خضم موسم الجوع، وان الناس في بعض المحافظات دخلوا مستويات مقلقة من الدين من أجل إطعام أسرهم ويتعايشون الآن على الخبز"،وقالت المنظمة "إن واحداً من كل ثلاثة أطفال دون الخامسة من العمر يُعانون سوءاً حاداً في التغذية في الحديدة، وهو ضعف المستوى الذي يشكّل حالة طارئة في مقياس الأمم المتحدة "، كما حذر برنامج الغذاء العالمي من أن مليون طفل يمني يواجهون خطر التعرض لسوء تغذية حاد خلال شهور.
أكثر من 250 منتحراً
حققت ظاهرة الانتحار في أوساط الشباب اليمني أعلى المستويات خلال العام 2012م، حيث تجاوز الهاربون من بؤس الحياة ومآسي الليالي والأيام وحالة الحرمان التي يعيشها الآلاف من أبناء الشعب اليمني، ووفق التقارير الرسمية فإن حالات الانتحار التي سجلت منذ يناير بلغت أعلى المستويات، حتى بلغ متوسط الانتحار حالة كل يوم في نوفمبر الماضي، ووفق تلك التقارير فإن مايزيد عن 200 شاب يمني قضى نحبه انتحاراً بسبب دوافع اقتصادية ونفسية والشعور بالظلم والفشل في مواجهته.
ووفق احدث المعلومات فإن 50 شابا انتحروا في (نوفمبر-سبتمبر) الماضيين، وسجل وقوع (13) حادثة شروع بالانتحار، بينها (4) حالات إناث خلال الفترة نفسها.
ووفق التقارير الأولية الصادرة من قبل الأجهزة الأمنية خلال شهر نوفمبر الماضي وقوع (30) حادثة انتحار نجم عنها وفاة (30) شخصاً من ضمنهم (8) أطفال و(5) إناث، وبحسب مركز الإعلام الأمني فإن (15) حادثة ارتكبت بالشنق، و(9) حوادث بالأسلحة النارية، و(3) تعاطي السموم، و(3) بالقفز من أسطح المنازل، وسجلت الأجهزة الأمنية خلال النصف الأول من العام الجاري 118 حالة انتحار، منها 51 حادثة ارتكبت عن طريق الشنق باستخدام الحبال والأقمشة ،أودت بحياة 120 شخصا، بينهم 19 طفلا و24 امرأة، والبقية من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 45 عاما ، وبينت الإحصائية الرسمية ان 36 حادثة انتحار ارتكبت بواسطة الأسلحة النارية المختلفة، واستخدمت السموم في 17 حادثة، فيما أقدم 8 أشخاص على الانتحار بإحراق أنفسهم مقابل 6 حالات ارتكبت عن طريق استخدام السكاكين والآلات الحادة والقفز من أماكن عالية .
وعلى مدى العام احتلت الحديدة التي تعد من المحافظات الأشد فقراً المرتبة الأولى، تلتها محافظة تعز في حالات الانتحار ، ثم أمانة العاصمة في المرتبة الثالثة، فيما جاءت محافظة حجة في المرتبة الرابعة بـ 13 حادثة، ومحافظة مأرب حلت خامساً بعدد 6 حوادث انتحار .
وتوزع العدد الباقي من حوادث الانتحار التي وقعت خلال الفترة نفسها على المحافظات الأخرى وبأعداد متقاربة عدا محافظتي الجوف وشبوة، اللتين لم يسجل فيهما أية حادثة من هذا النوع .
وكانت الداخلية اليمنية كشفت مطلع العام الحالي عن أن 235 شخصاً وضعوا حدا لحياتهم بالانتحار خلال العام 2011 مقابل 292 انتحروا في 2010.
وأشارت إحصائيات سابقة إلى أن ظاهرة الانتحار في اليمن قد حصدت ما يقارب 4100 حالة خلال الفترة من 1995 وحتى 2009 .
الركود الاقتصادي
ساد الركود الاقتصادي العام الماضي على كافة القطاعات الاقتصادية المهمة في البلد، حيث مايزال 1300 مشروع استثماري متعثر بسبب الانفلات الأمني، كما ان عدداً من الشركات الاستثمارية الأجنبية لم تستأنف عملها، على الرغم من استقبال اليمن المئات من المستثمرين من مختلف دول العالم، الذين عبروا عن رغبتهم في الاستثمار في عدد من القطاعات.
للحكومة
لا أنكر ان حكومة الوفاق واجهت تحديات كبرى، الا انها لم تكن أهلا لتلك التحديات ولم تكشف لليمنيين أسباب تدني أدائها، وكان المفترض ان تصارح الشعب عما يحدث خلف الكواليس وتكشف أسماء من يعيقون المرحلة الانتقالية، كما ان الايجابيات لا تساوي السلبيات، حتى يتم الحكم بأن حكومة الوفاق حققت ولو شيئا بسيطاً من آمال اليمنيين في التغيير.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign