ائد آيزنهاور: هجمات الحوثيين تحاصرنا في البحر الاحمر       مقتل مغترب يمني في أمريكا         إسرائيل تسرق آثار يمنية        العملة الوطنية تواصل الانهيار في مدينة عدن رغم ارتفاع العرض      
    خارج الحدود /
القدس.. تهويد يحارب بالخطابة والبيانات

2010-03-31 16:16:56


 
  كتب/علي محسن حميد في 3 اكتوبر من عام 1997 نشرت صحيفة لوس انجيلوس تايمز أن حكومة نتنياهو أقامت في أول سنوات حكمها 4700 وحدة سكنية  مقابل 8000 وحدة أقامتها حكومة العمل السابقة على مدى ثلاث سنوات ونصف.  نتنياهو واحد من أبرز رموز الاستيطان في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي وكغيره من قادة إسرائيل يحرص على أن تكون له بصمة استيطانية واضحة بغض النظر عن موقف العرب والغرب والشرعية الدولية . في اجتماع الإيباك السنوي في  22مارس في واشنطن قال نتنياهو إن القدس ليست مستوطنة وإنها عاصمة إسرائيل وإن البناء فيها  هو مثل البناء  في تل أبيب . نتنياهو قال للإدارة الأمريكية  وللعرب ولغير العرب هذا هو السلام  الإسرائيلي ومن لايقبل به فليس مر حبا به لصنع السلام معنا. منطق القوة والغطرسة يفرضان نفسيهما على الضعفاء فقط.  بعد ذلك هل يستمر العرب في السير وراء وهم إسمه السلام مع دولة لا تريده وتمقته وتستخدمه للمزيد من التوسع وللتطبيع المجاني ولوأد مبدئه الرئيسي وهو مبادلة الأرض بالسلام وفق صيغة مدريد والتطمينات الأمريكية في 18/10/1991 للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات التي ما كان يمكن له بدونها أن يشارك في مؤتمر مدريد عام 1991 التي أكدت أمريكا فيها على" عدم الاعتراف بضم إسرائيل للقدس الشرقية أو توسيع حدودها أو اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في قضايا الوضع النهائي ومنها قضايا القدس واللاجئون والحدود". هناك إجماع دولي على أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على حدود 1967  وعلى عدم شرعية الاستيطان  في القدس و في الضفة. وهناك تحد إسرائيلي للعالم كله ولكن إسرائيل  تظل بمنأى عن العقاب حتى ولو دفعت واشنطن وغير واشنطن ثمن ذلك من دماء أبنائها في العراق وأفغانستان وغيرهما  ومن كرامتها أيضا. رسالة التطمينات التي تسمى  برسالة الضمانات ظلت حبرا على ورق  حتى عندما  تقول واشنطن لإسرائيل إن السلام مصلحة أمريكية. إن إسرائيل تؤمن إيمانا لايتزعزع بأن نجاحها في المراوغة وفي الاستيلاء على القدس لن يتحقق إلا بمباركة وبدعم أمريكيين ولذلك نشط اللوبي الإسرائيلي لكي يصدر مجلس الشيوخ قرارا ، ليس من حقه إصداره، في 22 مارس 1990اعترف  فيه بما تقوم به إسرائيل من استيطان وأعمال أحادية الجانب  وقرر بأن  القدس هي عاصمة إسرائيل وأنها يجب أن تبقى موحدة.  قرار يشبه وعد بلفور.وفي مايو 1990 كرر جورج بوش الأب راعي عملية مدريد في اكتوبر 1991 وصاحب رسالة التطمينات  ماقله الرئيس ليندون جونسون عامي 1967 و1968 "بأن تكون القدس موحدة وغير مقسمة ". بوش أكد في نفس الوقت معارضة واشنطن للاستيطان ولكن الولايات المتحدة حتى الآن لم تمتلك الشجاعة لتعلن رسميا بأن القدس مدينة محتلة وأن على إسرائيل الانسحاب منها ومن كل الأراضي العربية المحتلة. وعندما يتم ذلك تكون القضية الفلسطينية قد قطعت نصف المسافة في طريق الحل. وبقصد أو بدون قصد لاتود   واشنطن أن  تبين للمواطن الأمريكي أثر الاستيطان الضار  بالمصالح الأمريكية وبحقوق وطنية وتاريخية فلسطينية لايمكن للفلسطينيين التنازل عنها ومعهم مليار وثلثمائة مليون عربي ومسلم . ومن البديهي أنه لو حددت واشنطن موقفا رافضا ليهودية إسرائيل التي تضم 20% من سكان عرب أصليين وذكرت إسرائيل  بالتعددية العرقية والثقافية والسياسية فيها فإن الاعتدال كان سيحل محل تطرفها  ويفتح الطريق لحل شامل تعتبر السياسة الأمريكية المتخاذلة إحدى معوقاته لأنها أصبحت جزءاً من المشكلة وليس من الحل، وقد  يكون من الأجدى للفلسطينيين أن يتفاوضوا معها بشأن السلام وليس مع إسرائيل. القدس العربية مدينة محتلة طبقا للقانون الدولي ولقرارات دولية صوتت عليها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمجموعة الدولية كلها. وعدم الاعتراف مجددا بأن  القدس محتلة من قبل واشنطن في الظروف الحالية هو مساهمة في  اغتيال تاريخ المدينة وثقافتها وقتل لطموح الفلسطينيين وحقوقهم فيهاواعتداء على مصالح العرب والمسلمين الروحية والتاريخية التي لم يتجاهلها جون فوستر دالاس وزير الخارجية في الخمسينيات من القرن الماضي  ومعها المصالح المسيحية. وللرد على مزاعم نتنياهو الغبية التي يجهِّل فيها الذاكرة التاريخية للعالم كله بزعمه بأن للوجود اليهودي في القدس عمرا  يبلغ 3000 سنة نقول بأن هذا الوجود كان وجودا  طوال تاريخ المدينة وفي العهدين العثماني والبريطاني غيرالبعيدين لأقلية صغيرة وبالتالي لايرتب حقا ينتهك  حقوق الأغلبية الفلسطينية.  أي دارس للتاريخ في الغرب أو في الشرق يعرف أنه لو كانت القدس مدينة يهودية لما  حدثت  الحملات الصليبية . تل أبيب وواشنطن  تعرفان أنه لولا التطهير العرقي في القدس الغربية التي كانت تسمى حتى عام 1948 بالقدس الجديدة  ولم يكن يشكل اليهود سوى 26% من سكانها لما تمكنت من السيطرة عليها. في ابريل من عام 1948 طردت العصابات اليهودية الإرهابية 60000 مقدسيا واستولت على مساكنهم وممتلكاتهم وأحلت محلهم مستوطنين. وحتى ذلك العام  لم يكن اليهود يملكون إلا نسبة تتراوح بين 5 و10% منها والباقي كانت ملكية فلسطينية.   ديرياسين ارتكب فيها الصهاينة مذبحة لاتزال إسرائيل تتجاهلها  وكان الفلسطينيون يمتلكون 7780 دونما فيها واليهود 756 دونما فقط و207 دونمات كانت ملكية عامة وسأضرب مثلا ثانيا من عين كارم التي امتلك الفلسطينيون فيها 13449 دونما مقابل 1362 دونما لليهود  و218 ملكية عامة.  نتنياهو يعلم علم اليقين كيف تم الاستيلاء على ممتلكات الفلسطيينين في دير ياسين وفي عين كارم وفي  القدس الغربية .  دير ياسين قاب قوسين أو أدنى من ياد فاشيم كشاهد على إرهاب الدولة وعصاباتها الإرهابية مثلما هو فاد ياشيم شاهد على فظائع النازية ضد يهود اوروبا. لقد احتفظت إسرائيل بهذه الأراضي أولا باسم قانون ممتلكات الغائبين ثم صادرتها بعد سنتين من قيامها  لكي تحرم المقدسيين من حق العودة إلى مدينتهم وممتلكاتهم؟ أما القدس الشرقية فإن الوجود اليهودي ارتبط فيها بالاحتلال والاستيطان ولم يكن له أثر قبل عام 1967. ومن الناحية السياسية والإدارية يكذب الوضع الإداري للقدس حتى عام 1948 مزاعم ال3000 عام  فقد كان رئيس بلدية القدس وممثل القدس في البرلمان العثماني منذ عام 1864 مقدسيا فلسطينيا وليس مستوطنا يهوديا وظل الأمر كذلك حتى أثناء  الانتداب البريطاني. في عام 1948عبر بن جوريون عن فرحته بالتطهير العرقي في القدس الغربية المحتلة  بما يلي: "لم يعد فيها أغراب ولكن 100% يهود ومنذ عهد الرومان لم تكن القدس، وكان يقصد الغربية، يهودية 100% كما هي عليه اليوم ".    البعض منا سئم الحديث عن التاريخ ولكن إسرائيل لم تمل من سرد  رواية زائفة لتاريخ فلسطين القريب منه والبعيد مما يوجب التشبث بالتاريخ  كسند قوي في مرحلة الضعف لأن كل ما تتمناه إسرائيل هو أن ينسى الفلسطيني تاريخه أو يتجاهله. القدس لم تشهد وجودا يهوديا مكثفا في غربها  سوى في عهد الانتداب البريطاني وعهد القنصليات الأوروبية التي كانت أداة لتغلغل النفوذ الأوروبي في فلسطين وعنوانا لمرحلة سميت بـ"الحملة الصليبية السلمية". نتانياهو يزعم كما زعم شارون وغيره من غلاة المشروع الصهيوني بأن وجودهم  في القدس لم  ينقطع منذ ثلاثة آلاف عام وينسون مايراه غيرهم بعيون غير صهيونية تؤكدعروبتها كعمارة المدينة وناسها وكنائسها ومساجدها وثقافتها وتقاليدها وتاريخها وتبعيتها السياسية والإدارية لعواصم عديدة كانت آخرها الأستانة قبل الانتداب. هذه المدينة لاصلة لها بالأغراب الحقيقيين عنها من مستوطنين اوروبيين وأمريكيين تكذب وجوههم البيضاء التي لم تلفحها شمس المنطقة ولم تعتجن بتربتها الزعم  بأنهم هناك منذ 3000 عام. البعد الأحادي للمدينة رفضه مدير عام اليونسكو الأسبق فيدريكو مايورعندما قال بأن القدس مدينة مشعة لكل الأديان وأنها لا تتحمل صيغة فئوية مطلقا.  وبرغم أن التاريخ والحقائق جميعها تقف للزعم الإسرائيلي بالمرصاد إلا أن همة إسرائيل  لم تفتر في الترويج لمغالطاتها لإقناع الرأي العام الدولي بيهوديتها عملا بمقولة نازية هي  أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس. القدس في الحقيقة لم تكن مقصد اليهود  حتى في مرحلة وضع أسس الدولة بالاستيطان وتواطؤ دولة الانتداب، ففي الثلاثينيات من القرن الماضي كان المستوطنون يفضلون السكن في تل أبيب وليس في القدس لأن المصالح الاقتصادية والتجارية كانت تتركز هناك وقد لفلفت الوكالة اليهودية  مااعتبرته فضيحة  بتقديم حوافز مادية لتشجيع اليهود  على الإقامة في القدس الغربية، وهذه الحقيقة  تكذب الزعم الصهيوني بوجود صلة لم تنفصم بين اليهود والمدينة المقدسة. المسئولية الأمريكية :   تتحمل الإدارة الأمريكية  وكل الدول الغربية مسئولية رئيسية لما آل إليه وضع القدس ولفشل عملية السلام . وقد بدأ التواطؤ الأمريكي مع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي بعيد احتلال القدس العربية عام 1967 عندما أعلنت واشنطن عن رفضها لعودة وضع القدس إلى ماكان عليه قبل احتلالها وبقاء القدس مدينة موحدة غير مقسمة وجعلها في نفس الوقت محور العلمية السلمية الشاملة والعادلة. وبرغم كلام واشنطن المخدر بأن أي استيطان إسرائيلي لايجب أن يؤثر على التسوية النهائية إلا أنها لم تستنكره علنا  ولم تقل أنه يتم في أرض محتلة وأن إسرائيل تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، أو تمنع  ولومرة واحدة إسرائيل من سرقة أراض هي مؤتمنة عليها وفقا لهذه الاتفاقية التي تمنع أي دولة احتلال من تغيير الوضع الديمغرافي  بأي شكل من الأشكال فيها. الأدهى أن هناك الآن في واشنطن من يرى أن القدس متنازع عليها وليست محتلة.  وفي الأمم المتحدة استخدمت واشنطن حق النقض لصالح سياسات إسرائيلية  مما أعطاها ضوءاً أخضر  للاستمرار في الاستيطان. والواقع أن استسلام واشنطن لنظرية الأمن الإسرائيلية هو الأخطر في سياستها إزاء الأراضي المحتلة  فهو يعد قبولا ضمنيا بالاستيطان  في الأراضي المحتلة كلها بما فيها الجولان السوري الذي ترى فيه إسرائيل عملية أمنية قبل أن  يكون توطينا ليهود يمكن تسكينهم في مساحات شاسعة غير مستغلة داخل الخط الأخضر.   الولايات المتحدة لم تمتلك في ال42 عاما الماضية سياسة مستقلة عن ايديولوجية إسرائيل التوسعية تخدم السلام ومتطلباته وتساعدها على الوقوف مرفوعة الهامةعندما تريد فرض احترام القانون الدولي وعدم تهميش دور الأمم المتحدة  في التسوية وخدمة مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والأمنية في المنطقة. لقدساعدت إسرائيل على تهميش دور الأمم المتحدة وبدونها لم يكن  لشارون أن يقول وهو مطمئن  بأن دور الأمم المتحدة ينبغي التفاوض عليه مسبقا بين إسرائيل والمنظمة الدولية. كل ذلك أضعف الدور الأمريكي الذي بلغ حد ابتلاع اهانات وتقزيم للقامة الأمريكية وللقوة الأعظم. وفي ضوء التوتر في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بعد رفض نتنياهو تجميد الاستيطان يريد كثيرون  أن يعرفوا  من الذي يصنع سياسة أمريكا هل الإيباك أم البيت الأبيض؟ هل الأولوية  لمصالح أمريكا أم لمصالح إسرائيل؟. التقصير العربي والإسلامي: عبر  السيد عبد الرحمن عزام أول أمين عام للجامعة العربية عن إحساسه بضياع القدس بقوله "أنا رجل أحس أن رأسه في المشنقة ولست مطمئنا لما يحدث في القدس". المشنقة لاتزال معلقة وتحيط برقابنا  جميعا ومعركة  عروبة القدس لم تنته بعد أكثر من ستة عقود. لقد خذلناالقدس وأكثرنا من القول و اكتفينا بالخطابة البليغة وقللنا من الفعل وبخلنا عليها برغم أننا مشهورون بالكرم ولم نعمل مايكفي لمنع تهويدها ولكم قيل من شعر ونثر في دعم القدس ومناصرة أهلها وكم من شوارع ودكاكين ومساجد سميت باسمها، وبرغم أن  الكل يقول بأنه لايقبل بالتنازل عن شبر واحد من فلسطين "الوقف الإسلامي" فإن أكثرنا  لم يخرج من جيبه  مثقال ذرة لدعم صمود المقدسيين ومنع تهويد القدس.القدس ليست قضية رسمية فقط ويجب أن لانتذكرها إلا عند الخطوب  . في إحدى القمم العربية وإبان الحرب الباردة وفي حقبة كانت بعض الدول العربية ترى في الاتحاد السوفيتي خصما إن لم يكن عدوا وخطراعلى أنظمتها وأمنها الوطني وكان تحالفها مع الولايات المتحدة  مبررا من أكثر من زاوية، قرر العرب بالإجماع  بأن علاقاتهم مع الدول الأخرى ستتحدد وفق مواقف هذه الدول من الصراع العربي الإسرائيلي .لايوجد وقت أفضل من هذا الذي نحن فيه ليحدد العرب علاقاتهم في شتى المجالات مع الدول الأخرى متقدمة أو نامية على ضوء موقفها من الاستيطان والتهويد والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والجولان وجنوب لبنان . والبداية تكون في مراقبة التصويت في الأمم المتحدة. الدبلوماسية العربية بحاجة عاجلة لأسنان بدلا من الاستجداء والرجاء، والعودة للمقاطعة الاقتصادية وأوراق أخرى كثيرة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign