ائد آيزنهاور: هجمات الحوثيين تحاصرنا في البحر الاحمر       مقتل مغترب يمني في أمريكا         إسرائيل تسرق آثار يمنية        العملة الوطنية تواصل الانهيار في مدينة عدن رغم ارتفاع العرض      
    خارج الحدود /
الهند وفلسطين: من التأييد إلى التساهل بشأن الاستيطان

2010-02-02 19:30:36


 
كتب/علي محسن حميد لا تحدث التغييرات في السياسة الخارجية للدول -والديمقراطية منها على وجه الخصوص والهند واحدة منها- بالصدفة، لأن التغيير مرتبط بتحقيق مصلحة وطنية مباشرة أو غير مباشرة، آنية أو مستقبلية. وموضوع هذا المقال هو تهجير إسرائيل لعدة آلاف من الهنود وهو شأن لا يحقق للهند مصلحة وطنية، ومن ناحية أخرى يضر بمصالح فلسطينية وعربية . إسرائيل تتهيأ لاستقبال 7223 من المواطنين الهنود تقوم  بتهويدهم في الهند ولاحقا في نيبال دينيا وصهينتهم سياسيا، وزرع الكراهية للفلسطينيين كأعداء لامناص من محاربتهم وقمعهم . هؤلاء المهاجرون سيكونون -طبقا لحق العودة الإسرائيلي العنصري- أصحاب حق في الأرض القادمين إليها وهي أراض فلسطينية محتلة وسيقاتلون من يحاول منازعتهم هذا الحق.سماح الهند بهذا التهجير هو انقلاب على سياسة الهند المتميزة منذ ما قبل الاستقلال وحتى اعتراف الهند بإسرائيل في يناير 1992التي لم تكن الهند سعيدة به و كان نقطة تحول كبرى في السياسة الهندية تجاه قضية فلسطين. ولأن الاعتراف لم يكن قرارا سهلا مهدت له الهند بدعوة  الرئيس الراحل عرفات لزيارتها ليوضح له رئيس وزرائها آنذاك السيد ناراسيمها راو بأنه لم يعد بمقدور الهند  تحمل الضغوط الأمريكية والأوروبية  خاصة بعد مؤتمر مدريد وبدء عملية السلام على المسارين الثنائي والمتعدد الأطراف. (مقدمات التحول كانت تصويت الهند  على إلغاء القرار رقم 3379 في نوفمبر 1991 الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية).  وبالنظر إلى عمق الالتزام التاريخي والأخلاقي الهندي بتأييد قضية فلسطين يمكن القول بأن الزيارة كانت لاستئذان عرفات بإقامة هذه العلاقات لأن الهند تلقت إنذارا بأنها إذا لم  تعترف بإسرائيل فإن الكيان الاتحادي الهندي لن يستمر على ما هو عليه ، أي أنه سيتفتت . كان هذا هو  تهديد الولايات المتحدة الذي ترافق  مع وضع اقتصادي سيئ جدا اضطرت الهند تحت وطأته إلى بيع جزء من رصيدها من الذهب وميدانيا كانت  الهند تحارب على أكثر من جبهة داخلية أبرزها كشمير التي زاد فيها العنف المسلح ابتداء من عام 1989. .الرئيس عرفات لم يرد ولم يعترض وتفهم تلك الضغوطات وخرج من تلك الزيارة بتطمينات باستمرار التزام الهند بدعم القضية الفلسطينية . أما إسرائيل  فكانت في حالة حصافة لم تدم طويلا، إذ كان من أولى تصريحات أول سفير لها في نيودلهي أنها تريد  دورا للهند في عملية السلام وأن تستفيد من وجهات نظرها نحوها . ومما يجب قوله إن إسرائيل لم تكن غائبة عن الساحة الهندية فقد كان لها دبلوماسيون ورجال  مخابرات  يعملون في سفارتي تشيلي والولايات المتحدة وربما غيرهما وقنصلية في مومباي منذ عام 1950.ومحليا  طالبت قوى اليمين بتبادل العلاقات معها منذ وقت مبكر.  إسرائيل ليست دولة عادية تكتفي بالشكليات كرفع العلم في العاصمة وإيجاد وظائف لعدد من دبلوماسييها وإضافة رقم إلى قائمة تمثيلها الدبلوماسي .ومنذ البداية اتجهت إلى ما ينفع بقدرة عالية على العطاء في مقابل ما قد تأخذ. وكأولوية مشتركة اتجهت إلى مجال البحث العلمي وأنشأت مع الهند لجنة برأسمال مشترك وفتحت سوقها للصادرات الهندية، وأرسلت سفارتها العشرات من الهنود أسبوعيا من كل المهن ومن كل الأديان ومن كل جغرافية الهند لزيارة إسرائيل كضيوف. وذهبت إلى المدارس لتشرح للتلاميذ  وصغارهم على  الأخص مشروعية قيام دولتها وأنها استعادت حقها  "المغتصب" في" أرض إسرائيل". ولمخاطبة العقل الهندي الذي غابت عنه طويلا أنشأت مركزا ثقافيا حال "الفقر" العربي دون إنشاء مثله من قبل اثنين وعشرين دولة عربية. (للبرتغال  بفقرها وقبل انضمامها للسوق الأوروبية المشتركة مركزان ثقافيان الأول في مستعمرتها السابقة  جوا والثاني في نيودلهي). وبعد وقت لم يطل بدأ الحديث الإسرائيلي عن القبائل اليهودية الضائعة في الهند وضرورة تهجيرها إلى إسرائيل. حيث تم إلى الآن تهجير أكثر من ألفين منها رغم الشكوك في يهوديتها لأن مناطق  تواجد اليهود التقليدي كان في ولايتي كيرالا ومهراشترا في جنوب وغرب الهند ومعظم هؤلاء تركوا وطنهم عقب قيام إسرائيل إليها أو إلى غيرها من الدول. الهند تاريخيا وسياسيا كانت ضد  الصهيونية وضد كل عدوان واستيطان وتغيير ديمغرافي، وفي الأمم المتحدة صوتت  لصالح حقوق الشعب الفلسطيني التي لايمكن  إنكارها في تقرير المصير وإقامة الدولة التي  توارت بفعل عولمة القضية ووضعها وديعة لدى الرباعية بقيادة صديق إسرائيل الصدوق توني بلير، ولم تتغير سياستها جزئيا إلا في ظل حكم اليمين. والهند بسماحها لهذه الهجرة في ظل حكم حزب المؤتمر تقف عمليا ضد كل ما آمنت به لأن مواقفها لم تكن للمقايضة بموقف عربي من قضية كشمير أو للمزايدة مع موقف باكستان.ونذكرها بأن رئيس وزرائها الراحل راجيف غاندي قال في الجولان المحتل إن الهند  تعتبر حريتها ناقصة إذا لم يحصل الشعب الفلسطيني على حريته.وفي ظل إقرار دولي بأن الاستيطان يعيق السلام  ومطالبات دولية بتجميده مطلوب من الدبلوماسية العربية أن تطلب من الهند تأجيل هذه الهجرة حتى يتم حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أو أن تحصل  الهند من  إسرائيل على التزام صريح  ومعلن بعدم توطين هؤلاء في الأراضي المحتلة . وفي الأثناء تنشط  الدبلوماسية العربية في مجلس الأمن  لإصدار قرار يمنع الهجرة اليهودية إلى الأراضي المحتلة مؤقتا حتى تنجح التسوية وتفرض عقوبات على إسرائيل إن هي خالفته.الاستيطان هو السرطان الذي يدمر السلام وإسرائيل تعمد إلى قتل كل فرصة لتحقيقه، لذلك فإن واجب "المجتمع الدولي" أن يحرص على ما يراه مفيدا للسلام والأمن الدوليين وليس مصلحة دولة توسعية كان من  الواجب ومن وقت مبكر فرض السلام عليها فرضا.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign