نتتياهو يفشل جولة القاهرة ويتوعد باجتباح رفح رغماً عن اي اتفاق        سلطات صنعاء تعلن عن إحباط انشطة استخباراتية اجنبية        صنعاء ترفع سقف التصعبد البحري مع اسرائيل إلى البحر الأبيض        صنعاء ,, مسيرات مليونية تضامناً مع غزة      
    تحقيقات. /
من عزان إلى زنجبار.. أسبوعان مع أنصار الشريعة وتفاصيل لا تعرفها وسائل الإعلام عن حياة المواطنين في ظل حكم أنصار الشريعة

2011-11-30 17:53:48


 
تحقيق/أمجد خشافة   ليس من رأى كمن  سمع.. قاعدة لا تنفك عن أدبيات الصحفي الباحث عن مضان المعلومة في معترك التوظيف السياسي لكل حدث، فالساحة اليمنية تربعت عليها التكهنات أكثر مما يمت بصلة للواقع المعاش، حتى أصبح المهتمون الغربيون بهذا الشأن يجيدون قراءة المشهد اليمني أكثر من اليمنيين أنفسهم، لا لشيء وإنما لتجردهم  للواقع بعيدا عن حسابات الـ"مع" والـ"ضد".   ما يحدث في أقصى جنوب اليمن، في مدينة أبين على وجه التحديد، لم يكن في منأى عن استغلال الأحداث والمعارك لذلك النزق الإعلامي، ولهذا كان علينا أن نقترب أكثر في رحلة ليست كما يظنها البعض بتلك الخطورة أو كما رسمت شخصياَ ذلك التصور؛ حتى ملكت الريبة عقلي وأخذت تفكيري، ذلك لأن الملثمين بلثام أسود أو المفجرين الذين رأيناهم كان عليهم أنفسهم في وقت سابق التخفي أو التستر عن أعين الكاميرا والتحرز من تعرضهم لمقابلة صحفي.. أما اليوم فقد تركت الأحداث والثورات مجالا واسعا للظهور والسيطرة على مساحات واسعة، فهو كما قال أنور العولقي: "أن الثورات العربية أتاحت الفرصة للجماعات الإسلامية للتنفس وتوصيل صوتها.." فضلا عما يحدث الآن من امتلاك أنصار الشريعة لمساحات واسعة من عزان شبوة إلى زنجبار أبين، في إطار بيئة اجتماعية يعيشها المواطنون تحت حكم انصار الشريعة، وهذا محور زيارتنا التي جاءت استجابة لدعوة من أحد أنصار الشريعة بعد أن قرأ لي قبل ثلاثة أشهر دراسة مطولة عن الواقع هناك في إحدى الصحف اليمنية، قال إنها مقاربة للواقع عارضاَ علي زيارة صحفية لإجراء استطلاع ميداني، فقبلت الزيارة ... وبدون تفاصيل عن كيفية وصولنا (عزان).   في عزان    وصولنا إلى مدينة عزان في محافظة شبوة يعني الخروج عن نطاق سيطرت الدولة والدخول في الإطار الجغرافي الذي تتواجد فيه جماعة أنصار الشريعة، الممتدة من مدينة عزان إلى مدينة زنجبار، فالحكم في هذا الامتداد الجغرافي أصبح لهم وتحت سيطرتهم.    لم نكن نعرف ما الذي عاناه الموطنون هناك من انفلات أمني، تشربت تلك الأرض بالسيل الجارف من الاقتتال لينصب في ملتقى عزان. وهذا ما تلمسناه من المواطنين الذين بدا عليهم البؤس وأهلكهم شظف العيش، بينما تمر أنابيب النفط من على أرضهم الجرداء لتروي دولا أخرى بثمن بخس، دار خلال السنوات الماضية حراك حول تلك الصفقات المشئومة والزهيدة في بيع الحكومة اليمنية للغاز والتي  تقدر بمليون وحدة بسعر 3.2 دولارات للوحدة بينما وصل سعر بيع نفس الكمية في دول أخرى إلى 11.38 دولاراً هذه الصفقة تخسر البلاد ما يزيد عن 60 ملياراً خلال 20 عاماَ.   تعتبر منطقة عزان متنفساَ لأنصار الشريعة ومأوى للمقاتلين العائدين من زنجبار، ومع ذلك لم تسلم من قصف الطيران الذي يتعقب بشكل مستمر المسلحين، فالطائرات الجوية رصدت آخر عملية في منتصف أكتوبر الماضي تمكنت من استهداف مجموعة على الطريق المؤدي إلى عزان، والتي ذكرت فيها وسائل الإعلام الأمريكية انه تم فيها استهداف (إبراهيم البناء) مصري الجنسية غير أنه لم يكن متواجدا بالأصل حسب ما ذكرته بيانات صادرة عن تنظيم القاعدة.    هذا القصف أدى إلى تخوف المواطنين فنزح بعضهم إلى المدينة تفادياَ لتكرار القصف، ولا يمكن أن يكون كذلك لأن المسلحين توعدوا بضرب أنابيب النفط في حال تكرار أي ضربة من الطيران للمنطقة، وهو ما فعلوه مباشرة بعد القصف بثلاث ساعات حتى شكل خطراَ لمصالح الغرب نتيجة للإمدادات في تلك المنطقة المخصصة لدولة فرنسا.   لكن تواجد أنصار الشريعة يشكل عبئاً إلى حد ما على السكان حتى علق احدهم على ذلك القصف فقال(لو أن أمريكا تصنع صواريخ بدون صوت إن شاءت أن تستهدفنا حتى لا يجس الرعب في نفوس المواطنين).   هنا يحاول المسلحون من أنصار الشريعة التواجد الفعلي الذي يقدم خدمة في جميع المجالات للمواطنين، ابتداءَ من إرساء الأمن والنزول عند مطالب المواطنين، مقتنعين أن إرساء وتطبيق الشريعة  قاعدة لنهوض الأمم، مستندين على تطبيق الحدود، لاسيما بعد أن شهدت اليمن عامة في جميع المدن انفلاتاً أمنياً خاصة في المناطق الجنوبية التي تهشمت فيها قوة الدولة بتحريض متزامن ضدها.. فقد فصلت المحاكم في عدة قضايا ظلت عالقة سنوات طويلة قبل أن يُفصل فيها في محكمة أنصار الشريعة حسب ما سيأتي تفصيل لذلك لاحقاً.   كان وصولنا إلى عزان في ليلة مظلمة، لكن ما إن انقشع الليل حتى رأينا خلقاَ كُــثر.. دوريات لا تقف.. مسلحون على منافذ المدينة.. كشك واحد تقريباَ توجد فيه أناشيد جهادية بدون دف. بنك مقفل فيه ملايين أو مليارات عليه حراسة مشددة.. طائرات تحوم كالنحل لاتبرح الأجواء ...الخ.   في ذلك اليوم كانت لديهم فعاليات ترفيهية وموعد مع منطقة (الرضم) الواقعة  جنوب شرق المدينة على بعد زهاء 30 كيلو متر، وعلى مقربة من البحر العربي، كنا معهم بعد عرض الفكرة للخروج... أقيم فيها حفل بحضور المواطنين، غلبت عليه الفقرات الترفيهية وطابع الفكاهة واختتم بالتعريف بجماعة أنصار الشريعة، كان الحفل فيه حشد من الناس أحاطوا بهم إحاطة العقد بالمعصم، تعرفت في تلك المناسبة على المنشد الذي يثير بحدا همم المقاتلين.. المنشد الأول في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يدعى أبو هاجر من مدينة حضرموت واحد الـ62 الذين فروا من سجن الأمن السياسي بحضرموت اتهم بأنه ذاهب إلى العراق وكانت إدانته أنه يشكل عصابة مسلحة.. مكث بعدها في السجن ثلاث سنوات ثم خرج من السجن بالطريقة التي رويت في إصدار قصة النجاة... ليصبح الآن المنشد الأول للقاعدة في اليمن. قال لي إنه كان يكتب القصائد التي غالباَ ما ينشدها الآن على الحائط بجدران السجن، ذلك لأن الأقلام ممنوعة أو يحاول حفظها.. لم ينس أبو هاجر جهود الثوار اليمنيين، وإكباراَ لصمودهم يقول إن لديه عدة إصدارات ستخرج للساحة أهدى نشيدا منها للثوار في اليمن، كان قد استقطع منه في شريط (أمة واحدة) الوثائقي آخر إصدارات الملاحم، سألته عن غرض ذلك أجابني حتى نشعر الآخرين بأننا أمة واحدة لا تفرقنا الأهواء بل تجمعنا الشريعة الإسلامية.   مديرية خنفر نهاية لتاريخ مرعب   وصلنا بعد رحلة طويلة من عزان إلى مدينة جعار بعد مرور ثمان ساعات كاملة كان علينا أن نقطع مسافة شاسعة بين المدينتين لنجد أنفسنا في مدينة كانت تربة خصبة لأن ينتعش فيها الفساد ويتربع عليها الرعب والقتل ليقطف المواطن الثمرة المرة لكل ذلك.   مدنية جعار إحدى مدن أبين، وهي عاصمة مديرية خنفر، وقد ظلت ردحا من الزمن تعيش حالة من الانفلات الأمني نتيجة لضعف سيطرة الدولة والحكم في مرافق الحكومة، وهو ما أدى إلى نشوء عصابات وتكتلات تنتهج أسلوب النهب والتفيد لأموال الناس الذين استضعفوهم.   وجعار هي أول مدينة تسقط بيد أنصار الشريعة التي كانت قاعدة لها لتوزيع مجاميع من المقاتلين إلى بقية المدن في محافظة أبين.   فتاريخياَ كانت (جعار)هي ابرز المدن الحاضنة للجهاديين القادمين من أفغانستان بعد الحرب ضد الاتحاد السوفياتي نهاية 1998م وحتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي، فشكلت مجاميع خفية وقليلة وسط مدينة جعار خلال 92 إلى 93م كانت خطتهم في البداية هي استهداف نظام الحزب الاشتراكي في الجنوب تبعاَ لقول الشيخ أسامة بن لادن (لا نجوت إن نجا الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن) لأنه لا يقل سوءاَ في نظرهم عن الاتحاد السوفيتي نتيجة للتقارب الفكري بينهما.. تم في تلك الفترة تنفيذ أول عملية نوعية  قتل فيها جنديان أمريكيان كانا في طريقهما إلى الصومال في إطار حملة استعادة الأمل restor hop  ، بعدها توسعت دائرة الجهاديين فأصبح لهم معسكرات في جبل (حطاط) وتمت لهم المشاركة في حرب 94م في قتال النظام الاشتراكي لكن هذا فيما بعد لم يكن محل رضا من النظام الشمالي صاحب الشرعية في تلك الأثناء، فعندما أعلن عن (دولة ديمقراطية) أعلن كذلك أبو الحسن المحضار ورفاقه بمدينة جعار الحرب على النظام الشمالي في عام 1996م.   كانت الأجواء في تلك الأيام في جعار تشكل بيئة مواتية لتجمعات الجهاديين فتمكنوا من تجييش أنصار حتى أعلن عن جيش عدن أبين في 1998م بقيادة أبي الحسن المحضار، وأصبح المحضار بعدها مطلوبا لدى الحكومة اليمنية بتهمة اعتراض سياح فرنسيين وقتل البعض منهم، فألقي القبض عليه وحوكم، ثم انتهى الأمر بقتله سنة 1999م..، ولكن قتل الأفراد عند الجهاديين يعد سبيلا للتمكين ولا يمثل انتهاء جذوة الجهاد بل تبقى الروح التي تشحذ الهمم وذكرى بطل عالقة في ذهن السالكين من بعده، ولهذا ظلت مدينة جعار في حالة من الشد والجذب حتى جاءت الثورة فكانت أول مدينة يسيطر عليها جماعة أنصار الشريعة.   المواطنون في جعار يحكون عن تاريخ مأساوي في ظل الأمن الهش قبل سنوات مما جعلنا نسأل المواطنين عن ذلك حيث قال علي عبده علي (أحد المواطنين في جعار) المرافق الحكومية بجميع أقسامها تركت الحبل على الغارب دون فض للنزاعات المستدامة بين المواطنين فأصبحت الرشوة منتشرة بشكل لا تستطيع معه التعامل مع جميع مشاكلنا الا بالأموال، حتى إذا دخلت السجون لزيارة أحد الأقرباء لا تدخل الا برشوة أو لايسمح لاحد ونحن في حالة صعبة من الحياة ولهذا شكل ذلك لنا عبئاً كبيراً، ويضيف: أما اليوم الى حد ما الوضع جيد.. هناك بعض المساعدات من أنصار الشريعة بداية الامر لكن الآن انقطعت، وأكبر ما نعانيه الآن هي العصابات المسلحة وكثرة السرقات.   ويقول المواطن محمد صالح السعدي (بائع سلاح) السرقة التي وصلت إليها المنطقة لا تقارن، والنهب كان مثالاَ، لاسيما من كان يقدم من المناطق الشمالية فكان الناس كالعادة يتوافدون لسوق جعار فنلمس مناطقية من بعض المتنفذين، وكان الذين لديهم بضائع من الشمال يتم  مضايقتهم، أما الآن فرغم ما تعرضت لها جعار سابقاً من قصف بالطيران لكن لم تعد السرقة كما كانت قبل، لأن أنصار الشريعة أقاموا بعض الحدود عن طريق المحاكم المتواجدة في جعار.   تطبيق الحدود   حاولنا البحث عن أحد الذين طبق عليهم الحد فوجدناه صدفة في طريق واقعة بين زنجبار وجعار وكان الحد الذي طبق عليه هو حد السرقة حيث اتهم بسرقة بعض الممتلكات العامة، خالد عبد العزيز من منطقة الحجر الواقع بين جعار وزنجبار ثاني من طبق عليه الحد كان قد استمرأ هذا العمل أكثرمن مرة ولم يطبق عليه الحد إلا بعد أن ثبتت عليه التهمة والاعتراف مباشرة، يقول خالد أقام أنصار الشريعة الحدود ضد مرتكبي الجريمة، عدة جرائم كانت قضيتي فيها هي السرقة التي شاعت في منطقتنا جراء ارتفاع درجة الفقر والجوع مما جعلني اضطر إلى السرقة وأنا (مش سارق) ولكن الحال لا يسمح لنا، لكن أنا أعترف بذنبي.   فسألته: هل تقبلون مثل هذا العمل –أي الحدود – ؟ أجاب احد أصدقائه نعم ..نعم.. كيف، هذا شرع الله ونحن راضون به ...أعادها كل من كان حوله، وبعد إقامة حد السرقة عليه وبتر يده اليمنى من مفرق كفه تم مواساته بـ 120 ألف ريال كما تساءلت مباشرة كيف تقام الحدود على المواطنين في ظروف كالفقر والعوز في حين لم تقم الحدود لفترة من الفترات في عهد عمر بن الخطاب عام الرمادة؟.. بحثنا عن إجابة للسؤال فوجدنا القاضي أبو بشر في محكمة جعار التابعة  لأنصار الشريعة فكان رجلاً نحيلاً متوسط الطول وله عمامة ليست كالقضاة ولكنه سليط اللسان، كيس في الإجابة كما هو في حكمه.   سألته كيف تحكمون في جعار؟.   *القاضي: عندما أقمنا الجهاد في سبيل لله وهو مقصد كبير لإقامة شريعة الله التي أمر الناس بها وفيها أمنهم واستقرارهم، فحين بدأنا ننشر ذلك ونبلغه للناس قلنا لهم إننا أتيناكم لتطبيق شريعة الله بمضمونها العام ولأنه قد يتصور بعض الناس أن الشريعة هي إقامة الحدود بل دين الله أوسع وأكرم من ذلك، فاستقبل الناس هذا بالترحاب والابتهاج كون الناس مسلمين يريدون شريعة الله التي ضيعت وأزيلت على أيدي الطغاة منذ قرون طويلة، وبدأنا في ذلك... وجاءتنا قضايا، القضية تلو القضية، وبدأنا في حلها مع الناس، وتقبل الناس هذا الشيء، وأضرب لك مثالا: قضايا أراضي حرمان حقوق ...هنا كان الناس وبعض القبائل يمنعون المرأة من حقوقها كالإرث وغيره، فلابد أن ترجع هذه الحقوق لأهلها.   يواصل: أيضا أنت قلت سرقة والعصابات نعم كانت هناك عصابات وكان هناك بعض السطو من قبل تكتلات لكن الحمد لله عندما جئنا وأعلنا أن من سيقوم بالاعتداء على أي مسلم في عرضه أو ماله أو دينه فإنه سوف يقام عليه الحد، وهذه العصابات تواصلنا معهم كي يضعوا سلاحهم عن المسلمين حيث لا يجوز التعدي على أعراض الناس وقد كنا قبضنا على مجموعة من هؤلاء السرق، وهذا مصور ومسجل  عندنا، وكان الدافع هو القات والحبوب فأقيم عليهم شرع الله بينما كنا نقول هل من مبرر فكانوا يعترفون على أنفسهم، غير ما كانت تروج له بعض وسائل الإعلام أن أحد الذين أقيم عليهم الحد قد مات نتيجة القطع فهذا كله افتراء، وطبعاّ من الأمور التي كانت بعد إقامة الحد أعطيناهم مساعدات من باب إعانتهم على الخير حتى يصنعوا حياة جديدة، والناس كانوا مستبشرين وخاصة القضايا التي تخص المخدرات لأننا حاربناها بشدة وأقمنا عليهم الحدود.   - أنتم تتحدثون عن الذين أقمتم عليهم الحد كشارب الخمر ومتعاطي الحبوب وغيره لكن أحد الذين التقيت بهم وطبق عليه حد السرقة لم يكن إلا بحاجة والفقر متواجد بشكل كبير في اليمن عامة وجعار خاصة وكما تعرف أن عمر بن الخطاب ترك هذا الحد في عام الرمادة فكيف تطبقونه أنتم على المواطنين؟.   *طبعا الذين أقمنا عليهم الحدود كما قلت سابقاّ أغلبهم شباب ويستطيعون العمل وطرق العمل كثيرة في المنطقة، لا توجد هناك مجاعة كما يدعي الكثير والسرق هم جعلوا هذه ذريعة للسرقة بينما الذين أقمنا عليهم الحد قبلها اطلعنا على حالاتهم الاجتماعية من أقاربهم... لكن هم لم يسرقوا من حاجة وإنما سرقوا لأجل القات والحبوب وهذا باعترافهم بأنفسهم، فنحن عندما نقبض على سارق ندرس حالته الاجتماعية من كل جانب ثم إذا كانوا كما قلت انت أنهم فقراء.. في هذه الحالة نؤخر القضية... عندنا الآن سرق لم نقم عليهم الحد ولم نقطع أيديهم لأنهم ادعوا بأنهم فقراء.   - كم حدا أقمتم إلى الآن ؟   * حد السرقة على اثنين في جعار.   - في غيرها من الحدود؟   * أقمنا حد القتل على شخصين قتلا عمداَ وأقمنا عليهما الحد وطبعاَ حاولنا قبل ذلك الصلح مع أهل المقتول وذهبنا إليهم وحاولنا أن نعطيهم دية وكل ما يريدون ولكنهم رفضوا إلا أن يقام الحد على القاتل فقتل.   - أنت كقاض عندما أقمتم الحدود في جعار هل التمستم تقليص دائرة السرقة أم لا؟.   *قبل أن نطبق الحدود كان كل يوم من 15 إلى 20 سرقة في اليوم الواحد وهذا في الغالب.. أما أحيانا يكون السطو على البيوت بشكل مستمر فلما أعلنا الحدود وقطع الأيدي أقول غير مبالغ إلى حد ما 90% لم نر هناك سرقة وحتى اعتداء على الممتلكات العامة كالوايرات، والى الآن لم يأتنا إلى هذا اليوم أحد بتهمة السرقة.   - هل أيدكم المواطنون عندما أقمتم الحدود؟.   *أخرج أنت وسل عن هذا الأمر، أما نحن عندما نجري المقابلات بعد تطبيق الحدود نجدهم فرحين، لأن هذه شريعة الله لا يجوز أن نعترض عليها ولا يجوز أن نسمع كلام المستشرقين الذين يتهمون الإسلام بالوحشية عند تطبيق الحدود ويصورون أن هذه بشاعة وجرم، والله حفظ اليد عندما صانت نفسها ولكن الله أهانها عندما أهانت نفسها فتعدت على حقوق غيرها والأصل في السرقة أنها من أشد الأشياء جرماَ لأنها تسطو على أعراض الآخرين ولهذا أبخس الله هذه اليد عندما تعدت على حقوق غيرها ولكن عندما كانت تحفظ نفسها وكانت كريمة واعتدي عليها جعل الله قيمتها عظيمة.   زنجبار وخط النار    مدينة زنجبار أصبحت خالية من السكان والمواطنين، لا يسكنها أحد سوى بقايا راجمات (الديسي) و(الهوزر) وقاذفات الطائرات التي تتوزع على كل بيت، فلا تجد بيتا إلا وفيه أثر حرب ضروس، وكأن كل بيت على حدة هو المعني بالاستهداف، غير أن المنشآت الحكومية والمرافق العامة كانت هي الأكثر دماراَ، وذلك تقديراَ من الجيش اليمني أنه يتواجد فيها عناصر من القاعدة لأن المنازل السكنية لدى المواطنين لا يدخلونها، ولذلك تم قصف مبنى المحافظة على مدخل مدينة زنجبار بصورايخ طيران إضافة إلى استهداف المتحف الواقع في وسط المدينة الذي كلف الدولة تشييده مبالغ طائلة تقدر بمليار ريال يمني.   وقد كان مقاتلو تنظيم القاعدة منعوا الدخول لها نتيجة القصف العشوائي من اللواء 25ميكا والأمن المركزي. تواجدنا بكل أماكن المدينة فوجدنا إحدى الحارات أكثر دماراَ، حيث أصبحت كومة من الأحجار المتناثرة، ووجدنا لافتة مكتوب عليها (منطقة باجدار).   باجدار أثر بعد عين   منطقة سكنية تابعة لزنجبار تبعد عن الأمن المركزي نصف كيلو، وهي قريبة من خط التماس، كانت قد أعلنت وسائل الإعلام الرسمية أن القوات المسلحة دخلت إليها ودحرت تنظيم القاعدة لكن سألنا المقاتلين عن ذلك فقالوا حتى الآن لم يتمكن جنود الأمن المركزي من التقدم، وان باجدار هي تحت سيطرة القاعدة، في هذه المنطقة خر سقف كل بيت على القواعد وانهارت كأن زلزالاً ضرب الأرض فجعلها أثرا بعد عين.    كانت هذه المنطقة قد تعرضت لأعنف قصف، حيث أسقطت طائرة عدة صورايخ (أبو مظلة) على المدينة كانت باجدار لها النصيب الأكبر في حجم الدمار، حيث أسقط صاروخ لا تستخدمه إلا طائرات سعودية  كما يقولون، وهذا الصاروخ يحدث دمارا على بعد مئات المترات في دائرة موجية واسعة، وهو مخصص للتدمير بطريقة تثير الدهشة والتساؤل: من  المستهدف بهذا الرعب وبهذه الطريقة، هل المسلحون أم المواطنون الذين تركوا ما يملكون في تلك المنطقة وكأن المواطن الذي فر بجلده طالباّ الآمان له ولأبنائه هو السبب.   نقاط التماس   يتواجد أفراد من عناصر القاعدة على حافة مدينة زنجبار المحاددة لمعسكر الأمن المركزي واللواء25 ميكا، مشكلين سوراَ على المدينة عدا المنطقة الرملية (دوفس) التي تشكل المتنفس الوحيد للمعسكرات المؤدية لمدينة عدن.   كانت دوفس بيد عناصر القاعدة لأكثر من أربعة أشهر، ودارت فيها معارك ضارية هي الأكثر عنفاَ على الاطلاق في اليمن، في محاولة متواصلة من الحكومة اليمنية والطيران الأمريكي والطلعات السعودية حتى يوم 10-9-2011م، قبل أن ينسحب مسلحو القاعدة بأمر من قاسم الريمي، وهذا بنظرهم ليس بهزيمة بل خطة تكتيكية.    اقتربنا أكثر فوجدنا في ملعب حسان عناصر من القاعدة جلهم من 18 إلى 25 سنة.. تغلب عليهم السكينة ويبتسمون أكثر مما يتكلمون.. أكثر عبارة تتردد في كلامهم.. (بإذن لله ...الحمد لله).. أعدادهم لا تزيد عن عشرة في كل جبهة ومع هذا لا تبرح المعسكرات مكانها ولا يتقدم الجنود سوى بقذائف من وراء جُــدر المعسكرات وصواريخ الطائرات التي تطلق عشوائياَ.    كنا قد سمعنا عبر وسائل الإعلام عن رفض الجيش اليمني الدخول في حرب مع مسلحي القاعدة بعد أن سيطرت القوات اليمنية على منطقة دوفس عندما غير المقاتلون القتال إلى حرب أشبه بحرب العصابات، وهذا ليس من عمل قوات الجيش وإنما مهمة وحدات مكافحة الإرهاب، بعدها تم التخطيط للدخول إلى زنجبار عبر مدرعات يستقدمها جنود مكافحة الإرهاب، وظهر عليهم لباس اسود. مدربون بطريقة عالية من قبل ضباط أمريكيين لكن تم الاشتباك معهم وتراجعوا.   أكثر أوقات القتال تكون في الليل حتى الفجر والصباح، أما في العصر فيتخذه الطرفان غالباّ للمساجلات الكلامية عبر مكبرات الأصوات التي توصل كل طرف إلى الآخر بعيدا عن لغة الليل التي أشرنا إليها، ويستغلها عناصر القاعدة لتوضيح بعض المسائل في قتالهم، وذلك لتحكيم شرع الله حسب قولهم، وأن معركتهم ليست مع الجنود وإنما مع من يقف مع أمريكا....الخ. وبالمثل ترد مكبرات الأصوات من جهة الأمن على المسلحين على أنهم مخربون وأن قتالهم وطني لإرساء الأمن والاستقرار، وهكذا....الخ.   صحفي لم يقتل   بعد عودتنا من زنجبار إلى جعار جاء أحدهم وبيده إحدى الصحف اليمنية اليومية، فشدني رؤيتها، فمنذ أكثر من أسبوع لم أر فيها صحيفة، فكان منهمكا في قراءة خبر، وكالعادة فإنهم يرصدون لكل وسائل الإعلام، لاسيما إذا كان لها شأن بتنظيمهم. اقتربت منه أكثر فإذا بخبر على الصفحة الأولى (ذي مانشيت أحمر من طرف الصفحة إلى طرفها الآخر) ويتحدث الخبر عن قتل سبعة مسلحين من عناصر القاعدة من بينهم باكستاني وصوماليان خبراء في المتفجرات وقيادي بارز كبير أصيب في بطنه؟! أخذت أقرأ ببطء أكثر... وكان ذلك في يوم أمس الثلاثاء 15-11-2011م عندما استهدف مبنى المحافظة على مدخل مدينة زنجبار... انتهى الخبر.   فقلت لذلك الرجل: هل حقاَ قتل عليكم أشخاص بهذا المستوى؟. فقال "ما المسئول أعلم من السائل" أنت كنت بالأمس في زنجبار ونحن في جعار!!. زدت على ذلك فقلت وكنت أيضاَ في نفس الوقت  التقط صوراَ لمبنى المحافظة والدمار الذي لحق به ولم أسمع شيئاَ!!. ثم شخصت ببصري إلى الأعلى وأخذت نفساَ طويلاَ وقلت الحمد لله لأنهم لم يقولوا سبعة قتلى من بينهم صحفي حتى لا يقتل أسمي وأنا حي.   "القارعة ون"   بالإمكان أن تستفيد القاعدة من كل شيء مستحدث على النطاق التقني والعسكري، وتوظيفه كمخترع جديد لتخطي الحاجة التي يوجدها الخصم، فمن خلال "البقالة" ـ يقول أحدهم ـ نستطيع أن نوجد سلاحا متفجرا قوي الانفجار، وهذا الأسلوب من التفكير موجود لدى أغلب عناصر القاعدة في نزعة قتالية تعبر عن الهدف الذي تنتهجه في القتال ضد الحكام.   في إطار التصنيع العسكري قال أحد المسلحين في جبهة زنجبار إنه تم اختراع قنبلة من صنع التنظيم تحدث انفجاراً هائلاَ تتشظى بمقدار ضعف المعتاد عليه، وتحدث حريقا أثناء الانفجار وتسمى (القارعة ون).   وقد جربت أكثر من مرة في مدينة زنجبار، غير أن هذا المخترع طبعاَ لا يضاهي ما يمتلكه الجيش النظامي اليمني من عتاد ثقيل وأسلحة لا تواجه بهذا المخترع، حيث يستخدم اللواء جميع الأسلحة، كون المعسكرات الميكانيكية تختلف عن بقية المعسكرات، (فالميكانيكي) له أكثر من تكتيك قتالي، من مضاد للطيران ومدفعية ودبابات ومشاة وقسم للهندسة والصيانة ..الخ.   إلى جانب هذا يقاتل الأمن المركزي واللواء التابع لفيصل رجب في منطقة الكود. غير أن هذا الأمر يقلل منه عناصر القاعدة ولا يهمهم، لأنهم يستندون على (كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن لله) كما يقولون.   فلقد استخدم الجيش في معارك دوفس جميع الأسلحة إلى جانب الطلعات الجوية السعودية والامريكية التي دامت أكثر من أربعة أشهر وحاولت خلالها فك الحصار على اللواء عبر ثمان حملات عسكرية بكل عتادها وعدتها دون جدوى.   قال أحدهم في معرض حديثه في إحدى الجبهات بزنجبار: إن تنظيم القاعدة يمتلك سلاحا نوويا فريدا لا تملكه أي دولة في العالم، ولا يمكن أن تتوصل إليه، يشغل تفكير كل عضو في التنظيم لتنفيذه.، قال إنها العمليات الانتحارية التي أرقت أمريكا في معسكرات العراق وأقضت مضاجعهم في جبال أفغانستان.   ومع ما تمتلكه القاعدة من هذا النوع القتالي المؤرق، بحق لخصمه، إلا أن أمريكا جعلت عناصر القاعدة في حالة استنفار دائم، حيث ترقبهم عن طريق طائرات (البريداتور) أحدث تقنية توصلت لها الولايات المتحدة الأمريكية.   Amged77@hotmail.com




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign