نتتياهو يفشل جولة القاهرة ويتوعد باجتباح رفح رغماً عن اي اتفاق        سلطات صنعاء تعلن عن إحباط انشطة استخباراتية اجنبية        صنعاء ترفع سقف التصعبد البحري مع اسرائيل إلى البحر الأبيض        صنعاء ,, مسيرات مليونية تضامناً مع غزة      
    تحقيقات. /
هل خرجت القاعدة فعلا من القصر الجمهوري؟..ما حقيقة ما يقال عن علاقة نظام صالح بتنظيم القاعدة في اليمن؟

2011-10-12 17:21:57


 
كتب/عبدالرزاق الجمل   هذا الملف شائك جدا، يتحدث الناس فيه بعلم وبغير علم، وهم في الحالتين لا يعطون حقيقة ولا يكشفون زيفا، بل يفعلون العكس، لأن التناول له غالبا ما يتم في إطار حسابات سياسية ولأغراض أخرى لا تمت للحقيقة بصلة.   والحقيقة أن هناك خلطا بين أمور كثيرة في هذا الجانب أو جهلا بها، فالمطلعون على بعض معلومات هذا الملف يستغلون الموهم منها لتأكيد ما يريدون تأكيده، أو يفهمونها على ذلك النحو، والمتلقون بحاجة إلى ما يثبت تورط النظام اليمني بعلاقة مع التنظيم، ومن حاجة الطرفين تنشأ القناعات.   والقناعة السائدة الآن في أوساط المجتمع اليمني هي أن تنظيم القاعدة صناعة رسمية، صنعها نظام الرئيس علي عبد الله صالح ليستغلها، إما لابتزاز الغرب ماليا وإما لابتزاز خصومه سياسيا، ويؤكد قناعة الناس هذه استغلال النظام هذا الملف فعلا ولتلك الأغراض، لكنهم لا يفرقون بين استغلال ملف القاعدة وبين إدارته، ولو فرقوا لتغيرت قناعاتهم.   فاستغلال هذا الملف من قبل النظام لا يتم بالشراكة أو باتفاق مسبق مع تنظيم القاعدة، ولا يتحمل التنظيم ذنب استغلال النظام لملفه، بل إن بمقدوره أن يستفيد من هذا الاستغلال، وله ذلك، أما الإدارة فتعني أن النظام هو المتحكم بهذا الملف وهو الذي يثيره متى ما أراد ويوقفه متى ما أراد، ولن يتم ذلك دون تواطؤ من التنظيم، والثاني غير وارد تماما، لأنه مبني على التشكيك في الوجود الحقيقي لتنظيم القاعدة في اليمن، وهو أمر يكذبه الواقع بكل ما فيه من أحداث لا تتفق وما يروج له خصوم النظام والتنظيم، فلن يضحي التنظيم بخيرة رجاله لأجل أن يحصل نظام علي صالح على مكاسب سياسية أو مادية، ولن يكون بمقدور النظام إيجاد من يرحب بالموت لأجل أن يحصل هو على بعض المكاسب التافهة.   لهذا السبب نقول إن الناس يخلطون بين أمور كثيرة في هذا الجانب، أو يستغلون الأمور أو المعلومات الموهمة ليؤكدوا ما يريدون تأكيده، أو ليمرروا ما يريدون تمريره، وقد نجحوا في ذلك نجاحا لا يقل عن نجاح الاستخبارات الأمريكية التي ظلت تروج لفكرة أن القاعدة تعمل لصالح المخابرات العالمية التي تعمل لخدمة الكيان الصهيوني في نهاية المطاف وفي بدايته.   وساعد على هذا قلة اهتمام تنظيم القاعدة بالرد على مثل هذه الشائعات، وبطبيعة الحال فإن للتنظيم وضعه الأمني الخاص الذي لا يساعده على التواصل مع المجتمع بذات قدر تواصل الجهات التي تحدث المجتمع عنه بكل غث وسمين.   ومن يحاول من الإعلاميين أو الصحافيين أن يوضح أمورا تخص هذه القضية يتهمونه مباشرة بالعمل لصالح النظام في أوقات ليست في صالح الشعب اليمني وثورته، وكل الأوقات على ما يبدو تكون كذلك، وأقل المتهمين حدة يصف إنصاف القاعدة أو تبرئتها من أية علاقة بالنظام، بالصلاة في الأوقات المكروهة، أي أن الحقيقة التي قد تصب في صالح النظام أو التنظيم، من الأفضل أن تتأجل إلى وقت آخر أو إلى نهاية التاريخ، وعلى العكس من ذلك تماما فإن الزيف الذي يؤذي النظام أو التنظيم ينبغي أن يبقى زيفا ما دام يؤذي، أعني أن يصبح حقيقة ثابتة تتحول مع مرور الأيام إلى ثقافة سائدة، كما هو حاصل الآن تماما.   مع أن تبرئة القاعدة من أية علاقة تجمعها بنظام الرئيس علي عبد الله صالح، لا تخدم صالحا بالضرورة، فهناك مجال للحديث عن استغلال صالح لهذا الملف بعيدا عن تواطؤ التنظيم معه.   تجدر الإشارة هنا إلى أن دعم صالح للقادة، وإن بشكل غير مباشر، على افتراض صحة حدوثه، لا يعني أن القاعدة صنيعة رسمية كما لا يعني أنها متواطئة مع النظام، فمن صالح القاعدة، بل ومن حقها، أن تستفيد من استفادة النظام من وجودها، وهي استفادة غير مشروطة أو مقيدة، وبمثل هذا يمكن أن تُفسر كل تصرفات النظام تجاه التنظيم، كضربه لمقاتلي القبائل الذي ساندوا قوات الجيش، إن لم يكن ذلك حصل عن طريق الخطأ فعلا.   تاريخ العلاقة بعيدا عن أمريكا   خلال فترة التسعينات كانت علاقة تنظيم القاعدة بالمجتمع وكذا بالنظام اليمني، طبيعية جدا، فالتنظيم عبارة عن مجموعة من أفراد الشعب جاهدوا في سبيل الله ضد الوجود السوفيتي في أفغانستان، ولم يكن هذا معيبا أو إرهابا على الإطلاق، بل كان شرفا وعملا بطوليا في نظر غالبية الناس.   النظام اليمني نفسه، وكثير من الأنظمة في المنطقة العربية، وعلى رأسها النظام السعودي، كانوا يجهزون المقاتلين ويوفدونهم إلى أفغانستان في أواخر الثمانينات للقتال ضد الروس، لكن كل شيء تغير بعد فترة التسعينات، في مطلع الألفية الجديدة تحديدا، فبعد أن كانت هذه الأنظمة تدعم أولئك المقاتلين لدحر الاحتلال السوفيتي عن بلد مسلم، صارت تحاربهم لأنهم يريدون تحرير ذلك البلد نفسه من الاحتلال الأمريكي، أي أن العلاقة الطبيعية بين الأنظمة العربية، ومنها النظام اليمني، وبين تنظيم القاعدة ذهبت أدراج رياح الهيمنة الأمريكية على العالم أو احتلالها له.   نهاية العلاقة   بعد الحادي عشر من سبتمبر، أي بعد عمليتي القادة اللتين استهدفتا مبنى مركز التجارة العالم في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع "البنتاجون" قال الولايات المتحدة الأمريكية على لسان رئيسها جورج بوش: "من لم يكن معنا فهو ضدنا" فقالت كل الأنظمة في العالم، ومن يدور في فلكها الدائر أصلا في فلك النظام العالمي الجديد، قالت "نحن معك، والله لئن خضت بنا العالم بصحاريه وجباله وبحاره وسهوله ووديانه لخضناه معك" قالت هذا بلسان الحال والمقال والفعل، وتحديد الأنظمة لخيارها في هذه القضية جعل تنظيم القاعدة يقول على لسان زعيمه الشيخ أسامة بن لادن: "إن العالم قد انقسم إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط كفر أعاذنا الله من الكفر".   لم يتوقف الأمر عند هذا، فقد كان على الأنظمة التي تتواجد في بلدانها قاعدة أن تترجم إيمانها بقاعدة أمريكا القائلة "من لم يكن معنا فهو ضدنا" إلى حرب عملية على القاعدة التنظيم، وكانت الجمهورية اليمنية من البلدان التي تتواجد فيها القاعدة بكثرة، مقارنة ببلدان أخرى، ولم يكن حينها، أو قبل ذلك، يتحدث أحد عن القاعدة كصنيعة رسمية، بل إن من يروجون لذلك اليوم كانوا وقتها أكثر قربا للتنظيم من قرب نظام الرئيس صالح له.   بدأ نظام صالح حربه على تنظيم القاعدة في اليمن في إطار الحملة الدولية أو الحرب العالمية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية على التنظيم، لكن سياسة نظام صالح قائمة على الاستفادة من كل ملف، بالذات ملفات الأزمات الكبيرة، وكان ملف القاعدة من الملفات التي استفاد منها، لكنه، كما أسلفنا، لم يكن يديره بعد أن أدار له ظهره متجها صوب واشنطن ودعهما، أما قبل ذلك فلم يكن بحاجة إلى إدارته أو الاستفادة منه.   حينها لم يكن تنظيم القاعدة بالقوة التي وصل إليها اليوم، كما لم يكن نظام صالح بالضعف الذي وصل إليه اليوم، لكن الثاني لم يكن متهما من قبل خصومه بإدارة ملف الأول، كما هو عليه الحال الآن، وأقصى ما كان يؤخذ عليه في هذا الجانب هو التفريط في السيادة الوطنية، خصوصا بعد اختراق الطيران الأمريكي من دون طيار للأجواء اليمنية عام 2002م وقتل من كانت الإدارة الأمريكية تعتبره المطلوب الأول حينها، الشيخ أبو علي الحارثي.   لكن أمورا كثيرة متعلقة بهذا الملف حدثتْ في الأعوام التي تلت عام 2002م جعلتْ الناس يتحدثون عن علاقة بين التنظيم والنظام. كانت في بدايتها علاقة استفادة أو استثمار غير محسوبة النتائج، ثم تطورت إلى علاقة إدارة وتبني، وبطبيعة الحال  دون أن يتطور شيء في أدبيات ومبادئ التنظيم أو النظام يمكن أن يؤيد تطور العلاقة بالشكل الذي يتحدثون عنه، فالتنظيم والنظام هما طرفي نقيض من حيث المبادئ، بل لأجل هذا كانت الحرب بينهما، وسياسة نظام صالح في التعامل مع ملفات الأزمات، وكذا بعض الأحداث التي لم يحط مناهضو هذا النظام بكل تفاصيلها علما، هي التي جعلتهم يتحدثون عن حالة النشوء والتطور في علاقة النظام بالتنظيم، وسنتطرق لبعض تلك الأحداث في ثنايا هذه المادة.   حقيقة خروج القاعدة من دار الرئاسة   يبدو أن نظام صالح المكلف أمريكيا بمحاربة تنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية لم يكن أمام مهمة سهلة، لأنه لا يسيطر على كثير من المناطق، خصوصا المناطق القبلية التي يمتلك أهلها من القوة ما يمكنهم من المواجهة إن أراد نظام صالح النيل ممن احتموا بها من مطلوبي القاعدة، ولم يكن من صالح الرئيس صالح أن يدخل في مواجهات مع القبائل، وحادثة حصون آل جلال بمحافظة مأرب تؤكد ذلك، لكن أمريكا غير معنية بمصالح النظام اليمني، هي معنية بمصالحها فقط، وعلى الجميع أن يكونوا معنيين بها أيضا، ولو على حساب مصالحهم ومصالح بلدانهم.   نحن الآن نتحدث عن فترة ما بعد عام 2002م وحتى عام 2006م، حين كان صالح لا يزال حديث عهد بالتعامل مع هذا الملف، وإن كان خبيرا في التعامل مع ملفات الأزمات بشكل عام، غير أن ارتباط هذا الملف بمصالح دولة تعتبر مصالحها خطا أحمر، أخذ من صالح الكثير من الوقت للتمرس عليه، وهو الوقت الذي كان التنظيم يحتاجه لتثبيت أقدامه على الأراضي اليمنية. لقد احتاج النظام والتنظيم الكثير من الوقت، لكن لأغراض مختلفة، فالتنظيم حديث عهد بحرب شاملة جُند فيها العالم عن بكرة أبيه ضده، والنظام واقع بين ضغوط الخارج الأمريكي وبين الخوف من ردة فعل الداخل اليمني، وهو قبل ذلك يفكر كثيرا كيف يمكن أن يحصل على مكاسب في ظل الضغوط والمخاوف.   كان صالح يحدث القبائل التي يحتمي بها بعض مقاتلي التنظيم عن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية عليه، ويحدث أمريكا عن خشيته من ردة فعل القبائل إن هو استهدف القاعدة داخل أراضيها، ونجح صالح، ولو بشكل نسبي، في كسب تعاطف الطرفين، القبائل وأمريكا، بل وأقنع الولايات المتحدة الأمريكية بدعمه لشراء ولاء من لا قدرة له على التعامل معهم بالقوة، وكان عليه أن يلتزم للقبائل بتعهداته التي قطعها لهم بعيدا عن علم الأمريكان، لتستمر الثقة ويستمر التجاوب معه، كما كان عليه أن يثبت للأمريكان أن دعهم له أتى بنتائج، من خلال تحقيق نجاحات على أرض الواقع.   التزم الرئيس صالح فعلا بتعهداته للقبائل ولم يسلم من سلمته له القبائل من المطلوبين، لأمريكا، بل وضعهم في سجن أو حجز داخل دار الرئاسة، وكان يأخذهم إلى سجن الأمن السياسي متى ما اقتضى الأمر ذلك ليثبت لأمريكا أن دعمها أتى بنتائج فعلا، ونجح في ذلك أيضا، رغم أن من سلمتهم له القبائل لا يتجاوزون عدد أصابع اليد. بعد هذا صارت أمريكا والقبائل تثقان بصالح، لكن صالحا لم يكن يثق بأي منهما، أما تنظيم القاعدة فلم يكن يثق بالجميع، وعدم ثقة التنظيم بالجميع رفعت لدية حالة الحيطة الأمنية إلى أعلى معدل لها.   هذه الأحداث التي تسربت معلوماتها جعلت خصوم صالح، وبالذات من القادة الكبار في المعارضة، يتحدثون عن حالة وفاق بين التنظيم والنظام، أو عن دار الرئاسة كمصنع لتصدير واستيراد مقاتلي تنظيم القاعدة، ولو أن تلك الأحداث قُرئت في سياقها الصحيح وبالشكل الذي أوردناه آنفا لما توصلوا إلى نتائج من هذا النوع، لكنها النتائج التي كانوا يريدون التوصل إليها أصلا، ولو أدى ذلك إلى اختلاق سياقات أخرى للأحداث.   وإذا كان أحد مطلوبي تنظيم القاعدة في اليمن قد عمل في دار الرئاسة قبل أن يقتنع بفكر تنظيم القاعدة أو قبل أن يقتنع بخطورة العمل في مكان كهذا لمن يحمل هذا الفكر، فلا يعني ذلك أن التنظيم على علاقة بالنظام، ففواز الربيعي دفع حياته ثمنا لما يؤمن به من أفكار في نهاية المطاف، ولا عبرة بما كان عليه الحال في بدايته، وإلا كيف سيتأتى للشيخ أنور العولقي أن يجند أحد أفراد الجيش الأمريكي ويوصله إلى قناعه تجعله يقتل عددا من زملائه لو لم يكن الأمر متعلقا بالقناعات التي تتغير كثيرا.   ومما تقدم يتضح أن الحديث عن خروج تنظيم القاعدة من دار الرئاسة أو القصر الجمهوري بُني على معلومات منقوصة وخارج سياق أحداثها، وأن القضية ليست كما يحاول البعض أن يصورها، وهكذا هو الحال مع كثير من القضايا التي جاءت على هذه الشاكلة أو قريبا منها.     ظاهرة الربط بين عمليات التنظيم وحاجة النظام   في هذا السياق تجدر الإشارة أولا إلى أن من يربطون بين عمليات التنظيم أو ظهوره وبين حاجة النظام لتلك العمليات أو لذلك الظهور، لم ولن يوردوا حرب صيف 1994م كنموذج على ذلك، لسبب وحيد هو أنهم كانوا من المشاركين في تلك الحرب ضد نظام الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب، بل إن هناك من يورد هذا النموذج ضد من صاروا اليوم خصوما للنظام ويتهمونه بتبني القاعدة، للتدليل على الدور الذي لعبه المتدينون في تلك الحرب، أو على استغلال صالح لهم فيها، وعلى رأسهم التجمع اليمني للإصلاح، وهو ما أكده الرئيس صالح نفسه حين وصفهم بالكروت المحروقة، لهذا ظنوا أن النظام يتعامل مع الآخرين بهذا الشكل، وأنهم يستجيبون كما استجابوا.   وبالحديث عن ربط الظهور بالحاجة يرى خصوم النظام أن تنظيم القاعدة في اليمن يظهر لمأزق يمر به النظام، ويختفي لمأزق آخر يمر به أيضا، ويضربون لذلك كثيرا من الأمثلة التي  تبدو في ظاهرها متطابقة إلى حد كبير مع فكرة التوظيف، أو تخدمها، كحرب الحوطة التي سبقت مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك بأيام قليلة عام 2010م، رغم أن صحة هذا الربط بين الأحداث وحاجة النظام إليها، لا يعني بالضرورة أن الأحداث ومحدثيها صنيعة رسمية، فنظام صالح يمكن أن يسكت ويمكن أن يذهب ويحارب القاعدة حين يريد إثارة ملفها، ولا علاقة للقاعدة بما يفعله النظام.    وفي كل الأحوال يمكن ربط أية عملية للتنظيم بأية حاجة أو بأكثر من حاجة للنظام عند من يريد الربط، لكن لا يمكن إثبات ذلك بأدلته، إذ لا وجود لأدلة تثبت ذلك، بل إن هناك ما تثبت العكس.   موقف التنظيم   ينفي تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب أية علاقة له بنظام الرئيس علي عبد الله صالح، ويرى أنها بضاعة زائفة تروج لها قيادات المعارضة اليمنية لتشويه صورة المجاهدين، كما يقول.   ويقول القيادي فهد القصع في حوار أجريته معه ردا على سؤال عن حقيقة هذه العلاقة: "يعلم فالشرق والغرب والقاصي والداني أننا نقاتل النظام ونعتبره نظاما غير شرعي وخارجا عن الإسلام، وأدبياتنا وخطابات قادتنا تدل على ذلك. نحن نقاتل النظام وقد قتل منا الكثير وأسر الكثير, ودمر بيوتنا واعتدى علينا, نحن وهذا النظام في حرب مستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن وكل ما يقال هو عبارة عن تشويش وتشويه ولكن الناس أكثر وعياً من أن تصدق هذه الأكاذيب".    ويضيف القصع: " الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أننا نقاتل هذا النظام بالسلاح وهذا هو أعلى درجات الجهاد وأظهر صور البراءة منه, وتحكمنا في قتالنا قواعد شرعية فهذا النظام هو نظام كافر عندنا ولا يمكن الالتقاء معه ولا الحوار فضلاً عن ما يذكر من تلفيقات".   وحول دعم النظام للتنظيم في سبيل الإبقاء على هذا الملف حيا لغرض الاستفادة منه، يقول القصع: "هذه أيضاً من أكاذيب قادة المعارضة الذين في نفس الوقت يستنجدون الغرب والأمريكان ويقدمون أنفسهم كعملاء جدد لهؤلاء الصليبيين. وأما بالنسبة للنظام فكيف نكون أداة له و في نفس الوقت ننغص عليه ملكه, هذا تناقض لا يقبل". ويرى القصع أن الناس أكثر وعيا من أن يصدقوا "هذه الأكاذيب والترهات" حد قوله.   الأحداث تقول غير ما يُقال   وما يقوله تنظيم القاعدة عن هذه العلاقة هو الذي تؤيده أو تؤكده الأحداث الدائرة، خصوصا التطورات الأخيرة منها، ويبدو أن هذا ما تؤمن به الولايات المتحدة الأمريكية أيضا.   وجاءت حادثة اغتيال الطيران الأمريكي للشيخ أنور العولقي الأسبوع الماضي، وقبل ذلك حوادث كثيرة خسر فيها تنظيم القاعدة في اليمن كثيرا من خيرة مقاتليه، لتؤكد أن ما يقال عن هذه العلاقة مجرد كلام له أغراضه الأخرى ولا يستند على أية معلومات.   ثم إن قاعدة اليمن هي جزء لا يتجزأ من تنظيم عالمي يتواجد في بلدان كثيرة، ومن المستحيل أن يعمل هذا الجزء بمعزل عن باقي أجزاء التنظيم في مختلف أنحاء العالم وعن حساباته، وإذا وجد من المقاتلين القدامى، مقاتلي الثمانينات أو من كان مرتبطا بهم بأي شكل، من هو على علاقته مع نظام صالح فلا يعني هذا أن التنظيم على علاقة به.   والتنظيم اليوم لم يعد مجرد أفراد يتواجدون هنا أو هناك وينشطون في مجال تجهيز وإيفاد المقاتلين إلى جبهات قتال القاعدة في مختلف بقاع العلم، كما كان في السابق، بل بات تنظيما متماسكا له هيكله الخاص، ومن الصعب اختراقه أو التعامل باسمه مع محسوبين زائفين عليه.   موقف أمريكا   لا تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع ملف تنظيم القاعدة في اليمن فقط، بل في مختلف بقاع العالم، وهي تدرك أكثر من غيرها أن تنظيم اليمن حقيقي كباقي فروع التنظيم في العالم، لكنها تدرك أيضا أن الرئيس صالح يستغلها ماديا وخصومه سياسيا باسم هذا الملف.   وبحسب وثائق "ويكيليكس" المسربة فقد استغل صالح مخاوف الإدارة الأمريكية من تسرب الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات إلى عناصر القاعدة، بشكل أثار دهشة واستغراب مسئولين أمريكيين كُلِّـفوا بالتفاوض معه حول تكاليف جمع وتدمير تلك الصواريخ، حين اشترط صالح مبلغ مليون دولار مقابل كل صاروخ "استريلا"، رغم أنه كان يشتريها من المواطنين بخمسين ألف ريال يمني فقط، وبسبب الحرص على المال لم تستهدف الحملـة المكلفة بجمع الصواريخ مـن السوق، محافظة مأرب، لأن المالكين لهذه الصواريخ طلبوا مبلغ مائتي ألف ريال يمني على الصاروخ الواحد.   لهذا السبب، ولأن أمريكا لم تعد تثق بجدية الرئيس صالح ولا بقدراته، صارت تقاتل القاعدة في اليمن بشكل مباشر، عبر طائراتها التجسسية من دون طيار وعبر أساطيلها الموجودة في البحار القريبة أيضا، وقبل ذلك حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتعامل في حربها على قاعدة اليمن مع جهات أخرى إلى جانب صالح، من داخل النظام ومن خارجه، فهي أيضا تخشى أن ينتقم صالح منها بخلق بيئة حقيقية لتنظيم القاعدة في اليمن إن هي تخلت عنه كحليـف في الحـرب عـلى القاعدة ولـم تحقق لـه ما يـريد مـن وراء لعبه بهذا الملف الخطر، لذا هي تتعامل معه اضطرارا.   وفي وقت سابق أبلغ قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جيمس ماتيس، لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي بأن هناك "دلائل على تراجع قدرة الرئيس اليمني على ضبط الوضع"، بعدما "كان قد أدار هذه التهديدات عن طريق المفاوضات وبتسلسل مع خصومه".   وقال ليون بانيتا قبل توليه منصب وزير الدفاع، أي حين كان رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "إن الحكومة اليمنية قد لا تكون صلبة بما يكفي كي تكون كما تريدها الولايات المتحدة الأمريكية حليفًا قويًا في حربها على تنظيم القاعدة". أي أن الإدارة الأمريكية قد تتخلص من صالح كحليف في الحرب على الإرهاب بمجرد أن تجد بديلا مناسبا.   لكن الولايات المتحدة الأمريكية، في كل الأحوال، لا تؤمن بما يقوله مناوئي نظام صالح عن علاقة النظام بالتنظيم، فلديها من المصادر والمعلومات أكثر مما لدى من يتحدثون عن هذه العلاقة.   والخلاصة أن استغلال نظام الرئيس صالح وجود تنظيم القاعدة في اليمن لتحقيق بعض المكاسب، كجلب الدعم الخارجي وغيره، لا يعني أن التنظيم متواطئ معه في ذلك، ووجود قاعدة مزيفة من صناعة النظام أو تعمل لحسابه، لا يعني أن القاعدة الحقيقية غير موجودة، مع أن وجود قاعدة مزيفة بعيد جدا، إذا لا يمكن للتنظيم أن يسكت عن ذلك، خصوصا إذا كانت سترتكب أشياء لا تتفق مع مبادئه وأهدافه، فحين حاول النظام أن يمرر بيانا باسم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب تبنى فيه مقتل الشيخ جابر الشبواني لغرض توتير الأجواء بين أبناء محافظة مأرب وبين من يتواجدون فيها من مقاتلي تنظيم القاعـدة، سارع التنظيم إلى نفي علاقتـه بهذا البيـان.   كما سارع تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب في بيان سابق إلى نفي علاقته بالعملية التي استهدفت مبنى نادي الوحدة بعدن قبل انطلاق بطولة خليجي عشرين بأيام، يضاف إلى ذلك أن للتنظيم مجلة باسم "صدى الملاحم" تصدر كل شهرين وفيها تقرير شامل بكل عملياته.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign