الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    تحقيقات. /
أرحب .. ساحة حرب مفتوحة تقودها القبيلة وتدعمها الفرقة ويناصرها الإصلاح

2011-08-03 18:29:11


 
تقرير: رشيد الحداد   خرج الشباب قبل سبعة أشهر من اليوم حالمين بيمن المساواة والعدالة والحقوق حاملين وروداً للتعبير عن سلمية ثورتهم كما حملوا أرواحهم على اكفهم رافضين كل أشكال العنف وبصدور عارية يملؤها الإيمان بأن قوة الحق لاتنكسر أمام  حق القوة التي لا تحل المشكلة بل تضاعفها ، وعلى الرغم من قوة الورود التي حملها شباب الثورة ليرسموا مستقبل اليمن الذي نشدوه إلا ان المستقبل اليوم ترسمه القوى التقليدية ليس بميادين التغيير السلمية بل في جبهات القتال كما هو الحال في منطقة أرحب التي باتت ساحة حرب مفتوحة يتبادل فيها الحرس الجمهوري وقبائل أرحب مواقع الدفاع والهجوم وتستنزف فيها دماء اليمنيين يوما بعد آخر منذ شهرين ،وعلى الرغم من عبثية الحرب إلا ان هناك من يعتبرها الحسم الثوري العسكري غير المعلن  والنهاية المنتظرة  لثورة الورود والصدور العارية .. إلى  معارك أرحب الأسباب  والهدف والتداعيات الوخيمة على مستقبل الثورة اليمنية:    تقع مديرية أرحب إلى الشرق من العاصمة صنعاء على بعد 11كيلو وهي ثاني اكبر مديريات محافظة صنعاء الـ16 ، تحتل موقعاً جغرافياً استراتيجياً هاماً حيث تمثل البوابة الشمالية للعاصمة، كما أنها مطلة على مطار صنعاء الدولي واحد ابرز مداخل محافظة عمران عبر منطقة الرحبة وترتبط جغرافيا بمديرية نهم وبني الحارث وفي الوقت الذي يتسم أبناء قبيلة أرحب بعقيدة قتالية إلا ان علاقتها بالأنظمة السياسية منذ قيام ثورة سبتمبر 62م لم تعرف الثبات، فعلى مدى 47 عاماً عرفت علاقتها بالدولة بالعلاقة الصراعية في أحيان كثيرة وباللاتحالف واللاصراع وأبناؤها يميلون للمعارضة النظم السياسية أكثر من موالاتها، وتتكون أرحب من 15 عزلة ويعتمد أبناؤها على زراعة القات والعنب والأعمال التجارية وهي من المديريات الفقيرة في صنعاء حيث يصل معدل الفقر فيها إلى 33% ويصل مقياس شدة الفقر إلى 3.2% ، كما تعاني من غياب التنمية ويشعر أبناء أرحب بالظالم وبضرورات تغيير النظام ولذلك انضمت أرحب القبيلة إلى الثورة الشبابية السلمية منذ الوهلة الأولي حيث استقبل ميدان التغيير بصنعاء 15 ألفاً من أبناء أرحب التي بث عليها النظام منذ منتصف مارس شائعات عدة منها ان قبائل أرحب إذا دخلوا صنعاء أفسدوها ونهبوا منازلها وهو مانفاه حينها  أبناؤها.   التاريخ الصراعي   عاد التاريخ نفسه في منطقة أرحب التي كانت في ستينات القرن الماضي ساحة حرب مفتوحة بين القوي الإمامية والجمهوريين بمساندة القوات المصرية حينها وهاهي تتحول اليوم إلى ساحة صراع بين المحافظين على كرسي الحكم وبين الطامحين للوصول إليه بعد ان جيرت خلافات القبيلة مع الحرس الجمهوري التي بدأت مطلع ابريل عندما منع أبناء أرحب رتلاً عسكرياً من الدبابات كان في طريقة إلى صنعاء كما نصبوا الخيام أمام  معسكر الصمع لمنع أي تحركات للحرس إلى صنعاء لتبدأ الاحتكاكات وتتطور إلى اشتباكات محدودة ومتقطعة فاشتدت تارة وانحسرت أخرى منذ اندلاع حرب الحصبة أواخر مايو الماضي وبعد فشل كل المساعي القبلية حسب ما أشار إليه مصدر عسكري الخميس الماضي ، تطورت المواجهات إلى حرب ضارية وجد الحرس الجمهوري -الذي سبق وان خاض معارك واسعة النطاق- نفسه يخوض حرباً مع دولة أخرى وليس قبيلة تمتلك أسلحة متوسطة وخفيفة، فعزز بعدة معسكرات إلى جبل الصمع  ولكن أرحب التى كبدت القوة المصرية في الستينات التي كانت حينها القوة الرابعة عالميا كبدت وتكبدت خسائر بشرية ومادية ، حيث اتسع نطاق المواجهات لتصل مشارف العاصمة فسكان شمال العاصمة باتوا يسمعون بوضوح كل مايدور في أرحب  من مواجهات تدور في قرى ( لبوه – زلة الشعب - سلمان- بيت العذري- القصبة – البلد - يحيص- حطبان – زندان - بيت الحنق- غولة زندان - وسمنة - بيت العذري ــ بيت سوى ـ  شعب ومناطق  بوسان وغيرها من المناطق ) ساحة حرب مفتوحة ولم تقف رحى المواجهات على حدود أرحب بل اتسعت إلى مديرية بني الحارث حيث دارت المعارك إلى قري عدة منها، بني جرموز - وعلى مدى الأسابيع الماضية  تبادل الطرفان مواقع الهجوم والدفاع فتارة يهاجم الحرس المسلحين القبليين وأخرى يباغته الآخرون كما استخدم الطرفان كافة أنواع الأسلحة باستثناء الطيران المتفوق فيه الحرس على القوات القبلية التي تقاتل بشراسة وأحرزت تقدماً خلال الأسابيع الماضية باتجاه جبل الصمع إلا ان تواجد العديد من المعسكرات التابعة للحرس الجمهوري حالت دون سيطرة القبائل المسلحة على موقع الصمع البالغ الذي تبلغ مساحته  7 كيلو مترات والذي يحتل موقعا استراتيجياً هاماً.     معركة أرحب   تخوض الألوية المتواجدة في الصمع  معارك يومية مع المسلحين القبليين الذين يخوضون أكثر من جبهة مع ألوية الحرس الجمهوري كاللواء الثالث مشاة جبلي بقيادة ناصر المطري - اللواء 62 حرس جمهوري ، بقيادة محمد حسين البخيتي - اللواء 83 مدفعية حرس جمهوري بقيادة محمد الرضي  - اللواء 63 حرس جمهوري، بقيادة علي حمود الموشكى - لواء الدفاع الجوي،بقيادة علي الروني - كتائب من القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب والتي تم إرسالها قبل اقل من شهر إلى المنطقة.   بينما تحظى تلك الألوية المدعمة بمساندة معسكرات تابعة للحرس تتولى مهمة القصف من خارج المنطقة وهي  معسكر الجميمة - معسكر بيت دهرة - معسكر خشم البكرة - معسكر الخرافي- معسكر ثومة -  قصف مدفعي من جبل نقم.   وفي الآونة الأخيرة اشترك سلاح الجو في المعركة  حيث شهدت المنطقة قصفاً مكثفاً بالطيران الحربي الذي ينطلق من - قاعدة العند الجوية في محافظة لحج  - القاعدة الجوية بتعز - القاعدة الجوية بالمهرة.   من الطرف الآخر تخوض قبائل أرحب بمشاركة قبائل نهم وحاشد معارك ضارية  وبدعم لوجستي من قيادات عسكرية مؤيدة للثورة ، كما ان العديد من القبائل انضمت إليها مؤخرا  للمساندة في حربها ضد الحرس الجمهوري ، وتمتلك القبائل المسلحة في أرحب أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة متطورة حسب المصادر  وعلى الرغم من تعدد ألوية الحرس الجمهوري إلا ان المقاتلين القبليين من أبناء نهم الذين حاولوا عدة مرات اقتحام جبل الصمع والسيطرة عليه استطاعوا أواخر الاسبوع الماضي اقتحام المعسكر وسيطروا على أجزاء منه بعد معركة سقط فيها 47 قتيلاً، 31 من القبائل و17 من الحرس قبل ان يتراجعوا تحت ضغط الضربات الجوية التي سددها سلاح الجو الذي استهدف مخازن الأسلحة والأسلحة الثقيلة خوفا من سيطرة القبائل عليها، حيث شن الطيران أكثر من 30 طلعة جوية فجر الخميس وأخرى ليل الجمعة ولازالت المعركة مستمرة ومرشحة للمزيد من الاتساع خصوصا بعد المساندة  القبلية التي حصلت عليها أرحب مؤخرا.    "حرب استنزاف بالنيابة"   ويرى المحللون ان مايدور في أرحب ليست سوى "حرب استنزاف بالنيابة" تخوضها قبيلة أرحب وبمساندة القوى القبلية والعسكرية المساندة للثورة وتجمع الإصلاح المعارض كما أنها نتاج للصراع السياسي القائم بين المطالبين بإسقاط نظام صالح وبين النظام وأبناء صالح احمد وخالد شركاء المعركة بقيادة عمهما محمد صالح قائد القوات الجوية بعد فشل كل المساعي السلمية لنقل السلطة، فتم اللجوء إلى خيار الحسم العسكري عبر فتح جبهات عدة لإنهاك النظام والقوات الموالية له .   بينما يرى المحللون العسكريون ان هناك أكثر من دلالة على تفاقم الصراع في أرحب المعروفة بولائها للمعارضة وخصوصا حركة (الإخوان المسلمين) وهي المؤهلة دون غيرها للمواجهة ،ويستبعدون تفوق طرف على آخر كون الهدف ليس التمركز في الصمع بل بضرب الحرس وإفراغه من حيويته.   النزوح   الحرب لاتنتج إلا الموت والدمار والتخلف والتشرد والنزوح الإجباري وتدمر كل شيء جميل ، فحرب أرحب دفعت ثمنها اسر تعايش الفقر والحرمان والبؤس والشقاء.. التقارير الأولية تقول ان مايزيد عن ألف أسرة نزحت من منازلها هربا من جحيم الحرب حيث اتخذت معظم الأسر من الكهوف مسكنا لها بعد ان أصبحت المنازل غير آمنة ناهيك عن تدمير مايزيد من 400 منزل كما نزحت  مئات الأسر إلى عدد من القرى المجاورة لها والتي لم تطالها نيران الحرب ، فيما تعرضت عشرات المزارع  وآبار المياه لأضرار كبيرة ، والمؤسف ان حرب أرحب لا تحترم فيها اي معايير للجانب الإنساني فهي الحرب التي لا تتواجد فيها سيارات إسعاف اوطواقم طبية ، كما ان المنطقة محرومة من الخدمات الطبية ودخول الجرحى إلى العاصمة لتلقي العلاج امر محفوف بالمخاطر ، وعلى الرغم من تحذيرات منظمات إنسانية من تفاقم الحالة البيئية للأسر التي تسكن الكهوف التي أصيبت بفيروس خطير معد قد يجهز على عشرات الأطفال  إلا انها الحرب الوحيدة التي لا تتواجد فيها مخيمات للنازحين أو مساعدات غذائية .    أرحب تهدد بضرب مطار صنعاء   بعد ان وجدت قبيلة أرحب نفسها تحت ضغط ضربات الطيران الحربي يومي الخميس والجمعة ومعاودة الضرب الأحد الماضي أصدرت بياناً حمل لغة التهديد والتحذير معاً، حيث هددت بضرب مطار صنعاء في حال استمرار ضرب أبنائها  بالطيران الحربي كما حذرت جميع شركات الطيران والمسافرين عبر مطار صنعاء من التعامل مع المطار ابتداء من مساء الجمعة الماضية كي لايتعرضوا لأي مكروه كما كررت التهديد والتحذير باستهداف المطار الأحد الماضي عقب استئناف الطيران الحربي طلعاته على أرحب  ، وعلى الرغم من التهديد إلا ان الطيران الحربي استمر عقب البيان حتي الأحد وصباح الاثنين.   مسارات المناورة   شباب الثورة السلمية باتوا خارج نطاق اللعبة التي لايدركون مخاطرها على أهداف ثورتهم في يمن المستقبل الذي تصنعه عكفة القبيلة وبندقية العسكر في أرحب وفي مناطق عدة بمباركة ومشاركة إصلاحية فاعلة، حيث يسلك الإصلاح  ثلاث مسارات ( الثوري - التفاوضي - العسكري ) فيستخدم المسار الثوري لتعزيز قدراته التفاوضية خصوصا مطلب نقل السلطة بعد ان فوت عدة فرص للإطاحة بالنظام عبر الثورة السلمية خصوصا عقب مجزرة جمعة الكرامة ويستخدم المسار الثوري كورقة ضغط فقط على النظام حتي أصبح الحراك الثوري يتسم بصفة وقتية فقط وفي حين يرى الإصلاح الدخول في حوار مع النظام برعاية أممية قد لايكون مجدياً في ظل تمسك نجل الرئيس وابن اخية بأهم مؤسستين عسكريتين، ولذلك تهيئة أرضية الحوار الآمن أو الوصول للسلطة عبر تنفيذ المبادرة الخليجية لاتتم  إلا بسحب البساط من يد أبناء الرئيس صالح و مراكز القوة التي يتحكمون بها عبر  الحسم العسكري الغير معلن والهادف لإضعاف الحرس الجمهوري عبر أساليب الاستدراج والاستقطاب معا وفق قاعدة تفكيك الصخرة الخشنة بفتح جبهات قتالية في أرحب من جانب وتفعيل جانب الاستقطاب للعشرات من عناصر الحرس الجمهوري والسبب انعدام الثقة من جانب والخوف من تجيير هذه المؤسسة لضرب قوى المعارضة والإبقاء على نظام صالح كون نجل الرئيس هو من يقودها ، وعليه فان الإصلاح الذي اعتبر بقاء الحرس الجمهوري بيد نجل الرئيس مثار قلق منذ عام 2006م فقد عزم على إضعافه عبر الاستنزاف المزدوج حيث فتح جبهات قتال في أرحب والحيمة ونهم لضرب قوة الحرس وفعل أسلوب استقطاب عناصر الحرس الجمهوري بطرق تكتيكية  إلى ميادين التغيير واستقبالهم بحفاوة كما يسلط وسائل الإعلام على المنضمين الجدد إلى الميدان وان كان الأسلوب الأخير اقل خطورة فإن أسلوب الاستدراج والاستنزاف على مستقبل اليمن وعلي معادلة القوة بين الدولة والمجتمع ستكون مختلة سيما وان القبيلة اليوم باتت تمتلك القوة الموازية لقوة الدولة.   الإصلاح يؤيد   تأييد تجمع الإصلاح الذي سجل حضوراً عبر قواعده العريضة في منطقة أرحب منذ الانطلاقة الأولي للحرب التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة من وسائل الإعلام التابعة للإصلاح بقيادة الشيخ منصور الحنق عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب الذي يقود القوات القبلية في المنطقة الملتهبة منذ شهرين حسب المصادر بات واضحا ولم يعد خفيا، فالأمين العام المساعد للإصلاح محمد السعدي اعتبر في تصريح له الخميس الماضي سيطرة القبائل على المعسكر تحولاً جديداً في دعم الثورة ، لأن القوات المتواجدة في الصمع تمثل ما مجمله 40 % من الحرس الجمهوري، فإذا احتلت القبائل هذه المواقع لا شك أنه سيكون تحولاً كبيراً جداً على الأرض.   وأشار إلى ان لجوء النظام إلى الضرب الجوي على معسكر الصمع في منطقة أرحب عجز عن التمكن في الأرض ، ودليل انفكاك للمعسكرات التي كانت تعتمد عليها قوات الحرس الجمهوري، وتراجع للنظام .   وتسود حالة ترقب في أوساط  قواعد الإصلاح في ميادين التغيير التي ولت وجهها نحو أرحب منذ مايزيد عن شهر وعملت على إجهاض أي حراك ثوري للشباب المستقل في ميادين التغيير، حيث ومع اتساع نطاق المواجهات بدأت عناصر الإصلاح تتحدث عن مفاجآت كبرى قيل إنها قد تكون الحسم الذي طال انتظاره ، وأشارت ان المفاجأة قد تقضي على النظام نهائيا.   معادلة القوة   لقد ساهم اختلال موازين القوة بين الدولة والمجتمع في ظل نظام صالح في فرض مراكز قوى في النظام وتقلص نطاق سيطرة الدولة على العديد من المناطق لذات السبب، ولم تجد نفعا كل السياسات من صرعنه القبيلة والسعي إلى صنع الزعامات القبلية الموالية وحتى المواجهات المسلحة بين الدولة والقبيلة بسبب امتلاكها لترسانات متعددة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقليل من القبائل تمتلك المدافع ، ولكن تلك المعادلة التي ساهمت في إضعاف نظام صالح    أصبحت اليوم تملك الأسلحة المتطورة وما تمتلك من عتاد وسلاح بات مساويا للدولة وهو ما سيضع تحديات كبيرة أمام أي جهود مستقبلية لإيجاد دولة مدنية حديثة تجسد مبدأ النظام والقانون على الجميع وتحقيق الأمن والتنمية وإنما تؤسس لمستقبل تصنعه القبيلة والعسكر والإسلام المتشدد لا شباب اليمن الواعي والمتطلع ليمن المساواة والعدالة والحقوق   لذلك فان مستقبل اليمن يرسمه المعسكر القديم وليس الجديد ومن المستحيل ان يأتي بيمن جديد بل بيمن تحت الوصاية والتقاسم.   ختاما : لقد نجح نظام الرئيس صالح بتحويل مسار الثورة إلى أزمة سياسية بينما نجحت العديد من المكونات التي انضمت إلى الثورة بتحويل مسارها إلى صراع سياسي على السلطة والثروة بين طرفين مسلحين لتنتزع البندقية عنها صفة السلمية.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign