الصحافة البريطانية تكشف عن مضمون عروض امريكية مغرية لصنعاء        كهرباء عدن ....ماساة الصيف المتكرره تحت جنح الفشل والفساد الحكومي        غروندبرغ : نعمل على إطلاق الاسرى وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي         مركز بحري دولي يحذر من سلاح يمني جديد      
    تحقيقات. /
السعودية وثبات موقفها السلبية إزاء الثورتين..القبيلة والتحول الإيجابي تجاه قرارات الشعب المصيرية

2011-07-27 14:49:00


 
تحقيق/محمد غالب غزوان   إن أي ثورة لا تكون مدعومة بتأييد شعبي وفرحة شعبية بالانتفاضة الشعبية تعتبر ثورة ما زالت بحاجة إلى زخم وغربلة شخصياتها، لأن الشخصيات التي تقود الثورة سواء كانت كبيرة أو صغيرة يجب أن تكون سجلاتها بيضاء نقية وغير متورطة بالخيانة وسفك الدماء والإخلاص للغير أكثر من الإخلاص للوطن.. وثورة الشباب اليوم التي طالت مدتها وتحولت إلى أشبه باعتصامات انتخابية وحشود دعائية بحاجة إلى تأييد شعبي من كافة شرائح الشعب وبالذات شريحة العمال والفقراء والبسطاء والذين إن أقبلوا إلى الساحات سيجدون من يرحب بهم ويشركهم في القرار أما إذا اقتصر ذلك على المنضمين حزبيا ويدعون أنهم مستقلين ليمثلوا كافة الأدوار فإن هؤلاء البسطاء سيكتشفون ذلك بيسر وسهولة لأنهم ليسوا بلهاء وسيشعرون أن الثورة لن تغير غير الوجوه وسيبقى النظام كما هو عليه الآن.   ثورة 17 مارس   في ظهر يوم الثلاثاء الموافق 17 مارس 1948م أعلن في صنعاء اغتيال الإمام يحيى بعد أن نصب له الثوار كمينا في منطقة (حزيز) وهو في طريق عودته من بيت حاضر ورمي برصاصات الثوار وعلى رأسهم علي ناصر القردعي ومحسن هارون ومحمد ريحان وعلي العتمي ومن آل الحسيني بني ضبيان وآل سنهوب وتناقلت أخبار وفاة الإمام يحيى الجماهير في صنعاء التي أسرعت إلى التجمهر واحتلال القصور وتوجه السيد عبدالله بن أحمد الوزير لاحتلال قصر (غمدان) وتوجه جمال جميل لاحتلال قصر السعادة والذي لم يتمكن من احتلاله إلا بعد أن تمكن من قتل الأميرين الحسين والحسن وأسر الأمير يحيى.   وفي صباح يوم الأربعاء 18 مارس احتشدت الجماهير من الشباب والعلماء ورجال وموظفي الدولة والجيش وزعماء القبائل إلى قصر غمدان وعقدوا اجتماعا قرروا فيه تنصيب السيد عبدالله بن أحمد الوزير إماما شرعيا وملكا دستوريا وبايعوه على الملك وقال البيان حينها إن البيعة كانت باللفظ التالي "نبايع الإمام عبدالله بن أحمد الوزير ملكا دستوريا في المنشط والمكره والسلم والحرب وبعدها تم إرسال برقيات التهاني تأييدا للثورة التي حولت الحكم الملكي المطلق إلى حكم ملكي دستوري كذلك حظي جلالة الملك الوزير بتأييد سيوف الإسلام من أولاد وأسرة حميد الدين ومبايعتهم للإمام الجديد وتأييده.   وفي مساء يوم الخميس 19 مارس أذيع أول بيان للثورة من إذاعة صنعاء أكد أن علماء صنعاء وسادتها وفقهاءها وتجارها وأعيانها أجمعوا أمرهم وفي مقدمتهم حكام الاستئناف والعدل على تنصيب عبدالله بن أحمد الوزير إماما شرعيا يكفل لهم الخير الشامل والبركة باختيارهم ورضائهم وعقدوا له البيعة وتقدموا إليه بنظام وسكينة ووقار ووضعوا أيديهم في يديه وبايعوه إماما شورويا ودستوريا فخرج من داره إلى قصر غمدان ونودي به الإمام الداعي إلى الله.   تشكيل الحكومة   ثم تم بعد ذلك الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة ومجلس الشورى وقد شكلت الحكومة برئاسة نجله علي بن عبدالله الوزير وعدد ستة عشر حقيبة وزارية كان فيها محمد محمود الزبيري وزيراً لـ(المعارف) التربية والتعليم والنعمان وزيراً للداخلية والخادم الوجيه وزيراً للمالية والقاضي عبدالله الأغبري وزيراً للدولة وغيرهم تم تعيينهم في وزارات أخرى، كذلك تم تشكيل مجلس الشورى برئاسة الأمير سيف الحق إبراهيم نجل الإمام يحيى الذي كان مختلفاً مع أبيه وتم اختيار ستين عالما وفقيها وكان من أبرزهم القاضي عبدالرحمن الإرياني والحجري والسنيدار والشماحي وصبره وعنان وغيرهم وعين بعد ذلك العلامة زيد عقبات محافظاً لصنعاء وأمير لوائها.   وفي يوم 20 مارس الذي وافق يوم الجمعة أعلن عقب صلاتها عن دستور المملكة الدستورية الذي تم تسميته بـ(اليثاق الوطني المقدس) قام بقراءته رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العلامة أحمد بن عبدالرحمن محبوب وتكون الدستور من سبعة وثلاثين مادة ولم يبق أمام الحكومة الجديدة والملك الجديد سوى اعتراف الجامعة العربية ودعم دولة الجوار السعودية التي تعرف الملك الجديد بحكم أن الإمام كلفه بإتمام عملية تأجير الأراضي اليمنية نجران وجيزان وباقي إقليم عسير غير أنه رغم ذلك تأخر الاعتراف بالمملكة الدستورية التي أصبحت قابضة على العاصمة صنعاء.   أحمد الابن يهزم عبدالله   كانت ولاية العهد بعد الإمام يحيى لولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين والذي لقب فيما بعد بـ(أحمد يا جناه) لأن اعتقاداً ساد عند العامة أنه يملك الجن وقد أعلن ولي العهد نفسه إماما خلفا لأبيه في مدينة باجل التابعة لمحافظة الحديدة ولقب نفسه بالمؤيد بالله الناصر ومن محافظة حجة بعث برسله ورسائله وبرقياته إلى رؤساء العشائر والأعيان يعلنهم بها إمامته ويستصرخ همم القبائل بقصيدته المشهورة (نفس جودي) التي قالها في رثاء والده تمكن من استثارة مشاعر العامة بأخذ الثأر للإمام وإعلان الحرب ضد أنصار المملكة الدستورية ويقول البيت الأول من قصيدته تلك:   نفس جودي بعبرة وعويلي   واشرحي كيف كان حال القتيلِ   قتلوه وإنهم تركوه   تحت شمس الضحى وريح الأصيلِ   إلى أن قال:   أيقظوا فتنة ستقضي عليهم   وعلى دورهم وتلك الطلولِ   ومن حجة أخذ يجمع القبائل مستغلا حادث اغتيال أبيه التي عدها مؤامرة استعمارية ضد الدين الإسلامي أنها مقدمة لنهب الاموال واستباحة النساء تحقيقا لأهداف الكفار الذين يعملون من أجل ضياع القيم وبذلك تمكن من تطويع الكثير له بحجة أنه يعمل على حماية الدين والوطن وترسيخ الأمن والاستقرار وأن لا أحد سواه يمكن له أن يتوفق بحكم اليمن وكما تمكن من إقناع القبائل تمكن كذلك من إقناع الرأي العام العالمي والغربي والملوك الذين يخافون على عروشهم وملكهم واستطاع أن يقنعهم أن نجاح أنصار الثورة الدستورية الملكية في اليمن خطر على عروشهم وعلى الدين والمبادئ الإسلامية والتواجد البريطاني في جنوب اليمن وطالبهم بالنجدة والمؤازرة وإجهاض الثورة في عقر دارها وأول من بادر لمد يد العون الملك عبدالعزيز آل سعود الذي حث ولي العهد الأمير فيصل بن عبدالعزيز على خوض المعركة ضد من أسموا أنفسهم الثوار والأخذ بثأر قتلة الإمام يحيى.   الرسائل الحربية   وعلى إثر الاستعدادات القتالية بعث الإمام الجديد عبدالله الوزير برقية إلى ولي العهد أحمد هذا نصها "من أمير المؤمنين الهادي عبدالله بن أحمد الوزير إلى الأخ سيف الإسلام أحمد حفظه الله.. نعزيكم ونعزي أنفسنا بوفاة والدكم الإمام يحيى رحمه الله والذي على إثر وفاته أجمع ذوو الحل والعقد على اختيارنا للإمامة وكلفونا القيام بها فلم يسعنا نظرا إلى موقفهم إلا الإجابة مكلفين غير مختارين فليكن منكم الدخول فيما دخلت فيه الناس ولكم لدينا المكانة والاحترام والسلام" فأجاب أحمد ولي العهد بالبرقية التالية: "من أمين المؤمنين المؤيد بالله الناصر أحمد بن أمير المؤمنين المتوكل على الله يحيى بن أمير المؤمنين المنصور بالله محمد بن يحيى بن رسول الله إلى الناكث العهد الذليل الحقير عبدالله الوزير لقد ركبت مركبا صعبا عن طريق الغدر والخيانة وإنك ستسقط إلى الهاوية في القريب ذليلا حقيراً. وإني زاحف عليك بأنصار الله الذين سترى نفسك تحت ضرباتهم معفراً فريدا ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله والعاقبة للمتقين والله المستعان". ولا تعني هذه الرسائل الحربية أن أسرة الإمام يحيى بكاملها كانت ضد المملكة الدستورية الجديدة بل هناك من قام بتأييدها من أوساط الأسرة مثل ما هو حاصل اليوم في ثورة الشباب، فهذا العباس شقيق ولي العهد أحمد كتب رسالة للوزير هذا نصها: "مولاي صاحب الجلالة الداعي إلى الله عبدالله بن أحمد الوزير ولدكم المطيع يقدم بين يدي جلالتكم عظيم ولائه وإخلاصه ويصرح بانقياده وسمعه وطاعته ويستمد صالح دعواتكم.. ولدكم العباس بن الإمام يحيى" كذلك بعث الأمير أحمد نجل ولي العهد الرسالة التالية: "مولاي صاحب الجلالة ملك اليمن المعظم عبدالله بن أحمد الوزير تلقيت خبر ارتقائكم العرش اليمني إماما شرعيا وملكا دستوريا بكل سرور وإني أقدم تهنئتي لجلالتكم وأؤكد لكم إخلاصي وولائي وأسأل الله أن يجعل العهد الدستوري الجديد عهد سعادة ورخاء على الشعب اليمني الكريم والسلام عليكم. ولدكم محمد بن أحمد بن الإمام يحيى حميد الدين".   أوغاد الثورة   لم يكتمل الشهر تماما على تولية الوزير ملكاً على اليمن وبوادر الحرب بدأت تظهر مع أوائل شهر إبريل 48 وتكهرب جو الحرب في صفوف الثوار المتملقين والدخلاء على الثورة وفاقدي الضمائر كما وصفهم عبدالله الثور في كتابه ثورة اليمن قاصدا أولئك الذين كانوا يقنعون الجميع أن ولي العهد أحمد لا يستطيع أن يمس الثورة بأذى وأنه مهما فعل فلن يستجاب له وتم الاعتماد على مركز الملك عبدالله الوزير في صفوف الإخوان المسلمين كمركز روحي وكذلك مركز محمد محمود الزبيري في مكانته في صفوف الإخوان المسلمين وقاموا يحيطون أنفسهم بانتصارات وهمية وتناسوا ما يقوم به (أحمد) من إعداد عسكري وتعبئة بأن البلاد تسير إلى الهاوية والكفر والتشرذم وتهديد عروش ملوك دول الجوار وأخذت تظهر المكايدات السياسية في صفوف الثوار والتزاحم على المناصب والوظائف مدعين أحقيتهم بها لأنهم نالوا العذاب والحرمان وحرموا من الوظائف أيام الإمام يحيى وأخذوا يكيلون التهم لولي العهد أحمد وإخوانه بالحق وبالباطل كذلك أظهر فريق آخر حبه للثورة واستماتته من أجل نجاحها وأخذ يرفع الشعارات الحماسية والمطالبة بإقامة المشاريع والمساواة في الوظائف والحقوق وأخذوا يرسلون البرقيات المطالبة من الجامعة العربية بالاعتراف بالثورة ودعمها ومساندة الثوار.   أما ولي العهد أحمد الذي نصب نفسه إماما أخذ يجمع الجيش للقتال ويعد العدة لغزو صنعاء بمعونة السعودية الجيش النظامي الذي بقي أكثره مخلصاً للإمام أحمد وانضمام ما يسمى بالجيش البراني المتكون من رجال القبائل والذين بادروا بعتادهم وسلاحهم للقتال مع مولاهم الإمام أحمد وحينها بدأت الأفكار تبلبل وتفكك ثقة الثوار من صمود حكومتهم المشكلة والتي أصبحت تباشر أعمالها داخل القصور بينما بقي الملك عبدالله الوزير قابعا داخل قصر غمدان معتمدا على القوة العسكرية والعتاد الموجود داخل القصر رغم أن النصائح بدأت توجه له بأن يخرج خارج صنعاء ويتحصن في رداع أو تعز ويسحب كمية من الأموال والذخيرة والسلاح ولكنه رفض ظانا أن مركزه الروحي ومن معه من وزراء وعلماء سيمكنهم من الصمود أمام ولي العهد أحمد وبدأت جحافل الجيش الزاحف من حجة تعسكر على مشارف صنعاء.   خدعة أولاد الإمام   وفي ليلة السبت الموافق 11 إبريل 48م استطاع أبناء الإمام المؤيدون للثورة والمناصرون لهم تدبير المؤامرة من داخل قصر غمدان بالاتفاق مع قيادات حراسة القصر بالانقلاب على الثورة والوزير والمملكة الدستورية، حيث قاموا بإشعال النيران والزغاريد والهتافات بدخول الإمام أحمد صنعاء من باب (ستران) بقصر غمدان وتبعها إشعال النيران من رؤوس الجبال وأعالي البيوت وتم تنفيذ الخطة كما رسمت وبدأ إطلاق الرصاص في الهواء تبشيرا بقدوم الإمام وخرج سكان صنعاء يهتفون أنهم أمنوا بأمان الله وأمان الإمام أحمد وفي الحقيقة لم يكن الإمام أحمد قد دخل صنعاء بل ما زال خارجها بل حينها بدأ بالتحرك صوب صنعاء بينما أخذ الكثير من الوزراء والمسئولين ينفذون بجلودهم فتمزق ما تحت يد الوزير من قوات عسكرية وبدأت الحرب تعلن عن نفسها وعلى الرغم من صمود البعض في القتال إلا أن تلك العملية الدعائية دفعت الكثير من الوحدات القتالية إلى عدم مؤازرة المقاتلين الذين قاموا بمواجهة القبائل وقد استمرت عملية القتال لمدة أسبوع ولكن لشدة الحرب والإرباك الذي نال مملكة الوزير استسلم الإمام (عبدالله الوزير) ومن معه وتم تكبيلهم بالسلاسل واقتيادهم إلى السجون.   الفيد مهمة القبائل   وتم استباحة صنعاء في ذلك اليوم الذي يعتبر يوم شؤم عند أهل صنعاء حيث تم مهاجمة البيوت والمحلات التجارية والقتل بلا شفقة أو رحمة ودخلت القبائل بالمعاول والمفارس والسلاح لنهب البيوت وسلب الممتلكات بدعوى قتلهم الإمام يحيى واستمر النهب والسلب مدة أسبوع بينما أنصار الإمام أخذوا يعزفون الموسيقى ويرددون الأغاني والرقصات وقد هزت عملية النهب مشاعر العديد من الشعراء الذين كتبوا العديد من القصائد الشعبية في ذلك الزمان كل تلك القصائد كانت تنعت القبائل بأحد الألفاظ وفي قصيدة للشاعر عبدالله أحمد هادي نختار منها هذه الأبيات:   فصاحت من ذا؟ قال رتبة لكم حاشدية   قلنا نعيم شيقه   ما قد نزلنا من التجواب وصل والأذية   رحلك من الطقطقة   جوب وقال انزل نحاكيك هنيه   احنا أوادم ثقه   نحمي ونحرس وننجي كل خائف بنيه   القوم قديه محدقه   قامت تجاوب من الشباك عليه البزيه   جواب اللي يحرقه   قالت تمسا وسر هنجم على السمسريه   هذي يد المسحقه   حرام لا أهجف أبوك رحلك قديه منجليه   ما بش قبيلي ثقه   ضحك وقال أصورتنا وش تقول ذا البنيه   بأصواتها الناعقه   تخطي على ذي اللحى ذا الشوفه المسوقيه   ذا الباب شانعلقه   وما زال أهل صنعاء يتذكرون موجة النهب التي نالتهم من فشل ثورة 48 ولهذا دوما لا يؤيدون أي ثورة وهكذا نجح الإمام في خطته وإحكام قبضته على كرسي وعرش مملكته.   التصفية   أما من تم اعتقالهم فمنهم من تم إعدامهم ومنهم من تم اقتيادهم إلى السجون وبالذات سجن حجة وقيل أنه قبل عملية تنفيذ الإعدام تم الطوفان بهم على أكثر مدن اليمن وقراها وهم مكبلون بالسلاسل والحديد في أعناقهم والأغلال في أيديهم والسلاسل تشد بعضهم وهم يسيرون على أقدامهم بينما جنود الإمام فوق البغال يجرونهم وراءهم وقد تم ملاحقة أنصار المملكة الدستورية في كافة مدن اليمن وامتلأت سجون إب وتعز وصنعاء وحجة بالعلماء والشباب والمشائخ الذين سيقوا إلى سجن حجة، حيث اختار الإمام أن تكون حجة مقر إقامته وقد أرسل إلى حجة كلا من القاضي عبدالله الشماحي وحسين الكبسي وأحمد الشامي وحسن أبو راس وقد تم إعدام الملك عبدالله الوزير ومجموعة من أقاربه ووزرائه.   القبائل   لقد كان هناك دور كبير للقبائل في إنجاح عودة الإمام إلى سدة العرش ولهذا اتبع كل من يحكم اليمن أو يرغب بالوصول إلى كرسي الحكم أن يقوم باستمالة القبائل إلى صفه حتى يصل إلى قمة السلطة رغم أن الحكام في الجنوب فشلوا في عملية استخدام النعرة القبلية في الانتصار والوصول إلى الحكم، فمثلا في أحداث يناير فشلت القوى القبلية من تحقيق النصر ولكن بقيت النعرة القبلية من منغصات استقرار الحكم أما في الشمال فالنعرة القبلية أجهضت العديد من المشاريع الثورية ومشاريع تحديث الدولة بل إنها وصلت إلى حد التآمر على الرئيس الحمدي وقتله من أجل إجهاض مشروع الدولة الحديثة والعودة بالبلاد إلى الدولة القبلية وفشلت دولة الوحدة التي قامت على أسس دستورية وتعددية حزبية فتم إجهاض الدستور والانقلاب على الوحدة بقوة القبلية التي دوما تحقق النصر ولكن ذلك النصر لا يحقق لها أي فوائد من جانب صقل وعيها وانتشالها من بؤس المعيشة الضنكا والجهل والتخلف لأن تلك العوامل هي أساس تحريكها فما الذي يحرك القبائل اليوم وما موقفهم من الثورة؟.   هل المبادرة الخليجية من أسباب تأخر قيام الثورة   الوثائق التاريخية تؤكد أن السعودية والقبيلة كانتا من أهم القوى التي أفشلت ثورة 48 وكذلك كانتا من أهم القوى التي أجهضت ثورة سبتمبر حين فرضت التيار الملكي للمشاركة في الحكم وكانت من أهم القوى التي أطاحت بدولة الوحدة الجمهورية اليمنية حين فرضت التيار السلفي كشريك بديل عن القوى السياسية التي حققت الوحدة اليمنية واليوم تواجه ثورة الشباب في اليمن توجهاً سعودياً معادياً لها من أجل بقاء نظام صالح من خلال فرض شخصيات مفرخة تابعة لها داخل صفوف الثورة التي تتفق معها في مواقف وتختلف معها في مواقف أخرى وكانت المبادرة الخليجية من المبادرات التي عملت على تأخر قيام الثورة والتي لها أكثر من سبعة أشهر وهي مستعرة ولكن لم تحقق أي تقدم يعود بأي فائدة لصالح الثورة أو الوطن اليمني، لكن الجديد في أمر ثورة اليوم أن القبيلة أصبحت مناصرة لثورة الشباب وانخرطت فيها.. فإلى آراء ورواد الفكر والسياسة والتوجه الثوري.   عبدالباري طاهر: موقف القبيلة إيجابي   الأستاذ عبدالباري طاهر النقيب الأسبق للصحفيين وأحد أهم الرموز المحركة للثورة الشبابية أوضح في تصريح لـ"الوسط" أن هناك أسباباً عديدة كانت وراء تأخر الثورة منها أسباب ذاتية وأسباب نظرية وقال: في الأساس أن الساحات غير موحدة من ناحية وحدة الإرادة وأدات الفعل وأما عن الجوانب النظرية فالعلاقة الملتبسة بين المشترك وشباب الثورة رهنت الفعل الثوري لصالح السياسة مما أدى إلى الضعف والهشاشة وعدم الاستجابة للفعل الثوري وكان يجب أن تكون هناك علاقة تتسم بالندية والتكافؤ وتغليب العمل للفعل الثوري لكن الذي حصل العكس فقد ارتهنت الساحات للعمل السياسي الضعيف والمعطل.   أيضا التحاق مجموعة من القادة العسكريين وقادة الإسلام السياسي وشيوخ القبائل كان له جانب إيجابي وهو نصرة الثورة ولكن شيئا فشيئا بدأ يفرض نفسه كحام للثورة وكمعبر عنها وأعاق الفعل الثوري، أيضا استطاع النظام بخبث ودهاء شديدين أن يصور الأمر كما لو أنه تمرد عسكري أو تنازع بين أسر متنافسة واستطاع أيضا أن يجر الطرف الآخر المناصر للثورة إلى معارك عسكرية وهذه العسكرة من أخطر العوائق وما يحصل في أرحب ونهم والحيمتين وتعز تعبير عن أن هذه الإرادة الشريرة للنظام تجر البلاد للعسكرة والحرب كما أن احتلال زنجبار عاصمة أبين مثل وجها فاجعا من وجوه الإعاقة والإرباك، فهذه العوامل كلها أضافت إلى التدخل السلبي لمجلس التعاون الخليجي وبالذات من السعودية إعاقة خطرة إضافة إلى تماهي الموقف الأمريكي إلى حد كبير وبصورة أقل الموقف الأوروبي مع السعودية معروف أن الموقف الأمريكي دائما فيما يتعلق باليمن كان يتميز بصورة أو بأخرى عن الموقف السعودي ولكنه هذه المرة تماهى تماما مع الموقف السعودي في مواجهة الإرهاب والحوثيين والمعروف أيضا أن الموقف السعودي وبعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي لا يريدون انتصاراً للثورة الشعبية في اليمن قد يفضلون رحيل صالح ولكنهم حريصون كحرص صالح نفسه على بقاء النظام وإلحاق الهزيمة النكراء بالثورة الشعبية السلمية.   خطر المعارك العسكرية   وعن دور القبيلة في الثورة الشبابية قال طاهر: للأمانة موقف القبيلة بصورة عامة إيجابي، القبيلة التي راهن عليها صالح لقمع الثورة الشعبية السلمية كدورها في التاريخ المعاصر قد استوعبت الدرس وعرفت أن مصالحها ومستقبلها مع الثورة وليس ضدها ومن هنا فقد وقفت إلى جانب الثورة ورفضت إغراءات صالح الانجرار لحرب أهلية مع وجود بعض الاستثناءات هنا وهناك ولعل أخطر ما في الأمر هو استمرار المعارك العسكرية في أرحب ونهم والجوف والحيمتين وتعز فهذه الحروب إذا استمرت قد تضعف الثورة السلمية وتقود البلاد باتجاه الأفغنة والصوملة وهذا هو ما يهدد به صالح ويعد به نظامه منذ البدء.   الإرادة السعودية   وعن التشابه بين مطالب ثورة 48 التي كانت بهدف فرض نظام الدستورية الملكية ومساندة السعودية للإمام أحمد في إجهاض الثورة ودورها اليوم في المبادرة الخليجية التي ترغب في المحافظة على نظام صالح قال طاهر: إن الإرادة السعودية هي نفس الإرادة ولكن هناك تبدلات كبيرة جدا عن ثورة 48، 55، 62م وهذه التبدلات هي أن هناك وعياً ثورياً هائلاً وفساداً واستبداداً في النظام يدفع بالملايين للنزول إلى الشارع للمطالبة بإسقاط النظام ووجود رأي عام عربي ودولي ساخط لصالح الثورة، كما أن الموقف السعودي نفسه لم يعد موحدا ولا مؤثرا بذلك القدر كما كان عليه الحال في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات.   كما أن الوعي أيضا في العربية السعودية ولد العديد من النخب السياسية والثقافية ولم يعد يقبل بالتدخل السعودي لصالح نظام صالح.     شباب الثورة.. رهانات التدخل السعودي لن تثنينا عن إسقاط النظام   قامت صحيفة الوسط باستطلاع آراء الشباب في ساحة التغيير بصنعاء عن سبب عدم انجاز الثورة وهل للتدخل السعودي دور في تأخر إنجاز ثورتهم وهل للسعودية نفوذ على ساحة الثوار.. فإلى آراء الشباب:   أكد العديد من الشباب الذين تحدثت معهم الصحيفة أنهم يبذلون جهودا كبيرة في عملية الحسم الثوري وقد سبق لهم أن وضعوا برنامجاً تصعيدياً من أجل إنجاز الثورة ولكن لم تلتف كل المكونات الشبابية المتواجدة في الساحة حول البرنامج التصعيدي الذي وضعه شباب حسم والذين تمكنوامن الخروج بأكثر من مسيرة ولكن في آخر مسيرة تم سقوط قتيل وعدد من الجرحى فتم تحميلهم المسئولية تجاه القتيل الذي سقط من المكونات الآخرى موضحين أن انعدام الوفاق في الرأي والارتجالية والمشاريع الفردية التي يقوم بها البعض الذين يضعون أنفسهم كأوصياء على الثورة أو ملاكاً لها يعيق العديد من جهود الشباب ويؤدي إلى كبت حماسهم موضحين أن الشباب يتمتعون بحماس شديد واستعداد للتضحية من أجل إنجاز الثورة ويشعرون بحرج كبير تجاه دماء الشهداء الذين سقطوا من أجل الثورة التي طال أمدها ولم تحقق وأوضح الشباب أنهم يشعرون بالحرج أيضاً حين يسمعون الناس يتحدثون في الحافلات والأسواق والأماكن العامة وهم ينتقدون الثوار لعدم إنجاز ثورتهم وتخليصهم من الأزمة التي تعاني منها البلاد ولكن أيضا الشباب بحاجة إلى دافع معنوي من كافة فئات الشعب للالتفاف حولهم حتى يحققوا النصر وأوضح الشباب أن المبادرة الخليجية كانت من أبشع العوامل التي عطلت ثورتهم لأنها فتحت باب الحوار مع اللقاء المشترك الذي كان أغلق باب الحوار بعد أن يئس من مصداقية النظام ولكن المبادرة جاءت بما يهوى اللقاء المشترك المتمثل في الوصول إلى السلطة وبحكم سيطرته على الساحات الشبابية واتهام كل حركة شبابية ترغب بمواصلة الفعل الثوري بأنها تغرد خارج السرب وتشق الصف وغيرها من التهم وفي نفس الوقت يؤكدون أن النظام أصبح على وشك السقوط ولا داعي لأي تفعيل ثوري حفاظا على حياة الشباب وكانت تقابل هذه التأكيدات بتصديق الشباب لها وحرصا منهم على عدم إفشال الثورة كانوا يخضعون لما يتم طرحه من اللقاء المشترك فطالت فترة الحوار والتنازع على بنود المبادرة الخليجية وعطل الفعل الثوري وأصبح الشباب يسمعون النقد الجارح من المواطنين لتأخرهم في إنجاز ثورتهم وتحولهم إلى مجرد تابعين للقاء المشترك ولهذا أصبحت المبادرة الخليجية إحدى عوائق الثورة منذ بدايتها وحتى اليوم وقال الشباب إنهم يسعون إلى إنجاز ثورتهم بأسرع وقت ويأملون أن يكون اللقاء المشترك عونا للثورة لأنه تحول إلى وبال عليها وأن المحاولات لفرض حزب معين أو شخصيات محددة على الثورة وسرقتها من الشباب لن يجدي وغير مقبول وسيتم مواجهته لأن أهداف ثورتهم لا تراعي إلا مصالح الشعب وقيام دولة مدنية وإرساء العدالة والمساواة بين المواطنين وما يذهب إليه البعض من فرض قوى خادمة للسعودية عدوة الثورات اليمنية لا يمكن أن تحقق.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign