الزبيدي يهدد بطرد العليمي من عدن        صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية       صنعاء تدشن العام العاشر باوسع هجوم بجري وجوي ضد اهداف امريكية واسرائيلية     
    الاخبار /
مآلات الحرب بعد فشل التدخل الأممي في ظل الصراع المفضوح على المناصب بين المؤتمر وأنصار الله

2017-04-18 19:29:50


 
كتب جمال عامر
اختفى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، ومعه كل البشارات التي كان يزفها عن اقتراب التوصل لحلول سياسية ممكنة تحملها مبادراته التي يجددها بحسب الظروف، وتُرفض في العادة من كل أطراف الصراع حتى قبل أن ينظروا فيه؟.
ومايثير الاستغراب أن غياب ولد الشيخ لا يترك أي فراغ يذكر، وهو ما يؤكد أن تعاطي الأطراف مع ممثل الأمم المتحدة لا يعدو أكثر من كونه إسقاط واجب لا تترتب عليه أي تعهدات تفضي إلى نتائج تقود إلى طاولة الحوار.
منذ تدويل القضية اليمنية والدور الأممي في الجانب السياسي يقتصر على التصريحات وإبداء القلق والشعور بالأسى عقب كل جلسة استماع لتقرير مبعوثها المكرر، والتي تنتهي في العادة بدعمه للاستمرار في اجترار فشله، بينما الشعب اليمني هو من يدفع ثمن استمرار الحرب التي يغذيها النظام السعودي، حتى وصل الحال اليوم إلى مرحلة يقترب فيها من مجاعة حقيقية،
فيما اليمن تتحول إلى ساحات حروب تتسيدها الأفكار المتطرفة وتتقاسمها الجماعات تحت لافتة الدولة.
منذ بدء الصراع المسلح والكل يقاتل من أجل أسماء صالح، الحوثي، هادي... فيما ينعدم أي ذكر لمشروع وطني يلتقي الناس حوله، أو حتى يقاتلون في سبيل تحقيقه، وهو ما جعل من الحرب القائمة ليست أكثر من خدمة للمشروع السعودي وتهيئة له للهيمنة على البلد، وفتح طرق سالكة لكل طامع في استغلال ثرواته وأرضه وجزره، وهو ما صار حقيقة ملموسة ومشاهدة على الواقع.
فاليمن اليوم صار مستباحاً ولقمة سائغة لكل طامع. فبينما الجنود الأمريكون يصولون ويجولون في الجبال والسهول بشكل علني بدعوى حرب «داعش» و «القاعدة»، يحكم الإماراتيون سيطرتهم على محافظة سقطرى والمكلا، ويتقاسمون ميناء ومطار عدن مع السعودية، فيما أصبحت السواحل اليمنية ومياهها الإقليمية تحت سيطرة البوارج الأمريكية والغربية.
كل ماحدث ويحدث في اليمن من قتل وتدمير وإن كان بتمويل ودعم خارجي هو أحد نتائج الصراع على السلطة ومحاولة التفرد بها , وإن كنا نسلم بتحميل هادي ومن معه مسؤولية منح شرعية التدخل الخارجي، وعلى رأسه السعودية والإمارات، فإننا نسأل عن المشروع الوطني الذي تحمله سلطة الأمر الواقع بشقيها «المؤتمر» و «أنصار الله» اللذين يخوضان صراعاً مفضوحاً على المناصب، في الوقت الذي تعيش فيه الغالبية العظمى من مواطنيهما تحت خط الفقر .
قد تبدو مشكلة «أنصار الله» في أنهم بارعون جداً في السيطرة على مؤسسات الدولة، فيما هم عاجزون تماماً عن إدارتها، والفارق بين السيطرة والإدارة شاسع، وهو ما قاد وسيقود أكثر إلى كوارث لن تبقي ولو على الحد الأدنى مما تم اكتسابه خلال نصف عقد من بناء مؤسسي. كما أن استمرار هذا الصراع قد تسبب في خلق ذلك القدر من فقدان اليقين بأن هؤلاء يحملون قضية وطنية يقاتلون في سبيلها، ويدفعون الناس للموت في سبيلها، مع أن القتلى في نهاية المطاف يمنيون.
خسارة اليمن الحقيقية تتمثل في كل هذا التهتك الذي حصل في جسد الدولة، وقبله في التمزق الذي طال النسيج الإجتماعي الذي كان متماسكاً، حيث عاد الناس من جديد للبحث عن حاضنة اجتماعية أو فكرية أو قبلية بغرض البحث عن حماية، في ظل غياب القانون وتغول الميليشيا في شمال اليمن ووسطه وجنوبه على حساب الدولة الضامنة حماية جميع رعاياها.
ليس جديداً القول إن الحرب القائمة والممتدة منذ أكثر من عامين لن تنتج نصراً ناجزاً، بقدر ما ستولد حروباً أخرى تحت لافتات الدين أو الثأر. ولن ترغم السعودية معها على التدخل بطائراتها ولا ببوارجها الحربية بشكل مباشر، وإنما ستغذيها بقدر ما تستطيع وبالحد الذي ينشغل فيه اليمنيون بقتال بعضهم البعض دون أن تنتصر فئة على الأخرى.
وهنا، ومع إدراك فرقاء الصراع بمآلات حربهم، هل هم قادرون على خلق طوق النجاة حتى لا يساقوا جماعات وفرادى إلى الهاوية السحيقة التي يراد إرسالهم جميعاً إليها؟ الجواب قد يكون مؤسفاً، إذ لا مؤشرات تقود إلى استنتاج كهذا، طالما والكل يتخذ الله سنداً ونصيراً في قتاله، ويسيرون قتلاهم جميعاً إلى جنة الخلد حيث الحور العين وما لا عين رأت ولا إذن سمعت.
ولذلك كله، وبعد فشل التدخل الأممي ونجاح المشروع السعودي في تمزيق اليمن وإضعافه من خلال التواقين إلى الوصول إلى الحكم المطلق، ليس هناك من سبيل للنجاة إلا بتجاوز الضغائن وتبني المشروع الوطني الجامع في ظل دولة مدنية عادلة.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign