صحيفة امريكية ,, بايدن يدمر امريكا بانحيازة لإسرائيل        صنعاء تواصل عملياتها العسكرية ضد السفن العسكرية والتجارية المرتبطة باسرائيل        البنك المركزي اليمني بصنعاء يفي بوعده ,, ألية استبدال العملة تبدا مهامها في في الراهده وعفار       فلسطين ... مجزرة النصيرات جريمة جديدة للاحتلال ضحايها اكثر من 600 قتيل وجريح      
    كتابات /
هل يدير الرئيس عبد ربه منصور هادي اليمن عبر الصراعات والأزمات؟

26/03/2014 10:50:50


 
وضاح حسين المودَّع
رغم مرور أكثر من ستة وعشرين شهراً منذ تم تصعيد عبدربه منصور هادي إلى منصب رئيس الجمهورية اليمنية بعد أن كان نائباً للرئيس السابق علي عبدالله صالح لسبعة عشر سنة، إلا أن اليمن لم يشهد تحسناً ملموساً في الإدارة الرئاسية، هذه الحالة لا يراها صحيحة على إطلاقها يمنيون كثر فهم يعطون للرجل قدراً عالياً من حسن الظن وقدراً أعلى من التعاطف وقدراً مضخماً لأية إيجابية في طريقة إدارة الرجل للدولة، ودافع هؤلاء غالباً (بغضهم للرئيس السابق) أو خوفهم من عدم وضوح الرؤية في حال تم تغيير الرجل دون بديل واضح، وخوفهم من أن تنزلق الأمور في اليمن خصوصاً والوضع المؤكد وجود صراعات جمة على السلطة من أطراف يمنية عدة تطغى على السطح منذ سنتين بعد تسلم الرجل للحكم ، ما يعني من وجهة نظر هؤلاء أنهم يرون أن الحاضر بمساوئه أقل سوءً من القادم في حال ذهب عبدربه منصور هادي.
قد يكون لهذه الفكرة حظٌ كبير من المنطق، لكن المنطقي أكثر هو ضرورة إجابة هؤلاء على تساؤل مهم وهو (ماذا لو مات الرجل وفاةً طبيعية مثلاً، ما هي خياراتكم حينها؟) كما يجب على جميع المتابعين للشأن اليمني سواءً من اليمنيين أو من العالم الخارجي الإجابة بتجرد على سؤال أخر هو( هل فشل عبدربه منصور هادي في سنتي حكمه أو تعمد الفشل؟).
يحاول هذا المقال لملمة بعض الأفكار المبعثرة حول طريقة إدارة الرجل للبلد خلال سنتي حكمه، وهل اقتربت من طريقة الحكم الرشيد أم كانت أبعد ما تكون عن طريقة الحكم الرشيد وما هي إذن الطريقة التي استخدمها الرجل لإدارة البلد ؟!.
ثمة حقائق ومعلومات لا جدال بين الجميع حولها حدثت أثناء حكم الرجل ينبغي إعادة سردها باختصار ليتسنى بعد ذلك الإجابة على التساؤلات المذكورة أعلاه .
فمن تلك الحقائق أن الرجل أستمر في التباطؤ لمدة تقارب السنة في اتخاذ أية قرارات جادة وملموسة لمصلحة اليمن واليمنيين وتباطأ بالذات في تنفيذ التزامات السنة الأولى الواردة في الآليه المزمنة للمبادرة الخليجية التي كانت برنامج عمل الرجل وبرنامج كافة القوى السياسية الرئيسية في اليمن، وقد صرح شركاء الرجل في الحكم ممن يجمعهم مسمى (اللقاء المشترك) خلال عام 2012 مراراً عبر بياناتهم الرسمية وعبر وسائل الإعلام أثناء لقاء قادتهم أنهم يعتبون على الرجل أنه متأخر في اتخاذ قرار توحيد الجيش وهيكلته وإقالة القادة العسكريين المحسوبين على النظام السابق ، وكان قادة اللقاء المشترك يطالبون الرئيس أن يصرح بوضوح من هم المعرقلون لخطة السنة الأولى من الآلية المزمنة، وفي المقابل كان المؤتمر الشعبي العام وهو الحزب الحاكم لليمن، منفرداً قبل تولي الرجل يطالبه أيضاً بالسير في اتخاذ الإجراءات العملية المزمنة ويطالبه بكشف المعرقلين لعمله، ومثلهما كان الشباب الذي خرج خلال عام 2011م مطالباً بالتغيير (وكثيرٌ منهم لقاء مشترك) يطالبون الرجل بالتحرك ويعدونه بالدعم المعنوى ويهددونه بمخالفة مطالبهم التغييريه ويحثونه على المكاشفه ومصارحة الشعب إن كان مثلاً يواجه مافياً منظمة تعرقل عمله ، ومع ذلك لم تكن إدارة الرجل في سنتها الأولى 2012 سوى تعيينات في المناصب من أبناء محافظته أبين ، ولم يحرك ساكناً أمام الأزمات التي بدأت تصير ممنهجة ولم يظهر الرجل أي تذمر علني من تلك الأزمات ولم يشر إلى صانعيها ومنفذيها ولم يواجه في سنته الأولى إلا مشكلة واحدة هي مهاجمة تنظيم القاعدة الذي كان قد استولى على محافظة أبين، ورغم إيجابية ما تم إلا أنه أيضاً ظهر من الوقت أن الاستراتيجية التي أتبعها في التعامل مع القاعدة أدت إلى توسع نشاط القاعدة في كافة أنحاء اليمن بعد أن كان انحصر في محافظة أبين!!!.
مع بداية السنة الثانية للرجل(2013) تم إصدار قرارات هيكلة الجيش وتم البدء في عزل كثير من القادة العسكريين المعينين في العهد السابق ، وتم استبدالهم بأفراد من محافظة الرئيس -في الغالب- ولم يراع الرئيس أية معايير مهنية في قراراته بل كان المعيار المناطقي هو المسيطر يليه معيار مراضاة مراكز القوى التي دعمته أو التي يرغب بأن تبقى داعمة له، وماعدا ذلك فقد اتسمت القرارات خلال الأشهر الأولى من 2013 بالبطء الواصل حد عدم جدوى إصدار القرار بعد فوات الأوان .
تأخر الرئيس في التعاطي مع مشاريع الانفلات الأمني وهي أهم ما يعاني منه اليمنيون منذ ما بعد 2011 وتأخر بعد ذلك في التعاطي مع المشكل الثاني المهم لليمنيين وهو (التدهور الاقتصادي والفقر) وتعامل الرئيس مع الانفلات الأمني بما يمكن وصفه في أحسن حالات حسن الظن (السلبية) بينما تعامل في الملف الاقتصادي وملف الفقر (بمفاقمة المشكلة من خلال التعيينات المناطقية وغير المناطقية الجديدة والصرف السيء من الخزينة العامة) في مواضيع تصنع مشكلات جديدة ولا تحد نهائياً من المشكلات السابقة.
فمن ذلك أن الرئيس استمر في سياسة تجنيد عدد يقارب المائتي ألف في قطاعي الأمن والجيش، رغم أن القطاعين لم يكونا بحاجة للمزيد بقدر حاجتهما للحد من البطالة المقنعة والأسماء الوهمية التي تستلم المرتبات في المنازل .!!
رسخ الرئيس في سنتة الثانية لموضوع عزل الجيش عن القيام بمهامه وجعل مهمة الدولة عبر جيشها في حفظ الأمن في محافظة أبين (مسقط رأسه) منوطة بمليشيات شعبية تم تسليمها ولازال مرتبات شهرية وأسلحة وتم تسميتها مجازاً (اللجان الشعبية).
كذلك رسخ الرئيس لثقافة الانقسام المجتمعي من خلال تعيينه على رأس أغلب المناصب العليا يمنيين من محافظات الدولة الجنوبية السابقة وفاقم الانقسام حين كانت جل تعييناته من محافظة أبين مسقط رأسه ولم تنل بقية محافظات الجنوب سوى الفتات من المناصب ، وكان الرئيس يدعي أن ما يقوم به يحافظ على الوحدة المهددة بالزوال ، في حين كان الواقع على الأرض أن شوارع الجنوب كانت تمتلئ بالآلاف أغلب أيام الأسبوع في ظاهرة غريبة لم تحصل في عز ضعف دولة النظام السابق ، رغم أن الرئيس كان يبرر ما يقوم به من تعيينات مناطقية بالقول إنه سيحد من احتقان الشارع الجنوبي لكن الواقع كان العكس!!!.
كذلك لم يتفاعل الرئيس بشكل يثير الكثير من الأسئلة مع التمدد الذي تقوم به مليشيا مسلحة مدعومة من إيران في محافظة صعدة وتنقلها إلى محافظات حجة وعمران والجوف وإب بل وتعز والحديدة، ولم يصدر الرئيس أي موقف علني ضد ممارسات الجماعة وسيطرتها على مناطق جديدة ومحاصرتها للدولة وجيشها (التي يرأسها بحنكة وذكاء كما يقول هو) في كافة المناطق التي سيطرت عليها منذ توليه الحكم بالذات!!!.
لم يقم الرئيس إلى اليوم بحسم مواضيع ضرب أنابيب تصدير النفط الخام في مأرب وتقليل عدد الهجمات على الأقل بل زاد عدد التفجيرات بل توسعت جغرافيا التفجيرات لتصل إلى محافظات شبوة وحضرموت وبطريقة أكثر جراءة حيث صارت التفجيرات للأنبوب في حضرموت تتبعها محاصرة لقوات الجيش ، ومنع تام للشركات الأجنبية من العمل وليس مجرد ارتكاب الجريمة والهروب كما كان يحصل في العهد السابق لعهده!.
لم يقم الرئيس بزيارات لوزارة الداخلية إلا نادراً والنادر لا حكم له، ولم يعلن أن أهم أولوياته هي نفسها أهم أولويات اليمنيين جميعاً (أي الأمن والاستقرار الأمنى) بل كان الرئيس دائماً أول باعثي برقيات التعازي لكل أسر ضحايا الانفلات الأمني ، ولم يكلف الرئيس نفسه يوماً أن يظهر في خطاب علني ليصارح الشعب بأية معلومات عن المسئولين عن ذلك الانفلات شبة الممنهج والغير مسبوق والذي جعل الجميع في اليمن مرعوباً ومصاباً بالدهشة للصمت الرهيب من قبل الرئيس عبدربه رئيس اللجنة العسكرية المشكلة لحفظ الأمن والاستقرار بموجب الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية!!!.
لم يقم الرئيس بأي جهد يذكر في مجال المصالحة المجتمعية بين الفصائل المنقسمة بعد 2011م بل إنه زاد انقسام الفصيل الذي جاء من رحمه ولازال الرئيس العملي له وهو حزب المؤتمر الشعبي العام ، وصار المؤتمر برأسين بحسب نائبه الثاني ولم تجتمع اللجنة العامة للحزب مكتملة العدد بحضوره منذ 2011 نهائياً ولم يظهر موقف محدد من الرجل حول انتمائه للحزب أو رغبته في التخلي عن قيادة أمانته العامة رغم ظهوره أحياناً بمظهر المعارض للحزب والمتبني لوجهة نظر خصوم الحزب في الساحة اليمنية، وفي المقابل انقسمت جبهة الأحزاب المعارضة للنظام السابق (اللقاء المشترك)وصارت مختلفة الرؤى بعد سنة الرجل الثانية بوضوح ، وصارت بياناتها تصدر متناقضة فيما بينها البين ولا يجتمع قادة الهيئة العليا للتكتل إلا في النادر، والنادر أيضاً لا حكم له، ولم يكلف الرئيس نفسه بمحاولة لملمة أية مظاهر لانقسام تلك الأحزاب وكأنها كان سعيداً بانقسامها وسعيداً أكثر بانقسام حزبه المؤتمر الشعبي العام!!!.
لم يقم الرئيس بأي جهد في مجال المصالحة المجتمعية مع اليمنيين من أبناء دولة الجنوب السابقة الذين يعيشون في الخارج معارضين للعودة إلى البلد إلا بشرط تقسيمه كما كان ، ولم نسمع عن أية زيارة أو محاولة زيارة من الرئيس لأقرب المقربين منه وأحد أبناء محافظته وهو الرئيس الأسبق على ناصر محمد ، ولم نسمع نهائياً عن أي جهد أو لقاء للرئيس يحاول من خلاله الاقتراب من قيادات الداخل في الحراك الانفصالي ولو حتى مع أحد أصدقائه وهو حسن باعوم ، كان الرئيس يكتفي بالسماح بظهور مظاهر الانفصال في الجنوب وسمح بخروج مظاهرات قيل إنها مليونية العدد ولم يحاول حتى كبح جماح نشاط الحراك الانفصالي المسلح أو السائر في مسلسل الكفاح المسلح أو المنفذ لمسلسل جرائم جنائية بحق أبناء المحافظات الشمالية أو المنفذ لجرائم جنائية بحق أبناء المحافظات الجنوبية المعارضين له !!.
بالانتقال بعد ذلك للتحليل، ولأن كل ما ذكرت ليس سوى نقل لنزر أقل من اليسير من الملامح البارزة في إدارة الرئيس عبدربه منصور لليمن منذ توليه للحكم وبالذات بعد إقصاء خصومه عن السلطة بشكل كامل خصوصاً في 2013م، وكل هذه الأفعال لا يمكن إلا أن تندرج ضمن احتمالين: أولها أن الرجل عاجزٌ تماماً عن إدارة كل تلك الملفات بسبب الصعوبات التي تعيقه من الغير، والاحتمال الآخر أن الرجل متعمد لهذه الأفعال ، لكن القرائن تؤكد أن الاحتمال الأول ليس له حظٌ كبير من النظر لإن الدعم الداخلي من الشعب للرجل غير مسبوق والرغبة الجامحة بالتغيير تعطيه جرعة لم ينلها رئيس في تاريخ اليمن، ولإن الرجل كذلك يسانده مجتمع دولي وإقليمي بشكل لم يحظ به رئيس في تاريخ اليمن إن لم نقل رئيس في العالم، فهو لا يلمح أي انقسام دولي ضده عكس ما حدث في كثير من دول العالم التي تدخلت فيها الدول لمنعها من الفشل حين انقسم المجتمع الدولي ولو يسيراً حول دعم حكامها .
إذن فالأرجح بالتالي أن الرجل متعمدٌ للعمل بشكل سيء في إدارة البلد ، وهل يعقل بالتالي أن يكون هو غير مدرك أن إدارة البلد بالأزمات لم تجلب لرئيس خطة تلك الإدارة سوى النهاية المحتومة بالخروج من السلطة مذموماً مدحوراً .
إن ما يفاجئني وأنا أتأمل طريقة إدارة الرجل لليمن ليس إدارته للبلد عن طريق الأزمات، بل ابتكاره لطريقة إدارة البلد عبر الصراعات ، فهو يدير الصراعات وينميها ضارباً كل خصومة السياسيين وحلفاءه بعضهم ببعض، ولست أدري هل يعقل الرجل أن مثل هكذا طريقة في العمل السياسي وإن نجحت مرحلياً في بقائه على الكرسي دون منافس لا تعدو أن تكون هي الخاتمة لحياته فأول من يجني عليه اجتهاده بمثل هكذا سياسة إدارة للصراعات هو صاحب النظرية ولاشك أن البلد يخسر كثيراً بسبب طريقة إدارة الرجل للصراعات والأزمات وتغذيتها، لكن الشعوب تبقى رغم الألم وأول ما تفكر فيه حين تصحو هو الانتقام ممن أدار الصراعات ودمر البلد، فهل يعي الرجل ومناصروه ومنظرو بقائه أنهم هم أول الهالكين؟.




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign