صحيفة امريكية ,, بايدن يدمر امريكا بانحيازة لإسرائيل        صنعاء تواصل عملياتها العسكرية ضد السفن العسكرية والتجارية المرتبطة باسرائيل        البنك المركزي اليمني بصنعاء يفي بوعده ,, ألية استبدال العملة تبدا مهامها في في الراهده وعفار       فلسطين ... مجزرة النصيرات جريمة جديدة للاحتلال ضحايها اكثر من 600 قتيل وجريح      
    جدل وأصداء /
مستقبل العلاقات اليمنية السعودية على ضوء التطورات الجارية

2009-12-09 16:00:37


 
 كتب/ احمد الحاج   أخيرا دخلت السعودية الحرب ضد الحوثيين في محافظة صعدة متجاوزة مرحلة الإسناد والدعم اللوجستي إلى مرحلة التدخل المباشر دعما للحكومة اليمنية في صراعها المرير مع الحوثيين . دخلت السعودية هذه الحرب بعد أن أيقنت أنها مستهدفة بالدرجة الأولى من وجود كيان شيعي متطرف في منطقة محاذية لحدودها الجنوبية وبعد أن بان لها عجز الحكومة اليمنية عن حسم الصراع لصالحها بعد مرور ما يزيد على الخمسة أعوام من تاريخ بدء هذا الصراع . لا يستطيع احد التنبؤ بما سوف يترتب على دخول السعودية طرفا في هذه الحرب ولا نعرف على نحو أكيد ما إذا كان الجيش السعودي قادرا على هزيمة الحوثيين خاصة وان مثل هذه الحركات المؤدلجة دينيا وسياسيا -والتي تنتهج أساليب حرب العصابات وسيلة لتحقيق أهدافها- ليست من تلك الحركات التي يمكن إسقاطها في حلبة الصراع بالضربة القاضية أو يمكن أن تموت بالسكتة القلبية .   فإذا ما علمنا أن أفراد هذه الحركة التي نشأت وترعرعت في غفلة من أجهزة الحكومة اليمنية على مدى السنوات الماضية باتوا يسيطرون على مساحة كبيرة من الأرض تزيد على ثلاثة عشر ألف كيلو متر مربع  ويتحركون بين سكان يزيد تعدادهم على سبعمائة ألف ويحظى أفراد هذه الحركة بدعم مالي سخي من الداخل والخارج فان ثمة شكوكا كبيرة تحيط بجدوى التدخل السعودي المباشر في هذه الحرب لا بل إن هذا التدخل ربما يزيد من مستوى الدعم والتأييد الشعبي اليمني لهذه الحركة . لقد بدا السعوديون في هذه الخطوة وكأنهم يجهلون طبيعة التاريخ والمزاج اليمني الرافض لكل تدخل خارجي خاصة حين يكون هذا التدخل احتلالا أو تدخلا عسكريا مباشرا، فلقد ساند اليمنيون على سبيل المثال الأئمة الزيديين في صراعهم مع الاحتلال التركي لليمن ليس حبا في الأئمة الزيديين وإنما كراهية للحكم الأجنبي التركي على الرغم من أن مصلحة اليمنيين كانت مع بقاء الأتراك الذين تحقق لليمنيين إبان سنوات حكمهم العديد من المنجزات على الصعيد العمراني والتنموي وعلى مستوى التنظيم الإداري ولم يجد اليمنيون بعد رحيل الأتراك وتحت حكم الأئمة الزيديين سوى المزيد من التخلف والجهل والفقر والاستبداد . كان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أما في النصف الثاني من القرن العشرين فلقد ساند جزء كبير من سكان شمال اليمن النظام الملكي البائد بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام1962م في مواجهة النظام الجمهوري الوليد ليس حبا في النظام الملكي وإنما كراهية للتدخل المصري في الشأن اليمني على الرغم من البواعث النبيلة لذلك التدخل المصري إبان عهد الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر الذي سعى لتحرير الشعب اليمني وانتشاله من براثن الجهل والفقر والتخلف . وعلى هذا النحو استطيع القول -كمواطن يمني- إن دخول النظام السعودي طرفا في هذه الحرب و بتلك الصورة الاستعراضية وبتصريحات بعض القادة السعوديين قد استفز مشاعر اليمنيين وجعل بعضهم أكثر ميلا للتعاطف مع الحوثيين ليس حبا في هذه الحركة التي لم يزل معظم اليمنيين ينظرون إليها كحركة مذهبية متعصبة ومتطرفة وإنما كراهية للتدخل السعودي المباشر في هذه الحرب ولو أن الخطاب السياسي والايديلوجي للحوثيين كان خطابا عقلانيا وطنيا وليس كما هو الآن خطابا طائفيا منغلقا لكان حجم التأييد الشعبي لهذه الحركة في تزايد مستمر ولوجدت هذه الحركة آلاف الشباب يقاتلون في صفوفها في مواجهة ما يرونه غرورا وصلفا سعوديا . صحيح أن الحوثيين باحتلالهم لبعض المواقع داخل الأراضي السعودية قد أوجدوا الذريعة الكافية لدخول السعودية طرفا في هذه الحرب مدعومة بتأييد دولي واسع إلا أن هذا التدخل ربما لن يحقق الغرض المرجو منه ولن يكون حاسما . وقد أثبتت الأيام القليلة الماضية حجم الخسائر التي تكبدها الجانب السعودي في الأرواح والعتاد وبدا أن حال الجيش السعودي لن يكون بأفضل من حال الجيش اليمني ولا اقدر منه في كسب الحرب ضد الحوثيين والانتصار عليهم في زمن قياسي لأسباب كثيرة، منها إن الجيش السعودي الذي لم يدخل حربا حقيقية منذ عام 1934م لا يعرف طبيعة ساحة المعركة التي استدرجه الحوثيون إليها ولم يتعود هذا الجيش على هذا النوع من حروب العصابات إضافة إلى أن جغرافية المنطقة التي يتمترس فيها الحوثيون ليست سهلة وإنما هي منطقة جبال وعرة يصل ارتفاع بعضها إلى 2500 متر فوق  سطح البحر يتخللها الكثير من الهضاب والسهول والوديان التي يمكن إن تغرق فيها جيوش دول كبرى كما غرقت جيوش حلف الناتو في جبال وهضاب ووديان أفغانستان ويمكن أن يعجز فيها الجيش السعودي كما عجز الجيش الإسرائيلي في القضاء على حزب الله في منطقة ضيقة من مناطق جنوب لبنان، هذا بالإضافة إلى أن  العصابات التي سيواجهها الجيش السعودي لا تنقصها الخبرة بجغرافية المكان ولا تنقصها الإمكانيات المادية من الأسلحة والمؤن والذخائر التي حصلت عليها طوال الأعوام الماضية ومازالت قادرة على الحصول عليها عبر طرق وممرات يصعب السيطرة عليها كما لا ينقصها التأييد الشعبي من سكان المنطقة ولا الدعم المالي الذي تحصل عليه من جهات ودول راغبة في النيل من النظام السعودي واستنزافه وإدخاله في حروب طويلة نتائجها غير مضمونة.   وحول مستوى الدعم المالي الذي حضيت به حركة الحوثيين من الداخل والخارج يتحدث المطلعون عن سخاء قادة الحركة في الانفاق على أنصارهم وكيف أن ما يحصل عليه المقاتل في صفوف الحوثيين كمرتب شهري يزيد خمسة أضعاف ما يتقاضاه المقاتل في صفوف الجيش اليمني دلالة على الإمكانيات المالية الكبيرة لهذه الحركة التي أظهرت قدرة على خوض حرب عصابات طويلة . فهل تم استدراج النظام السعودي على حين غرة لدخول هذه الحرب ؟ وما الذي كان ينبغي عليه فعله ياترى ؟ هل كان ينبغي عليه أن يقف مكتوف الأيدي في مواجهة استفزاز الحوثيين له واحتلالهم لما يدعي أنها أجزاء من أراضيه ؟.  والجواب عندي هو.. لا.. فمن حق أي دوله أن تدافع عن أراضيها في مواجهة أي غزو و تسلل خارجي وغاية ما يمكن قوله في هذا الشأن هو أن الحكمة كانت تقتضي من الحكومة السعودية عدم الإفراط في استخدام القوة والكف عن التوغل داخل الأراضي اليمنية بهدف إيجاد منطقة عازلة بعمق ثلاثين كيلومتر كما أعلن عن هذا الهدف صراحة بعض القادة السعوديين . إن ما تحتاجه السعودية لدرء الأخطار عن أراضيها الناجمة عن ظهور مثل هذه الحركات المتطرفة على حدودها ليس المزيد من استخدام القوة بتلك الصورة المتعجرفة والتي استفزت مشاعر اليمنيين وغذت مشاعر الحقد والكراهية ضدهم وإنما المطلوب من قادة النظام السعودي هو ممارسة اكبر قدر ممكن من الحكمة السياسية . واحسب انه قد آن الأوان لقادة هذا النظام البدء بمراجعة شاملة لمجمل سياساتهم إزاء اليمن وان يعيدوا النظر في طبيعة العلاقة القائمة بين اليمن والسعودية على أسس من المصالح المشتركة بين الشعبين وليس بين النظامين وأول قواعد هذه المراجعة في تصوري هي :-  أولا :- ضمان مستوى من الإجماع بين أفراد النخبة الحاكمة أو الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية على أن امن اليمن هو فعلا جزء لا يتجزأ من امن المملكة وان أي عبث بأمن واستقرار ووحدة اليمن هو مقدمة للعبث بأمن واستقرار الجزيرة العربية والخليج العربي ومدخل خطير لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في ربوع هذه المنطقة الهامة من مناطق العالم والتي تشكل اليمن جزءاً هاما من جغرافيتها وتاريخها . ثانيا :- أن أي محاولة لتطوير العلاقات اليمنية السعودية حماية لأمن واستقرار الدولتين يجب أن تستهدف العلاقة بين الشعبين اليمني والسعودي وليس العلاقة بين الأسرتين أو النظامين الحاكمين فقط ولعل من أهم جوانب تطوير هذه العلاقة هي تخفيف القيود المفروضة على حركة التنقل بين مواطني البلدين والحد من اشتراطات منح تأشيرات الدخول لغرض العمل والتجارة أو السياحة ........ الخ . ذلك أن سوء معاملة الإخوة السعوديين والخليجيين لإخوانهم اليمنيين في هذا المجال واستمرار إغلاق الأبواب في وجوههم سيدفع بهم آجلا أم عاجلا باتجاه البحث عن تحالفات أخرى مع أي نظام آخر في العالم حتى ولو كان نظاما معاديا للأنظمة الحاكمة في السعودية والخليج كما هو شأن النظام الإيراني طالما وجد اليمنيون في ذلك النظام مصلحة لهم لم يجدوها لدى إخوانهم وجيرانهم في السعودية والخليج أولئك الذين يتجشؤون دولارات وجيرانهم العرب واليمنيون لا يكادون يشبعون من الخبز . ثالثا :- أن تركيبة قيادة النظام الحاكم في اليمن اليوم وحلفائهم من المشايخ والوجهاء الذين درجت السعودية على استمالتهم ودعمهم ماليا طوال السنوات الماضية من تاريخ العلاقات اليمنية السعودية لم يعد بإمكانهم ضمان امن واستقرار اليمن والسعودية طالما بقيت أوضاع اليمن على هذا النحو من الفساد والفقر والبطالة وانسداد الآفاق أمام ملايين الشباب في هذا البلد . وما من شك في أن ما تشهده اليمن من اضطرابات وانشقاقات وظهور جماعات إرهابية هنا أو هناك في الشمال أو الجنوب كتنظيم القاعدة وجماعة الحوثي وبعض عناصر الحراك يعود في جزء كبير منه إلى سياسات وأساليب الحكم الفاشلة التي ظل يمارسها قادة النظام، الأمر الذي يستلزم الدفع باتجاه الإصلاح الشامل الهادف للحد من سياسة التحكم الفردي وشخصنة النظام والعبث بالمال العام . ذلك أن التحكم والاستبداد وتهميش مؤسسات الدولة والمجتمع وغياب المضمون الحقيقي لدولة المؤسسات دولة النظام والقانون هي التي أوصلت أحوال البلاد والعباد إلى حافة الانهيار .




جميع الحقوق محفوظه لدى صحيفة الوسط 2016 

التصيميم والدعم الفني(773779585) AjaxDesign